بابا الأقباط في مصر يزور إيطاليا للتقارب بين الكنائس

يلتقي فرنسيس ويصلي للسلام في الشرق الأوسط

TT

بابا الأقباط في مصر يزور إيطاليا للتقارب بين الكنائس

فيما عدتها مصادر كنسية في مصر، بأنها مساعٍ يقودها الباباوان فرنسيس الأول بابا الفاتيكان، وتواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية من أجل التقارب مع كل الكنائس المسيحية في العالم، توجه البابا تواضروس إلى مدينة بارى الإيطالية أمس، على رأس وفد كنسي في زيارة تستغرق عدة أيام.
ويشارك تواضروس في الصلاة المسكونية المشتركة لأجل الشرق الأوسط، التي دعا إليها بابا الفاتيكان اليوم (السبت)، الذي وجه الدعوة لكل رؤساء الكنائس في الشرق الأوسط للصلاة من أجل السلام بالمنطقة.
وقالت المصادر الكنسية، إن «زيارة إيطاليا تأتي لدعم السلام في العالم، والصلاة من أجل المصالحة بين الأمم والمجتمعات، ودعم الشعوب التي تعاني من ويلات الجماعات الإرهابية والحروب».
وسبق أن قال بابا الفاتيكان خلال الجلسة الختامية لمؤتمر «الأزهر العالمي للسلام» أبريل (نيسان) 2017: «لنكرر معاً من هذه الأرض، أرض اللقاء بين السماء والأرض وأرض العهود بين البشر والمؤمنين... لنكرر (لا) قوية وواضحة لأي شكل من أشكال العنف، وللثأر والكراهية المرتكبين باسم الدين أو باسم الله».
وطالب البابا فرنسيس بمقاومة انتشار الأسلحة ومكافحة العوامل التي تدفع نحو الحرب، مضيفاً في كلمته أمام المؤتمر: «نتمنى من الله أن يهبنا التعاون والصداقة... نحن (اليوم) في حاجة ماسة لصنع السلام وليس إثارة النزاعات... كلما ينمو الإنسان في إيمانه نحو ربه ينمو في حبه للآخر... الدين ليس مدعواً فقط للكشف عن الشر وإنما يدعو لنشر السلام... نحن والمؤسسات السياسية والإعلامية مسؤولون عن نشر الأخوة والسلام ومواجهة العوامل التي تساعد في نشر سرطان الحرب والدمار».
وتعتبر زيارة تواضروس للفاتيكان هي الثانية من نوعها، إذ سبق وخصص بابا الإسكندرية أولى زياراته الخارجية بعد تنصيبه عام 2013 إلى الفاتيكان إذ يؤمن بضرورة الوحدة بين الكنائس... ويعد اللقاء هو الثالث لفرنسيس وتواضروس الثاني، إذ سبق أن التقيا في مايو (أيار) 2013 بالفاتيكان، وصلى مع فرنسيس صلاة مشتركة من أجل المصالحة في العالم. وعقب تلك الزيارة، بعث بابا الفاتيكان برسالة إلى بطريرك الكرازة المرقسية في يوم «المحبة الأخوية»، الذي يقام سنوياً في مايو بمناسبة زيارة البابا تواضروس للفاتيكان، وإعلان التآخي بين الكنيستين القبطية الأرثوذكسية والكاثوليكية.
وأيضاً التقى فرنسيس وتواضروس في عام 2017 بالقاهرة. وقد زار بابا الفاتيكان مصر في أبريل من العام الماضي، وكانت الزيارة هي الثانية لمصر بعد 17 عاماً على زيارة البابا يوحنا بولس الثاني.
وقالت المصادر الكنسية، إن «البابا تواضروس يحضر والوفد المرافق له اجتماعاً لرؤساء الكنائس والبطاركة في مدينة بارى الإيطالية، ثم يزور كنيسة سان باولو غداً (الأحد)، ويزور بعد ذلك الكنائس المصرية في إيبراشيتى روما وميلان، ويترأس قداساً في كنيسة بولس الرسول، التي تعد ثاني أكبر كنيسة كاثوليكية في إيطاليا»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط» أن «البابا تواضروس سوف يؤكد ضرورة مواجهة التحديات خصوصاً الإرهاب الذي يضرب بعض الأماكن في العالم... وأن الصلاة هي السلاح الأفضل ضد أي نزاعات».
وكان بابا المسيحيين قد أكد في تصريحات له أخيراً قبيل مُغادرة مصر: «نحن نؤمن ونثق أن الصلاة هي السلطة الأكبر التي تخرجنا من أي مشكلة وتحل النزاعات وتنير مستقبلنا للسلام والمصالحة»، مضيفاً: «وجودنا معاً هو علامة لمحبة بعضنا بعضاً، وهذا أهم شيء في اللقاء، نعلم أننا هناك (أي في إيطاليا) لنصلي، بعضنا لبعض، وهذا سيمنح تعزية للمتألمين... ونرغب أن يفهم العالم كله أن المسيحية مترسخة في الشرق الأوسط، لذا مهم بالنسبة لنا أن العالم يفهم تقاليدنا ومبادئنا».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.