نصائح طبية لحماية صوتك الطبيعي

«شيخوخة الحنجرة» تحدث مع تقدم السن

نصائح طبية لحماية صوتك الطبيعي
TT

نصائح طبية لحماية صوتك الطبيعي

نصائح طبية لحماية صوتك الطبيعي

قد يمر الرجال بمرحلة تغير في الصوت مع تقدمهم في السن، لكن هناك طريقة يمكن من خلالها حماية وتحسين نغمة صوتك. ومن المعتاد مع التقدم في السن أن يتغير صوتك، وهي الحالة التي يطلق عليها «presbylaryngis»، أو «Vocal Fold Atrophy»، (ضمور الأحبال الصوتية)، أي شيخوخة الحنجرة، التي تؤدي إلى ظهور الصوت الأجش والخشن، والذي يطلق عليه «صوت الشيخوخة».
وفي هذا الصدد، أفادت باربرا ويلسون، اختصاصية علم أمراض اللغة والكلام بمعهد «ماساتشوستس للعين والأذن» التابع لجامعة هارفارد، بأن الإنسان يستمر لسنوات كثيرة «يتحدث ويصرخ ويغني، مما يؤدي في النهاية إلى ضعف، وقد يكون تلف، الأحبال الصوتية. وهنا يفقد الصوت مداه وخامته». وأضافت ويلسون أن «ذلك من شأنه أن يضيف صعوبة على عملية التواصل اليومي، لأن الكلام حينئذ سيتطلب جهدا أكبر لكي تجعل الآخرين يفهمون ما تقول، مما يدفع بكثير من كبار السن إلى الانسحاب والعزلة».

تغير الصوت
تتكون أحبالك الصوتية من عضلات تحيطها ثلاث طبقات من الأنسجة الرخوة الشبيهة بالجيلي. ومع مرور الوقت، قد تفقد أحبالك الصوتية مرونتها وبنيتها، ومن ثم تصاب العضلات بالضعف. والنتيجة هي أن اهتزازات الأحبال الصوتية عند الكلام تصبح أقل وضوحا، ومن ثم تتغير نغمة الصوت. وبالنسبة للرجال، فإن نغمة الصوت تتجه إلى الارتفاع.
واستطردت ويلسون قائلة: «الأحبال الصوتية الرفيعة تسمح بتسرب كمية كبيرة من الهواء من بينها، مما يجعل صوتك يبدو مصحوبا بأنفاس مسموعة أشبه باللهاث ليبدو ضعيفا للدرجة التي تجعل من محادثة بسيطة مهمة صعبة». كذلك فإن للعادات الحياتية والممارسات اليومية تأثيرها على طريقة كلامك. فمثلا عدم استخدامك للصوت لأنك تعيش بمفردك أو لأنك لا تعيش حياة اجتماعية يمكن أن يكون عاملا لتحديد حالة صوتك. كذلك يمكن أن تتسبب في إرهاق أحبالك الصوتية بالنحنحة المتكررة أثناء الكلام بغرض تنقية صوتك. وأضافت ويلسون أن «الجفاف وإرهاق الحلق هما السببان الرئيسيان لحدوث الحشرجة المزمنة، لكن بعض الناس تفعل ذلك من قبيل الاعتياد عندما يتحدثون، حتى وإن لم تكن هناك حاجه للكلام».

وسائل المساعدة الذاتية
وحسب ويلسون، بإمكانك تقليل تأثير التقدم في العمر على الصوت بدرجة ما... «فأنت لن تعيد عقارب الساعة إلى الوراء ليبدو صوتك كما كان في سن الخامسة والعشرين»، لكن «بإمكانك حماية ما تبقى لديك والمحافظة عليه بمنع مزيد من التدهور».
قد يحدث أن يتسبب الصوت في تغيير حياتك اليومية؛ فمثلا يحدث ألا يكون صوتك مسموعا في مطعم مزدحم، فإذا شعرت مثلا بعدم الراحة أثناء الكلام، أو إن استلزم ذلك مزيدا من الجهد، فهنا يجب أن تذهب لطبيب اختصاصي في الأنف والأذن والحنجرة لتتأكد من أن ما تشكوا منه ليس سوى تغير مرتبط بالسن.
وإن كانت لديك مشكلات محددة في الكلام تتطلب علاجا للصوت، فقد يحيلك الطبيب إلى اختصاصي خبير بمشكلات الكلام.
هناك أيضا كثير من خطوات العلاج الذاتي التي يمكن أن تساعدك على تقوية وحماية صوتك من الإصابة بالشيخوخة. وهنا ننصح بالتالي:
> تحدث بصوت مرتفع. استخدم صوتك بصورة يومية. اقرأ بصوت مرتفع، وتحدث مع نفسك أو مع حيوانك الأليف. غنِّ مع موسيقاك المفضلة أو من دونها. أعط صوتك راحة عند الحاجة.
> على الجانب الآخر، فإن صوتك يحتاج للراحة عندما يصاب بالإرهاق، تماما مثلما يحتاج جسمك للراحة بعد فترة عناء. فإن شعرت بإرهاق في صوتك أو بعدم راحة عند الحديث لفترة طويلة، مثلما الحال في مكان العمل أو عند الجلوس وسط مجموعة من الناس، فعليك أن تعطي صوتك قسطا من الراحة لعدة دقائق كل ساعة.
> حاول أيضا تجنب الصياح أو رفع الصوت من دون داع، وتجنب الحديث وسط الضوضاء، مثل تلك التي يسببها التلفاز أو غيره من الحوارات الجانبية.

تلطيف الأحبال الصوتية
تعتمد الأحبال الصوتية على طبقة سائل رقيقة تعمل على تلطيف الأحبال الصوتية أثناء الكلام، ولذلك من المهم الإبقاء على رطوبتها، وهو أمر بالغ الأهمية إن كنت ممن يعانون من الحشرجة وتضطر إلى النحنحة من وقت لآخر لتنظيف الحنجرة.
> الماء هو الخيار الأفضل (درجة الحرارة لا تهم): ورغم أن الغرغرة بالماء الدافئ المالح قد تخفف من آلام والتهابات الحلق، فإنه لن يفيد الصوت.
> استنشق البخار: يمكن أن يساعد استنشاق البخار الساخن في التغلب على حساسية الأنف والحلق، حيث إن تلك الطريقة «تعد علاجا مائيا قصير المدى للمساعدة في التخلص من الشوائب العالقة في مجرى الهواء العلوي، والتي يمكن أن تؤثر على صوتك»، حسب ويلسون.
> احذر من الحموضة: من الممكن أن يعاني الأشخاص الذين يعانون من الحموضة من ارتجاع في حمض المعدة إلى الحلق، مما يثير الأحبال الصوتية ويصيبها بالانتفاخ.
تتضمن أعراض الارتجاع الحمضي الإحساس بحرقة في المعدة، والتجشؤ والانتفاخ، وأحيانا قد لا تشعر بأي من هذه الأعراض وقد لا تدرك أنك مصاب بالحموضة. غير أن هناك بعض الخطوات البسيطة التي تساعد على تقليل الإحساس بالحموضة. على سبيل المثال، لا تنم سوى بعد مرور ساعتين من تناول العشاء، وتجنب التمارين الرياضية أو الاستلقاء للراحة بعد الطعام مباشرة.
كذلك تجنب أو قلل من كمية الطعام والشراب الحمضي الذي يمكن أن يسبب الحموضة؛ مثل الكحوليات، والشاي، والمرطبات، والشوكولاته، والنعناع، والأطعمة التي تحتوى على دهون وشحوم. ومن الممكن أن تساعد الأدوية التي تحصل عليها من الصيدلية مباشرة (من دون الحاجة إلى مراجعة الطبيب) في التحكم في الحموضة. لكن ضع في اعتبارك أن تلك الأدوية تقلل فقط من الحموضة لكنها لا تمنع حدوثها.

* «رسالة هارفارد - صحة الرجل»
- خدمات «تريبيون ميديا»



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».