«فوكس» تتأهب لإطلاق أكبر دار سينمائية متكاملة في «واجهة الرياض»

بعد إعلانها افتتاح صالة عرض في جدة نهاية العام

الدار الجديدة ستوفر 18 شاشة
الدار الجديدة ستوفر 18 شاشة
TT

«فوكس» تتأهب لإطلاق أكبر دار سينمائية متكاملة في «واجهة الرياض»

الدار الجديدة ستوفر 18 شاشة
الدار الجديدة ستوفر 18 شاشة

تتأهب فوكس سينما لافتتاح أكبر دار سينمائية متكاملة لها في السعودية بمشروع «واجهة الرياض» والمقرر تشغيلها مطلع 2019 في إطار تلبية رغبة عملائها والطلب المتزايد على دور السينما حيث ستوفر 18 شاشة عرض تشمل مفاهيم متنوعة منها شاشات ماكس العملاقة، وكيدز، ومفهوم الرفاهية في السينما ثيتر باي رودز.
وتتيح ماكس بشاشاتها الضخمة للجمهور، الاستمتاع بتجربة ترفيهية حسيّة فريدة بفضل التقنية الحديثة التي تتضمن نظام الصوت الشامل دولبي آتمس وأنظمة العرض المزدوجة التي تقدم صوراً أكثر وضوحاً وأقرب إلى معايشة تجربة واقعية. وتوفر تجربة ماكس مقاعد فسيحة للجمهور لتوفير المزيد من الراحة عند مشاهدة الأفلام الضخمة.
وتعرض شاشات فوكس كيدز، المخصصة لجمهور فوكس سينما الصغار سناً، مجموعة من الأفلام العائلية ومحتوى من الرسوم المتحركة يمكن للجمهور الصغير الاستمتاع بها من مقاعدهم الملونة. كما يمكن حجز كيدز وإقامة حفلات أعياد الميلاد الخاصة والمناسبات في غرفة تابعة للسينما ومجاورة لها.
وافتتحت فوكس سينما أول دار عرض لها في الرياض في مول الرياض بارك في 30 أبريل (نيسان) الماضي وتضم هذه السينما أربع شاشات عرض تشمل أول شاشة عرض آيماكس وشاشة كيدز.
تضم فوكس سينما في الرياض بارك 328 مقعداً موزعة على تجاربها المختلفة، بشكل يتماشى مع وحي كل تجربة. ومنذ افتتاحها في المملكة، شهدت إقبالاً متزايدا، حيث بلغت نسبة إشغالها 95 في المائة وبلغ مجموع محبي الأفلام الذين استقبلتهم فوكس سينما حتى اليوم ما يتجاوز 75 ألف مشاهد ضمن فئات العمر المختلفة.
وتنوعت الأفلام التي تعرضها فوكس سينما بين الأكشن والرعب والأفلام العائلية والدرامية التي تعد الضخم ضمن قائمة البوكس الأوفيس حيث حققت أعلى نسبة مشاهدة وأعلى الإيرادات عالميّاً ومنها أفنجرز وبلاك بانثر وكويت بليس وفندق ترانسيلفانيا 3 وسكاي سكريبر وغيرها.
وحقق فيلم أفنجرز رواجاً وشهرة كبيرة في المملكة، حيث استقطب الفيلم تفاعل محبي الأفلام عبر وسائل التواصل الاجتماعي، واستجابت فوكس سينما لهذا التفاعل من خلال توفير عروض إضافية لهذا الفيلم. وتواصل فوكس سينما عروضها لأفضل أفلام البوكس أوفيس لتشمل مشن أمبوسيبل (المهمة المستحيلة) مايل 22 وغيرها.
وكانت فوكس سينما أعلنت في شهر يوليو (تموز) الحالي عن افتتاح دار سينما لها في جدة. في نهاية العام الحالي في رد سي مول. ومن المقرر أن تشمل هذه السينما أكبر شاشة عرض آيماكس في المملكة بالإضافة إلى تجارب مشاهدة أخرى مميزة.
وسوف تضم فوكس سينما في رد سي مول 12 شاشة عرض منها ثلاث شاشات مخصصة لغولد باي رودز، الأولى من نوعها في المملكة حيث تجمع هذه التجربة بين الوجبات الخفيفة الراقية والأفلام، بالإضافة إلى كيدز، المخصصة لجمهور فوكس سينما الصغار سناً.
وتخطط فوكس سينما لافتتاح ما يقارب 80 شاشة خلال الربع الأول من العام 2019 لتواصل استقطاب محبي الأفلام في جميع أنحاء المملكة.
وساهم قطاع السينما بتعزيز فرص العمل في السعودية، حيث يبلغ عدد الموظفين السعوديين لدى فوكس سينما في المملكة 50 موظفاً بنسبة سعودة 100 في المائة وسوف تعزز خطط فوكس سينما لاستثمار 2 مليار ريال سعودي لافتتاح 600 شاشة في المملكة على مدار السنوات الخمس القادمة فرص العمل للشباب السعودي.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)