زيمبابوي تنظم أول انتخابات منذ 40 عاماً... من دون موغابي

الأمم المتحدة تحذر من «عمليات ترهيب وتهديدات» للناخبين

مؤيدون لقائد حركة التغيير الديمقراطي، يرفعون صوره في مهرجان انتخابي في هراري أمس (رويترز)
مؤيدون لقائد حركة التغيير الديمقراطي، يرفعون صوره في مهرجان انتخابي في هراري أمس (رويترز)
TT

زيمبابوي تنظم أول انتخابات منذ 40 عاماً... من دون موغابي

مؤيدون لقائد حركة التغيير الديمقراطي، يرفعون صوره في مهرجان انتخابي في هراري أمس (رويترز)
مؤيدون لقائد حركة التغيير الديمقراطي، يرفعون صوره في مهرجان انتخابي في هراري أمس (رويترز)

تفتح زيمبابوي، غداً (الاثنين)، صفحة جديدة في تاريخها، بتنظيم أول انتخابات منذ نحو 40 عاماً من دون روبرت موغابي، حيث يرجح فوز مساعده السابق إيمرسون منانغاغوا فيها.
ودُفع موغابي (94 عاماً)، الذي قاد البلاد منذ استقلالها في 1980، إلى الاستقالة من قبل الجيش، ومن قبل حزبه «الاتحاد الوطني الأفريقي لزيمبابوي - الجبهة الوطنية» (زانو - بي إف). ونصّب الجنرالات وقدامى نظامه على رأس البلاد أحد المقربين منهم، نائب الرئيس السابق منانغاغوا (75 عاماً)، الذي يأمل أن تعزز صناديق الاقتراع غداً سلطته في البلاد خلال السنوات الخمس المقبلة، لكنه (منانغاغوا) يواجه خصماً رئيسياً في هذه الانتخابات، قائد حركة التغيير الديمقراطي، نلسون شاميسا، وهو محام شاب لا يتجاوز عمره الـ40 عاماً، ويريد تجسيد التغيير وإحداث قطيعة مع النظام السابق.
ويبدو الرئيس المدعوم من قبل الجيش ووسائل الإعلام الأوفر حظاً في الفوز بالاقتراع، وسط اتهامات بالتزوير أطلقها شاميسا. وفي هذا السياق، قال مركز التحليل والأبحاث «بي إم آي ريسرش» إن «إيمرسون منانغاغوا سيحتفظ على الأرجح بالسلطة بعد اقتراع 30 يوليو، وهو ما يبشر بمرحلة من الاستقرار السياسي والإصلاحات الاقتصادية».
لكن نتائج استطلاع للرأي، نشرت قبل الانتخابات تماماً، تشير إلى أن الرئيس المنتهية ولايته وخصمه سيحصلان على 40 و37 في المائة، على التوالي، ما يوحي بأن المنافسة ستكون حامية.
وإذا لم يحصل أي من المرشحين (23 مرشحاً) غداً على أكثر من 50 في المائة من الأصوات، فستنظم دورة ثانية في الثامن من سبتمبر (أيلول) المقبل.
وفي الأسابيع الأخيرة، قام منانغاغوا بجولات في البلاد، وأدار ظهره عمداً للماضي، ليقدم نفسه على أنه رجل تجديد زيمبابوي. كما وعد في خطبه بـ«ديمقراطية جديدة»، وباستثمارات بمليارات الدولارات، ستسمح بإحياء اقتصاد دمر بسبب الأزمة، وبالإصلاحات الكارثية لسلفه.
ولإعادة الشركات الأجنبية إلى بلده، أكد الرئيس أن الانتخابات ستكون «حرة عادلة شفافة»، وذلك خلافاً لعمليات التصويت التي جرت في عهد موغابي، وشهدت أعمال عنف وتزوير.
وباستثناء اعتداء بقنبلة يدوية استهدف الرئيس الشهر الماضي، في بولاوايو (جنوب)، كانت الحملة هادئة. وفي هذا السياق، قال وزير الخارجية سيبوسيسو مويو: «نعيش مرحلة انتخابية غير مسبوقة في هدوئها»، لكن المعارضة تتحدث منذ أسابيع عن مخالفات كثيرة في الاستعدادات للتصويت.
وعشية الاقتراع، رفض شاميسا اقتراعاً يعتبره «منحازا»، وقال إن «اللجنة الانتخابية منحازة... فقد حدث إنكار منهجي للمعايير الدولية في مجال كشف المعدات الانتخابية».
وامتنعت بعثات المراقبة، التي تعود للمرة الأولى منذ 16 عاماً إلى زيمبابوي، حتى الآن عن الرد على هذه الانتقادات. وقال المحلل شاورز مايويا، من المنظمة غير الحكومية «مكتب الارتباط جنوب الأفريقي»، لوكالة الصحافة الفرنسية إن «الأسرة الدولية تريد انتخابات تسمح لها باستئناف علاقاتها مع زيمبابوي»، مشدداً على أن «المصالح السياسية والاقتصادية مهمة، واستقرار البلاد أولوية». ومن جهتها، حذرت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان من «عمليات ترهيب وتهديدات» يواجهها الناخبون. لكن على الرغم من الاتهامات والمخاوف التي عبر عنها، رفض شاميسا مقاطعة الانتخابات، وأكد ثقته في فوزه، وقال إن «منانغاغوا يدرك أنه على وشك أن يهزم. سنتوجه بأعداد كبيرة إلى صناديق الاقتراع للتغلب عليه».
وعبر المحلل مايويا عن قلقه لأن «أعمال العنف التي تلي الانتخابات تبقى سيناريو ممكناً»، وقال إن «هناك أسباباً تدعو إلى القلق قبل معرفة ما إذا كان العسكريون سيقبلون بفوز محتمل للمعارضة».
وكانت زيمبابوي قد شهدت قبل 8 أشهر سقوط موغابي، وسط ترحيب كبير من السكان، وآمال ووعود بغد أفضل. وأياً كان الفائز في الانتخابات، ينتظر السكان منه أن يطلق عملية التجديد، حسب عدد من المراقبين.



«فاغنر» تشارك في معارك على حدود الجزائر

مسلحون من الطوارق في كيدال عام 2022 (أ.ف.ب)
مسلحون من الطوارق في كيدال عام 2022 (أ.ف.ب)
TT

«فاغنر» تشارك في معارك على حدود الجزائر

مسلحون من الطوارق في كيدال عام 2022 (أ.ف.ب)
مسلحون من الطوارق في كيدال عام 2022 (أ.ف.ب)

اندلعت معارك عنيفة ما بين الجيش المالي المدعوم بمقاتلين من «فاغنر» الروسية، والمتمردين الطوارق المتمركزين في مدينة تينزاواتين، الواقعة في أقصى شمال شرقي البلاد، الخميس، والتي تمثل آخر معاقل المتمردين وأهم مركز للتبادل التجاري على الحدود مع الجزائر.

أعلن متمردو الطوارق في مالي أنهم هزموا القوات الحكومية في قتال عنيف للسيطرة على مدينة كيدال الشمالية الرئيسية (أ.ف.ب)

ولا تزال الأنباء القادمة من منطقة المعارك متضاربة جداً، في حين يؤكد كل طرف تفوقه في الميدان، وانتشار مقاطع على وسائل التواصل الاجتماعي لمعارك عنيفة، دون ما يؤكد صحة نسبتها إلى المواجهات الدائرة منذ أمس على الحدود بين مالي والجزائر.

رواية الطوارق

قالت مصادر قريبة من المتمردين الطوارق إن الجيش المالي ومقاتلي «فاغنر» حاولوا السيطرة على مدينة تينزاواتين، ولكن تم التصدي لهم وإرغامهم على الانسحاب بعد أن تكبّدوا خسائر «فادحة».

وقال مصدر محلي: «وقعت المواجهة عند منطقة آشابريش، غير بعيد من تينزاواتين، وانسحب خلالها الجنود الماليون ومقاتلو (فاغنر)، وتركوا خلفهم ثلاث مركبات عسكرية محترقة، ومركبة أخرى سليمة استحوذ عليها الجيش الأزوادي».

وأضاف المصدر نفسه أن المقاتلين الطوارق «شرعوا في عملية واسعة لتمشيط المنطقة، من أجل الوقوف على عدد القتلى في صفوف الجيش المالي ومرتزقة (فاغنر)، كما تأكد أسر جندي مالي أثناء المعركة، وقُتل جندي واحد من صفوف الطوارق وأُصيب آخر»، على حد تعبير المصدر.

دورية لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في كيدال (مالي) 23 يوليو 2015 (رويترز)

في غضون ذلك، قال محمد مولود رمضان، المتحدث باسم تنسيقية الحركات الأزوادية، وهي تحالف لجماعات متمردة يهيمن عليها الطوارق، إن «(فاغنر) تخطط بمعية الجيش المالي للاستيلاء على تينزاواتين، آخر ملاذ للمدنيين الذين فرّوا من انتهاكاتهم».

وأضاف في تصريح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «وحدات من جيش أزواد منتشرة في المنطقة تشتبك حالياً مع العدو لصدّ تقدمه»، قبل أن يؤكد: «نواجه تقدماً ونحمي السكان المدنيين النازحين، وكبّدنا مرتزقة (فاغنر) ومعاوني الجيش المالي خسائر كبيرة».

رواية أخرى

لكن الرواية الصادرة عن المتمردين الطوارق، تختلف تماماً عن رواية الجيش المالي، الذي أصدر فجر الجمعة بياناً قال فيه إن وحدة عسكرية تابعة له في منطقة تينزاواتين تعرّضت أمس لما قال إنه «هجوم إرهابي» من طرف المتمردين الطوارق الذين وصفهم بـ«الإرهابيين».

وأضاف الجيش المالي في بيان صادر عن قيادة أركانه أنه تصدى للهجوم وأطلق عملية عسكرية واسعة لملاحقة المتمردين، مشيراً إلى أن «ردة فعل الجيش القوية لا تزال مستمرة، وقد كبّدت المجموعات الإرهابية خسائر ثقيلة»، وفق نص البيان. وتعهد الجيش نشر حصيلة العملية العسكرية في وقت لاحق.

صور من المعارك متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي (فيسبوك)

المعركة الأخيرة

تعدّ مدينة تينزاواتين آخر معقلٍ يتمركز فيه المسلحون الطوارق الساعون إلى إقامة دولة مستقلة في شمال مالي، لتحمل اسم «أزواد»، وهم الذين سيطروا على شمال مالي عام 2012، ولكنهم فقدوا السيطرة عليه منذ أن أطلق الجيش المالي عام 2022، عملية عسكرية واسعة النطاق من أجل ما سماه «توحيد الأرض».

وتأتي هذه العملية العسكرية بأمر من المجلس العسكري الذي يحكم مالي منذ انقلاب 2020، قرّر بعده التخلي عن التحالف مع فرنسا، والتوجه نحو روسيا للحصول على أسلحة جديدة، ودعم في الميدان من مئات المقاتلين التابعين لمجموعة «فاغنر» الخاصة.

وسيطر الجيش المالي مطلع العام على مدينة كيدال، عاصمة شمال مالي والمدينة الأهم بالنسبة للطوارق، وأعلن الاثنين الماضي أنه سيطر على منطقة «إن - أفراك» الاستراتيجية الواقعة على بُعد 120 كلم شمال غرب تيساليت في منطقة كيدال.

حركة مسلحة من الطوارق في شمال مالي (أ.ف.ب)

وأطلق الجيش يوم الأربعاء عملية عسكرية للسيطرة على مدينة تينزاواتين القريبة جداً من الحدود مع الجزائر، فيما يمكن القول إنها آخر المعارك بين الطرفين، حين يحسمها الجيش المالي سيكون قد سيطر على كامل أراضيه.

ومنذ بداية العملية العسكرية الأخيرة فرّ المدنيون نحو الجانب الآخر من الحدود، ودخلوا أراضي الجزائر خوفاً من المعارك، وقال أحد سكان المنطقة: «منذ أول أمس، انتشرت شائعات عن هجمات. لقد لجأنا إلى الجزائر. اليوم سمعنا إطلاق نار. إنها اشتباكات بين الجيش المالي والروس ضد تنسيقية الحركات الأزوادية».