بعد أسبوعين... تحرير 4 أطفال من كهف تايلاند والبقية ينتظرون

10 ساعات بين عمليتي الإنقاذ الأولى والثانية

الشرطة تطوق المنطقة المحيطة بالكهف قبيل بدء عملية الإنقاذ الأولي أمس وتسمح للغواصين فقط بالدخول (إ.ب.أ)
الشرطة تطوق المنطقة المحيطة بالكهف قبيل بدء عملية الإنقاذ الأولي أمس وتسمح للغواصين فقط بالدخول (إ.ب.أ)
TT

بعد أسبوعين... تحرير 4 أطفال من كهف تايلاند والبقية ينتظرون

الشرطة تطوق المنطقة المحيطة بالكهف قبيل بدء عملية الإنقاذ الأولي أمس وتسمح للغواصين فقط بالدخول (إ.ب.أ)
الشرطة تطوق المنطقة المحيطة بالكهف قبيل بدء عملية الإنقاذ الأولي أمس وتسمح للغواصين فقط بالدخول (إ.ب.أ)

ساعات من التوتر والقلق عاشها العالم أمس، عندما التفتت أنظاره إلى كهف تغمره المياه في تايلاند، كان يقبع فيه شاب و12 طفلا، علقوا هناك منذ الـ23 من الشهر الماضي. واهترأت أعصاب أهاليهم وسكان العالم؛ لأن القصة تعدت الحدود، وأصبحت قضية إنسانية. عملية أولى انتهت بإنقاذ 4 من الأطفال، نقلتهم طائرة هليكوبتر من إقليم تشيانغ راي إلى مدينة تشيانغ راي القريبة، ثم نقلتهم سيارة إسعاف إلى المستشفى؛ للكشف عن حالتهم الصحية.
وقال مسؤولون تايلانديون، إن غواصين أنقذوا أمس 4 من بين 12 صبيا حوصروا لأكثر من أسبوعين في كهف تحت الأرض، غمرته المياه، في حين يسابق الغواصون الزمن لإنقاذ الصبية الباقين، ومدرب كرة قدم كان يرافقهم، وفق ما نقلت «رويترز».
وأخرج 13 غواصا أجنبيا و5 من أفراد القوات الخاصة التابعة للبحرية التايلاندية، الفتية، عبر ممرات ضيقة مغمورة بالمياه، في مهمة أودت بحياة غواص سابق بالبحرية التايلاندية يوم الجمعة. ومع حلول الليل، توقفت عملية إنقاذ الصبية الـ8 المتبقين، وبعضهم في سن الـ11، ولا يجيد السباحة، ومدربهم، على أن يتم استئنافها صباح اليوم. وقال نارونجساك أوسوتاناكورن، قائد مهمة الإنقاذ في مؤتمر صحافي: «اليوم تمكنا من إنقاذ 4 أطفال ونقلهم إلى مستشفى تشيانج راي براتشانوكروا».
وذكر أن فرق الإنقاذ تحتاج الآن لما لا يقل عن 10 ساعات للتحضير لعمليتها التالية، التي سيشارك فيها نحو 90 غواصا في المجمل، من بينهم 50 من دول أجنبية.

9 أيام من البحث
القصة بدأت في 23 يونيو (حزيران) الماضي، عندما توجهت مجموعة من الأطفال (12 طفلا)، مع مدربهم (25 عاما)، بعد تدريبات لكرة القدم، في مغامرة استكشافية، إلى كهف ثام لوانغ، الذي يمتد طوله 10 كيلومترات، لكن الأمطار هطلت بغزارة وفاض الكهف، فعلقوا.
وسرعان ما انتشر نبأ اختفائهم، فتكاتفت فرق الإنقاذ الدولية مع عناصر خاصة بالقوات البحرية التايدلاند، على أمل العثور عليهم. واستمر البحث 9 أيام، عاش خلالها أهلهم في خوف مميت من فقدان ذويهم، إلى أن عثر عليهم غواصان بريطانيان محترفان. وعمت الفرحة عالميا بالنبأ، خصوصا أن جميعهم (12 طفلا والمدرب الشاب) على قيد الحياة، إلا أنهم يعانون من سوء تغذية حاد.
بات التحدي الراهن بعد العثور عليهم هو الطريقة المثلى لإنقاذهم، أخذا بعين الاعتبار أن تايلاند حاليا تمر بموسم أمطار غزير، حيث تشكل مياه الفيضانات خطورة، رغم عمل مضخات المياه دون توقف. وأفادت الأنباء الأولى أن عليهم الانتظار إلى انتهاء موسم الأمطار، أي حتى أكتوبر (تشرين الأول). والتحدي الآخر هو طول مسافة الكهف (10 كيلومترات)، وصعوبة الغوص في الكهف، ما يعتبر قاهرا للغواصين المحترفين، فما بالكم بالأطفال الذين لا يعرفون السباحة، ولا استخدام معدات الغطس. أضف إلى ذلك صعوبة أخرى، هي ضيق ممرات الكهف التي قد لا تتسع لأسطوانات الأكسجين.
تعاون دولي وغواصة إيلون ماسك
استطاع بعد ذلك منقذ من القوات الخاصة البحرية والوطنية، الوصول إلى الأطفال، وأكد أن المدرب هو الأسوأ صحيا بينهم، حيث استنزف طاقته للاعتناء بالأطفال والحفاظ على أعصابهم، وفضّل أن يطعمهم ما تبقى من القوت، مانعا نفسه من أي لقمة!
ويوم الخميس الماضي، كشفت وسائل الإعلام، أن المضخات تعمل على سحب 1.6 مليون لتر من المياه بالساعة؛ لتفرغة الممرات وتسريع عملية الإنقاذ.
وخلال الأيام الماضية، سارع العالم في التفاعل مع الأزمة الإنسانية وتقديم مساعدات مادية ومعنوية، إذ أعرب الملياردير الأميركي الشهير إيلون ماسك مؤسس شركة «سبيس إكس»، والمؤسس المساعد لشركة «تيسلا موتزر» عن رغبته في التبرع للمساعدة في إنقاذ الأطفال ومدربهم يوم الجمعة عن طريق ابتكار غواصات بحجم الأطفال لنقلهم، كما قدم «الفيفا» دعوة لهم لحضور نهائيات كأس العالم، في إشارة أمل أنهم سيخرجون سالمين في أسرع وقت ممكن.
ويوم أول من أمس (السبت)، أعلن حاكم مقاطعة تشيانغ راي في مؤتمر صحافي عن خطة جاهزة لإنقاذ العالقين.

عملية إنقاذ ناجحة
في ساعات أمس الباكرة، بدأت السلطات بإخلاء الموقع من الوفود الإعلامية لبدء عملية الإنقاذ، التي كان أمام أفرادها تحديات عدة ونحو 11 ساعة من العمل. وفي تمام 10:00 صباحا دخل 18 غواصا إلى الكهف.
وبدوره، قال جوناثان هيد، من هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، إنه تم إجراء اختبارات على نسخة مشابهة لحل، طرحه إيلون ماسك. كما قامت الحكومة التايلاندية بنشر رسم توضيحي لأقنعة غوص كاملة على الوجه، يُبين أن كل طفل يرافقه غواصان اثنان؛ عبر الحبال المعلقة على طول الكهف، وعند مواجهة مسار ضيق جداً يطلقان أسطوانة أكسجين من الخلف، ويديرانها ببطء، ويقودان الطفل عبرها.
وبالفعل، تم إنقاذ 4 أطفال، ولا يزال 9 أشخاص محاصرين، وتم نقل الأطفال إلى مستشفى بمدينة شيانغ راي القريبة.
وبقي الأطفال الـ8 ومدربهم، داخل الكهف، في الموقع الأصلي، بالقرب من نقطة شاطئ باتايا.
وأشارت الأنباء المحلية إلى أن العملية انتهت بنجاح في وقت قياسي، إذ كان المنقذون يعتقدون أن أمطار السبت والأحد ستكون أكثر غزارة، وستؤثر بدورها على العملية، لكن يبدو أنها لم تبطئ من تقدمها.
ومن المقرر استئناف العملية في نحو الساعة 08:00 صباحا بالتوقيت المحلي (02:00 بتوقيت غرينتش).



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».