عودة روحاني إلى خطاب معسكر المحافظين

بائع سجاد يأخذ غفوة في البازار الرئيسي القديم في طهران أمس (أ.ب)
بائع سجاد يأخذ غفوة في البازار الرئيسي القديم في طهران أمس (أ.ب)
TT

عودة روحاني إلى خطاب معسكر المحافظين

بائع سجاد يأخذ غفوة في البازار الرئيسي القديم في طهران أمس (أ.ب)
بائع سجاد يأخذ غفوة في البازار الرئيسي القديم في طهران أمس (أ.ب)

سلطت وسائل الإعلام الإيرانية الضوء على نقاط التلاقي بين الخطاب الأخير للرئيس الإيراني حسن روحاني وبين الكلمة الأخيرة للمرشد الإيراني علي خامنئي. والتطابق بين الكلمتين في خمسة محاور رئيسية كان على مستوى وصفه موقع «ألف» الإخباري التابع للمحافظين بأنه «محاكاة متقنة لخطاب المرشد: رفض لإجراء أي حوار مع الولايات المتحدة والدعوة إلى حوار إقليمي وتعاون بين بلدان المنطقة، لكن بلهجة متعالية يشوبها الكثير من الغرور والازدراء حيال الآخرين، وكأن الحوار يأتي لدعوة هذه البلدان وإخراجهم من غفوتهم، وليس حواراً بين أنداد»، وهو ما اعتبره كثير من المحللين عودة روحاني إلى خطاب التيار المحافظ، بعدما تفاخر بإبعاد شبح الحرب عن إيران، وحذر من الذين قد يعيدون إيران إلى دائرة المواجهة.
لم يكن خطاب روحاني متطابقاً مع خطاب المرشد الإيراني فحسب، وإنما ذكر كثيرين بخطابات أحمدي نجاد النارية، كما أشار إلى ذلك محللون في عدة مواقع خبرية مستقلة. التطابق بين خطاب الرئيسين تجلى أكثر من كل مكان في تلميح الرئيس روحاني بإغلاق مضيق هرمز مقابل الملاحة العالمية، لو تم منع إيران من تصدير النفط؛ تماماً اللهجة نفسها التي كان أحمدي نجاد يلوح بها في زمنه، وهذا ما أشار إليه قائد القوات البرية في الجيش الإيراني في كلمة له يوم الأحد الماضي.
إلى جانب ذلك، أشار نجل المعارض الإصلاحي المسجون في بيته، مهدي كروبي، إلى أن رصد كلمات الرئيس الإيراني خلال الشهر المنصرم تبين لنا ابتعاده وخطابه عن مواقفه أثناء الانتخابات وأثناء الدور الأول من حكومته، واقترابه من خطاب الرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد الذي كان قد وصفه المرشد، في إحدى خطب الجمعة، بأنه الرئيس الأقرب له على مر التاريخ.
ويبدو أن روحاني الذي كان قد وصف في حملته الانتخابية الأولى في العام 2011، أحمدي نجاد، برجل الخطابات النارية الفارغة التي لا تساوي مائتان منها نصف خطوة عملية، نسي ما أدت إليه هذه الخطابات النارية؛ أكبر تضخم في تاريخ إيران وأكبر انهيار للعملة الإيرانية حتى ذلك الحين وانخفاض ثلاثة أرباع صادرات إيران من النفط. ومع ذلك بقيت خطاباته عن إغلاق مضيق هرمز مجرد صوت يخرج من حنجرة، هذا ما أشار إليه موقع «نامه نيوز» المنتقد خلال تحليل لتشابه خطاب الرئيسين.
لا أحد يعرف بعد ما إذا كان خطاب روحاني الجديد جاء من منطلق قناعاته الشخصية، أم كان نتيجة ضغوط يتعرض لها من مؤسسة المرشد ومؤسسة «الحرس الثوري» اللتين تحاولان الهيمنة على كل زاوية، لكن الأسباب تتعدد والنتيجة تبقى واحدة: تزمت متصاعد في لهجة الرئيس الإيراني الذي كان يدعو يوماً ما إلى حوار مع العالم، واليوم يلوح بأن رئيس الولايات المتحدة يعرض نفسه وبلاده للخطر حين يتكلم عن تصعيد في مواجهة إيران، ملوحاً بأن الحرب مع إيران ستكون «أم الحروب».
«النبرة التصعيدية والتهديد بالحرب يخيف الغرب الذي لا تفيده أي حرب إقليمية، ولا تخدم مصالحه الاقتصادية» قد يكون هذا ما يفكر فيه الرئيس الإيراني حين يحاول تصعيد اللهجة والتلويح بعدة خطوات، منها إغلاق المضيق أمام النفط. إنه على الأرجح خطاب أثبت فاعليته في زمن سابق؛ قاد أوباما وفريقه إلى توقيع اتفاق منح إيران الأفضلية الإقليمية، وفتح يدها للتغلغل في بلدان المنطقة؛ اتفاق أقل ما يوصف به هو ذلك الذي وصفه به الرئيس الأميركي ترمب حين قال إنه أسوأ اتفاق ممكن.
لكن روحاني ينسى أن الظروف تغيرت والخطاب الذي أظهر فاعلية في ظروف محددة قد لا يظهر الفاعلية نفسها في ظل ظروف مختلفة؛ هذا ما يقوله باحث في مركز الدراسات الاستراتيجية لـ«الشرق الأوسط» في طهران.
لقد ولى زمن أوباما واليوم هو يوم جديد. هذا ما عناه الرئيس الأميركي الراهن دونالد ترمب حين خاطب روحاني في تغريدة: «لا تهدد الولايات المتحدة وإلا فإنك ستواجه نتائج كارثية لم يواجها قبلك في التاريخ إلا قلة».
ترمب قال بكل وضوح إن الولايات المتحدة لم تعد ذلك البلد الذي يصبر على الخطابات التي تلوح باستخدام العنف والحرب؛ لم تعد البلد الذي يديره أوباما. لقد ولى ذلك الزمن. لكن يبدو أن روحاني (الذي تغير تماماً وتحول إلى «الرئيس المنطوي تحت راية المرشد» والمقرب من مواقف المرشد المتطرفة، حسب ما وصفه الأستاذ في جامعة طهران صادق زيباكلام) لم يستوعب الظرف بعد، ويحاول إعادة الكرة في ظروف مختلفة تماماً.



غالانت لعائلات الرهائن: الجيش الإسرائيلي ليس لديه سبب للبقاء في غزة

يوآف غالانت يتحدث في مراسم تشييع جندي إسرائيلي في تل أبيب 4 ديسمبر 2023 (رويترز)
يوآف غالانت يتحدث في مراسم تشييع جندي إسرائيلي في تل أبيب 4 ديسمبر 2023 (رويترز)
TT

غالانت لعائلات الرهائن: الجيش الإسرائيلي ليس لديه سبب للبقاء في غزة

يوآف غالانت يتحدث في مراسم تشييع جندي إسرائيلي في تل أبيب 4 ديسمبر 2023 (رويترز)
يوآف غالانت يتحدث في مراسم تشييع جندي إسرائيلي في تل أبيب 4 ديسمبر 2023 (رويترز)

أفادت تقارير إعلامية عبرية بأن وزير الدفاع الإسرائيلي المُقال، يوآف غالانت، أبلغ عائلات الرهائن المحتجزين في غزة، أن الجيش الإسرائيلي ليس لديه سبب للبقاء في القطاع.

ووفقاً لتقارير في وسائل الإعلام العبرية، قال غالانت للعائلات: «إنه ورئيس جيش الدفاع الإسرائيلي هرتسي هاليفي، متشككان في مزاعم وجود مبررات أمنية أو دبلوماسية لترك القوات في القطاع»، وفق صحيفة «تايمز أوف إسرائيل».

ونقلت عنه «قناة 12» الإخبارية قوله: «أستطيع أن أخبرك... أنا ورئيس جيش الدفاع الإسرائيلي قلنا إنه لا يوجد سبب أمني للبقاء في ممر فيلادلفيا»، في قطاع غزة.

وأضاف، وفقاً للتقرير، الذي يبدو أنه يستند إلى روايات من العائلات التي حضرت الاجتماع: «قال نتنياهو إنه كان اعتباراً دبلوماسياً، وأنا أقول لك إنه لم يكن هناك اعتبار دبلوماسي» (للبقاء في فيلادلفيا).

ونُقل قول غالانت: «لم يتبقَّ شيء في غزة للقيام به. لقد تم تحقيق الإنجازات الرئيسية... أخشى أننا نبقى فقط لأن هناك رغبة في الوجود».

وقال غالانت أيضاً إن فكرة بقاء إسرائيل في غزة لخلق الاستقرار كانت «غير مناسبة للمخاطرة بحياة الجنود»، وفقاً للتقارير.

وهذه التعليقات هي الأكثر وضوحاً حتى الآن، والتي تُسلط الضوء على الاختلافات بين غالانت، الذي أيّد اتفاق وقف إطلاق النار لإعادة الرهائن إلى إسرائيل، ونتنياهو، الذي أقال وزير دفاعه يوم الثلاثاء، وفق «تايمز أوف إسرائيل».

وتؤكد هذه التصريحات أن نتنياهو لم يحقق مراده من جلب وزير دفاع جديد مثل يسرائيل كاتس الموالي له والذي يوافق معه على الاستمرار في الحرب «حتى تحقيق الانتصار الكامل» فالموقف السائد في المؤسسة العسكرية هو ضرورة وقف الحرب، وما ينفذه الجيش من عمليات حربية في قطاع غزة، هو مجرد انتقام بلا هدف سياسي أو فائدة، وينفذها بحكم وجوده في القطاع وتعرضه لعمليات انفرادية ممن بقي من عناصر (حماس) تستنزف قواته».
وكان نتنياهو قد أقال وزير الدفاع غالانت، في محاولة لإخافة النواب العشرة في ائتلافه الحكومي، الذين يعارضون سن قانون جديد يتيح منح رواتب للشبان اليهود المتدينين الذين يرفضون الخدمة العسكرية أو سن قانون يتيح العفو عن رافضي الخدمة، غير أن غالبية النواب تمسكوا بموقفهم حتى بعد إقالة غالانت، ولم تجد الأزمة حلاً بعد.

خسارة مؤيدين

وفي الوقت ذاته، أظهرت نتائج ثلاثة استطلاعات للرأي العامّ الإسرائيليّ، أن نتنياهو لم يحقق أي مكسب سياسي من قرار اقالة غالانت، بل بالعكس، فقد خسر بضع عشرات ألوف الأصوات من مؤيديه. وبيّنت أنه إذا جرت الانتخابات اليوم، فسوف يخسر الحكم لأحزاب المعارضة.
وجاء في استطلاعين للرأي، نشرت نتائجهما هيئة البثّ الإسرائيلية العامّة ("كان 11")، والقناة الإسرائيلية، 12، مساء الأربعاء، أن 52 بالمائة يعارضون إقالة غالانت، بينما قال 27 بالمائة إنهم يؤيّدونها، بينها أجاب 21 بالمائة بـ «لا أعلم».
ورأى 55 بالمائة من المشاركين في الاستطلاع، أن إقالة غالانت، تضرّ بأمن إسرائيل، بينما قال 23% منهم إن الخطوة تساهم في أمن إسرائيل؛ وفي المقابل، ذكر 22% من المستطلعة آراؤهم أنهم لا يعرفون تأثير هذه الخطوة على أمن إسرائيل.

وحينما سُئل المشاركون في الاستطلاع، عن المعيار الرئيسي الذي دفع نتنياهو لاتّخاذ قرار إقالة غالانت، ذكر 56 بالمائة من المشاركين أن القرار جاء كي يحافظ على استقرار ائتلافه الحكوميّ، فيما قال 27 بالمائة منهم إن القرار متعلّق بـ «أمن الدولة»، بينما أجاب 17 بالمائة بـ «لا أعلم»

ورأى 58 بالمئة من المستطلعة آراؤهم، أن وزير الخارجية، يسرائيل كاتس، الذي عيّنه نتنياهو، خلفا لغالانت، لا يستحق الثقة ليتولّى هذا المنصب، فيما ذكر 21 بالمائة أنه يمكن «الاعتماد عليه» لتوليّه، بينما أجاب 21 بالمائة بـ «لا أعلم».

وأظهر الاستطلاع أن 58 بالمائة من المؤيدين لقرار إقالة غالانت، هم ناخبو كتلة نتنياهو، و87 بالمائة من المعارضين للقرار، هم ناخبو المعسكر المناوئ لنتنياهو.