الجزائر تنفي وجود أماكن اعتقال سرية فوق أراضيها

خلال «مساءلة» بالأمم المتحدة حول أوضاع الحريات ودور المخابرات

TT

الجزائر تنفي وجود أماكن اعتقال سرية فوق أراضيها

نفى مسؤول حكومي جزائري أثناء «جلسة مساءلة» حقوقية أممية في جنيف مضمون تقارير منظمات دولية غير حكومية، بخصوص وجود أماكن اعتقال سرية، ودافع عن «الأشواط التي قطعتها الجزائر في مجال الديمقراطية والتعددية الحزبية»، وعن «حقها في وضع حد للهجرة السرية لارتباطها بالجريمة والإرهاب والمخدرات».
ونشر الموقع الإلكتروني لمجلس حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة، تفاصيل نقاش يجري منذ الخميس الماضي مع مدير قسم حقوق الإنسان بوزارة الخارجية الجزائرية لزهر سوالم، تناول تقييما دوريا لأوضاع الحقوق والحريات بالجزائر، وذلك في ضوء تعهدات الجزائر الدولية، وانخراطها في آليات الأمم المتحدة في المجال.
ومن القضايا التي تثير عادة حساسية الجزائر «وجود أماكن اعتقال سرية تفلت من مراقبة وزارة العدل»، ترد في الغالب ضمن تقارير حقوقيين جزائريين، في إشارة إلى مراكز احتجاز تابعة للمخابرات، يتم فيها اعتقال: «متطرفين ومتهمين بالجاسوسية والتخابر مع جهات أجنبية». ويقيم هذا الصنف من المتابعين في هذه المراكز فترة تتراوح بين ستة أشهر وعامين، تنتهي إما بإحالتهم إلى القضاء لمحاكمتهم، أو بالإفراج عنهم. غير أن سوالم كذب قطعيا وجود مثل هذه المراكز، وقال إن المحبوسين على ذمة التحقيق يوجدون في «مؤسسات لإعادة التربية والتأهيل، تقع تحت المراقبة الدائمة للنائب العام».
وسئل المسؤول الجزائري عن «حالات تعذيب وسوء معاملة من طرف أعوان أمن حكوميين»، وعما إذا كانت الحكومة تفكر في مراجعة تدابير تضمنها «قانون السلم والمصالحة الوطنية (2006)، تتعلق بمنع القضاء تسلم شكاوى تتهم رجال الأمن بـ«ارتكاب تجاوزات»، خلال فترة الصراع مع الجماعات المتطرفة (تسعينات القرن الماضي)، فقال سوالم إن «قانون المصالحة أيده الجزائريون في استفتاء نظم خريف 2005، وبالتالي لا رجعة عن كل ما جاء فيه».
يشار إلى أن القانون نفسه يحظر على المتطرفين، ممن استفادوا من إبطال المتابعة القضائية، ممارسة السياسة مدى الحياة، كما يمنعهم من الترشح للانتخابات والانخراط في أحزاب. وعد ذلك غير قانوني من طرف حقوقيين، بحجة أن العقوبة ينبغي أن تكون فردية ومحددة بأسماء المعنيين بها، بينما العقوبة الواردة في «المصالحة» جماعية. وأكثر من احتج عليها علي بن حاج، قيادي «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» المحظورة.
وظهر في «لعبة الأسئلة والأجوبة» حول «ملف الجزائر» اهتمام من جانب الأمم المتحدة بحادثة «تفكيك مديرية الاستعلام والأمن» بوزارة الدفاع، وهي جهاز المخابرات العسكرية، وإنهاء مهام مديرها الجنرال محمد مدين في سبتمبر (أيلول) 2015. وأثير حينها جدل كبير حول صراع مفترض بين رئاسة الجمهورية والمخابرات، وبين المخابرات وأركان الجيش، بقيادة الرجل القوي في النظام الجنرال أحمد قايد صالح. وتم استبدال «مديرية الاستعلام» بثلاثة أجهزة أمنية، ألحقت برئاسة الجمهورية بدل وزارة الدفاع، ووضع على رأسها الجنرال بشير طرطاق، وهو من أبرز الموالين للرئيس بوتفليقة.
وطالب الحزب العلماني المعارض «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية»، مطلع العام بفتح نقاش بالبرلمان حول دور الأجهزة الأمنية وعلاقتها بشؤون الحكم. ولاحظ رئيسه محسن بلعباس أنه «في بلدنا يُمنع الحديث عن المسائل المتعلقة بالدفاع والأمن، التي توظّف عادة لأغراض معيّنة. ففي الوقت الذي تطرح فيه هذه الإشكالية بحدة في بلدنا، بات من الضروري فتح النقاش حول هذا الموضوع في جو من الهدوء، نُبرز فيه حقيقة مفادها أن الدفاع الوطني قضية تهّم الجميع، وتمس كل مواطن».
وتناولت «المساءلة» بالأمم المتحدة أيضا قضية منع المظاهرات والمسيرات بالعاصمة منذ 17 سنة. وفي هذا الصدد قال سوالم إن الحكومة «ستبقي على هذا الحظر طالما أنها ليست متأكدة من قدرة الأحزاب والناشطين السياسيين على تأطير المسيرات، ومن قدرتها على الحيلولة دون وقوع تجاوزات أثناء تنظيمها». فيما تقول المعارضة إن الحكومة «تتعامل بمقاييس مزدوجة» بشأن هذه المسألة، لكونها سمحت عدة مرات بمظاهرات بالعاصمة مؤيدة للرئيس، فيما تمنعها عندما يتعلق الأمر بالتعبير عن مواقف معارضة له.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.