تجمع دولي للأزهر في إندونيسيا يطالب بتأهيل «العائدين» من مناطق الصراع فكرياً

«داعش» و«طالبان»... يضربان في أفغانستان وباكستان ومقتل وجرح 278 خلال أسبوع

تجمع دولي للأزهر في إندونيسيا يطالب بتأهيل «العائدين» من مناطق الصراع فكرياً
TT

تجمع دولي للأزهر في إندونيسيا يطالب بتأهيل «العائدين» من مناطق الصراع فكرياً

تجمع دولي للأزهر في إندونيسيا يطالب بتأهيل «العائدين» من مناطق الصراع فكرياً

كشف تقرير مصري عن أن الساحة الأفغانية ما زالت تتصدر مؤشر الدول الأكثر تعرضاً لعمليات إرهابية، حيث شهدت أفغانستان خلال الأسبوع الأخير من يوليو (تموز) الحالي 6 عمليات إرهابية نفذتها حركة طالبان وتنظيم داعش، راح ضحيتها 38 قتيلاً و118 مصاباً، مدنيين وعسكريين، كما ضربا (داعش وطالبان) بقوة في باكستان، ما أسفر عن مقتل 34 وجرح 38، بينما طالب تجمع دولي نظمه الأزهر في إندونيسيا بـ«ضرورة إنشاء حاضنة فكرية تربوية للمعتنقين للأفكار المتطرفة (العائدين) من مناطق الصراع، ليعودوا مواطنين صالحين في أوطانهم».
ويشكل «العائدون» من مناطق الصراع في سوريا والعراق، وبعض الدول التي ينشط فيها «داعش»، أزمات كبيرة للدول، خصوصاً الغربية، خوفاً من دموية هؤلاء «العائدين»، وتنفيذ هجمات «فردية» لنصرة التنظيم.
وأضاف التقرير المصري، الذي عرض مؤشرات للعمليات الإرهابية في العالم خلال أسبوع، أن الصراع يحتدم بين الحكومة الأفغانية وقوات التحالف الدولي من جهة، و«طالبان» و«داعش» من جهة أخرى، وذلك نتيجة استمرار «عملية الخندق» التي أطلقتها «طالبان» في أبريل (نيسان) الماضي. وفي ظل التنافس الحاد بين حركة طالبان وتنظيم داعش على الاستحواذ على مساحة أكبر من الأراضي الأفغانية، تأتي أفغانستان على رأس قائمة مؤشر الدول الأكثر تعرضاً لعمليات العنف والتطرف، فيما تشهد الساحة الأفغانية حالة من الاستعداد للانتخابات البرلمانية في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
وأكد التقرير الذي أعده مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة، التابع لدار الإفتاء المصرية، رصده خلال الأسبوع الرابع لشهر يوليو 52 عملية إرهابية في مناطق جغرافية متباعدة، نفذتها جماعات متطرفة مختلفة، وأوقعت 348 قتيلاً و469 جريحاً، ما بين مدنيين وعسكريين، الأمر الذي يؤشر على تنامي وتوسع خريطة العمليات الإرهابية خلال فترة الرصد.
وحسب المؤشر، تأتي سوريا في المركز الثاني على مؤشر الدول الأكثر تعرضاً للإرهاب، حيث شهدت 3 عمليات إرهابية نفذها «داعش». وتشهد سوريا موجة عنف دامية، حيث شن «داعش» هجمات منسقة في مدينة السويداء السورية، التي تسيطر عليها الحكومة منذ بداية الحرب الأهلية، راح ضحيتها أكثر من 221 قتيلاً و200 جريح.
وفي ما يتعلق بالعراق، أوضح التقرير، أمس، أنه منذ القضاء على «داعش»، تسعى فلول التنظيم إلى استعادة الأراضي التي كانت تسيطر عليها في السابق، ويقوم التنظيم في هذا الصدد باستخدام حرب العصابات، واستنزاف القوات العراقية، ومهاجمة المواطنين، وزرع العبوات الناسفة على الطرقات.
ويأتي العراق في المرتبة الرابعة على المؤشر بعد باكستان، بواقع عمليتين إرهابيتين خلال فترة الرصد، خلفت 6 قتلى و4 جرحى. ولم يخف المؤشر خشيته من استفادة التنظيم من الاضطرابات التي تشهدها المحافظات الجنوبية العراقية على التردي المعيشي، الناتجة عن تلك الاحتجاجات، وفرض سيطرته على أي من الحواضر العراقية.
كما رصد المؤشر عمليات إرهابية في مالي، تقوم بها جماعات عرقية متنافسة ومسلحون مرتبطون بتنظيم «القاعدة في المغرب الإسلامي»، وتهدد بعرقلة الانتخابات الرئاسية المقبلة. وتأتي مالي في المركز الحادي عشر على المؤشر، بعد العملية التي وقعت في كمين نصب في المنطقة الوسطي لمدينة سيغو في مالي. ويستخدم تنظيم القاعدة مالي منصة لإطلاق الهجمات على الدول المجاورة (موريتانيا، وبوركينافاسو، والنيجر، وتشاد). ويهدف الاستطلاع إلى رسم مخرج من 6 سنوات من الاضطرابات السياسية والإرهاب، إلا أن الوضع لم يزدد تقلباً إلا في الشهور الأخيرة.
كما أظهر التقرير المصري أن الجماعات المتطرفة تزاوج في أساليب تنفيذ عملياتها الإرهابية، وفقاً لقدراتها المادية وحجم الأسلحة التي تحصل عليها، مستفيدة بذلك من حالة الاضطرابات التي تشهدها الساحة الدولية، وسهولة تدفق السلاح عبر الحدود الدولية. ويوضح مؤشر العمليات الإرهابية خلال الفترة المرصودة استمرار الاعتماد على استخدام الأسلحة الثقيلة من المتفجرات والعبوات الناسفة، وتبادل إطلاق النار في مناطق الصراع الأهلية في «أفغانستان والعراق والصومال»، وذلك في مواجهة قوات الأمن بشكل أساسي.
إلى ذلك، أوصى تجمع دولي في إندونيسيا، نظمه فرع المنظمة العالمية لخريجي الأزهر بإندونيسيا، بالتعاون مع منتدى خريجي الشرق الأوسط، بمشاركة علماء من «ماليزيا، وتايلاند، والهند، وبروناي، وسنغافورة، وأستراليا، وبريطانيا، والسودان، وأوكرانيا، واليابان، والمغرب، ولبنان»، بضرورة مواجهة الطائفية والعنصرية والتمييز بكل السبل لأنها تُعكر صفو الأوطان، وتكدر السلم الاجتماعي بين المواطنين المتساوين في الحقوق والواجبات، حيث إن وسطية الإسلام تكفل حق الاختلاف، وتضمن حق المخالفين في الدين في إقامة شعائرهم وممارسة حقوقهم، حسبما تقتضيه عقائدهم.
وقال المشاركون في ختام أعمال التجمع الدولي للأزهر إن «ما يشهده العالم الإسلامي من إرهاب وحروب هو نتيجة طبيعية لما هو موجود من جماعات ترى نفسها أنها وحدها حاملة راية الإسلام، دون باقي المسلمين»، مطالبين «الأمة الإسلامية بالوقوف صفاً واحداً في مواجهة مخططات تفريق الأمة لمصالح فردية وحزبية باسم الدين».
وشارك وفد المنظمة العالمية لخريجي الأزهر آلاف المواطنين أمس احتفالات الذكرى الحولية لجمعية «نهضة الوطن»، بحضور أكثر من 15 ألف شخص من مختلف أنحاء إندونيسيا، وعلماء يمثلون 20 دولة حول العالم.
من جهته، أكد الدكتور إبراهيم الهدهد، رئيس جامعة الأزهر الأسبق المستشار العلمي للمنظمة، أن «وسطية الإسلام منهج في العبادات والمعاملات والحياة الاقتصادية والاجتماعية وكل شؤون الحياة، والوسطية هي السبيل لمواجهة ظاهرة (الإسلاموفوبيا)، الناتجة عن أحداث الإرهاب وإراقة الدماء وغيرها من المشكلات»، لافتاً إلى ضرورة إقامة الندوات والمؤتمرات، واستثمار وسائل التواصل الاجتماعي (فيسبوك وتويتر) في نشر أفكار الوسطية، ومواجهة أفكار التشدد (...) كما يجب توعية الشباب المسلم بالمواقع الإلكترونية التي تبث أفكار العنف والغلو والتشدد».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم