«فوانيس رمضان» في مصر.. موروثات ثقافية بطعم السياسة

أغانيها بدأت بالتواشيح ووصلت لـ«تسلم الأيادي»

TT

«فوانيس رمضان» في مصر.. موروثات ثقافية بطعم السياسة

أطفال يلهون به هنا وهناك، وتكتمل به مشاهد الاحتفال السنوي. ربما تجده كذلك في أحد أركان المنزل يعطي جوا من الحميمية لا يصدق. أو ربما تراه على أبواب المحلات والمقاهي والمطاعم يظهر ضمن مكملات المشهد الرمضاني بامتياز، وربما يكون من النوع القديم ذي الشمعة والباب النحاسي، أو ربما يكون من البلاستيك، ومن الممكن أن يكون من الخشب أيضا.
على مر السنين ظل فانوس رمضان متصدرا المشهد، ولا يعتبر من الرفاهية، بل يعتبر مظهرا أساسيا من مظاهر الاحتفال بالشهر الكريم تتلألأ به شوارع العاصمة المصرية ليلا، ويلمع انعكاسه الضوئي في نور الصباح. الفانوس الذي يعد علامة مميزة في التراث الشعبي المصري، استطاع أن يستعيد جزءا من رونقه من جديد بعد تطويره بأشكال مختلفة تجذب المشتري، بعد عقود ظل فيها الفانوس الصيني هو المتربع على عرش الفوانيس بأشكاله المختلفة التي اتخذت هيئة ألعاب ورؤساء، لتتدرج الفوانيس بدءا من الفانوس النحاسي الذي توضع بداخله شمعة، ثم الذي يصنع من الصفيح والزجاج الملون، والآن يصنع من البلاستيك وتضاف إليه بطارية بها أغان رمضانية لا تخلو من الطابع السياسي كذلك.
وعلى باب محله المتواضع وبينما يعلن للزبائن عن أسعار المنتجات المعروضة، بدأ عبد النبي مصطفى (65 عاما) يسرد كيف تطور الفانوس على مر السنين، قائلا «على أيامي لم يكن هناك سوى الفانوس النحاسي ذي الشمعة، وكنا نطير به فرحا عندما يهل الشهر الكريم ونلهو به بين الطرقات ليلا معلنين عن فرحتنا بحلول الشهر الفضيل، وسرعان ما تطور هذا الفانوس النحاسي ذو الشمعة ليصبح بلمبة كهربائية تعمل بالبطارية، وظل محتفظا بشكله النحاسي المتعارف عليه، إلى أن دخل استخدام التكنولوجيا الحديثة عليه، والتي بدأت مؤخرا وتحديدا عام 2000 عندما غزت المنتجات الصينية المحلات والشوارع والسوق معلنة عن الفانوس الذي ينشد الأغاني والمصنوع من البلاستيك، وكانت هذه الخطوة أيامها بمثابة قفزة كبيرة في عالم الفوانيس».
ويضيف عبد النبي «هل تعلم أن الفانوس النحاسي حتى يومنا هذا هو الأعلى سعرا بين الفوانيس الأخرى، حيث يبدأ سعره من 40 جنيها وينتهي عند 300 و400 جنيه؟! بينما الفانوس الصيني البلاستيك لا يتعدى ثمنه الـ10 والـ15 جنيها، ولكن للأسف مبيعاته أعلى من النحاسي نظرا لرخص ثمنه وإقبال الأطفال عليه».
وتتعدد الروايات حول أصل ومنشأ الفانوس، الذي ظهر منذ أكثر من ألف عام، إلا أن هناك العديد من الروايات التي يحكيها أصحاب المحلات خاصة الذين ورثوا مهنة تصنيع الفوانيس من أجدادهم، والتي تختلف من رواية لأخرى، مثلما يقول عبد النبي «حسب علمي والروايات التي نشأت عليها في حي الجمالية حيث ولدت فإن الفانوس ارتبط منذ مئات الأعوام ارتباطا قويا بوجود المسحراتي الذي كان يسير في الشوارع ليوقظ الناس ليتناولوا سحورهم.. فذلك المسحراتي كان يسير في الشوارع مصطحبا معه ابنه يحمل فانوسا للإنارة، حيث لم تكن كل الشوارع مضاءة بأعمدة الكهرباء كما هي الآن».
أما بعض الروايات الأخرى فتقول إن الفانوس جاء لحظة دخول الخليفة المعز لدين الله الفاطمي إلى القاهرة بالتزامن مع أول شهر رمضان، وكان دخوله ليلا فخرج الناس لاستقباله وهم يحملون فوانيس. كذلك هناك رواية أخرى تقول إن الحاكم بأمر الله عندما أصدر أمرا بعدم خروج النساء من بيوتهن سوى في ليل رمضان فقط للتزاور أو الصلاة في المساجد أمر بأن يسير صبي أمام كل امرأة حاملا فانوسا لكي يعرف المارة أن هناك امرأة تعبر الطريق فيفسحون لها ويغضون من أبصارهم ولا يطلقون بصرهم فيما لا يعنيهم كما يفعلون الآن.
ويضيف عبد النبي «الرواية الأقرب إلى الحقيقة والتي أميل إلى تصديقها هي ارتباط الشهر الفضيل بمظاهر الاحتفال منذ قديم الأزل.. فمثلا في العصر الفاطمي كانوا يزينون مداخل بيوتهم وشوارعهم وحوانيتهم بفوانيس متعددة الأشكال خلال شهر رمضان ابتهاجا بحلول الشهر العظيم، فالغالب عند عموم المصريين هو الاحتفال بشهر رمضان بشتى الأشكال المتعارف عليها منذ زمن والتي من بينها الفوانيس بلا شك».
ويشهد الفانوس المصري ثورة جديدة في عالم تصنيعه بدأت مؤخرا بهدف منافسة المنتجات الصينية التي تغزو السوق بشكل لافت للنظر كما يؤكد عبد النبي قائلا «منذ زمن ونحن نستورد أو نشتري الفوانيس الصينية التي يأتي بها التجار الصينيون ويبيعونها بأسعار لا تقبل المنافسة.. ولكن مؤخرا بدأ العديد من التجار المصريين تصنيع الفانوس في ورش خاصة بهم بنفس نهج الفانوس الصيني المصنع من البلاستيك غالبا.. فهناك هذا العام الفانوس الذي يبدو علي شكل الرئيس السيسي، وهو صناعة صينية، وهناك أيضا الفانوس الذي ينشد الأغنية الوطنية الشهيرة (تسلم الأيادي) وهو صناعة مصرية وهو الأعلى سعرا كذلك بين نظرائه المصنعين من البلاستيك، حيث يبدأ سعره حسب حجمه بدءا من 50 جنيها، ويصل إلى 100 و150 جنيها للقطعة، وفي الغالب هو ما يباع الآن وسط الإقبال المتوسط الذي تشهده السوق هذا العام».



إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
TT

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»

شهدت الرياض وجدة فعاليات مسرحية وغنائية عقب انتهاء شهر رمضان، انطلقت مع عيد الفطر واستقطبت مشاركات مصرية لافتة، منها مسرحية «حتى لا يطير الدكان»، من بطولة الفنانَيْن أكرم حسني ودرة، في موسمها الثاني على مسرح «سيتي ووك جدة»؛ إلى عرض ستاند أب كوميدي «ذا إيليت» المقام على «مسرح محمد العلي» بالرياض، بينما شاركت الفنانة المصرية أنغام بحفلات «عيد القصيم»، والفنان عمرو دياب بحفلات «عيد جدة».
وتشهد العاصمة السعودية حفل «روائع الموجي»، الذي تحييه نخبة من نجوم الغناء، بينهم من مصر، أنغام وشيرين عبد الوهاب ومي فاروق، بالإضافة إلى نجوم الخليج ماجد المهندس وعبادي الجوهر وزينة عماد، مع صابر الرباعي ووائل جسار، بقيادة المايسترو وليد فايد وإشراف فني يحيى الموجي، ومشاركة الموسيقار رمزي يسى.
عن هذا الحفل، يعلّق الناقد الفني المصري طارق الشناوي لـ«الشرق الأوسط»: «نشجّع تكريس الكلمة الرائعة والنغم الأصيل، فحضور نجوم مصر في فعاليات المملكة العربية السعودية، يشكل حالة تكامل من الإبداع»، معرباً عن غبطته بمشهدية الزخم الفني، التي يواكبها في الرياض وجدة.
ووفق «جمعية المؤلفين والملحنين الرسمية» في مصر، ورصيد محمد الموجي، صاحب مقولة «أنا لا أعمل كالآلة تضع فيها شيئاً فتخرج لحناً؛ إنها مشاعر وأحاسيس تحتاج إلى وقت ليخرج اللحن إلى النور»، قد وصل إلى 1800 لحن، ليعلّق رئيسها مدحت العدل لـ«الشرق الأوسط» بالتأكيد على أنّ «الاحتفاء بالرموز الفنية من (الهيئة العامة للترفيه)، كاحتفالية الموجي، أمر غاية في الرقي ويدعو للفخر»، موجهاً التقدير للجميع في المملكة على النهضة الفنية الكبيرة.
واستكمالاً لسلسلة الفعاليات الفنية، فإنّ مدينة جدة على موعد مع حفلين للفنان تامر عاشور يومي 5 و6 مايو (أيار) الحالي، بجانب حفل الفنانَيْن محمد فؤاد وأحمد سعد نهاية الشهر عينه. وعن المشاركات المصرية في الفعاليات السعودية، يشير الناقد الموسيقي المصري محمد شميس، إلى أنّ «القائمين على مواسم المملكة المختلفة يحرصون طوال العام على تقديم وجبات فنية ممتعة ومتنوعة تلائم جميع الأذواق»، مؤكداً أنّ «ما يحدث عموماً في السعودية يفتح المجال بغزارة لحضور الفنانين والعازفين والفرق الموسيقية التي ترافق النجوم من مصر والعالم العربي». ويلفت شميس لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ «هذا التنوع من شأنه أيضاً إتاحة مجال أوسع للمبدعين العرب في مختلف الجوانب، التي تخصّ هذه الحفلات، وفرصة لاستقطاب الجمهور للاستمتاع بها بشكل مباشر أو عبر إذاعتها في القنوات الفضائية أو المنصات الإلكترونية»، معبّراً عن سعادته بـ«الحراك الفني الدائم، الذي تشهده المملكة، بخاصة في الفن والثقافة وتكريم الرموز الفنية والاحتفاء بهم».
وشهد «مسرح أبو بكر سالم» في الرياض قبيل رمضان، الحفل الغنائي «ليلة صوت مصر»، من تنظيم «الهيئة العامة للترفيه»، احتفالاً بأنغام، إلى تكريم الموسيقار المصري هاني شنودة في حفل بعنوان «ذكريات»، شارك في إحيائه عمرو دياب وأنغام، بحضور نخبة من نجوم مصر، كما أعلن منذ أيام عن إقامة حفل للفنانة شيرين عبد الوهاب بعنوان «صوت إحساس مصر».
مسرحياً، يستعد الفنان المصري أحمد عز لعرض مسرحيته «هادي فالنتين» في موسمها الثاني، ضمن فعاليات «تقويم جدة» على مسرح «سيتي ووك‬» بين 3 و6 مايو (أيار) الحالي. وعنه كان قد قال في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الحراك الثقافي الذي تشهده المملكة يفتح آفاقاً وفرصاً متنوعة للجميع لتقديم المزيد من الفن الراقي».