العاصمة الإدارية الجديدة تدفع مصر لإنشاء مرصد فلكي حديث

بتكلفة تتعدى 55 مليون دولار أميركي

مرصد الفلك
مرصد الفلك
TT

العاصمة الإدارية الجديدة تدفع مصر لإنشاء مرصد فلكي حديث

مرصد الفلك
مرصد الفلك

يدخل مرصد القطامية الفلكي، التابع للمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية في مصر عامه الـ54 في سبتمبر (أيلول) المقبل، غير أنه قد لا يكمل عامه الـ60 في موقعه على بعد 80 كلم من وسط العاصمة القاهرة في اتجاه مدينة السويس، بعد أن أعطت العاصمة الإدارية الجديدة التي يتم إنشاؤها في مصر زخما لمشروع إنشاء مرصد فلكي بديل.
ويقول الدكتور أشرف تادرس، رئيس قسم الفلك بالمعهد لـ«الشرق الأوسط»: «منذ سنوات بدأ التلوث الضوئي الناتج عن الزحف العمراني يؤثر على الأرصاد التي تتم من خلال المرصد، وهي المشكلة التي من المتوقع أن تزيد خلال الأعوام المقبلة مع إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة القريبة جدا من المكان، فكان لا بد من البحث عن موقع بديل لإنشاء مرصد جديد».
وأعطى مجلس الوزراء المصري العام الماضي موافقته على طلب تقدم به المعهد لإنشاء المرصد الجديد، ومنذ صدور الموافقة تجوب لجان تابعة للمعهد محافظات مصر بحثا عن المكان المناسب، كما أوضح تادرس.
ونفى أن يكون قد تم اختيار إحدى القمم الجبلية بمحافظة الأقصر، مضيفا: «ما زلنا في مرحلة البحث، والأمر ليس بالسهولة التي قد يتصورها البعض».
ويحتاج إنشاء مرصد فلكي إلى البحث عن قمة جبلية مرتفعة، تكون بعيدة عن المدن أو أي إضاءة ليلية، وكلما زاد ارتفاع تلك القمة، كان ذلك أفضل، وبعد تحقق هذا الشرط تجرى دراسات خاصة بالأرصاد الجوية على الموقع الذي تم اختياره تستمر لمده عام، إذ ينبغي أن تشمل فصول السنة الأربعة لاختبار عدة عناصر تؤثر على الرصد من بينها الرطوبة ودوامات الهواء. ورغم أن المعهد لم يستقر على اختيار المكان، فإن «تادرس» يرشح جبال جنوب ووسط سيناء، قائلا: «زرنا بعضها، ولم ننته من إجراء مسح شامل لكل الجبال، لاختيار أنسبها، ولن نختار إلا المكان الذي تؤكد دراسات الأرصاد الجوية، أنه يمنحنا عددا كبير من الليالي الصافية».
ويتيح موقع مرصد القطامية الفلكي 250 ليلة صافية، وهو من أعلى المعدلات العالمية للمراصد الفلكية، التي لا يريد المعهد النزول عنها، إن لم يكن زيادتها، كما أكد رئيس قسم الفك.
وإضافة إلى هذا التحدي، فإن المعهد يسعى لأن يكون تلسكوب المرصد الجديد هو الأكبر في دول حوض البحر الأبيض المتوسط.
ويقول «تادرس»: «تلسكوب المرصد الحالي قطر مرآته متران فقط، وهو الأكبر حتى الآن في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ونسعى لأن يكون قطر مرآة التلسكوب الجديد 6.5 متر، ليكون الأكبر بين دول حوض البحر الأبيض المتوسط، للاستفادة من عدد الليالي الصافية عندنا، الذي يفوق هذه الدول، في تحقيق إنجازات أكبر في مجال الرصد الفلكي».
وعن التكلفة المتوقعة لهذا المشروع، يضيف: «لن يقل عن مليار جنيه (نحو 55.8 مليون دولار أميركي)، وهذا رقم ليس كبيرا، إذا علمنا أن مرصد القطامية تم إنشاؤه في الخمسينات بتكلفة نصف مليون جنيه، وكان هذا مبلغا ضخما جدا وقتئذ، فمثل هذه المشروعات تبنى للمستقبل».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».