على سلسلة الجبال الحدودية في أقصى الشمال الشرقي من محافظة السليمانية، يعيد حزب «الحياة الحرة» الكردستاني، المعروف اختصاراً بـ(بجاك) والمناهض لإيران، إعادة ترتيب أوراقه السياسية والعسكرية، بعد نقله مؤخراً كثيرا من مقاره القيادية وقواعده العسكرية المهمة من جبال قنديل، تفاديا للضربات الجوية التركية التي تستهدف منذ أواخر مارس (آذار) الماضي معاقل «حزب العمال الكردستاني» هناك.
ويقول الحزب الذي يوصف بكونه الجناح الإيراني لـ«حزب العمال الكردستاني» والذي انتخب مؤخراً زعيماً شاباً هو سيامند معيني، خلفاً لزعيمه الهرم حاجي أحمد، إن نقل بعض من قواعده إلى سلاسل جبال «ماوت» الحدودية الفاصلة بين إقليم كردستان العراق وإيران، يندرج فقط في إطار متطلبات عملية تأهيل وتدريب العشرات من كوادره الجدد فكرياً وعسكرياً، والاستعداد لوجيستياً للتحولات السياسية المرتقبة في إيران.
وخلال زيارة لأحد المقار القيادية للحزب قرب الحدودية الشمالية الشرقية الفاصلة بين العراق وإيران، التقت «الشرق الأوسط» فؤاد بريتان الرئيس المشترك للهيكل التنظيمي للحزب المعروف بـ«المجتمع الديمقراطي الحر في شرق كردستان» (يُعرف اختصاراً بـ«كودار»)، الذي أوضح أن «الوضع الجديد تطلب نقل بعض مقارنا وقواعدنا إلى هذه المنطقة الجبلية الحدودية، ليتسنى تدريب كوادرنا ومقاتلينا الجدد وتأهيلهم فكرياً وعسكرياً، لا سيما وأن هذه المواقع هي الأقرب إلى المناطق الكردية التي يتمتع فيها حزبنا بشعبية جماهيرية واسعة». وشدد بريتان على أن الآلاف من مقاتلي الحزب انتشروا مؤخراً في إطار خطط عسكرية جديدة في المناطق الكردية في العمق الإيراني، بدءاً من مدينة ماكو، مروراً بمحافظة أورمية وسنه وخوي ومريوان وكوسالان ودالاهو وسردشت، وصولاً إلى كرماشان ومهاباد. وتابع أن مقاتلي الحزب «هم الآن في حالة تأهب قصوى لمواجهة قوات النظام الإيراني إذا تجرأت على الاعتداء على المواطنين الأكراد».
وتابع بريتان: «حزبنا ما زال في هدنة مع النظام الإيراني، بموجب الاتفاق الذي أبرمه مع حكومة إقليم كردستان قبل عشر سنوات، الذي ينص على أن تكف إيران عن قصف القرى الكردية الحدودية في سفوح جبال قنديل، مقابل تجميد حزبنا لأنشطته القتالية. لكن نظام طهران يتعمد منذ أشهر انتهاك ذلك الاتفاق، عبر قصف مواقع وجود مقاتلي حزبنا، وملاحقة أنصاره واعتقالهم، ومن ثم إعدامهم بشكل وحشي، وحالياً هناك العشرات من مؤيدي وكوادر حزبنا وتنظيماته معتقلون في السجون الإيرانية ويواجهون خطر الإعدام في أي لحظة».
وفي رده على سؤال حول أهمية وجدوى ذلك العدد الكبير من مسلحي الحزب، ما دام مقتنعاً بالهدنة مع نظام طهران، قال بريتان إن «قواتنا تشكّلت من أجل الدفاع عن المواطنين الكرد في حال أعلن النظام الحرب ضدهم، لا من أجل خوض حرب شاملة على النظام الحاكم، بمعنى أننا في موضع الدفاع عن شعبنا ووجوده على أرضه وحسب».
وفيما يتعلق باحتمالات تعرض إيران لضربة عسكرية خارجية بهدف الإطاحة بالنظام الحاكم، وموقف حزب «بجاك» حيال ذلك، قال بريتان إن «حزبنا له مشروعه الخاص بشأن مستقبل إيران وشعوبها، لذا فإنه يهيئ مقاتليه منذ الآن لخوض حرب شاملة ومتعددة الأطراف، كي يكون طرفاً رئيسياً وفاعلاً في عملية التغيير المنشود في البلاد، على أيدي الشعوب الإيرانية ذاتها، لا عن طريق قوى خارجية، لأن أي تدخل عسكري خارجي في عملية إحداث التغيير سيحوّل إيران إلى سوريا ثانية أو أفغانستان أخرى، خصوصا أن التدخل الأميركي والغربي في كل من العراق وسوريا لم يأت بأي حلول جذرية للقضية الكردية».
ويعتبر بريتان أن جوهر المشروع الذي يتبناه حزبه لتحقيق التغيير، يستند أساساً إلى تكثيف التعبئة الجماهيرية ضد النظام، في كل أرجاء إيران، وتكاتف قوى المعارضة بشتى تلاوينها بهذا الاتجاه، بموازاة توسيع نطاق التعبئة المسلحة والاستمرار في ممارسة الضغوط على النظام، من خلال تصعيد وتيرة الاحتجاجات الشعبية الناقمة التي سترغم النظام بلا شك على الاستجابة لمطالب التغيير الديمقراطي في نهاية المطاف.
وعن أسباب عدم انضمام حزبه إلى جبهة المعارضة الإيرانية، إلى جانب منظمات مثل «مجاهدين خلق» و«الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني» وحزب «الكوملة» وفروعه المتعددة، قال بريتان إن «تلك القوى لا تحمل مشروعاً سياسياً واضحاً بخصوص إيران المستقبل، بل تنادي بالإطاحة بالنظام الحالي فقط، والاستحواذ بعد ذلك على مقاليد الحكم في البلاد، وعند ذلك سيتحول تنظيم مجاهدين خلق إلى نموذج يشبه النظام الحالي، وتبقى القضية الكردية تدور في حلقة مفرغة». وانطلاقاً من ذلك، يقول بريتان: «غيّر حزبنا من نهجه السياسي ووسّع من أطره لتتخطى مجرد المطالبة بحقوق الشعب الكردي إلى المطالبة بحقوق البلوش والآذريين والعرب وسائر الشعوب الإيرانية، وقد بلور مشروعات بهذا الشأن للتلاحم بين الكرد والآذريين وتحقيق التعايش المستقبلي بينهما، وسنعلن خلال الأيام القادمة عن مشروع الحزب بخصوص مستقبل القضية الكردية في إيران ليطلع عليه الرأي العام الكردي والعالمي».
حزب كردي إيراني يعيد انتشاره على حدود العراق ويدعو إلى «تغيير من الداخل»
قيادي في «بجاك» لـ«الشرق الأوسط»: الحزب يحضّر مقاتليه لـ«حرب شاملة ومتعددة الأطراف»
حزب كردي إيراني يعيد انتشاره على حدود العراق ويدعو إلى «تغيير من الداخل»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة