إيران والخوف من عاصفة العقوبات

إيران والخوف من عاصفة العقوبات
TT

إيران والخوف من عاصفة العقوبات

إيران والخوف من عاصفة العقوبات

«إنها عاصفة آتية باتجاهنا، وستعصف بحياتنا، ولا يجدي نفعاً إنكار ذلك»؛ هذا ما قاله وزير الصحة الإيراني، أثناء تعليقه أول من أمس عن أثر العقوبات الأميركية على إيران. حسن قاضي زاده هاشمي، المعروف في الأوساط السياسية بخلافاته مع وجوه الحكومة قال: «إننا مخيرون بين طريقين؛ إما أن ننكر الأمر الواقع، ونقول إن كل شيء بسلام، حتى تذرنا العاصفة هشيماً، وإما أن نقبل أن العاصفة آتية لا ريب فيها».
وفيما أشار قاضي زاده هاشمي إلى أهمية سَلْك الطريق الثانية، يبدو أن الحكومة والأجهزة الرسمية ما زالت تصر على الطريق الأولى. إنها ما زالت تؤكد أن العقوبات لن تؤثر سلبياً على الاقتصاد وعلى الشارع، ولن تستطيع ثني عزيمة الشعب الإيراني؛ إنها شعارات تعود عليها الشارع الإيراني، لكن الحكومة ذهبت إلى ما وراء الشعارات، فنشرت عبر وكالات أنبائها الرسمية أخبارا تشير إلى أن دخل العائلة الإيرانية يغلب على مصروفها، لأول مرة خلال العقدين الأخيرين.
على الورق، تقدم الحكومة كل ما يلزم من أرقام لتقول إن الأمور على ما يرام، لكن السوق الإيرانية تتكلم بنبرة أخرى.
على أعتاب العاصفة، التي باتت على الأبواب، فإن الاقتصاد الإيراني ليس بحال جيدة. الذهب يعاود الارتفاع المطرد، ويرى الخبراء أنه سيشهد موجة ارتفاع كبيرة مع بدء الدفعة الأولى من ماراثون العقوبات التي تستهدف من بين كل ما تستهدف تجارة الذهب مع إيران. أمس (الأحد) سجل الذهب ارتفاعا ملحوظا، وصل إلى 6 في المائة، خلال جلسة واحدة، بعدما سجل ارتفاعا بنحو 5 في المائة.
بدوره، يتجه الدولار نحو العودة إلى مضمار تحطيم الأرقام القياسية. لقد كان أمس (الأحد) عند 8400 تومان، مرتفعا 300 تومان في جلسة واحدة. وسوق الأسهم التي كانت قد بلغت مستويات قياسية خلال الشهر الماضي فقدت خلال جلستين 4 في المائة من قيمتها، وسط تشاؤم تام بين الخبراء حول مستقبلها. أما على صعيد الطعام فقد سجل الدجاج أرقاما قياسية، فبلغ 9200 تومان للكيلو الواحد؛ مسجلا نحو 80 في المائة من الارتفاع خلال عام واحد، وهذا هو شأن الألبان والغلال.
وسط هذا، تقول الحكومة، إن معدل التضخم لا يزال أقل من 10 في المائة، لكن خبراء مستقلين على رأسهم عالم الاقتصاد ستيف هانك يؤكدون أن معدل التضخم بلغ في إيران 132 في المائة، والشارع يصدق ذلك. الشارع يجهز نفسه للأسوإ، فالكل في الأزقة يتكلم عن نفق مظلم بعد بدء العقوبات؛ الخبراء يتوقعون أكبر قفزة في أسعار الذهب والدولار والبضائع المنزلية، بعد بدء الموجة الأولى من العقوبات، كما يتوقعون هبوطا يشبه الانهيار في قيمة العملة الإيرانية وفي قيمة البورصة. أما الشعب فلا سبيل لديه سوى الانتظار الممزوج بالإحباط؛ وسط صيف حار يجلده بانقطاع المياه والكهرباء، فكل يوم يستيقظ المواطنون الإيرانيون على ارتفاع جديد في سعر البضائع الأساسية، وكل يوم يجلسون منتظرين أن يحل الأسوأ.
هذا الخوف والإحباط ليس من نصيب المواطنين فحسب، فوراء كل هذا البريق اللامع، ووراء كل الشعارات أن العقوبات فرصة لكي نتكل على ذاتنا ونكتفي عن العالم، ووراء كل الأرقام التي تصدر عنها لتقول إن الحال بخير، وراء كل ذلك يعرف النظام السياسي والحكومة والأجهزة الرسمية في إيران أنه لا سقف يحميها من نار العقوبات الأميركية.
أقل ما يمكن قوله إن العقوبات تمنع إيران من غالبية إيراداتها النفطية وغير النفطية، وسترفع سعر البضائع والخدمات في حال وصلت إليها، وفي هذه الحالة فإن سعر الدولار قد يبلغ 12 ألف تومان، أي 3 أضعاف السعر قبل عام.
كل ذلك يجري بمرأى من الحكومة والأجهزة الرسمية التي بدأت تتشبث بكل عشب من أجل أن تجد مخرجا من الأزمة. التقارير تشير إلى أن ولايتي الذي زار روسيا على أعتاب لقاء بين بوتين وترمب، زارها لكي يطلب من الرئيس الروسي الضغط على ترمب لتخفيف اللهجة، لكن النتائج لم تكن بالمستوى المطلوب؛ مقترح روسي بمقايضة النفط مقابل البضائع الروسية؛ هذا كل شيء؛ انتكاسة أخرى بعد انتكاسة وزير الخارجية الإيراني في الحصول على ضمانات من الاتحاد الأوروبي.
ماذا يتوقع من الحكومة وأجهزة النظام أن تفعل حيال الأمر؟
أمس (الأحد) استدعى المرشد الإيراني الحكومة إلى جلسة طارئة لبحث الأزمة. ووراء النتائج التي يعلن عنها الإعلام الرسمي، والتي تتخللها الشعارات الوطنية، يبدو أن الحكومة ستقوم ببعض الخطوات من أجل امتصاص ضربة 4 أغسطس (آب). الحكومة ستتجه نحو ضخ مزيد مما تمتلكه من العملة الصعبة لكي تتحكم بسعر الدولار، وقد تتجه إلى الاستنجاد بدولارات الحرس ودولارات الشركات البتروكيماوية. كما تتجه الحكومة نحو ضخ مزيد من البضائع المنزلية والغذاء في الأسواق لتوحي أنه لا تواجه مشكلة في توفير السلع. إلى جانب ذلك يتوقع خبراء أن تبدأ الحكومة وأجهزة النظام سلسلة من الاعتقالات ومصادرة الأموال من كبار التجار والسماسرة لتوحي أنها تكافح الفساد الذي يؤثر في ارتفاع السلع.
لكن ذلك ليس إلا رش طبقة من الطلاء على جدار آيل للانهيار. الصحيح هو ما قاله وزير الصحة الإيراني، العاصفة آتية لا ريب فيها، وستعصف بكل صغيرة وكبيرة في الاقتصاد الإيراني المرهق أساسا.



تركيا تحذر من «تغيير ديموغرافي» في كركوك

موظف عراقي يتصفح جهازاً لوحياً لإجراء التعداد السكاني (أ.ف.ب)
موظف عراقي يتصفح جهازاً لوحياً لإجراء التعداد السكاني (أ.ف.ب)
TT

تركيا تحذر من «تغيير ديموغرافي» في كركوك

موظف عراقي يتصفح جهازاً لوحياً لإجراء التعداد السكاني (أ.ف.ب)
موظف عراقي يتصفح جهازاً لوحياً لإجراء التعداد السكاني (أ.ف.ب)

حذرت تركيا من عمليات «تخل بالتركيبة الديموغرافية» لمحافظة كركوك العراقية، داعية بغداد إلى حماية حقوق المواطنين التركمان بسبب «تطورات مقلقة» في نطاق التعداد السكاني.

وقال المتحدث باسم الخارجية التركية، أونجو كيتشالي، إن أنقرة تتابع من كثب أنباء عن عمليات نقل جماعي للكرد من إقليم كردستان شمال العراق إلى كركوك قبيل إجراء التعداد السكاني، وتحذر من العبث بالتركيبة الديموغرافية في المحافظة.

وتابع كيتشالي أنه «رغم البيانات المتعلقة بالانتماء العرقي لم يتم جمعها في التعداد السكاني، فإن التنقل السكاني المكثف قد تسبب بحق في إثارة قلق التركمان والعرب».

وعد ما جرى يمثل «مخالفة ستؤدي إلى فرض أمر واقع يتمثل في ضم جماعات ليست من كركوك إلى سكان المحافظة، وسيؤثر ذلك على الانتخابات المزمع إجراؤها في المستقبل».

المتحدث باسم الخارجية التركية أونجو كيتشالي (الخارجية التركية)

وشهد العراق تعداداً سكانياً، يومي الأربعاء والخميس الماضيين، لأول مرة منذ 37 عاماً، وشمل جميع محافظات البلاد، بطريقة إلكترونية، وبمشاركة 120 ألف موظف، وسط فرض حظر للتجوال ودون تضمين أسئلة تتعلق بالانتماء العرقي والطائفي، لتجنب حدوث أي انقسام داخل المجتمع المكوّن من مكونات مختلفة، وفقاً للحكومة العراقية.

وشدد كيتشالي على أن تركيا بجميع مؤسساتها تقف إلى جانب التركمان العراقيين، وتحمي حقوقهم ومصالحهم، مضيفاً أنه «في هذا السياق، فإن سلام وأمن مواطني التركمان، الذين يشكلون جسر الصداقة بين العراق وتركيا ولديهم كثافة سكانية كبيرة في العراق، يشكلان أولوية بالنسبة لتركيا، كما أن كركوك تعد من بين الأولويات الرئيسية في العلاقات مع هذا البلد».

وقال: «نتوقع من السلطات العراقية ألا تسمح للمواطنين التركمان، الذين تعرضوا لمذابح واضطهاد لا حصر لها في القرن الماضي، بأن يقعوا ضحايا مرة أخرى بسبب هذه التطورات الأخيرة في نطاق التعداد السكاني».

وأضاف: «حساسيتنا الأساسية هي أنه لا يجوز العبث بالتركيبة الديموغرافية التي تشكلت في كركوك عبر التاريخ، وأن يستمر الشعب في العيش كما اتفقت عليه مكونات المحافظة».

السلطات العراقية قالت إن التعداد السكاني يهدف إلى أغراض اقتصادية (إ.ب.أ)

كان رئيس الجبهة التركمانية العراقية، حسن توران، قد صرح الأربعاء الماضي، بأن 260 ألف شخص وفدوا من خارج كركوك وتم إدراجهم في سجلات المحافظة، بهدف تغيير التركيبة السكانية قبيل إجراء التعداد السكاني العام.

ونقلت وكالة «الأناضول» التركية عن توران أنهم رصدوا استقدام أعداد كبيرة من العائلات الكردية من محافظتي أربيل والسليمانية إلى مدينة كركوك قبيل إجراء التعداد السكاني، وطالب بتأجيل إعلان نتائج تعداد كركوك لحين فحص سجلات تعداد 1957 الخاص بمدينة كركوك.

بدوره، أكد محافظ كركوك، ريبوار طه، أن «مخاوف أشخاص وجهات (لم يسمها) حول التعداد لا مبرر لها»، وقال في مؤتمر صحافي، إن التعداد يهدف «لأغراض اقتصادية وسيحدد السكان الحقيقيين، مما يساهم في تحسين الموازنة»، على حد قوله.