بعض الأطفال يفضل المكافأة بالطعام لا بالمال

دراسة أميركية لاستجابات الدماغ

بعض الأطفال يفضل المكافأة بالطعام لا بالمال
TT

بعض الأطفال يفضل المكافأة بالطعام لا بالمال

بعض الأطفال يفضل المكافأة بالطعام لا بالمال

قال باحثون في جامعة بنسلفانيا بالولايات المتحدة، إنهم اقتربوا من فهم دوافع بعض الأطفال لالتهام كل محتويات كيس من رقاقات البطاطا أو كأس مليئة بالحلوى، وعلاقة تلك الدوافع باستجابات أجزاء من الدماغ.
وفي دراسة أجريت على الأطفال، وجد الباحثون أن أجزاء معينة من الدماغ تستجيب بقوة عندما تعرض عليهم مكافآت من الطعام أكثر من استجابتها عند عرض المكافآت المالية. وتوقعوا أن أطفال المجموعة الأولى هم الذين تدفعهم الشراهة إلى التهام كميات أكثر من الطعام رغم عدم شعورهم بالجوع، وبغض النظر عما إذا كانوا بدينين أو نحفاء.
وقالت شانا أدايس، طالبة الدكتوراه بالجامعة في فيرمونت المشرفة على الدراسة، إن النتائج تقدم تصورات أعمق حول الأطفال المعرضين للشراهة أكثر من غيرهم، ولذا فإنها تقدم للعلماء مؤشرات حول إمكانات الحد من السمنة مبكرا.
وأضافت الباحثة في الدراسة المنشورة بمجلة «أبيتايت» المعنية بدراسات الشهية: «لو تمكنا من معرفة استجابات الدماغ للطعام وعلاقتها بأنواع الغذاء، فربما سيكون بإمكاننا تغيير تلك الاستجابات، وتغيير السلوك الغذائي».
وحتى ظهور هذه النتائج، كانت الدراسات السابقة قد توصلت إلى نتائج متباينة ربطت بين الشراهة والدماغ، وأخرى عكس ذلك. كما وجدت دراسات أخرى أن الأشخاص الذي يجهدون أنفسهم في العمل لكسب المال يقبلون على الطعام أكثر، في نوع من المكافأة على جهودهم، ولذلك فإنهم يتعرضون للسمنة مع الزمن.
وزعم الباحثون أن نتائج الدراسة الجديدة تشير لأول مرة إلى أن الأطفال الذين تستجيب أدمغتهم للغذاء أكثر من استجابتها للأموال، هم الذين يتعرضون أكثر من غيرهم للشراهة.
وفي الدراسة استقبل الباحثون 59 طفلا بين 7 سنوات و11 سنة في مختبر السلوك الغذائي بالجامعة في 4 زيارات. وخلال الزيارات الثلاث الأولى تناول الأطفال وجبات من الطعام مصممة لقياس كيفية تناولهم الطعام في ظروف مختلفة، مثل تناول الوجبة عندما كانوا يشعرون بالجوع، مقابل تناول وجبة خفيفة عندما كانوا لا يشعرون بالجوع. وتعرف الباحثون على كمية الطعام المتناولة عند وزن الأطباق قبل وبعد الأكل.
وفي الزيارة الرابعة خضع الأطفال لتصوير أدمغتهم بجهاز المسح بالرنين المغناطيسي عند ممارستهم لعبة كومبيوترية تجبرهم على أن يتوقعوا فيها إن كان الرقم المقبل أعلى أو أدنى من رقم 5، ثم أخبرهم الباحثون بأنه إذا كانت توقعاتهم صحيحة، فإنهم سيحصلون إما على المال، أو حلوى، أو كتاب، قبل أن تظهر صحة نتائج توقعاتهم في اللعبة.
ووجد الباحثون أنه عندما أخذت أجزاء مختلفة من الدماغ بالاستجابة أكثر لكسب الطعام مقارنة بكسب المال، فإن الأطفال كانوا أكثر عرضة للشراهة. وقالت الباحثة شانا أدايس: «وجدنا أن استجابات الدماغ للطعام مقارنة بالمال كانت ترتبط بظاهرة الشراهة بغض النظر عن وزن الطفل... لقد وجدنا بشكل خاص زيادة في استجابات الدماغ في مناطقه المتعلقة بالتحكم الفكري والتحكم الذاتي المتعلقة بالشراهة، عندما كان الأطفال يطلبون الطعام بدلا من المال».
وعلقت كاثلين كيلر، الأستاذة المساعدة في علوم التغذية بالجامعة، بأن هذه الدراسة تدعم النظرية القائلة بأن زيادة استجابة الدماغ في مناطق الدماغ المرتبطة بالمكافآت، لها علاقة بازدياد تناول الطعام في ظروف متعددة ومختلفة.
- مناقشات في أميركا حول إعادة تسمية حليب {الصويا» و{اللوز»
> أعلنت «وكالة الغذاء والدواء» الأميركية أنها تضع خططا للطلب من شركات إنتاج «حليب الصويا» و«حليب اللوز» والمنتجات المماثلة لهما، تغيير أسماء مشروباتها وإزالة كلمة «الحليب» منها.
وكان سكوت غوتيليب، المفوض في الوكالة، قد تحدث عن ضرورة تغيير ما يسمى «مقياس تحديد الهوية» للمنتجات الغذائية ليشمل المشروبات نباتية المنشأ، وفقا لوكالة «أسوشييتد بريس». ورحب «اتحاد المنتجين الوطنيين للحليب» بخطوة الوكالة بالاعتراف بضرورة وضع أسماء صحيحة لكثير من «منتجات الحليب النباتية»، بينما أكد «معهد الغذاء الجيد» المدافع عن أنواع البدائل الغذائية النباتية، على ضرورة إبقاء اسم «الحليب» مع الإشارة إلى أنه ليس من منتجات الألبان.


مقالات ذات صلة

زيادة خطواتك اليومية تقلل الاكتئاب

صحتك المشي قد يسهم في تحسين الصحة النفسية (جامعة ليدز)

زيادة خطواتك اليومية تقلل الاكتئاب

ربطت دراسة إسبانية بين زيادة عدد الخطوات اليومية وتقليل أعراض الاكتئاب لدى البالغين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك يضطر البعض إلى عدم الدخول إلى المرحاض وحبس البول أحياناً بسبب وجودهم خارج المنزل أو انشغالهم (رويترز)

خبراء يحذِّرون: حبس البول قد تكون له أضرار صحية خطيرة

قد يشكل حبس البول تهديداً لصحتك؛ خصوصاً إذا كان سلوكاً منتظماً ومكتسباً.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك أبقار من قطيع غير مشتبه به في حظيرة الألبان التعليمية بجامعة كورنيل بنيويورك (أ.ف.ب)

الحليب الخام أم المبستر... أيهما أكثر صحة؟

لا يتوقف الجدل حول صحة الحليب الخام في مقابل الحليب المبستر. فماذا يقول الخبراء؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك مريضة بالسرطان (رويترز)

علماء يستعينون بـ«الغراء» في تطوير علاج جديد للسرطان

طوَّر علماء يابانيون علاجاً جديداً للسرطان باستخدام مركَّب موجود في الغراء يسمى «أسيتات البولي فينيل PVA».

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
صحتك ارتفاع ضغط الدم تحدٍّ كبير للصحة العامة (رويترز)

10 علامات تحذيرية من ارتفاع ضغط الدم... وكيفية التعامل معها

بعض العلامات التحذيرية التي تنذر بارتفاع ضغط الدم، وما يمكنك القيام به لتقليل المخاطر:

«الشرق الأوسط» (لندن)

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)