وكالة الطاقة: احتياطي إنتاج النفط العالمي «ربما استنفد بالكامل»

«أوبك» تؤكد أن تقلب السوق «أمر غير مرغوب»

وكالة الطاقة الدولية قالت إن حالات تعطل الإنتاج تبرز الضغط الذي تتعرض له الإمدادات العالمية (رويترز)
وكالة الطاقة الدولية قالت إن حالات تعطل الإنتاج تبرز الضغط الذي تتعرض له الإمدادات العالمية (رويترز)
TT

وكالة الطاقة: احتياطي إنتاج النفط العالمي «ربما استنفد بالكامل»

وكالة الطاقة الدولية قالت إن حالات تعطل الإنتاج تبرز الضغط الذي تتعرض له الإمدادات العالمية (رويترز)
وكالة الطاقة الدولية قالت إن حالات تعطل الإنتاج تبرز الضغط الذي تتعرض له الإمدادات العالمية (رويترز)

قالت وكالة الطاقة الدولية، أمس، إن احتياطي إمدادات النفط العالمية ربما استنفد بالكامل بسبب حالات تعطل الإنتاج الممتدة لفترات طويلة، مما يدعم الأسعار ويهدد نمو الطلب.
وارتفعت أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها منذ 2014 في الأسابيع الأخيرة جراء الانخفاض المتوقع في صادرات الخام الإيرانية هذا العام بسبب تجدد العقوبات الأميركية، بجانب تراجع إنتاج فنزويلا، وتعطل إمدادات في ليبيا وكندا وبحر الشمال.
وفي ظل شح المعروض، قامت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وبعض كبار المنتجين خارجها، ومن بينهم روسيا، بتخفيف اتفاقهم لخفض الإنتاج، حيث تعهدت السعودية بدعم السوق.
وقالت وكالة الطاقة الدولية، ومقرها باريس، في تقريرها الشهري لأسواق النفط إن هناك بالفعل مؤشرات «مبشرة جدا» على أن إنتاج كبار المنتجين يزيد وقد يبلغ مستوى قياسيا. لكن الوكالة قالت إن حالات تعطل الإنتاج تبرز الضغط الذي تتعرض له الإمدادات العالمية في الوقت الذي قد يكون فيه احتياطي الطاقة الإنتاجية الفائضة العالمي قد استنفد بالكامل.
وتشير الطاقة الإنتاجية الفائضة إلى قدرة المنتج على زيادة الإنتاج في وقت قصير نسبيا، ومعظمها في الشرق الأوسط. وتقول وكالة الطاقة إن إنتاج «أوبك» من الخام في يونيو (حزيران) الماضي بلغ أعلى مستوى في 4 أشهر عند 31.87 مليون برميل يوميا. وبلغ فائض الطاقة الإنتاجية في منطقة الشرق الأوسط في يوليو (تموز) الحالي 1.6 مليون برميل يوميا، وهو ما يعادل نحو اثنين في المائة من الإنتاج العالمي.
ويواصل الإنتاج من خارج «أوبك» الارتفاع أيضا، بما في ذلك إنتاج النفط الصخري الأميركي المتزايد، لكن الوكالة تقول إن ذلك قد لا يكون كافيا لتهدئة المخاوف. وأضافت: «نقطة الضعف هذه تدعم حاليا أسعار النفط، ويبدو من المرجح أن تواصل ذلك. لا نرى أي مؤشر على ارتفاع الإنتاج من أماكن أخرى قد يهدئ المخاوف من شح المعروض في السوق».
وأبقت وكالة الطاقة على توقعاتها لنمو الطلب على النفط في 2018 عند 1.4 مليون برميل يوميا، لكنها حذرت من أن ارتفاع الأسعار قد يخفض الاستهلاك. وقالت إن «ارتفاع الأسعار يتسبب في استمرار مخاوف المستهلكين في كل مكان من أن تتضرر اقتصاداتهم. في المقابل قد يكون لهذا أثر ملحوظ على نمو الطلب النفطي».
وقالت وكالة الطاقة إن صادرات نفط إيران قد تنخفض أكثر كثيرا من المقدار البالغ 1.2 مليون برميل يوميا المسجل في الجولة السابقة من العقوبات الدولية. وتصدر إيران نحو 2.5 مليون برميل يوميا من النفط يذهب معظمها إلى آسيا.
وذكرت وكالة الطاقة الدولية أن الصين والهند، ثاني وثالث أكبر مستهلكي النفط في العالم، قد تواجهان «تحديات كبيرة» في العثور على نفط خام بديل بعد انخفاض صادرات النفط الإيرانية والفنزويلية. وقالت الوكالة إن صادرات الخام الإيرانية إلى أوروبا انخفضت نحو 50 في المائة في يونيو الماضي؛ حيث توقف شركات التكرير على نحو تدريجي مشترياتها قبل بدء سريان العقوبات الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
من جهة أخرى، قال سهيل المزروعي، رئيس منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) مساء أول من أمس إن تقلب سوق الخام أمر غير مرغوب، وإن المنظمة تفضل مناخا أكثر استقرارا للأسعار.
وجاءت تصريحات المزروعي بعدما تكبدت أسعار النفط كبرى خسائرها اليومية في عامين. وأضاف رئيس «أوبك» أن المنظمة وبعض كبار المنتجين خارجها يعكفون على خطة طويلة الأمد لبناء طاقة إنتاجية فائضة تحمي السوق من أي تعطل غير متوقع للإمدادات.
وحين أعادت ليبيا فتح موانئ رئيسية لتصدير النفط أول من أمس، هبطت أسعار الخام العالمية بشدة، حيث هوت العقود الآجلة لخام القياس العالمي «برنت» 6.92 في المائة، مسجلة أكبر هبوط يومي في عامين. وقال المزروعي متحدثا لـ«رويترز» على هامش مناسبة لمجلس الأعمال الكندي - الإماراتي في كالغاري: «التقلب ليس جيدا، ولا نود رؤية كثير من التقلبات في الأسعار».
وقال المزروعي إن التقلبات ستستمر ما دام هناك غياب لخطة طويلة الأجل للإنتاج. وأضاف أن «أوبك» والمنتجين غير الأعضاء يعملون على هذه الخطة طويلة الأجل من أجل استقرار السوق». وفي حين لا يمكن للمنظمة توجيه الدول بالاستثمار لزيادة الإنتاج، فقد قال المزروعي إن وجوده في كندا يهدف إلى تعزيز الاستثمار في استكشاف النفط وإنتاجه. وتابع: «أنا واثق بأننا لدينا طاقة إنتاجية فائضة تكفي لتلبية الهدف الذي تبنته (أوبك) والمنتجون غير الأعضاء».


مقالات ذات صلة

الاقتصاد مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)

صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

كشف الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش أن الولايات المتحدة تخطط لفرض عقوبات على المورد الرئيسي للغاز لصربيا الذي تسيطر عليه روسيا.

«الشرق الأوسط» (بلغراد)
الاقتصاد شعار «إينيوس» في المقر الرئيس للشركة (رويترز)

«سينوك» الصينية للنفط تبيع أصولها في الولايات المتحدة لـ«إينيوس» البريطانية

باعت شركة «سينوك» الصينية المحدودة شركتها التابعة في الولايات المتحدة إلى مجموعة الكيميائيات البريطانية «إينيوس».

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)

النفط يسجل أول مكاسب أسبوعية منذ نهاية نوفمبر

ارتفعت أسعار النفط قليلاً يوم الجمعة متجهة صوب تسجيل أول مكاسب أسبوعية منذ نهاية نوفمبر الماضي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد منظر عام لمقر شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) في أبوظبي (رويترز)

رئيس الإمارات يوافق على تشكيل مجلس إدارة ذراع الاستثمار العالمية لـ«أدنوك»

وافق رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على تشكيل مجلس إدارة شركة «إكس آر جي (XRG)»، الذراع الاستثمارية الدولية الجديدة لشركة «أدنوك».

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)

«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
TT

«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)

بعد أسبوعين من المباحثات المكثفة، وضع «مؤتمر الأطراف السادس عشر (كوب 16)» لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الذي يعدّ الأكبر والأوسع في تاريخ المنظمة واختتم أعماله مؤخراً بالعاصمة السعودية الرياض، أسساً جديدة لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً، حيث شهد المؤتمر تقدماً ملحوظاً نحو تأسيس نظام عالمي لمكافحة الجفاف، مع التزام الدول الأعضاء باستكمال هذه الجهود في «مؤتمر الأطراف السابع عشر»، المقرر عقده في منغوليا عام 2026.

وخلال المؤتمر، أُعلن عن تعهدات مالية تجاوزت 12 مليار دولار لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي والجفاف، مع التركيز على دعم الدول الأشد تضرراً، كما شملت المخرجات الرئيسية إنشاء تجمع للشعوب الأصلية وآخر للمجتمعات المحلية، إلى جانب إطلاق عدد من المبادرات الدولية الهادفة إلى تعزيز الاستدامة البيئية.

وشهدت الدورة السادسة عشرة لـ«مؤتمر الأطراف» مشاركة نحو 200 دولة من جميع أنحاء العالم، التزمت كلها بإعطاء الأولوية لإعادة إصلاح الأراضي وتعزيز القدرة على مواجهة الجفاف في السياسات الوطنية والتعاون الدولي، بوصف ذلك استراتيجية أساسية لتحقيق الأمن الغذائي والتكيف مع تغير المناخ.

ووفق تقرير للمؤتمر، فإنه جرى الاتفاق على «مواصلة دعم واجهة العلوم والسياسات التابعة لـ(اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر) من أجل تعزيز عمليات اتخاذ القرار، بالإضافة إلى تشجيع مشاركة القطاع الخاص من خلال مبادرة (أعمال تجارية من أجل الأرض)».

ويُعدّ «مؤتمر الأطراف السادس عشر» أكبر وأوسع مؤتمر لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» حتى الآن، حيث استقطب أكثر من 20 ألف مشارك من مختلف أنحاء العالم، بمن فيهم نحو 3500 ممثل عن منظمات المجتمع المدني. كما شهد المؤتمر أكثر من 600 فعالية ضمن إطار أول أجندة عمل تهدف إلى إشراك الجهات غير الحكومية في أعمال الاتفاقية.

استدامة البيئة

وقدم «مؤتمر الأطراف السادس عشر» خلال أعماله «رسالة أمل واضحة، تدعو إلى مواصلة العمل المشترك لتحقيق الاستدامة البيئية». وأكد وزير البيئة السعودي، عبد الرحمن الفضلي، أن «الاجتماع قد شكّل نقطة فارقة في تعزيز الوعي الدولي بالحاجة الملحة لتسريع جهود إعادة إصلاح الأراضي وزيادة القدرة على مواجهة الجفاف». وأضاف: «تأتي استضافة المملكة هذا المؤتمر المهم امتداداً لاهتمامها بقضايا البيئة والتنمية المستدامة، وتأكيداً على التزامها المستمر مع الأطراف كافة من أجل المحافظة على النظم البيئية، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي، والتصدي للجفاف. ونأمل أن تسهم مخرجات هذه الدورة في إحداث نقلة نوعية تعزز الجهود المبذولة للمحافظة على الأراضي والحد من تدهورها، وبناء القدرات لمواجهة الجفاف، والإسهام في رفاهية المجتمعات في مختلف أنحاء العالم».

التزامات مالية تاريخية لمكافحة التصحر والجفاف

وتطلبت التحديات البيئية الراهنة استثمارات ضخمة، حيث قدرت «اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الحاجة إلى 2.6 تريليون دولار بحلول عام 2030 لإصلاح أكثر من مليار هكتار من الأراضي المتدهورة. ومن بين أبرز التعهدات المالية خلال المؤتمر «شراكة الرياض العالمية لمواجهة الجفاف» حيث جرى تخصيص 12.15 مليار دولار لدعم 80 دولة من الأشد ضعفاً حول العالم، و«مبادرة الجدار الأخضر العظيم»، حيث تلقت دعماً مالياً بقيمة 11 مليون يورو من إيطاليا، و3.6 مليون يورو من النمسا، لتعزيز جهود استصلاح الأراضي في منطقة الساحل الأفريقي، وكذلك «رؤية المحاصيل والتربة المتكيفة» عبر استثمارات بقيمة 70 مليون دولار لدعم أنظمة غذائية مستدامة ومقاومة للتغير المناخي.

وأكدت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد: «عملنا لا ينتهي مع اختتام (مؤتمر الأطراف السادس عشر). علينا أن نستمر في معالجة التحديات المناخية؛ وهذه دعوة مفتوحة للجميع لتبني قيم الشمولية، والابتكار، والصمود. كما يجب إدراج أصوات الشباب والشعوب الأصلية في صلب هذه الحوارات، فحكمتهم وإبداعهم ورؤيتهم تشكل أسساً لا غنى عنها لبناء مستقبل مستدام، مليء بالأمل المتجدد للأجيال المقبلة».

مبادرات سعودية

لأول مرة، يُعقد «مؤتمر الأطراف» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما أتاح فرصة لتسليط الضوء على التحديات البيئية الخاصة بالمنطقة. وضمن جهودها القيادية، أعلنت السعودية عن إطلاق 5 مشروعات بيئية بقيمة 60 مليون دولار ضمن إطار «مبادرة السعودية الخضراء»، وإطلاق مرصد دولي لمواجهة الجفاف، يعتمد على الذكاء الاصطناعي؛ لتقييم وتحسين قدرات الدول على مواجهة موجات الجفاف، ومبادرة لرصد العواصف الرملية والترابية، لدعم الجهود الإقليمية بالتعاون مع «المنظمة العالمية للأرصاد الجوية».

دعم الشعوب الأصلية والشباب

وفي خطوة تاريخية، أنشأ «مؤتمر (كوب 16) الرياض» تجمعاً للشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية لضمان تمثيلهم في صنع القرار بشأن إدارة الأراضي والجفاف. وفي هذا السياق، قال أوليفر تيستر، ممثل الشعوب الأصلية: «حققنا لحظة فارقة في مسار التاريخ، ونحن واثقون بأن أصواتنا ستكون مسموعة»، كما شهد المؤتمر أكبر مشاركة شبابية على الإطلاق، دعماً لـ«استراتيجية مشاركة الشباب»، التي تهدف إلى تمكينهم من قيادة المبادرات المناخية.

تحديات المستقبل... من الرياض إلى منغوليا

ومع اقتراب «مؤتمر الأطراف السابع عشر» في منغوليا عام 2026، أقرّت الدول بـ«ضرورة إدارة المراعي بشكل مستدام وإصلاحها؛ لأنها تغطي نصف الأراضي عالمياً، وتعدّ أساسية للأمن الغذائي والتوازن البيئي». وأكد الأمين التنفيذي لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر»، إبراهيم ثياو: «ناقشنا وعاينّا الحلول التي باتت في متناول أيدينا. الخطوات التي اتخذناها اليوم ستحدد ليس فقط مستقبل كوكبنا؛ بل أيضاً حياة وسبل عيش وفرص أولئك الذين يعتمدون عليه». كما أضاف أن هناك «تحولاً كبيراً في النهج العالمي تجاه قضايا الأرض والجفاف»، مبرزاً «التحديات المترابطة مع قضايا عالمية أوسع مثل تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، والأمن الغذائي، والهجرة القسرية، والاستقرار العالمي»