التغيّر المناخي يزيد حرارة الصيف وخطورته

علماء توقعوا منذ ثلاثة عقود ما يشهده العالم الآن

تسببت الحرائق التي اجتاحت غابات كاليفورنيا بموت رجل إطفاء وجرح شخصين (أ.ف.ب)
تسببت الحرائق التي اجتاحت غابات كاليفورنيا بموت رجل إطفاء وجرح شخصين (أ.ف.ب)
TT

التغيّر المناخي يزيد حرارة الصيف وخطورته

تسببت الحرائق التي اجتاحت غابات كاليفورنيا بموت رجل إطفاء وجرح شخصين (أ.ف.ب)
تسببت الحرائق التي اجتاحت غابات كاليفورنيا بموت رجل إطفاء وجرح شخصين (أ.ف.ب)

سجل مقياس الحرارة في بلدة سودانكيلا بفنلندا في 17 يوليو (تموز) درجة غير مسبوقة هي 90 درجة فهرنهايت، التي تعد استثنائية وجديرة بالملاحظة نظرا لوقوع البلدة على بعد 59 ميلا شمال الدائرة القطبية في منطقة تُعرف بشتاء تتساقط فيه الثلوج، ووجود حيوان الرنة بكثرة. إنه صيف حار وغريب وخطير على ظهر كوكب الأرض، فقد أدى ارتفاع درجات الحرارة، وهبوب الرياح القوية إلى اندلاع حرائق الغابات في اليونان مما أسفر عن وفاة 80 شخصا، وسجلت اليابان أعلى درجات حرارة في تاريخها حيث وصلت إلى 106 درجات فهرنهايت مما مثّل موجة حارة أدت إلى وفاة 65 خلال أسبوع، ونقل 22 ألفا إلى المستشفى بعد فترة قصيرة من حدوث فيضانات كارثية راح ضحيتها 200 شخص.
على الجانب الآخر، وصلت درجة الحرارة في مدينة ورقلة بالجزائر إلى 124 درجة فهرنهايت في 5 يوليو، وهو رقم قياسي مرجح الحدوث بالنسبة إلى قارة أفريقيا. أما في عُمان، فقد أذهلت درجة الحرارة في ولاية قريات في 28 يونيو (حزيران) خبراء الأرصاد الجوية لأنها لم تكن درجة الحرارة العظمى خلال النهار، بل الصغرى. لقد كانت أكبر درجة حرارة صغرى تم تسجيلها على الأرض. بلغت درجة الحرارة في مونتريال 98 درجة في 2 يوليو وهي أكبر درجة تم قياسها، وتُوفي 70 شخصا بسبب تلك الموجة الحارة بحسب تقديرات مسؤولي الصحة في كندا. وحددت مراكز الأرصاد الجوية خلال الشهر الماضي في الولايات المتحدة مستويات جديدة لدرجات الحرارة المرتفعة خلال الليل. وسجلت ولاية جنوب كاليفورنيا درجة حرارة قصوى وانقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع. وأخبر حراس المتنزه في وادي يوسمايت، المهدد بحدوث حرائق للغابات، الجميع بضرورة مغادرة المكان.
يُعزى هذا الطقس السيئ إلى التغير المناخي الذي تسبب فيه الإنسان على حد قول علماء. وقد تنبأت نماذج مناخية منذ ثلاثة عقود بما يشهده بالضبط العالم خلال الصيف الحالي. إنهم يتوقعون أن الحرارة سترتفع بدرجة أكبر وأن ما يمثل مستوى قياسيا اليوم قد يصبح مستوى اعتياديا يوما ما.
وقال مارتين هورلينغ، عالم الأرصاد الجوية الباحث في الإدارة الوطنية الأميركية للمحيطات والغلاف الجوي: «الدرجات السابقة المسجلة تعود إلى عالم لم يعد موجودا».
لا يقتصر الأمر على درجة الحرارة فحسب، بل ربما يتعرض هذا العالم مرتفع الحرارة إلى أنواع وأشكال متعددة من الطقس غير الاعتيادي مثل أمطار أكثر غزارة، وأعاصير أقوى، وفترات جفاف أطول. وتقول كاثرين هيهو، مديرة مركز علم المناخ في جامعة تكساس للتكنولوجيا: «يرى المرء طرقات تذوب، وطائرات غير قادرة على الإقلاع، ولا يوجد ما يكفي من الماء. إن التغير المناخي يصيبنا في نقاط ضعفنا، ويمثل هذا مدى توافر الماء في الجنوب الغربي، وأعاصير في ساحل الخليج، وفيضانات في الشرق. إن ذلك يزيد ما نواجهه من مخاطر بالفعل في عصرنا هذا».
لقد ولّت الأيام التي كان العلماء يرسمون فيها خطا واضحا فاصلا بين الطقس والمناخ، حيث يستطيع الباحثون اليوم فحص حدث يتعلق بالطقس، ويقدرون إلى أي مدى يتسبب التغير المناخي فيه أو يؤدي إلى تفاقمه. عندما حطم إعصار هارفي خلال العام الماضي الرقم القياسي المتوقع لتساقط الأمطار من عاصفة واحدة، أدرك الباحثون أن التغير المناخي من العوامل المتسببة في ذلك. بعد ذلك ببضعة أشهر، قدم العلماء نتائج تفيد بأن الإعصار هارفي قد أدى إلى تزايد الأمطار المتساقطة في مدينة هيوستن بنسبة 15 في المائة على الأقل مقارنة بما كان متوقعا دون حدوث الاحتباس الحراري. يثبت الواقع النظرية، فحين تكون حرارة الجو أعلى، يستطيع الاحتفاظ بدرجة أكبر من الرطوبة. كذلك لا يتسبب التغير المناخي في دوران الأعاصير، أو هبوب العواصف الرعدية، لكنه قد يزيد من قوتها.
في مدينة دالاس حيث وصلت درجة الحرارة إلى 100 في 10 من 11 يوما خلال الشهر الحالي تُوفي ثلاثة أشخاص مشردين لأسباب تتعلق بالحرارة خلال الأسبوع الماضي على حد قول بريندا سنيتزر، المديرة التنفيذية لملجأ «ستوبوت» في وسط المدينة. وفي لوس أنجليس، يقول مارتي أدامز، المدير التشغيلي لإدارة المياه والطاقة: «في كل عام يظهر شكل غير اعتيادي شاذ من أشكال درجة الحرارة لا نشهده في العادة. وأوضح أن سكان المدن الشاطئية مثل لونغ بيتش وسانتا مونيكا الذين عادة ما كانوا ينتظرون نسيم المحيط العليل ليبرد منازلهم، ركّبوا وحدات تكييف هواء شكلت جهدا كبيرا على شبكة الكهرباء، وساهمت في انقطاع التيار الكهربائي».
وأضافت هيهو قائلة: «أكبر أسطورة اقتنع بها عدد كبير من الناس هي أن التغير المناخي لا يهمهم شخصيا». لقد أثرت الموجات الحارة على أشخاص لم يكونوا يتوقعونها في هولندا، والسويد، وبريطانيا، وآيرلندا، وكندا. وقال غيرت جان فان، باحث في المناخ في المعهد الملكي الهولندي للأرصاد الجوية: «لا يوجد تكييف هواء في مكتبنا، لدي مروحة». وقد تحدث هاتفيا من مدينة خاودا (جودا) حيث وصلت درجة الحرارة إلى 96 درجة يوم الخميس. وأوضح قائلا: «كنا نشهد هذا النوع من الأحداث مرة كل مائة عام خلال بدايات القرن العشرين، لكن ارتفع معدل حدوث ذلك بمقدار 20 مرة».
إن الصيف الحالي في بريطانيا هو الأكثر جفافا منذ بدء تسجيل المستويات حديثا في عام 1961. يشهد مستوى المياه في الخزانات انخفاضا سريعا، مما أدى إلى فرض قيود على المياه. وحثّت هيئة الأرصاد الجوية البريطانية الناس على تفادي التعرض للشمس خلال الأسبوع الحالي، حيث من المتوقع أن تصل درجات الحرارة إلى 98 درجة فهرنهايت. وكشفت الحقول العطشى في آيرلندا عن آثار عمرها خمسة آلاف عام بالقرب من نيوغرانغ.
أدى النشاط البشري، خاصة حرق الوقود الحفري، إلى تزايد غازات الدفيئة المنبعثة في الجو، مما يتسبب في احتباس الحرارة، وتفاقم ظواهر الطقس المتفاقمة بالفعل. يقول العلماء إنه في حال عدم اتخاذ أي إجراء للحد من انبعاثات غاز الدفيئة قد ترتفع درجات الحرارة على مستوى العالم بمقدار تسع درجات فهرنهايت بحلول نهاية القرن. ويستهدف اتفاق باريس للمناخ، الذي وقعت عليه دول العالم، الحد من هذا الارتفاع في درجات الحرارة من خلال التزامات للحد من انبعاثات غازات الدفيئة بمرور الوقت.
- خدمة «واشنطن بوست»


مقالات ذات صلة

يوميات الشرق التقرير المناخي المعني بفصل الشتاء في السعودية يُشير إلى اعتدال نسبي هذا العام (واس)

موجة باردة تؤثر على دول الخليج... والحرارة تصل للصفر

موجة باردة تشهدها دول الخليج تسببت في مزيد من الانخفاض لدرجات الحرارة، لتقترب من درجة صفر مئوية في عدد من المناطق.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق استمرت أقوى موجة برد شهدتها السعودية 7 أيام متواصلة (واس)

متى شهدت السعودية أقوى موجة برد تاريخياً؟

شهدت السعودية قبل 33 عاماً أقوى موجة برد في تاريخها، واستمرت 7 أيام متواصلة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق موظف في مدينة ميامي يوزع زجاجات المياه على المشردين لمساعدتهم على التعامل مع درجات الحرارة المرتفعة (أ.ب)

الهند: عام 2024 كان الأعلى حرارة منذ 1901

أعلنت إدارة الأرصاد الجوية الهندية، الأربعاء، أن عام 2024 كان الأكثر حرّاً منذ سنة 1901، في ظل ظروف الطقس الحادة التي يشهدها العالم.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
بيئة منطقة سكنية غارقة بالمياه جرّاء فيضان في بتروبافل بكازاخستان 13 أبريل (رويترز)

الأمم المتحدة: التغير المناخي تسبّب في ظواهر مناخية قصوى عام 2024

أعلنت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن التغير المناخي تسبّب في أحوال جوية قصوى وحرارة قياسية خلال عام 2024، داعيةً العالم إلى التخلي عن «المسار نحو الهلاك».

«الشرق الأوسط» (جنيف)

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.