مصر: سلسلة حرائق تضرب القاهرة والإسكندرية

«حرارة الطقس» في قفص الاتهام

حريق بمبنى نقابة التجاريين وسط القاهرة
حريق بمبنى نقابة التجاريين وسط القاهرة
TT

مصر: سلسلة حرائق تضرب القاهرة والإسكندرية

حريق بمبنى نقابة التجاريين وسط القاهرة
حريق بمبنى نقابة التجاريين وسط القاهرة

شهدت العاصمة المصرية القاهرة ومدينة الإسكندرية الساحلية أمس 3 حرائق كبرى، طالت منشآت تجارية واجتماعية، مخلفة خسائر مادية كبيرة، بينما لم تشهد سقوط أي ضحايا خلافاً لبعض الإصابات الطفيفة. وقالت مصادر أمنية إن «المعاينة المبدئية لتلك الحرائق، أظهرت اشتعالها نتيجة ماس كهربائي بسبب حرارة الجو».
وتتعرض مصر لموجة حارة منذ يومين، حيث وصلت الحرارة إلى 40 درجة مئوية. ومن بين تلك الحوادث حريق ضخم اندلع بنقابة «التجاريين» بشارع رمسيس (وسط القاهرة)، نجحت قوات الحماية المدنية في السيطرة عليه، ومنعت امتداده للعقارات المجاورة، إذ دفعت بعدد من سيارات الإطفاء المزودة بسلالم هيدروليكية، كما تم فصل التيار الكهربي عن المبنى.
وذكر شهود عيان أن النيران التهمت الطابق الأخير من المبنى، الذي يقع بالقرب من دار القضاء العالي وعدة منشآت حكومية وخدمية هامة. وتشير المعاينة الأولية إلى أنه ناتج عن «ماس كهربائي» بسبب الطقس الحار.
وأعلنت وزارة الصحة إصابة 4 أشخاص بحالات اختناق نتيجة اندلاع الحريق، موضحة أنه تم إسعاف المصابين على الفور داخل سيارات الإسعاف في مكان الحادث ولم ينتقلوا إلى أي مستشفى.
وقال رئيس حي «الأزبكية» اللواء صبري عبده، إن الحركة المرورية في شارع رمسيس عادت لطبيعتها بعد توقفها أثناء الحريق، موضحا إيقافها لفترة لحماية السيارات المارة من الحريق، وإجراء عمليات التبريد.
في السياق ذاته، اندلع حريق مساء أول من أمس (الاثنين)، في أحد المولات التجارية بشارع «بورسعيد» وسط القاهرة، تمكنت قوات الحماية المدنية من السيطرة عليه قبل امتداده للعقارات المجاورة. وقال رئيس حي وسط القاهرة ناصر رمضان: «إن حريقاً شب بالعقار المكون من أرضي وخمسة أدوار متكررة مكونة مول تجاري اشتعلت النيران بداخله بالكامل، ولم يسفر عن الحريق أي خسائر في الأرواح».
وفي الإسكندرية، سيطرت عناصر إدارة الحماية المدنية أمس على حريق نشب داخل مصنع دهانات بمنطقة برج العرب غرب الإسكندرية، دون وجود وفيات أو إصابات. وتم إخطار النيابة العامة التي باشرت التحقيق، وقررت انتداب مهندس فني لبيان سبب الحريق، وكلفت إدارة البحث الجنائي بالتحري عن الواقعة.
ويقع المصنع على مساحة ألف متر وملحق به مخزن على مساحة 400 متر ويشتمل على 3 طوابق في «برج العرب».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».