هناك طرق مختلفة للإعلان عن نفسك كمرشح محتمل لكأس العالم وقبل تسعة أيام من انتهاء الحفل فالنتيجة المثالية لفرنسا بقيادة ديدييه ديشان هي تخفيف الخناق عليها ومنح فرصة لهذه المجموعة من المواهب للعمل سويا والتألق في المراحل الأخيرة.
لكن هناك مشكلة أساسية هنا وهي أنه من أجل حدوث ذلك يجب على فرنسا بقيادة المدرب ديدييه ديشان أن تكون فرنسا بقيادة مدرب آخر.
وعلى العكس من ذلك كانت فرنسا متماسكة وقوية وتلعب بحذر عند الاستحواذ على الكرة وملتزمة في الدفاع ونجح الأمر أيضا وفي بعض الأحيان هكذا يلعب الأبطال.
وكان ذلك كافيا للفوز 2-صفر في دور الثمانية على منافس قوي بفضل هدف من ركلة ثابتة وخطأ من الحارس فرناندو موسيلرا الذي ترك تسديدة أنطوان غريزمان في الشوط الثاني تفلت من يده بغرابة.
وبعد نهاية المباراة كان هناك تناقض في المشاعر فأوروغواي كانت تتألم وسقط اللاعبون على الأرض بينما توقف أصحاب القمصان البيضاء عن الركض بدون حركة فالفريق فاز دون الحاجة للمرور عبر هذه المشاعر.
ولا يحظى ديشان بالحب بين الصحفيين إذ يبدو أنه لا يعاملهم باحترام كبير وهو ما انعكس عليهم.
لكنه هنا نزل إلى أرض الملعب لينضم إلى لاعبيه في مشهد غريب واحتضن من هم من نوعيته الذين لا يهتمون حتى بهجمات الشيطان مثل هوجو لوريس ورافائيل فاران وستيفن نزونزي.
ويمكن أيضا التعاطف مع ديشان فالمدرب يضع يده على تذكرة ذهبية ومجموعة من الموهوبين لا يملكها أي فريق آخر في هذه البطولة والآن بالنسبة للمدرب فهو على بعد مباراتين فريدتين لكن مخيفتين من أجل الوصول إلى الكأس وفشلت فرنسا في الفوز بيورو 2016 على أرضها من قبل، ويمكن أن تتعثر مرة أخرى وتخسر كأس العالم.
وهذه هي المعضلة والخطر الذي يواجه مدرب ينعم بكل هذه الكفاءات من المواهب ووسط سيناريو تتساوى فيه كل الأمور يجب على فرنسا الفوز باللقب.
وسيقف بينها وبين إزالة هذا العبء والمواهب المتفجرة تحت قيادته مباراتين صعبتين أمام منافستين يمكن مقاومتهما ووسط ذلك ما زال الشعور، رغم كل لحظات التوهج من كيليان مبابي ضد الأرجنتين، أن الفريق لم يسبق له الفوز بسهولة وكان عليه مواجهات الصعوبات للوصول إلى أعماق السعادة.
لكن هل احتاجت إلى ذلك؟ بدت فرنسا مسيطرة تماما على مباراة لم تقدم فيها أوروغواي الكثير وكان غياب إدينسون كافاني ضربة قوية لها ليس بسبب براعته بل لرغبته في الركض مثل رجل يطارده سرب من الدبابير وكان بديله كريستيان ستواني متواضعا في هذا الأمر.
وخلال ساعة على أرض الملعب أكمل ستواني ثلاث تمريرات وفقد الكرة بلمسة سيئة في خمس مناسبات لذا كان على الأقل يحاول فعل أي شيء.
لكن أولا كانت هناك لمحة من بريق مبابي بعد ست دقائق من البداية بانطلاقة ضد اثنين من أصحاب القمصان الزرقاء التي ارتدتها اوروجواي وشعور غريب بأنك تشاهد شيئا يتحرك داخل صورة ثابتة وكأن كل من فيها يقف ويشاهد.
وافتتحت فرنسا التسجيل بهدف آخر بعد ركلة ثابتة في صيف الكرات الثابتة وكأس عالم اكتشفت فيه الفرق أخيرا الفائدة الكاملة من الأمر.
وربما هذا هو حال إنجلترا فالتطور في هذا الأمر القديم انتهى بقيام الجميع باللحاق بك.
وكانت تمريرة غريزمان متقنة وانطلاقة فاران بسيطة وفي توقيت مثالي وصل إلى الكرة ليضعها بضربة رأس في الزاوية البعيدة لكن بلا اختراع فقط إنهاء طبيعي جيد ويمكن فهم دور تقنية حكم الفيديو المساعد في الأمر إذ لم يتعرض فاران للجذب أو الإعاقة إذ كان رد فعل المدافعين للموجة الأولى لاحتساب ركلات الجزاء بالتراجع وترك مساحة مع المنافس.
لكن ربما يجب وصف بالأمر بأنه نسيان للاعب الاخر وأنه يجب أن تضع رأسك في محاولة لمنع الكرة.
وقدم بول بوجبا أداء جيدا وسيطر على خط الوسط وكانت مشاركة عثمان ديمبلي عادية والذي يبدو أنه لن يحصل على فرصته للتألق في كأس العالم فالانطلاقات للأمام كانت مقيدة والتزم الظهيران بالدفاع.
وتملك فرنسا فرصة جيدة للفوز بكأس العالم لو لعبت بهذه الطريقة كما أنها تستطيع اللعب بحيوية أكبر وإطلاق العنان لخيال لاعبيها والجماهير أيضا وسواء كانت بحاجة إلى ذلك أو كانت مقيدة حتى الآن سيكون ذلك هو المفتاح في التسعة أيام المقبل في مصير ديدييه ديشان.