تساؤلات في السويداء عن ملابسات سحب دمشق السلاح المحلي قبل هجوم «داعش»

جنبلاط يتهم النظام بالتواطؤ مع التنظيم ويناشد الروس حماية دروز سوريا

TT

تساؤلات في السويداء عن ملابسات سحب دمشق السلاح المحلي قبل هجوم «داعش»

طرح مرصد حقوقي سوري عددا من الأسئلة بينها أسباب سحب قوات النظام السوري السلاح من المقاتلين المحليين قبل الهجوم الدموي الذي شنه تنظيم داعش في مدينة السويداء وريفها الأربعاء الماضي الذي أودى بـ142 مدنياً.
وأعلن أمس عن اكتشاف أربع نساء اختبأن في مغارة في قرية تعرضت لهجوم التنظيم.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» في تقرير أمس: «ما إن وضع الموت القادم من الشرق أوزاره في قرى الخط الأول بريف السويداء، حتى بدأت تتكشف تفاصيل هذا الموت الذي جاء كسحابة شتوية في صيف حارق، انعكس على نفوس الأهالي ليشعل نار المناهضة المعلنة لما جرى».
وإذ عمل «المرصد» على البحث في أسبابه وكيفية تحقق هذا الهجوم، بمثل هذه الفظاعة، في هذا التوقيت الموبوء بالشكوك والتكهنات، أشار إلى أن هجوم «داعش على أولى القرى المأهولة بالسكان، المتاخمة لباديتي السويداء الشرقية والشمالية الشرقية، جرى بتحضير فائق المهارة، وبتخطيط لعملية الدخول والانسحاب».
وفي التفاصيل، إن الهجوم جرى على متن دراجات نارية، عند فجر الأربعاء بـ«الاقتراب من القرى الآهلة بالسكان قبيل ساعات من الهجوم، وجرى المبيت من قبل عناصر التنظيم في مواقع قريبة من القرى، خشية إثارة الانتباه في حال الهجوم من البادية دفعة واحدة، ومن ثم عمدت العناصر عند نحو الساعة الرابعة والنصف من فجر يوم الأربعاء، بالتوجه على شكل مجموعات بشكل متزامن إلى داخل القرى، التي جرى تحديد المنازل التي سيجري اقتحامها مسبقاً، عبر اختيار منازل يسهل الوصول إليها وغير محاطة بأسوار، وجرى تفضيل المنازل المتصلة مع البادية بشكل مباشر، ليدخل عناصر التنظيم إلى المنازل عبر طرق الأبواب وعند فتح الباب كانت تجري عملية طعن للشخص المقابل مباشرة، وقتله، والدخول إلى المنازل وتنفيذ عمليات طعن وقتل لأفراد العائلة وترك بعضهم كشواهد لنقل فظاعة المشهد وبث الرعب في نفوس بقية سكان المحافظة، كما عمدت عناصر التنظيم لركن الدراجات النارية عند النقاط التي من الممكن أن ينسحبوا إليها في حال تعرضوا لمواجهة واشتباك أو محاولة محاصرتهم، كما أكد الأهالي أن القتل طال الموطنين نساء ورجالاً وشباناً وأطفالاً».
وإذ قتل 15 عنصرا من «داعش» في إحدى القرى من قبل الأهالي الذين تمكنوا من الدفاع عن أنفسهم، لكن «مخابرات النظام عمدت لسحب الجثث مباشرة، ورد الأهالي السبب، إلى قيام مجموعات تابعة لمخابرات النظام بسحب السلاح من العناصر الموجودين في القرى الحدودية مع مناطق وجود تنظيم داعش، إضافة لنقلها لقوات الدفاع الوطني ومسلحي اللجان الشعبية للمشاركة في عمليات النظام العسكرية في درعا، واتهم الأهالي النظام والروس باتخاذ هذه الخطوات خلال الأسابيع الأخيرة، تمهيداً لعملية التنظيم المباغتة التي قتلت وجرحت المئات من أبناء ريف السويداء الشرقي، حيث جاء الهجوم العنيف هذا للتنظيم بعد أيام من زيارة جنرال روسي لمحافظة السويداء وطلبه بسحب الشبان إلى خدمة التجنيد الإجباري في قوات النظام، وحل مجموعات رجال الكرامة في السويداء والتعامل معها على أنها «منظمة إرهابية»، بالإضافة لمحاولة الروس استمالة مشايخ العقل في طائفة الموحدين الدروز، وضمهم بشكل كامل تحت الوصاية الروسية المباشرة.
وقال «المرصد»: «ربط الأهالي هذه الأحداث مع عمليات تسهيل دخول وخروج عناصر التنظيم من وإلى ريف السويداء، وتسهيل إمدادهم بالمؤن والذخيرة والوقود عبر حواجز عناصر الدفاع الوطني واللجان الشعبية التي كانت تتلقى الرشاوى مقابل عمليات إيصال الأغذية والمؤن والوقود إلى بادية السويداء، فيما أكد الأهالي أنه جرت عمليات قطع للتيار الكهربائي عن هذه القرى التي هاجمها التنظيم، في ذلك اليوم الذي جرى فيه الهجوم، الأمر الذي خلق استياء شعبياً واسعاً، وبخاصة أن قوات النظام ماطلت في إرسال التعزيزات وأخرتها، على الرغم من أن المؤازرات وصلت على شكل «فزعات» من سكان ريفي السويداء والقنيطرة، ووصل بعضها من بلدة حضر في أقصى ريف القنيطرة الشمالي، قبل ساعات من وصول عناصر النظام والدفاع الوطني للمشاركة في القتال، ليتهم الأهالي جيش النظام مجدداً بانشغاله بتعفيش درعا والقنيطرة، وعدم اكتراثه لمصير المدنيين وسكان القرى المتصلة مع باديتي السويداء الشرقية والشمالية الشرقية.
وأشار «المرصد» إلى «ارتفاع حصيلة الخسائر البشرية إلى 255 شخصا بالهجمات على المدينة وريفيها الشرقي والشمالي الشرقي يوم الأربعاء الـ25 من يوليو (تموز) الحالي، وهم 142 مدنياً بينهم 38 طفلا ومواطنة، و113 مسلحاً غالبيتهم من المسلحين من أبناء ريف محافظة السويداء ممن حملوا السلاح لصد هجوم التنظيم». كذلك وثق «المرصد» 63 من قتلى التنظيم».
الى ذلك، اتهم رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» اللبناني وليد جنبلاط أمس النظام السوري بالتواطؤ في الهجمات التي اعتبرها استمرارا «لما حصل في 2015 عندما اغتالوا الشيخ وحيد البلعوس الذي رفض الخدمة العسكرية للشباب العربي الدرزي».
وناشد جنبلاط خلال وقفة تضامنية مع ابناء جبل العرب الروس حماية دروز سوريا.



رغم إعلان «هدنة غزة»... الحوثيون يهاجمون إسرائيل والحاملة «ترومان»

جنود إسرائيليون يعملون في مبنى تضرّر بعد سقوط صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)
جنود إسرائيليون يعملون في مبنى تضرّر بعد سقوط صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)
TT

رغم إعلان «هدنة غزة»... الحوثيون يهاجمون إسرائيل والحاملة «ترومان»

جنود إسرائيليون يعملون في مبنى تضرّر بعد سقوط صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)
جنود إسرائيليون يعملون في مبنى تضرّر بعد سقوط صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)

على الرغم من التوصل إلى «هدنة غزة» واصلت الجماعة الحوثية، الجمعة، تصعيدها الإقليمي، إذ تبنّت مهاجمة إسرائيل في 3 عمليات بالصواريخ والمسيرّات، بالإضافة إلى مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» في شمال البحر الأحمر.

وبينما لم تصدر تعليقات على الفور من الجيشَيْن الأميركي والإسرائيلي بخصوص هذه الهجمات، أقرت الجماعة المدعومة من إيران بتلقيها 5 غارات وصفتها بـ«الأميركية» استهدفت منطقة حرف سفيان، التابعة لمحافظة عمران الواقعة إلى الشمال من صنعاء.

وخلال حشد في أكبر ميادين صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، أعلن المتحدث العسكري باسم الجماعة، يحيى سريع، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر.

وزعم المتحدث الحوثي أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

وبالتزامن مع ذلك، زعم المتحدث العسكري الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

المتحدث العسكري باسم الحوثيين يردّد «الصرخة الخمينية» خلال حشد في صنعاء (أ.ف.ب)

وتوعّد المتحدث الحوثي بأن قوات جماعته جاهزة لأي تصعيد أميركي أو إسرائيلي، وأنها ستراقب «تطورات الوضع» في غزة، و«ستتخذ الخيارات التصعيدية المناسبة» في حال نكثت إسرائيل الاتفاق مع حركة «حماس».

وبينما أعلنت وسائل إعلام الجماعة تلقي خمس غارات في منطقة حرف سفيان، لم تتحدث على الفور عن الآثار التي تسبّبت فيها لجهة الخسائر البشرية أو المادية.

ومع التفاؤل الدولي والإقليمي واليمني بأن تؤدي الهدنة في غزة إلى استعادة مسار السلام في اليمن، إلا أن مراقبين يمنيين يتخوّفون من استمرار الجماعة الحوثية في تصعيدها سواء البحري أو الداخلي، مستبعدين أن تجنح إلى السلام دون أن تنكسر عسكرياً.

تهديد بالتصعيد

جاءت الهجمات الحوثية والضربات الأميركية، غداة الخطبة الأسبوعية لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، التي استعرض فيها إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال 15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتِّفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

عناصر حوثية خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة لاستعراض القوة (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

يُشار إلى أن الجماعة تلقت في 10 يناير (كانون الثاني) الحالي أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران، ومحطة كهرباء جنوب صنعاء، وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

عرقلة السلام

عاق التصعيد الحوثي وردود الفعل الغربية والإسرائيلية مسار السلام اليمني، إذ كان اليمنيون يستبشرون أواخر 2023 بقرب إعلان خريطة طريق توسطت فيها السعودية وسلطنة عمان من أجل طي صفحة الصراع المستمر منذ 10 سنوات.

وتنفي الحكومة اليمنية السردية الحوثية بخصوص مناصرة الفلسطينيين في غزة، وتتهم الجماعة بتنفيذ أجندة إيران في المنطقة، خاصة أن الجماعة استغلت الأحداث لتجنيد عشرات الآلاف تحت مزاعم الاستعداد للمواجهة مع إسرائيل والولايات المتحدة، وفيما يبدو أن المسعى الحقيقي هو التجهيز لمهاجمة المناطق اليمنية الخاضعة للحكومة الشرعية.

السفينة التجارية «غلاكسي ليدر» قرصنها الحوثيون واحتجزوا طاقمها منذ 14 شهراً (رويترز)

وأدّت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، خلال 14 شهراً، إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتَيْن، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

وإذ استقبلت الجماعة نحو ألف غارة جوية وقصف بحري، خلال عام من التدخل الأميركي، كانت الولايات المتحدة أنشأت في ديسمبر (كانون الأول) 2023 تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على الهجمات الحوثية ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في عدد من المرات.

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين كان أغلبيتها من نصيب الحديدة الساحلية، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة.