توقعات بتزايد استهلاك الغاز في الأسواق العالمية

يرصد الخبراء الألمان ظهور عدة عوامل جغرافية تحمل في طياتها الكثير من المستجدات التي تعزز من ارتفاع استهلاك الغاز في كل أنحاء العالم. ويُجمع هؤلاء الخبراء على أن استهلاك الغاز زاد منذ مطلع عام 2017، ويبقى الوحيد بين مصادر الطاقة الكلاسيكية الذي يتمتع بمستقبل باهر قادر على منافسة كل التطورات التي حصلت في قطاع الطاقة المتجددة الشمسية وتلك المنتجة من الرياح خلال الأعوام الأخيرة.
وفي هذا الصدد يقول يواخيم ماير، خبير الطاقة في شركة «سنام» الأوروبية التي تحلل أسواق الطاقة حول العالم، إن استهلاك الغاز عالميا ارتفع منذ مطلع العام الفائت بنسبة 3.7 في المائة، وهذا أعلى بكثير من معدل النمو السنوي الذي رافقه منذ عام 2010 والذي كان يرسو على 1.8 في المائة.
ويتابع: «لا تزال قاطرة نمو استهلاك الغاز تنحصر في اقتصادات آسيا الكبرى على رأسها الهند والصين. ففي العام الماضي وحده استأثرت الصين بنحو 30 في المائة من استهلاك الغاز العالمي. ولا شك في أن الغاز الطبيعي سيحل محل الفحم الحجري كي يصبح مصدرا أساسيا للطاقة، خصوصا بعد الإقرار بقوانين بيئية دولية تحدّ من استعمال مصادر الطاقة الملوثة للتخفيف من كثافة انبعاثات الغازات السامة في الهواء. وتستهدف هذه القوانين في المقام الأول المدن الكبرى ذات الكثافة السكانية الأعلى التي تعاني من تلوث بيئي مزعج».
ويؤكد الخبير ماير على أن 90 في المائة من الطلب الإضافي على الغاز سيأتي من المدن الكبرى لغاية عام 2040، مما سيولد موجة عارمة من الاستثمارات الدولية السنوية يتراوح حجمها ما بين 30 و35 مليار دولار. كما سيشهد عام 2040 منحى تاريخيا لعالم الطاقة، لأن الغاز سيصبح آنذاك ثاني أكبر مصدر لإنتاج الطاقة في العالم.
ويختم الخبير ماير القول: «تعتبر ألمانيا بين الدول الأوروبية التي زاد استهلاكها للغاز، وعلينا أن ننظر إلى ما يحدث في القارة الأوروبية لتحديد ثاني أكبر سبب لزيادة استهلاك الغاز عالميا منذ عام ونصف عام تقريبا».
وتعتبر فرنسا القاطرة الرئيسية لزيادة هذا الاستهلاك، إذ من المعروف أن لديها أكبر مجمع أوروبي لمحطات إنتاج الطاقة النووية تصل إلى 54 محطة. لكن الكثير من هذه المحطات أتى عليها الدهر، مما حضّ حكومة باريس على وقف الإنتاج في أكثر من ثلثيها لإجراء أعمال الصيانة المطلوبة وفقا لمعايير السلامة والأمن المدني. وعلى عكس ما كان يحصل سابقا، لم تتمكن هذه المحطات من تصدير الطاقة النووية التي طالما تميزت بأسعارها السوقية الرخيصة. وكانت إيطاليا وألمانيا أولى الدول الأوروبية التي تأثرت بتراجع هذه الصادرات الطاقوية النووية، مما جعل حكومة برلين تعوّل على استعمال الغاز لسد الثغرات الاستهلاكية الحاصلة. وهكذا ارتفع استهلاك الغاز في ألمانيا بمعدل 6 في المائة منذ مطلع العام المنصرم.