انتهاء ثلاثة أيام من «العزلة الإلكترونية»

تهديدات بمقاضاة حكومة العبادي بسبب قرار قطع الإنترنت

TT

انتهاء ثلاثة أيام من «العزلة الإلكترونية»

تراجعت حكومة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، أمس، عن قطع شبكة الإنترنت بعد أن عمدت إلى تعطيلها لثلاثة أيام عن عموم البلاد. ولم تصدر الحكومة أي توضيح للأسباب التي دعتها إلى هذا الإجراء، لكن المسؤولين في وزارة الاتصالات تحدثوا عن عطل في الكابل الناقل للإنترنت في الجنوب، ما شككت به جهات سياسية وحقوقية لوجود نحو 5 منافذ وبوابات حدودية تمر من خلالها خطوط الإنترنت إلى البلاد.
وجاء هذا الإجراء غير المسبوق في ظل تنامي موجة الاحتجاجات في محافظات الوسط والجنوب ضد نقص الخدمات وتدني معدلات تجهيز المنازل بالطاقة الكهربائية مع اشتداد موجة الحر. وتميل غالبية الآراء إلى أن قطع النت أريد به إضعاف حركة الاحتجاجات الشعبية والتأثير على فاعليتها من خلال الحيلولة دون تواصل المحتجين ونشرهم للصور والفيديوهات الناقلة للاحتجاجات عبر الشبكة ومواقع التواصل المختلفة.
ولم يسبق أن أقدمت أي حكومة عراقية على هذا النوع من التدبير باستثناء قيام حكومة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي بحجب موقع «فيسبوك» في 2013 بعد موجة احتجاجات مماثلة ضد حكمه. وتركت عملية قطع الإنترنت استياء شعبياً واسعاً وتسببت بأضرار فادحة لشركات الصيرفة والبنوك وحركة التجارة، إذ أضحت خدمة الإنترنت تدخل في مختلف مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وأعلنت مجموعة محامين وشركات أهلية عزمها رفع دعاوى قضائية ضد الحكومة العراقية.
ويقول المحامي محمد الساعدي لـ«الشرق الأوسط» الذي قرر رفع دعوى قضائية ضد وزارة الاتصالات بالاشتراك مع مجموعة محامين، لأنها «الجهة المسؤولة عن القطع الذي تسبب بأضرار كبيرة للمواطنين العاديين وحركة الأسواق وأغلب التعاملات المالية والاجتماعية بين المواطنين». وتسبب قطع شبكة الإنترنت بإيقاف غالبية التعاملات المالية في المصارف الأهلية والحكومية وأربك حجوزات السفر كما أوقف عمل آلاف المواقع المتعلقة بالتسوق الإلكتروني ومئات المواقع الإعلامية وحركة الصحافة بشكل عام.
واعتبرت عضو اللجنة الاقتصادية السابقة نورة البجاري أن «وقف منظومة الإنترنت كان مقصوداً، وكلف الشركات الأهلية والمصارف مبالغ مالية كبيرة جداً».
ورأى «تحالف المادة 38» من الدستور (تتعلق بالحريات الشخصية) أن قطع شبكة الإنترنت «خرق فاضح لحرية التعبير ومخالفة صريحة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ما يؤدي إلى عزل تام للمجتمع وعودة مرفوضة لممارسات النظام الديكتاتوري».
وطالب التحالف المؤلف من منظمات حقوقية ومدنية في مؤتمر صحافي، أمس، بـ«محاكمة المسؤولين كافة عن سقوط الشهداء (بين صفوف المحتجين) في محاكمات علنية وتعويض ذويهم». كما دعا الحكومة إلى الاستجابة لمطالب المحتجين.
واعتبر رئيس «مرصد الحريات الصحافية» زياد العجيلي أن «قطع الإنترنت غير قانوني ويجب محاسبة المسؤولين عن هذا الإجراء الظالم». واستغرب لجوء السلطات إلى هذا «الإجراء المتعسف». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة الناس هي المطالبة بالخدمات، فتأتي السلطات وتضيف إلى همومهم قطع خدمة الإنترنت». ورأى أن «هذا الإجراء أضر كثيراً بسمعة العبادي، وأتوقع أن تؤثر كثيراً على حظوظه في الفوز بولاية ثانية».
وقالت «جمعية الدفاع عن حرية الصحافة» إن قطع خدمة الإنترنت في العراق «يهدد الأمن الوظيفي للصحافيين ويوقف أكثر من مائة وكالة وموقع إخباري». وذكرت في بيان، أمس، أن «قطع خدمة الإنترنت بشكل كلي في العراق من قبل الحكومة ينذر بإيقاف عشرات المواقع والوكالات الخبرية والصحف الإلكترونية عن العمل»، معتبرة أن قطع خدمة الإنترنت «خرق دستوري فاضح يخالف المادة 38 من الدستور الذي كفل حرية الإعلام والإعلان والنشر بأشكاله كافة». ولوحت الجمعية بحقها القانوني في «مقاضاة رئيس الوزراء بعد التنسيق مع وسائل الإعلام الإلكترونية، لاتخاذه قرار قطع الإنترنت».


مقالات ذات صلة

«تعفن الدماغ»... ما علاقته باستخدام الإنترنت ومواقع التواصل؟

صحتك قضاء ساعات طويلة في تصفح الإنترنت قد يصيبك بـ«تعفن الدماغ» (رويترز)

«تعفن الدماغ»... ما علاقته باستخدام الإنترنت ومواقع التواصل؟

تُعرف «أكسفورد» تعفن الدماغ بأنه «التدهور المفترض للحالة العقلية أو الفكرية للشخص»

ماري وجدي (القاهرة)
يوميات الشرق التدهور المفترض للحالة العقلية أو الفكرية للشخص في العصر الحديث يحدث نتيجة الإفراط في استهلاك الإنترنت وفقاً لـ«أكسفورد» (أ.ب)

«تعفن الدماغ»... كلمة عام 2024 من جامعة أكسفورد

اختيرت كلمة «تعفن الدماغ» لتكون كلمة عام 2024 في «أكسفورد».

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا كابل الاتصالات البحري «سي ليون 1» أثناء وضعه في قاع بحر البلطيق عام 2015 (أ.ف.ب)

بدء إصلاح كابل بيانات متضرر في بحر البلطيق

 بدأ إصلاح كابل اتصالات بحري متضرر بين هلسنكي وميناء روستوك الألماني في بحر البلطيق، الاثنين.  

«الشرق الأوسط» (كوبنهاغن)
المشرق العربي أطفال انفصلوا عن شقيقهم بعد فراره من شمال غزة ينظرون إلى صورته على هاتف جوال (رويترز)

انقطاع كامل للإنترنت في شمال غزة

أعلنت شركة الاتصالات الفلسطينية (بالتل)، اليوم (السبت)، عن انقطاع كامل لخدمات الإنترنت في محافظة شمال قطاع غزة، بسبب «عدوان الاحتلال المتواصل».

«الشرق الأوسط» (غزة)
يوميات الشرق حبُّ براد بيت سهَّل الوقوع في الفخ (رويترز)

«براد بيت زائف» يحتال بـ325 ألف يورو على امرأتين «مكتئبتين»

أوقفت الشرطة الإسبانية 5 أشخاص لاستحصالهم على 325 ألف يورو من امرأتين «ضعيفتين ومكتئبتين»... إليكم التفاصيل.

«الشرق الأوسط» (مدريد)

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.