تمثل المواجهة بين فرنسا وكرواتيا مباراة نهائية مفاجئة لكنها انعكاس جيد لهذه النسخة من كأس العالم فهذه البطولة كانت مليئة بالمفاجآت وشاهدنا خلالها أن النجاح يتطلب تقديم أسلوب كرة قدم مختلف يعتمد على الالتزام باللعب الجماعي والمبادئ الأساسية بدلا من المهارة الفردية واللحظات الساحرة.
فرنسا ضد كرواتيا خير من يمثل هذا التحول فكلاهما لم يتألق لكنهما حافظا على ثبات المستوى والعمل الجاد وهذا ما سيفعلانه يوم الأحد عندما يتنافسان على الجائزة الكبرى.
وتدخل فرنسا المباراة وهي المرشحة لحصد اللقب الذي سيكون الثاني في تاريخها فهي تملك فريقا متكاملا، قوي في الدفاع ومتوازن في الوسط ويستطيع اللعب بسلاسة في الهجوم، لكنها لم تقدم الكثير في البطولة بسبب الأسلوب الحذر لمدربها والرغبة في عدم تقديم أكثر مما هو مطلوب لتحقيق الفوز في كل مباراة يخوضها.
تركتني مشاهدة فريق المدرب ديدييه ديشان بشعور دائم أنه يستطيع دائما تقديم المزيد وهذا ما يجعله خطيرا فلا يمكن أن تفقد تركيزك ضده للحظة.
ولذلك يجب أن تتحلى كرواتيا بالصبر وعدم ترك المساحات في الدفاع كما فعلت في الشوط الأول ضد انجلترا في الدور قبل النهائي، فدفاعها كان مفتوحا بشكل لا يصدق والحقيقة أنها كانت محظوظة بخروجها متأخرة 1-صفر فقط لكنها أظهرت نضجا هائلا ومرونة في الشوط الثاني وعلى العكس من فرنسا تستطيع تقديم كل ما لديها وستضغط على فريق ديشان حتى النهاية.
وستسعى كرواتيا لتحويل النهائي إلى مواجهة بدنية فهذا النوع من المباريات يحبه لاعبوها وأكثرهم ماريو مانزوكيتش فقد لعبت معه في فولفسبورج وبجانب أن لمسته الأخيرة أمام المرمى جيدة فهو يجتهد في التدريبات كما يفعل في المباريات ويتحرك باستمرار ويجعل الأمور صعبة على المدافعين الذين يواجهونه بجانب استعداده للدخول في كل التحديات فهو لا يخاف.
ويحب اللاعب أنتي ريبيتش نفس طريقة مانزوكيتش فقد شاهدته كثيرا في الدوري الألماني مع إينتراخت فرانكفورت وهو مهاجم آخر يحب المواجهات البدنية وسيقود مع مانزوكيتش خط الهجوم ويحددان إيقاع الفريق كله كما فعل مانزوكيتش ضد إنجلترا بتقديم اللمسات القاتلة في الأوقات المهمة.
لا يوجد أي شك في من كان أفضل لاعبي كرواتيا فقد قدم لوكا مودريتش أداء رائعا خلال البطولة خاصة في الشوط الثاني ضد إنجلترا عندما أحكم قبضته مع إيفان راكيتيتش على المباراة.
سبق أن لعبت ضد مودريتش خلال فترتي في وست هام عندما كان يلعب في توتنهام وما زلت أشعر بصدمة من هذه التجربة فلم استطع الاقتراب منه كان يمرر الكرة عندما يحتاج إلى التمرير ويراوغ عندما يكون بحاجة لذلك ولم يخطئ في أي تحرك طيلة 90 دقيقة.
كما الملفت للنظر في أداء مودريتش في هذا اليوم باستاد وايت هارت لين هو كيف يحمي استحواذه على الكرة ومثلما كان الحال مع أندريس إنيستا وتشابي فهو يعوض افتقاره للحجم وطول القامة بوضع جسده أمام المنافس بطريقة صحيحة ربما لا يبدو الأمر كذلك لكنه يصنع فارقا هائلا.
وسيكون هناك لاعب آخر جيد في هذا الأمر وهو نجولو كانتي فهو مثل مودريتش لاعب وسط قوي وبالنسبة لي أفضل لاعبي فرنسا في البطولة فتمركزه وتدخلاته كانت ممتازة باستمرار ومهمة في حصول كيليان مبابي وأنطوان جريزمان على منصة للانطلاق منها فهما يعرفان أنهما يستطيعان التقدم للهجوم حيث هناك من يحمي ظهرهما ويلعب بمستوى ثابت.
وبالنظر إلى أنه كان يلعب بهذا الأسلوب فأنا واثق من أن ديشان يقدر ما يقدمه كانتي لفرنسا وسيكون حاسما في معركة مهمة في خط الوسط في موسكو ومن سيفوز فيها سيكون الأقرب للانتصار في المباراة.
بالنسبة للعديد من الجماهير فهذه كانت كأس عالم رائعة لكني اختلف في هذا التقييم فقد كانت غير متوقعة ومثيرة وممتعة لكن في المجمل هناك افتقار للكفاءة بالمقارنة بالمستوى الذي يظهر في دوري أبطال اوروبا.
وكانت بطولة تعتمد على العمل الجماعي وليس مدى قوة كل فريق والدليل على ذلك بلوغ الفريقين النهائي بالإضافة إلى وصول إنجلترا إلى الدور قبل النهائي بالتأكيد.
ويستحق المدرب غاريث ساوثغيت وفريقه الإشادة بالوصول إلى الدور قبل النهائي لكن الأهم بإعادة تواصل الجماهير الإنجليزية مع المنتخب الوطني بينما فقدنا نحن هذا الشيء قليلا في ألمانيا لذا لو كنت إنجليزيا اعتز بذلك عندما تفكر في هذه البطولة.
أما أنا فقد استمتعت بالبطولة واتطلع لمشاهدة النهائي سيكون مذهلا.
تحليل: فرنسا ليست أقوى من كرواتيا... ومعركة خط الوسط تحدد البطل
العمل الجماعي تفوق على سحر المهارة الفردية لذلك يعد طرفي النهائي أفضل ممثلين لهذا التحول
تحليل: فرنسا ليست أقوى من كرواتيا... ومعركة خط الوسط تحدد البطل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة