تمديد المفاوضات بين فرقاء جنوب السودان لمعالجة الخلافات

وزير الإعلام في جوبا: التوقيع على وثيقة الاتفاق قد يتم الأسبوع المقبل

TT

تمديد المفاوضات بين فرقاء جنوب السودان لمعالجة الخلافات

مدد فريق الوسطاء السوداني جولة المفاوضات بين فرقاء جنوب السودان إلى الأربعاء المقبل، وذلك قصد معالجة الخلافات حول قرار اقتسام السلطة، الذي تم الاتفاق عليه في أوغندا الأسبوع الماضي. ويتوقع أن يشهد زعماء ورؤساء حكومات هيئة الإيقاد حفل التوقيع على الاتفاق في الخرطوم.
وتأجلت الجولة التي كان من المقرر أن تنتهي في التاسع من يوليو (تموز) الحالي إلى الثالث عشر منه. لكن تعثر الاتفاق حول تقاسم السلطة بعد أن رفضت المعارضة مقترح قمة عنتبي، التي قادها الرئيسان الأوغندي يوري موسيفيني والسوداني عمر البشير، وحضرها رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت وزعيم حركة التمرد الرئيسية ريك مشار. كما أن سفر الرئيس عمر البشير إلى موسكو كان سبباً آخر في تأجيل المحادثات إلى الأربعاء المقبل.
وقال مايكل مكواي، وزير الإعلام في جنوب السودان والمتحدث باسم الحكومة، إنه جرى تمديد المحادثات للأربعاء المقبل، بغية «إعطاء الأطراف وقتاً للتوصل إلى اتفاق، وأن تحكم الوساطة صياغة الاتفاق لأن وثيقة الاتفاقية ليست جاهزة. كما أن الرئيس السوداني عمر البشير يقوم بزيارة رسمية إلى موسكو»، مبرزاً أن وثيقة الاتفاق ستكون جاهزة للتوقيع بمجرد عودة البشير إلى الخرطوم، وأن التوقيع قد يتم خلال الأسبوع المقبل.
من جانبه، قال الدكتور مارتن آليا لومورو، وزير شؤون مجلس الوزراء ووزير خارجية جنوب السودان بالوكالة، إنه من المفترض أن يتوجه نظيره السوداني الدريدري محمد أحمد إلى كمبالا لإجراء لقاء مع الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني بشأن اتفاق السلام، مبرزاً أنه سيغادر إلى جوبا مع مستشار الرئيس نيال دينق نيال لإطلاع الرئيس سلفا كير ميارديت على الخطوة الأخيرة بشأن اتفاق السلام.
بدوره، قال توقع في حركة التمرد، التي يتزعمها ريك مشار، أن تقدم الوساطة السودانية مقترحات جديدة بشأن ملف تقاسم السلطة، لكنه أبرز في المقابل أن تمديد البرلمان للرئيس سلفا كير ميارديت لثلاث سنوات ستقوض محادثات السلام في الخرطوم.
وكان مقترح عنتيبي قد نص على تخصيص أربعة نواب رئيس، وزيادة عدد وزراء الحكومة من 30 إلى 45 وزيراً، وتعيين 10 نواب وزراء، وزيادة عدد مقاعد البرلمان من 400 إلى 550 مقعداً، مع الإبقاء على عدد الولايات الحالي (32 ولاية)، بدلاً من 10 ولايات الذي كان معمولاً به في السابق.
ورفضت مجموعة المعتقلين السابقين وتحالف المعارضة، الذي يضم 9 جماعات معارضة في بيان، المقترح الأوغندي، وقالت إن حركة التمرد بقيادة رياك مشار ستخضعها للمشورة.
وكان من المتوقع أن يتم التوقيع على اتفاق السلام بين فرقاء جنوب السودان يوم الأربعاء الماضي. لكن تم تأجيله إلى أول من أمس، ثم إلى مطلع الأسبوع المقبل، فيما تواجه الوثيقة، التي تم اقتراحها في عنتبي الأوغندية رفضاً من بعض أطراف المعارضة بشأن تقاسم السلطة.
في غضون ذلك، نفى وزير الإعلام والمتحدث باسم حكومة جنوب السودان وجود علاقة بين عملية السلام الجارية وتمديد فترة ولاية الرئيس سلفا كير، معتبراً أن ما تثيره المعارضة حول تمديد فترة ولاية الحكومة بأنها تقوض محادثات السلام الجارية «لا أساس له من الصحة... فالمعارضة غير راضية عن التمديد لأنها تسعى لأن تنتهي ولاية الحكومة الشهر المقبل، مما يؤدي إلى عدم شرعيتها... المعارضة لديها خططها الخاصة، وهي فاشلة ومشوهة، ولذلك فهم يشكون دائماً».
واتهم مكواي فصائل المعارضة بأنها «كانت تنتظر فقط انقضاء فترة ولاية حكومة سيلفا كير في أغسطس (آب) المقبل لكي يقولوا عنها إنها حكومة غير شرعية... وهذا التمديد لا علاقة له بالمحادثات الجارية في الخرطوم».
وكان برلمان جنوب السودان قد وافق بأغلبية أعضائه على مشروع قانون لتعديل الدستور من أجل تمديد ولاية الرئيس سلفا كير وحكومته لثلاث سنوات، تنتهي في سنة 2021.



قادة غرب أفريقيا يعقدون قمة «عادية» لنقاش ملفات «استثنائية»

رئيس مفوضية «إيكواس» أليو عمر توري خلال اجتماع في مقر المنظمة بأبوجا 11 ديسمبر (د.ب.أ)
رئيس مفوضية «إيكواس» أليو عمر توري خلال اجتماع في مقر المنظمة بأبوجا 11 ديسمبر (د.ب.أ)
TT

قادة غرب أفريقيا يعقدون قمة «عادية» لنقاش ملفات «استثنائية»

رئيس مفوضية «إيكواس» أليو عمر توري خلال اجتماع في مقر المنظمة بأبوجا 11 ديسمبر (د.ب.أ)
رئيس مفوضية «إيكواس» أليو عمر توري خلال اجتماع في مقر المنظمة بأبوجا 11 ديسمبر (د.ب.أ)

يعقد قادة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، الأحد، قمة «عادية» تشارك فيها 12 دولة من أصل 15، هم أعضاء المنظمة الإقليمية، فيما يغيب قادة كل من مالي وبوركينا فاسو والنيجر التي قررت الانسحاب من المنظمة، بسبب موقف الأخيرة من الأنظمة العسكرية التي تحكم هذه الدول، والمحسوبة على روسيا.

ورغم أن هذه القمة «عادية»، فإنها توصف من طرف المراقبين بأنها «استثنائية»؛ بسبب حساسية الملفات التي سيناقشها قادة دول غرب أفريقيا، التي في مقدمتها الملفات الأمنية بسبب تصاعد وتيرة الإرهاب في المنطقة، وملف العلاقة مع الأنظمة العسكرية الحاكمة في دول الساحل، والسعي لإقناعها بالتفاوض والتراجع عن قرار الانسحاب.

قرار نهائي

وفيما يسعى قادة المنظمة الإقليمية التي ترفع شعار الاندماج الاقتصادي، لإقناع دول الساحل الثلاث بالبقاء في المنظمة، إلا أن الأخيرة أعلنت، الجمعة، أن قرارها «لا رجعة فيه»، وجدّدت اتهامها للمنظمة الإقليمية بأنها «أداة» تتحكم فيها فرنسا. وتمسّكت الدول الثلاث بالمضي قدماً في تشكيل منظمتها الخاصة، حيث أعلنت قبل أشهر إقامة «تحالف دول الساحل»، وبدأت التحضير لتحويله إلى «كونفيدرالية» تلغي الحدود بين الدول الثلاث، وتوحد عملتها وجواز سفرها، بالإضافة إلى قدراتها العسكرية والأمنية لمحاربة الإرهاب الذي يعصف بالمنطقة.

قرار انسحاب دول الساحل من منظمة «إيكواس»، يدخل حيز التنفيذ يوم 29 يناير (كانون الثاني) المقبل (2025)، فيما يسعى قادة المنظمة إلى إقناع هذه الدول بالتراجع عنه أو تأجيله على الأقل، بسبب تداعياته الاقتصادية والأمنية على المنطقة.

إلغاء التأشيرة

جانب من الاجتماع بين قادة «إيكواس» في أبوجا ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)

وقبل انعقاد قمة دول «الإيكواس» بعدة ساعات، أصدرت دول الساحل بياناً قالت فيه إنها قرّرت إلغاء التأشيرة عن مواطني جميع دول غرب أفريقيا، في خطوة لتأكيد موقفها المتمسك بقرار مغادرة المنظمة الإقليمية.

وقالت الدول الثلاث المنخرطة في كونفدرالية دول الساحل، إنها أصبحت «منطقة خالية من التأشيرات لجميع مواطني المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)». البيان الذي قرأه وزير خارجية مالي، عبد الله ديوب، عبر التلفزيون الحكومي المالي، مساء السبت، أكّد أن «لرعايا دول (إيكواس) الحق في الدخول والتنقل والإقامة والاستقرار والخروج من أراضي البلدان الأعضاء في كونفيدراليّة دول الساحل وفقاً للقوانين الوطنية السارية».

ولا يغير القرار أي شيء، حيث إن قوانين منظمة «إيكواس» كانت تنص على الشيء نفسه، وتتيح حرية التنقل والتملك لمواطني الدول الأعضاء في فضاء المجموعة الاقتصادية الممتد من السنغال إلى نيجيريا، وكان يضم 15 دولة قبل انسحاب مالي والنيجر وبوركينا فاسو.

توتر ثم قطيعة

وبدأت القطيعة بين تحالف دول الساحل ومنظمة «إيكواس» عقب الانقلاب في النيجر في يوليو (تموز) 2023، وهو الانقلاب السادس في المنطقة خلال ثلاث سنوات (انقلابان في مالي، انقلابان في بوركينا فاسو، وانقلاب في غينيا)، بالإضافة إلى عدة محاولات انقلابية في دول أخرى.

وحاولت المنظمة الإقليمية الوقوف في وجه موجة الانقلابات، وفرضت عقوبات على مالي وبوركينا فاسو، وهدّدت بالتدخل العسكري في النيجر بعد أن فرضت عليها عقوبات اقتصادية قاسية، قبل أن تُرفع تلك العقوبات لاحقاً.

وتضامنت مالي وبوركينا فاسو مع النيجر، وأعلنت أن أي تدخل عسكري في النيجر يُعدّ انتهاكاً لسيادتها وسيجعلها تتدخل لدعم المجلس العسكري الحاكم في نيامي، لتبدأ مرحلة جديدة من التوتر انتهت بقرار الانسحاب يوم 28 يناير 2024.

قمة لم الشمل

قوات «إيكواس» خلال تأدية مهامها العسكرية في مالي (أرشيفية - رويترز)

من المنتظر أن يُخصّص قادة دول غرب أفريقيا حيزاً كبيراً من نقاشهم للعلاقة مع الأنظمة العسكرية الحاكمة في دول الساحل، حيث لا تزالُ المنظمة الإقليمية متمسكة بالطرق الدبلوماسية لإقناع الدول الثلاث بالتراجع عن قرار الانسحاب.

ذلك ما أكده رئيس نيجيريا، بولا تينيبو، وهو الرئيس الدوري للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، حيث أكد الأربعاء أن «الدبلوماسية والحكمة هي السبيل الوحيد لإعادة دمج هذه الدول في المنظمة الإقليمية».

وأشار الرئيس النيجيري إلى أن المجالس العسكرية التي تحكم الدول الثلاث «لا تزالُ مترددة في وضع برامج واضحة لمرحلة انتقالية محددة من أجل تسليم السلطة إلى المدنيين والعودة إلى الوضع الدستوري»، ورغم ذلك، قال تينيبو: «ستستمر علاقة الاحترام المتبادل، بينما نعيد تقييم الوضع في الدول الثلاث». وأضاف في السياق ذاته أن منظمة «إيكواس» ستترك الباب مفتوحاً أمام عودة الديمقراطية إلى البلدان المعنية، مشدداً على أن احترام المؤسسات الدستورية وتعزيز الديمقراطية «هو ما تدافع عنه المنظمة».

مفترق طرق

أما رئيس مفوضية «إيكواس»، أليو عمر توري، وهو الشخصية الأهم في المنظمة الإقليمية، فقد أكّد أن «منطقة غرب أفريقيا تقف عند مفترق طرق غير مسبوق في تاريخها كمجتمع».

وقال توري في تصريحات صحافية، الخميس، إنه «في الوقت الذي تستعد الدول الأعضاء في (الإيكواس) للاحتفال باليوبيل الذهبي لجهود التكامل الإقليمي العام المقبل، تواجه أيضاً احتمالية انسحاب بعض الدول الأعضاء»، وأضاف أنه «من الضروري التأمل في الإنجازات الكبيرة التي حققتها (إيكواس) على مدى العقود الماضية، وكذلك التفكير في مستقبل المجتمع في ظل التحديات السياسية التي تواجه شعوبنا».

وفيما يرفعُ قادة المنظمة الإقليمية خطاباً تصالحياً تجاه دول مالي والنيجر وبوركينا فاسو، تواصل الأخيرة في خطاب حاد يتهم «إيكواس» بالتبعية إلى القوة الاستعمارية السابقة (فرنسا).