والدة صديقة بيستوريوس: لا أكرهه.. وسامحته عن قتل ابنتي

الادعاء في قضية العدّاء يؤكد أنه كان لديه «نية للقتل»

بدأت محاكمة بيستوريوس في الثالث من مارس (آذار) الماضي، وهي الآن في مراحلها الأخيرة
بدأت محاكمة بيستوريوس في الثالث من مارس (آذار) الماضي، وهي الآن في مراحلها الأخيرة
TT

والدة صديقة بيستوريوس: لا أكرهه.. وسامحته عن قتل ابنتي

بدأت محاكمة بيستوريوس في الثالث من مارس (آذار) الماضي، وهي الآن في مراحلها الأخيرة
بدأت محاكمة بيستوريوس في الثالث من مارس (آذار) الماضي، وهي الآن في مراحلها الأخيرة

ذكرت تقارير إخبارية أن جون ستينكامب والدة ريفا ستينكامب صديقة العداء الجنوب أفريقي أوسكار بيستوريوس سامحته عن قتله ابنتها، إلا أنها أكدت أن ابنتها لن تستريح في قبرها حتى تجري محاكمته.
وكانت محاكمة بيستوريوس (27 عاما) بدأت في الثالث من مارس (آذار) الماضي، وهي الآن في مراحلها الأخيرة. وقالت جون في حديث لصحيفة «هاللو» المعنية بأخبار المشاهير: «لا أكره بيستوريوس.. لقد سامحته.. يجب علي أن أسامحه كما أمرني ديني.. ولكنني مصممة على مواجهته». وأضافت: «من الضروري أن يعرف (بيستوريوس) أنني هنا.. أن والدة ريفا التي أنجبتها وأحبتها هنا من أجلها.. إنني أشعر بوجودها وأتحدث إليها طوال الوقت».
وأكدت جون أن إيمانها ساعدها خلال المحاكمة المؤلمة، مشيرة إلى أنها تريد أن تكتشف حقيقة ما حدث لابنتها (29 عاما) التي قتلها بيستوريوس بعد أن أطلق عليها الرصاص عبر باب حمام مغلق في منزله الواقع في بريتوريا بجنوب أفريقيا. ومن ناحية أخرى أكد ممثل الادعاء جيري نيل أن العداء الأوليمبي قتل ريفا ستينكامب عمدا وبدم بارد، نافيا بذلك مرافعات الدفاع التي أكد فيها أن بيستوريوس كان يتصرف وهو في حالة من القلق.
وقال نيل أمام محكمة بريتوريا اليوم حيث تدخل المحاكمة يومها الثامن والثلاثين: «لقد أطلق النار على الشخص الواقف خلف الباب بنية القتل.. لقد تعمد أن يفعل ذلك».
ونفى الادعاء الأدلة - التي قدمها أستاذ الطب الرياضي واين ديرمان، وهو الشاهد السادس والثلاثون في القضية، بالإضافة إلى شهود آخرين - التي تفيد بأن إعاقة بيستوريوس جعلته يشعر بالضعف وأن يتصرف وهو في حالة من القلق الشديد.
وقال نيل إن بيستوريوس كان يشعر بالراحة بعد أن أمضى ليلة لطيفة مع ستينكامب، مشيرا إلى أن حيازته لمسدس جعله يشعر بمزيد من الأمان. وأوضح نيل أن بيستوريوس «هو شخص لديه السبل لحماية نفسه»، حيث إنه يعيش في مجمع (سكني) شديد الحراسة ومزود بجهاز إنذار. لكن ديرمان دحض ذلك قائلا إن حيازة مسدس لا تقلل من ضعف بيستوريوس. وتأتي جلسة المحكمة وسط غضب عام بعد عرض مقطع فيديو على شاشات التلفزيون في أستراليا، يظهر فيه العداء الأوليمبي وهو يعيد تمثيل الأحداث في الليلة التي قتل فيها صديقته ريفا ستينكامب في فبراير (شباط) من العام الماضي.
وأدان الفريق القضائي الخاص ببيستوريوس عرض تسجيل الفيديو على شاشات التلفزيون في أستراليا الأحد، بالإضافة إلى عرض مقتطفات من المقطع أمس الاثنين على إحدى القنوات الإخبارية في جنوب أفريقيا. وجرى تصوير الفيديو بمعاونة متخصصين أميركيين في منزل أرنولد عم بيستوريوس، حيث يمكث العداء الشاب. ويظهر الفيديو العداء مبتور الساقين وهو يجري على ساقيه البديلتين ويحمل مسدسا وهميا، ثم يصرخ قائلا: «ريفا.. اتصلي بالشرطة».
وأعاد بيستوريوس تمثيل إطلاقه أربع رصاصات عبر باب الحمام المغلق، ثم ظهرت أخته إيمي وهي تنحني على المرحاض، وهو نفس الوضع الذي عثر على ستينكامب فيه، ثم حملها بيستوريوس ونزل بها على الدرج.
كما تضمن مقطع الفيديو لقطات يظهر فيها بيستوريوس وهو يقول: «يا إلهي.. ساعدني.. أرجوك ساعدني!» و«ريفا! ريفا!».
ومن جانبهم، أصدر محامو الدفاع عن بيستوريوس بيانا أكدوا فيه أن المادة التي عرضت جرى الحصول عليها بطريقة غير قانونية، واصفين مقطع الفيديو بأنه «خرق مذهل للثقة» وأنه اعتداء على خصوصية الأسرة.
ونقلت قناة «إي إن سي إيه» الجنوب أفريقية عن القناة السابعة الأسترالية أنها لن تذيع تصوير فيديو جرى الحصول عليه بطريقة غير قانونية.
ومن جانبه قال ناثي مانكيوب المتحدث باسم هيئة الادعاء العام الوطنية، إن الادعاء لم يطلع على الفيديو، مشيرا إلى أنه لم يعرض في المحكمة. وكانت المحاكمة بدأت في الثالث من مارس الماضي وهي الآن في مراحلها الأخيرة. وأرجأت المحكمة النطق بالحكم، حيث إنها من المتوقع أن تنهي القضية اليوم الثلاثاء. وسيجري إمهال هيئتي الدفاع والادعاء عدة أسابيع لتقديم مرافعاتهم النهائية التي من المقرر أن تصدر القاضية ثوكوزيلي ماسيبا حكمها بعدها.
يذكر أن بيستوريوس الذي تعرض لبتر ساقيه بينما كان رضيعا بسبب عيب خلقي، هو أول عداء ينافس رياضيين أصحاء في أولمبياد لندن 2012. وفي حال أدين بيستوريوس بجريمة القتل العمد، فقد يواجه عقوبة السجن مدى الحياة، وهو ما يعني قضاء 25 عاما على الأقل في السجن.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».