أندريس لوبيز أوبرادور يتجه بالمكسيك يساراً

في اختراق سياسي تاريخي على تخوم الولايات المتحدة الجنوبية

أندريس لوبيز أوبرادور يتجه بالمكسيك يساراً
TT

أندريس لوبيز أوبرادور يتجه بالمكسيك يساراً

أندريس لوبيز أوبرادور يتجه بالمكسيك يساراً

منذ ثلاثينات القرن الماضي، عندما انتُخب لازارو كارديناس رئيساً للمكسيك، لم يحظى رئيس بالشعبية التي حصل عليها أندريس مانويل لوبيز أوبرادور في الانتخابات الرئاسية التي شهدتها البلاد مطلع هذا الشهر، حين نال أكثر من 25 مليون صوت، أي ما يعادل 53 في المائة من الناخبين. وبجانب الفوز بالرئاسة، حصد غالبية ساحقة في مجلسي الشيوخ والنواب، موجهاً ضربة قاسية للحزب الثوري المؤسسي (PRI) الذي يهيمن بشكل كاسح على المشهد السياسي منذ عام 1929، رغم خسارته مرة واحدة في الانتخابات الرئاسية عام 2000.
كان فوز أوبرادور الجارف انتصاراً معلناً منذ أشهر، عندما بدأت استطلاعات الرأي تُجمع على تقدمه الواضح أمام خصومه الذين أخفقوا في مساعيهم للاتفاق على مرشح واحد لمواجهته. ولقد خرج مئات الآلاف من المواطنين إلى الشوارع والساحات يحتفلون بوصول مرشح يساري إلى سدة الرئاسة للمرة الأولى في تاريخ هذا البلد اللاتيني الكبير، الذي يعيش في ظل الولايات المتحدة الأميركية.. ولا يشبهها في أي شيء.

لم يتردد أندريس لوبيز أوبرادور، الزعيم السياسي اليساري الشعبي، في وصف انتصاره بالتاريخي عندما قارنه، من غير أن يشير إلى ذلك صراحة، بالاستقلال وبالثورة التي قادها الزعيم التاريخي إميليانو زاباتا. وبالفعل، شعر كثيرون من مؤيديه بأنهم يعيشون فعلاً لحظة تاريخية يعقدون آمالاً كبيرة عليها لإحداث التغيير الذي تنتظره المكسيك منذ عقود.
ولكن من هو هذا الرئيس الذي تعهد بتغيير وجه المكسيك، وقطع دابر الفساد المستشري في طول البلاد وعرضها؟ وكيف سيُنهِض نصف مواطنيه من مستنقعات الفقر التي يعيشون فيها، ومن شلالات العنف والإجرام التي أوقعت 26 ألف قتيل في العام الماضي، وأكثر من 200 ألف قتيل في السنوات العشر المنصرمة؟ وبأي أسلحة سيواجه جاره الشمالي المصر على بناء «جدار فصل»، ووأد اتفاقية التجارة الحرة التي تضبط 80 في المائة من صادرات المكسيك التي تشكل القوة الاقتصادية الثانية في أميركا اللاتينية؟
خلال الحملة الانتخابية، لم يبخل خصومه عليه بالأوصاف والنعوت: شعبوي، يساري، مستبد، قومي، متطرف، براغماتي..لكن الذين يعرفونه جيداً يؤكدون أن جرعات صغيرة من كل هذه الصفات هي ما تتشكل منه ملامح هذا الرجل الذي سيتسلم مهامه رئيساً للمكسيك في أول ديسمبر (كانون الأول) المقبل.

- بطاقة هوية
ولد أندريس مانويل لوبيز أوبرادور، «آملو» كما يلقبه مناصروه، في خريف عام 1953، بقرية تيبيتيتان في ولاية تاباسكو (جنوب شرقي المكسيك)، وتلقى تعليمه الجامعي في جامعة المكسيك الوطنية الحرة (أونام)، حيث درس العلوم السياسية والإدارية. وبعد انخراطه بالحزب الثوري المؤسسي إبان فترة عمله الإداري، تحول إلى اليسار، والتحق بصفوف «حزب الثورة الديمقراطية» اليساري (PRD)، الذي أسسه السيناتور كواوتيموك كارديناس، ابن الرئيس لازارو كارديناس، الذي كاد بدوره أن ينتخب رئيساً عام 1988، لولا الشكوك بالتزوير التي أحاطت بالنتيجة.
أوبرادور كان من أقرب المقربين لكواوتيموك كارديناس، كذلك كان صديقاً للزعيم الكوبي الراحل فيديل كاسترو، وقريباً من تلميذه الرئيس الفنزويلي السابق هوغو تشافيز، لكنه رغم يساريته يملك من الواقعية والبراغماتية السياسية ما يكفي لوضعه خارج خانة الثوريين الذين لمع نجمهم طويلاً في أميركا اللاتينية، ثم أفَلَ من غير أن يحققوا لبلدانهم سوى الفقر والعزلة. وهو يدعو إلى زيادة الإنفاق العام على الخدمات الاجتماعية الأساسية للفقراء، كما فعل عندما كان رئيساً لحكومة العاصمة مكسيكو (من 2000 إلى 2005)، لكن خطابه الانتخابي كان شعوبياً بامتياز، يعرف ما يطلبه المستمعون، ويتقن الضرب على الأوتار الحساسة عند الجماهير التي راكمت أجيالاً وجبالاً من اليأس والإحباط.
إنه سياسي معقد التركيب، طليق اللسان، لا يتردد في الإكثار من التصريحات المتناقضة: يدعم النظام الرأسمالي، لكنه يدعو باستمرار إلى المزيد من تدخل الدولة في الشأن الاقتصادي. يقول إنه يؤمن بأهمية دور القطاع الخاص، لكنه يشن حرباً بلا هوادة على أصحاب الشركات الخاصة ورجال الأعمال. يريد تغيير المكسيك سياسياً واقتصادياً واجتماعياً خلال ست سنوات، ولكن تدريجياً ومن غير ثورة. كل الأهداف التي يعلنها في وعوده تنطلق من دوافع عقائدية، لكنه عملي جداً عندما يحين موعد التنفيذ، كما يستدل من تجربته السابقة؛ تعاون بشكل وثيق مع الملياردير كارلوس سليم، الذي تربطه به صداقة متينة، على إعادة إعمار وترميم الوسط التاريخي للعاصمة، بعد الدمار الذي أصابها في زلزال عام 1985. وكان قد استدعى خبراء من أوروبا والولايات المتحدة لمساعدته في وضع برامج لمكافحة أعمال العنف والجريمة المنظمة التي كانت تعاني منها العاصمة مكسيكو، لكنه كان حريصاً على عدم الإفراط في إنفاق ما ليس في الخزانة العامة، كما فعل تشافيز.
أوبرادور، أيضاً، وقف بشدة ضد «اتفاق التجارة الحرة»، عندما كانت المكسيك تتفاوض حوله مع الولايات المتحدة وكندا، إلا أنه عاد ليؤيده ويعلن بُعيد انتخابه أنه سيكلّف الفريق السابق نفسه بإعادة التفاوض على نسخته الجديدة. واعترض على تعديل قانون الطاقة الذي فتح الباب للمرة الأولى منذ عام 1938 أمام الاستثمارات الأجنبية في قطاع المحروقات الاستراتيجي، لكنه عدل موقفه وتعهد بعدم تعديله.

- اليساري الواقعي
نفض أوبرادور عنه رداء المرشح الأبدي، ليلعب دور الرئيس للمرة الأولى، مطمئناً خصومه والمتربصين بانتظار عثراته، قائلاً: «يخطئ من يراهن على أننا سنقيم نظاماً ديكتاتورياً، في الظاهر أو في الباطن. الاقتصاد سيبقى حراً، ولن تُمس حريات التعبير والمعتقد والعمل النقابي (...) سنصغي إلى الجميع، ونهتم بالجميع، ونحترم الجميع، لكن الأفضليّة ستكون للضعفاء، وخصوصاً مجموعات السكان الأصليين».
وفي مسعاه الحثيث للتهدئة والتطمين بعد الحملة الانتخابية النارية التي قادها، أكد أن استقلالية المصرف المركزي ليست موضع جدال، وأعلن أنه سيحترم الالتزامات والعقود المبرمة مع المؤسسات الوطنية والأجنبية، وأنه «لن تحصل تأميمات أو مصادرات». والسبب أنه يدرك، انطلاقاً من البراغماتية المتأصلة فيه، أنه سيضطر - في أحسن الظروف - لانتهاج سياسة «اجتماعية ديمقراطية معتدلة»، حسب الطريقة الأميركية اللاتينية على الصعيد الاقتصادي، وذلك نظراً للترابط الواسع والوثيق بين اقتصاد المكسيك واقتصاد الولايات المتحدة، الذي يقلب هذه الأيام المعادلات والقواعد التجارية السائدة منذ عقود، ما يُنذر بتداعيات وعواقب غير واضحة المعالم على العلاقات الدولية.
ويفيد التقرير الأخير الذي صدر عن لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأميركا اللاتينية والكاريبي بأن عدد السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر في المكسيك يتجاوز 50 مليوناً، بينما يتراوح نمو إجمالي الناتج المحلي عند 2 في المائة سنوياً منذ عقود، وأن النمو الديمغرافي وحده يستوعب فرص العمل الجديدة التي أثمرتها البرامج الإصلاحية والمشاريع الاستثمارية في السنوات الخمس الماضية.
لكن هاجس أوبرادور الأول، والمدماك الأساس الذي بنى عليه مسيرته السياسية منذ 12 سنة، ودارت حوله حملته الانتخابية الأخيرة، هو الفساد الذي تعهد بقطع دابره من مؤسسات الدولة وأجهزتها، إذ قال: «لن أسمح بعد اليوم بالفساد والإفلات من العقاب. أحذر أياً كان، من كبار الموظفين وصغارهم، ورفاق النضال والأصدقاء والأقرباء، من أنني لن أتهاون في مكافحة الفساد الذي هو أساس العنف والفقر والتخلف في مجتمعنا». وتابع أن الحكومة التي سينكب على وضع برنامجها في الأشهر الثلاثة المقبلة ستكون «حكومة من الشعب في خدمة الشعب»، وأنه سيفي بكل وعوده الانتخابية. ولأنه يدرك في قرارته أن مكافحة الفساد مهمة شبه مستحيلة في بلد مثل المكسيك، مد يده مرة أخرى إلى جعبته الديماغوجية التي لا تنضب، وأخرج منها باقة أخرى من الوعود الجميلة، يوزعها على الجماهير المتعطشة للتغيير: خفض راتب الرئيس إلى النصف، والامتناع عن السفر والتنقل بالطائرات والمروحيات الخاصة، ورفض الحماية الأمنية إلى أن يتسلم مهامه بعد 5 أشهر «لأن الشعب يحميني، ومن يناضل من أجل العدالة لا يخيفه شيء».

- العلاقة مع واشنطن
أما عن العلاقة مع الولايات المتحدة، التي تُعد الملفّ الأصعب في السياسة الخارجية المكسيكية، فقد أعلن أوبرادور أنه يريدها «علاقة صداقة وتعاون من أجل التنمية على أساس الاحترام المتبادل والدفاع عن مهاجرينا». وكلف الدبلوماسي هيكتور غونثالفيس، الذي سيتولى حقيبة الخارجية في حكومته، بالإشراف على هذا الملف خلال المرحلة الانتقالية التي ستدوم حتى أواخر هذه السنة. ومن المنتظر أن يتم أول اتصال مباشر له بإدارة دونالد ترمب أواخر الأسبوع المقبل، عندما يجتمع بوزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، الذي سيقوم بزيارة رسمية إلى العاصمة المكسيكية. وكان الرئيس الأميركي قد أجرى اتصالاً هاتفياً بأوبرادور لتهنئته على فوزه بالانتخابات، وعلق بتغريدة جاء فيها: «قلت له عندما التقيت به منذ سنوات إنه سيصبح يوماً ما رئيساً للجمهورية».
ويدرك لوبيز أوبرادور أن إدارة ملف العلاقات مع واشنطن في ظل الإدارة الأميركية الحالية ستكون أصعب بكثير من إدارة الملفات الداخلية، مهما بلغت تعقيداتها. فالأولوية القصوى في السياسة الخارجية المكسيكية منذ الاستقلال هي احتواء هيمنة واشنطن، والحد من تأثيرها على استقلالية القرار السياسي والاقتصادي عند جارتها الجنوبية التي اقتطعت منها مساحات شاسعة في حروب دامية خلال القرنين الماضيين. ولا شك في أن إدارة ترمب لن تسهل على أوبرادور إدارة هذا الملف الشائك، خصوصاً بعدما فتح «سيد» البيت الأبيض النيران على جيرانه من جبهات ثلاث: الإصرار على وعده الانتخابي ببناء الجدار على الحدود، ومطالبة المكسيك بتحمل تكاليفه، والتهديد بطرد 3 ملايين مهاجر مكسيكي يقيمون بصورة غير شرعية في الولايات المتحدة، وإلغاء «اتفاقية التجارة الحرة» الموقعة بين المكسيك والولايات المتحدة وكندا، أو إعادة التفاوض على شروطها. وذهب ترمب أبعد من ذلك، عندما هدد بمنع التحويلات من المهاجرين المكسيكيين الذين يناهز عددهم 12 مليوناً في الولايات المتحدة، يرسلون إلى عائلاتهم ما يزيد على 27 مليار دولار سنوياً.
لكن أوبرادور الذي يدرك أن تنفيذ هذه التهديدات الأميركية من شأنه أن يُغرق بلاده في حالة خطرة من الانكماش الاقتصادي العميق، يعرف أيضاً أن أولوية واشنطن في علاقتها مع جارتها، التي تتقاسم معها حدوداً طولها أكثر من 300 كلم، هي ضبط الأمن، والحفاظ على الهدوء بطول الحدود، وعدم المساس بالاستقرار السياسي. وهو يعرف أيضاً أن التهديد بفرض رسوم تصل إلى 35 في المائة على السيارات التي تستوردها الولايات المتحدة من المكسيك للتخفيف من العجز التجاري الأميركي، الذي يقارب 60 مليار دولار، لن يكون من السهل تنفيذه، لا سيما أن 40 في المائة من مستلزمات الإنتاج المكسيكي تصنع في الولايات المتحدة، وأن 6 ملايين فرصة عمل أميركية تعتمد على المبادلات التجارية مع المكسيك. وبالتالي، ثمّة من يرجح أن بعض السمات المشتركة بين الرجلين ستساعد على تسهيل الحوار بينهما، رغم التباين العميق في المشارب السياسية والاجتماعية.

- المكسيك... ثاني كبرى الدول اللاتينية والأكبر بين الناطقة بالإسبانية في العالم
كانت المكسيك فسيفساء من الشعوب والأعراق والثقافات، عندما سقطت مطالع القرن السادس عشر أمام زحف جيوش الإمبراطورية الإسبانية التي بقي جزء منها طوال ثلاثة قرون، قبل أن تنال استقلالها بقيادة الكاهن الإسباني ميغيل إيدالغو عام 1810، بعد سنوات من المعارك الدامية. ولكن بعد خروج الإسبان، كان التنوع العرقي قد تراجع وانحصر في المناطق النائية والفقيرة، التي ما زالت إلى اليوم مراكز حركات التمرد الاجتماعي والاحتجاجات السياسية العنيفة في البلاد.
التجربة الديمقراطية الأولى في المكسيك أسفرت عن «انتخاب» إمبراطور بعد إعلان الاستقلال بأشهر، غير أن الصيغة لم تستمر طويلاً، فأجريت أول انتخابات محلية عام 1812، وكانت تمهيداً نحو الانتقال إلى نظام ديمقراطي رئاسي منسوخ تقريباً عن نظام الولايات المتحدة.
وكان أول رئيس منتخب للجمهورية المكسيكية خوسيه ميغيل آداوكتو (المعروف بالاسم المؤنث غودالوبي فيكتوريا) عام 1824، وسط تلبد غيوم الحرب بين المكسيك والولايات المتحدة، التي لم تكن تخفي مطامعها تجاه جارتها الجنوبية.
وفي نهاية الحرب الدامية بين البلدين، كانت المكسيك قد خسرت نصف أراضيها، وهي الأراضي التي قامت فيها ولايات أميركية جديدة، مثل كاليفورنيا ونيومكسيكو وآريزونا وكنساس ونيفادا ويوتاه وكولورادو وكنزاس وتكساس وأوكلاهوما، وبذا تحققت «عقيدة المصير» الأميركية، بقيام دولة تمتد من المحيط إلى المحيط.
وفي عام 1858، انتخبت المكسيك بينيتو خواريز أول رئيس لها ينتمي إلى مجموعات السكان الأصليين. وجاء انتخابه بينما كانت البلاد تتخبط في أزمات اقتصادية وأمنية واجتماعية، شرعت الأبواب أمام تدخل الدول الأوروبية الكبرى، التي كانت تسعى إلى إضعاف الولايات المتحدة بعد انتصارها الكاسح على المكسيك، وتعاظم قوتها.
وبعد تعيين ماكسيميليان، شقيق إمبراطور النمسا، إمبراطوراً على المكسيك، اتفقت فرنسا وإسبانيا وبريطانيا، في لندن، عام 1861، على وضع يدها على المكسيك، بحجة تخلفها عن سداد الديون المستحقة عليها، وذلك منعاً لسقوطها تحت السيطرة الأميركية.
وعند نزول القوات الأوروبية المشتركة على السواحل المكسيكية، نجح المكسيكيون في إقناع البريطانيين والإسبان بالعدول عن المخطط، لكن نابليون الثالث كان مصمماً على ضرب القوة الأميركية الصاعدة، فواصل مخططه لكنه ما لبث أن اضطر للانسحاب أمام المقاومة المكسيكية التي أعدمت ماكسيميليان بعد محاكمة عرفية دامت ساعات.
وبعد نهاية الثورة التي أنهكت البلاد، انتخب المكسيكيون الزعيم الوطني لازارو كارديناس رئيساً في عام 1934، فقام بسلسلة من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية المفصلية في تاريخ المكسيك. وعمم التعليم المجاني في كل المراحل، ووزع الأراضي على الفلاحين الفقراء، وأمم قطاع النفط في عام 1938، وسلم إدارة السكك الحديدية إلى العمال، وأسس «حزب الثورة المكسيكية».
وفي عام 1968، كان لويس اتشيفيريا يتولى وزارة الداخلية، عندما أمر بقمع الاحتجاجات الطلابية في العاصمة مكسيكو خلال دورة الألعاب الأولمبية، مما أدى إلى وقوع عشرات القتلى، وأثار احتجاجات واسعة في الداخل والخارج، لكن ذلك لم يمنع انتخابه رئيساً للجمهورية عام 1970، ليعود ويأمر بمذبحة الطلاب الذين كانوا يحتجون ضد سياسته في العاصمة عام 1971، ما دفع بالكاتب والمفكر المكسيكي الشهير أوكتافيو باز، الحائز على جائزة نوبل، إلى الاستقالة من منصبه كسفير في الهند يومذاك.
وعلى عهد اتشيفيريا، وصلت العلاقات بين المكسيك وإسرائيل إلى شفير الانقطاع، بعدما صوتت المكسيك مؤيدة مشروع القرار في الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي يعتبر الصهيونية شكلاً من أشكال العنصرية، وهو المشروع الذي «طبخه» بمهارة فائقة السفير جميل بارودي، مندوب المملكة العربية السعودية آنذاك لدى الأمم المتحدة، وأقرته الجمعية العامة في 10 نوفمبر (تشرين الثاني) 1975. وبعد ذلك، في نهاية فترته الرئاسية، فشل اتشيفيريا في مسعاه لتولي منصب الأمين العام للأمم المتحدة.
اليوم، مع لوبيز أوبرادور، يتطلع المكسيكيون اليوم إلى فتح صفحة جديدة في تاريخهم المثقل بالحروب والنزاعات الداخلية والعنف والإجرام والفوارق الاجتماعية الصارخة، وهم يعقدون آمالاً كبيرة على وصوله إلى سدة الرئاسة محمولاً على تأييد شعبي غير مسبوق، ومحصناً بأغلبية مطلقة في مجلسي النواب والشيوخ، ومدعوماً بنفوذ واسع في الولايات الفيدرالية.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.


بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.


واشنطن: مادورو غير شرعي

نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
TT

واشنطن: مادورو غير شرعي

نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)

قالت الولايات المتحدة اليوم (الثلاثاء)، إنها ما زالت ترفض اعتبار نيكولاس مادورو الرئيس الشرعي لفنزويلا، وتعترف بسلطة الجمعية الوطنية المُشَكَّلة عام 2015 بعد أن حلت المعارضة «حكومتها المؤقتة».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس للصحافيين: «نهجنا تجاه نيكولاس مادورو لا يتغير. إنه ليس الرئيس الشرعي لفنزويلا. نعترف بالجمعية الوطنية المُشَكَّلة عام 2015»، وفق ما أفادت به وكالة الصحافة الفرنسية.
ولدى سؤاله عن الأصول الفنزويلية، ولا سيما شركة النفط الفنزويلية في الولايات المتحدة، قال برايس إن «عقوباتنا الشاملة المتعلقة بفنزويلا والقيود ذات الصلة تبقى سارية. أفهم أن أعضاء الجمعية الوطنية يناقشون كيف سيشرفون على هذه الأصول الخارجية».


ميسي قبل لقاء السعودية: تعرضت لكدمة بسيطة... هذه فرصتي لتحقيق الحلم العظيم

ميسي قال في المؤتمر الصحافي إنه جاهز لمباراة الثلاثاء (إ.ب.أ)
ميسي قال في المؤتمر الصحافي إنه جاهز لمباراة الثلاثاء (إ.ب.أ)
TT

ميسي قبل لقاء السعودية: تعرضت لكدمة بسيطة... هذه فرصتي لتحقيق الحلم العظيم

ميسي قال في المؤتمر الصحافي إنه جاهز لمباراة الثلاثاء (إ.ب.أ)
ميسي قال في المؤتمر الصحافي إنه جاهز لمباراة الثلاثاء (إ.ب.أ)

قال ليونيل ميسي قائد المنتخب الأرجنتيني، إنه يشعر بأنه على ما يرام قبل المواجهة الافتتاحية للمجموعة الثالثة ضد السعودية، غداً الثلاثاء، بينما يُرجح أن تكون تلك مشاركته الأخيرة في كأس العالم لكرة القدم.
وقال ميسي الذي أجرى تدريبات خفيفة بعيداً عن زملائه، السبت، في مؤتمر صحافي، اليوم، الاثنين: «أشعر بأنني في حالة جيدة بدنياً. أعتقد أنني في فترة رائعة على الصعيدين الشخصي والبدني، ولا أعاني أي مشكلات... سمعت أنهم قالوا إنني تدربت بشكل مختلف. كان ذلك بسبب تعرضي لكدمة، ولكن لا يوجد شيء غريب (يحدث). كان مجرد إجراء احترازي».
وأضاف اللاعب البالغ من العمر 35 عاماً، والذي سيخوض كأس العالم للمرة الخامسة، في قطر، أنه لم يستعد بشكل مختلف للبطولة التي تقام للمرة الأولى في شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول).
وأوضح مهاجم باريس سان جيرمان: «لم أفعل أي شيء مميز. لقد اعتنيت بنفسي، وتدربت كما أفعل طوال مسيرتي، مع العلم بأن هذه لحظة خاصة، فربما تكون هذه آخر بطولة كأس عالم لي، وفرصتي الأخيرة لتحقيق هذا الحلم العظيم الذي أحلم به، ونحلم به جميعاً».


مشجعو الإكوادور: لا نستطيع التعبير بالكلمات بعد فوزنا التاريخي في افتتاح المونديال

مشجعون إكوادوريون يحتفلون بفوز منتخب بلادهم على قطر (رويترز)
مشجعون إكوادوريون يحتفلون بفوز منتخب بلادهم على قطر (رويترز)
TT

مشجعو الإكوادور: لا نستطيع التعبير بالكلمات بعد فوزنا التاريخي في افتتاح المونديال

مشجعون إكوادوريون يحتفلون بفوز منتخب بلادهم على قطر (رويترز)
مشجعون إكوادوريون يحتفلون بفوز منتخب بلادهم على قطر (رويترز)

احتفل الآلاف من الإكوادوريين المبتهجين، اليوم الأحد، في مدن مختلفة، بالدولة الواقعة في أمريكا الجنوبية بعد الفوز التاريخي على الدولة المضيفة قطر في المباراة الافتتاحية لـ«كأس العالم لكرة القدم 2022».
وكانت بداية الإكوادور مثالية للبطولة بفوزها على قطر 2-0 ضمن المجموعة الأولى بهدفين بواسطة المُهاجم المخضرم إينر فالنسيا، الذي سجل من ركلة جزاء، ثم بضربة رأس في الشوط الأول. وشهدت المباراة المرة الأولى التي تتعرض فيها دولة مضيفة للهزيمة في المباراة الافتتاحية لكأس العالم.
وارتدى المشجِّعون قمصان المنتخب الوطني وحملوا أعلام الإكوادور؛ تكريماً للفريق، وامتلأت المطاعم والساحات ومراكز التسوق في أنحاء مختلفة من البلاد بالمشجّعين؛ لمساندة الفريق تحت الشعار التقليدي «نعم نستطيع».
وقالت جيني إسبينوزا (33 عاماً)، التي ذهبت مع أصدقائها إلى مركز التسوق في مدينة إيبارا بشمال البلاد لمشاهدة ومساندة الفريق: «تنتابني مشاعر جيّاشة ولا تسعفني الكلمات، لا يمكنني وصف ما حدث. نحن دولة واحدة، ويد واحدة، وأينما كان الفريق، علينا أن ندعمه».
وفي كيتو وجواياكويل وكوينكا؛ وهي أكبر مدن البلاد، تجمَّع المشجّعون في الحدائق العامة؛ لمشاهدة المباراة على شاشات عملاقة ولوّحوا بالأعلام ورقصوا وغنُّوا بعد النصر.
وقال هوجو بينا (35 عاماً)، سائق سيارة أجرة، بينما كان يحتفل في أحد الشوارع الرئيسية لجواياكويل: «كان من المثير رؤية فريقنا يفوز. دعونا نأمل في أداء جيد في المباراة القادمة أمام هولندا، دعونا نأمل أن يعطونا نتيجة جيدة، ويمكننا التأهل للمرحلة المقبلة».
وانضمّ الرئيس جييرمو لاسو إلى الاحتفالات.
وكتب لاسو، عبر حسابه على «تويتر»: «الإكوادور تصنع التاريخ. عندما تكون القيادة واضحة، ولديها رؤية وتعمل على تحقيقها، فإن الفريق يكتب اسمه في سجلات التاريخ...».
وستختتم الجولة الأولى من مباريات المجموعة الأولى، غداً الاثنين، بمباراة هولندا والسنغال.
وستلعب الإكوادور مرة أخرى يوم الجمعة ضد هولندا، بينما ستواجه قطر منافِستها السنغال.


مناطيد مهرجان «تازونغداينغ» تُنسي البورميين أجواء النزاع

محتفلون في مهرجان «تازونغداينغ» (أ.ف.ب)
محتفلون في مهرجان «تازونغداينغ» (أ.ف.ب)
TT

مناطيد مهرجان «تازونغداينغ» تُنسي البورميين أجواء النزاع

محتفلون في مهرجان «تازونغداينغ» (أ.ف.ب)
محتفلون في مهرجان «تازونغداينغ» (أ.ف.ب)

تجمّع آلاف البوذيين، أول من أمس الأحد، في وسط بورما؛ للمشاركة في إحياء طقوس دينية شعبية شكّل الاحتفال بها فاصلاً ملوّناً، وسط النزاع الدامي الذي تشهده الدولة الآسيوية.
وحالت جائحة «كوفيد-19» وانقلاب فبراير (شباط) 2021 لعامين متتاليين دون أن تشهد بيين أو لوين، هذا الاحتفال باكتمال القمر الذي يصادف نهاية موسم الأمطار المعروف بـ«تازونغداينغ» أو مهرجان الأضواء. وارتفعت مناطيد الهواء الساخن في الليل البارد وعليها صور لبوذا وأنماط ملونة تقليدية؛ ومنها الدب الأبيض.
ووفق «وكالة الصحافة الفرنسية»، تتولى لجنة تحكيم اختيارَ الأجمل منها، الذي يصل إلى أكبر علو ويطير أطول وقت بين 76 منطاداً تشارك في الأيام الخمسة للاحتفالات.
ويترافق هذا الحدث مع كرنفال وعرض رقص تقليدي يوفّر جواً من البهجة بعيداً من أخبار النزاع الأهلي، الذي أودى بحياة ما بين 2400 و4000 شخص في نحو عامين.
وإذا كان الاحتفال بـ«تازونغداينغ» راسخاً في التقاليد البوذية، فإن البريطانيين الذين كانوا يستعمرون بورما هم الذين كانوا وراء مسابقة المناطيد في نهاية القرن الـ19.
ودرَجَ عشرات الآلاف من البورميين والأجانب الفضوليين في السنوات الأخيرة، على حضور هذه الاحتفالات المعروفة على السواء بألوانها وبالخطر الذي تنطوي عليه، إذ تُحمَّل المناطيد بالألعاب النارية التي قد تسبب كارثة إذا انفجرت قبل الأوان.
ويعود الحادث الأخطر إلى عام 2014 عندما قُتل 3 متفرجين بفعل سقوط منطاد على الحشد في تونغي، وسط بورما.


إقصاء ببغاء نادر عن مسابقة يثير غضباً في نيوزيلندا

ببغاء كاكابو («فورست أند بيرد»)
ببغاء كاكابو («فورست أند بيرد»)
TT

إقصاء ببغاء نادر عن مسابقة يثير غضباً في نيوزيلندا

ببغاء كاكابو («فورست أند بيرد»)
ببغاء كاكابو («فورست أند بيرد»)

أثار حرمان أضخم ببغاء في العالم من المشاركة في مسابقة انتخاب «طير السنة» في نيوزيلندا، غضب هواة الطيور الذين هالهم استبعاد طير كاكابو، المحبوب جداً والعاجز عن الطيران، حسب «وكالة الصحافة الفرنسية».
وثارت حفيظة كثيرين إثر قرار المنظمين منع الببغاء النيوزيلندي ذي الشكل اللافت، الذي يواجه نوعه خطر الانقراض. ويشبه ببغاء كاكابو، المعروف أيضاً باسم «الببغاء البومة»، كرة بولينغ مع ريش أخضر. وسبق له أن وصل إلى نهائيات المسابقة سنة 2021، وفاز بنسختي 2008 و2020.
هذا الطير العاجز عن التحليق بسبب قصر ريشه، كان الأوفر حظاً للفوز هذا العام. لدرجة وصفه بأنه «رائع» من عالِم الأحياء الشهير ديفيد أتنبوروه، إحدى أبرز المرجعيات في التاريخ الطبيعي، والذي قدمه على أنه طيره النيوزيلندي المفضل. لكنّ المنظمين فضلوا هذا العام إعطاء فرصة لطيور أقل شعبية.
وقالت الناطقة باسم هيئة «فورست أند بيرد» المنظمة للحدث، إيلين ريكرز، إن «قرار ترك كاكابو خارج قائمة المرشحين هذا العام لم يُتخذ بخفّة».
وأضافت: «ندرك إلى أي مدى يحب الناس طير كاكابو»، لكن المسابقة «تهدف إلى توعية الرأي العام بجميع الطيور المتأصلة في نيوزيلندا، وكثير منها يعاني صعوبات كبيرة».
وأوضحت الناطقة باسم الجمعية: «نريد أن تبقى المسابقة نضرة ومثيرة للاهتمام، وأن نتشارك الأضواء بعض الشيء».
وليست هذه أول مرة تثير فيها مسابقة «طير السنة» الجدل. فقد تلطخت سمعة الحدث ببعض الشوائب في النسخ السابقة، سواء لناحية عدد مشبوه من الأصوات الروسية، أو محاولات فاضحة من أستراليا المجاورة للتلاعب بالنتائج. والفائز باللقب السنة الماضية كان طير «بيكابيكا-تو-روا»... وهو خفاش طويل الذيل. وهذه السنة، تدافع صفحات «فيسبوك» عن طير «تاكاهي» النيوزيلندي، وعن طير «كيا» ذي الريش الأخضر، وهما نوعان يواجهان «صعوبات كبيرة» وفق منظمة «فورست أند بيرد». لكن فيما لا يزال التصويت مستمراً، يشدد أنصار الببغاء كاكابو على أن إقصاء طيرهم المفضل عن المسابقة لن يمرّ مرور الكرام. وانتقدت مارتين برادبوري المسابقة، معتبرة أنها تحولت إلى «جائزة عن المشاركة» موجهة للطيور القبيحة. أما بن أوفندل فكتب على «تويتر» أن «نزاهة طير السنة، وهي مسابقتنا الوطنية الكبرى، تضررت بلا شك».


بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
TT

بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الاثنين، إلى كولومبيا في مستهل جولة تشمل أيضاً تشيلي والبيرو، في محاولة لترسيخ شراكات الولايات المتحدة في أميركا اللاتينية التي تعد فناءها الخلفي الجيوسياسي، في مواجهة الطموحات الصينية المتزايدة في منطقة شهدت انتخاب عدد من الرؤساء اليساريين أخيراً.
وخلال جولته التي تستمر أسبوعاً في الدول الثلاث، سيحضر كبير الدبلوماسيين الأميركيين أيضاً قمة وزارية. ويقر المسؤولون في واشنطن بأن هناك ضرورة لإظهار اهتمام الولايات المتحدة بجيرانها الجنوبيين، «باعتبارهم أولوية سياسية رغم التركيز على قضايا جيوسياسية كبرى، مثل الحرب الروسية في أوكرانيا، وتهديد الصين لتايوان». وتأمل إدارة الرئيس جو بايدن في أن يحافظ الزعماء اليساريون الجدد في أميركا اللاتينية «على نهج صديق للمشروعات الحرة وتعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة، وألا يجنحوا إلى الشغب الآيديولوجي في حكمهم».
وأفاد مساعد وزير الخارجية الأميركي براين نيكولز، في إحاطة للصحافيين، بأن بلينكن يزور ثلاث دول «كانت منذ فترة طويلة شريكة تجارية حيوية للولايات المتحدة، ولديها اتفاقات تجارة حرة مع الولايات المتحدة (…). نحن نركز على تعزيز علاقاتنا مع تلك الحكومات». وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان، أن بلينكن سيلتقي في بوغوتا الرئيس اليساري غوستافو بيترو، وهو متمرد سابق، ووزير الخارجية ألفارو ليفا لمناقشة الأولويات المشتركة بين البلدين، بما في ذلك «الدعوة إلى ديمقراطيات قوية في كل أنحاء المنطقة، ودعم السلام والمصالحة المستدامين، والتصدي للهجرة غير النظامية كأولوية إقليمية، ومكافحة الاتجار بالمخدرات، وتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، ومعالجة أزمة المناخ».
وأضافت أن بلينكن سيجدد دعم الولايات المتحدة لاتفاق السلام الكولومبي لعام 2016 خلال مناسبة مع نائبة الرئيس فرانسيا ماركيز، على أن يزور مركزاً لدمج المهاجرين في سياق دعم سياسة الوضع المحمي المؤقت في كولومبيا للمهاجرين الفنزويليين، الذي يعد نموذجاً في المنطقة. وكان بيترو، سخر خلال حملته، من الحرب التي تقودها الولايات المتحدة على المخدرات، معتبراً أنها «فاشلة»، علماً بأن هذه الدولة في أميركا الجنوبية هي أكبر منتج للكوكايين في العالم، ولطالما واجهت ضغوطاً من واشنطن للقضاء على محاصيل المخدرات. كما تحرك بيترو لإعادة التعامل دبلوماسياً واقتصادياً مع حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، رغم جهود الولايات المتحدة لعزل الدولة العضو في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك).
واستخدم مسؤولو إدارة بايدن نبرة تصالحية في الغالب حيال بيترو، مركزين على مجالات الاتفاق في شأن قضايا مثل تغير المناخ واستشهدوا بمناشداته لمادورو للعودة إلى المحادثات مع المعارضة الفنزويلية. وفيما يتعلق بدعوات بيترو لإنهاء الحرب على المخدرات، قال نيكولز إن واشنطن تدعم بقوة «النهج القائم على الصحة والعلم» لمكافحة المخدرات، مضيفاً أن هذا «ينعكس في سياستنا لدعم التنمية الريفية والأمن الريفي في كولومبيا. ونعتقد أن الرئيس بيترو يشارك بقوة في هذا الهدف». لكنّ مسؤولاً أميركياً أكد أن واشنطن تراقب عن كثب، ما إذا كان تواصل كولومبيا مع السلطات في فنزويلا المجاورة يخالف العقوبات الأميركية على حكومة مادورو.
وتأتي جولة بلينكن أيضاً، بعد عملية تبادل أسرى بين الولايات المتحدة وفنزويلا، ما يعكس تحسناً حذراً للعلاقات بين الدولتين، رغم عدم اعتراف واشنطن بإعادة انتخاب مادورو رئيساً لفنزويلا عام 2018... وقال نيكولز: «نحن لا نحكم على الدول على أساس موقعها في الطيف السياسي، بل على أساس التزامها بالديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان».
ويحمل كبير الدبلوماسيين الأميركيين في رحلته هذه، جدول أعمال مثقلاً لمنظمة الدول الأميركية. ويتوجه الأربعاء إلى سانتياغو، حيث سيعقد اجتماعاً مع رئيس تشيلي اليساري غابرييل بوريتش البالغ 36 عاماً من العمر، الذي تولّى منصبه في مارس (آذار) الماضي. وأخيراً، يتوجه إلى ليما الخميس والجمعة، للقاء الرئيس الاشتراكي بيدرو كاستيو الذي ينتمي لليسار الراديكالي والمستهدف بتحقيقات عدة بشبهات فساد واستغلال السلطة منذ وصوله إلى الرئاسة قبل أكثر من عام. وسيشارك في الجمعية العامة السنوية لمنظمة الدول الأميركية. وسيدرس المجتمعون قراراً يطالب بإنهاء «العدوان الروسي على أوكرانيا»، رغم أن بعض الدول الأميركية اللاتينية عبرت عن تحفظها، بالإضافة إلى قرارات بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في نيكاراغوا والوضع الاقتصادي والسياسي المتردّي في هايتي.


أورتيغا وزوجته يشددان قبضتهما على نيكاراغوا

دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
TT

أورتيغا وزوجته يشددان قبضتهما على نيكاراغوا

دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)

في إطار سعيهما لتعزيز قبضتهما على السلطة، يهاجم رئيس نيكاراغوا دانيال أورتيغا ونائبته وزوجته روزاريو موريو الكنيسة الكاثوليكية، بعدما عملا على سجن أو نفي شخصيات معارضة.
بدأ المقاتل السابق في جبهة التحرير الوطني الساندينية، بدعم قوي من زوجته، بالتأسيس لاستمرارية في السلطة منذ عودته إليها في عام 2007. وسمحت تعديلات دستورية في العامين 2011 و2014 برفع الحظر المفروض على إعادة انتخاب الرئيس، الذي كان منصوصاً عليه سابقاً في الدستور، حسبما تقول عالمة الاجتماع إلفيرا كوادرا التي تعيش في المنفى في كوستاريكا.
وتشير كودارا لوكالة «الصحافة الفرنسية» إلى أن أورتيغا (76 عاماً) «حوّل بذلك شكل الحكومة التي نصّ عليها الدستور» من أجل الانتقال إلى نظام «استبدادي» يضع «صنع القرار المطلق في أيدي الثنائي الرئاسي».
ومنذ القمع الدامي لاحتجاجات عام 2018 التي كانت تُطالب باستقالة الزوجيْن، تمرّ نيكاراغاوا بـ«أزمة مطوّلة لا يمكن تخطّيها» لأن أورتيغا وزوجته «أكّدا استمراريتهما في السلطة خلال انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) 2021. ومن خلال مأسسة الدولة البوليسية».
وأُعيد انتخاب أورتيغا لولاية رابعة على التوالي خلال انتخابات غاب عنها جميع منافسيه الأقوياء المحتملين، بسبب اعتقالهم أو إرغامهم على العيش في المنفى.
ولطالما دان المجتمع الدولي أفعال النظام في نيكاراغوا. وطالبت منظمة الدول الأميركية، أول من أمس الجمعة، الحكومة في نيكاراغوا بوقف «المضايقات والقيود التعسّفية» بحق المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام والمنظمات الدينية والمعارضين. وطالبت أيضاً بـ«الإفراج الفوري عن السجناء السياسيين الذين يُقدّر عددهم بنحو 190».
ويعتبر المحلل والنائب السابق في نيكاراغوا إيليسيو نونييز، الذي يعيش هو أيضاً في المنفى، أن جبهة التحرير الوطني الساندينية «تنتقل من موقع الحزب المهيمن إلى موقع الحزب الواحد (...) مع خلق عبادة شخصية لا مثيل لها حالياً في أميركا اللاتينية».
ومنذ عام، تمّ اعتقال 46 معارضاً أو مجرد منتقد للحكومة وحُكم عليهم بالسجن لفترات تصل إلى 13 عاماً. وكان سبعة منهم يريدون الترشّح إلى الرئاسة.
- قمع الإعلام
وكانت وسائل الإعلام أيضاً من الأهداف الأولى للسلطة.
لم تعد صحيفة «لا برينسا» La Prensa، التي كانت تنشر نسخة ورقية، موجودة إلّا على الإنترنت، بعدما اختار صحافيوها المنفى خوفاً من الاعتقال، وذلك عقب مصادرة مقرّها وزجّ مديرها لورينزو هولمان بالسجن.
وأغلقت السلطات أيضاً المحطة التلفزيونية التابعة للكنيسة الكاثوليكية في نيكاراغوا، بالإضافة إلى عدة إذاعات في أبرشيات مختلفة، وعشرات وسائل الإعلام المستقلة.
في 15 أكتوبر (تشرين الأول) 2020. أصدرت نيكاراغوا تشريعاً يستهدف الذين يتلقون أموالاً من الخارج ويفرض تسجيلهم لدى السلطات بصفة «عملاء أجانب». وأثار هذا القانون انتقادات المجتمع الدولي لما يشكله من خطر على الصحافيين ونشطاء حقوق الإنسان.
وبموجب هذا القانون، اعتبرت أكثر من ألف مؤسسة ومنظمة غير حكومية كان بعضها يكرّس عمله للدفاع عن حقوق الإنسان، غير قانونية. وأغلقت جامعات خاصة ومنظمات ثقافية بين عشية وضحاها.
في يوليو (تموز) اضطرت راهبات مجمّع الإرساليات الخيرية الذي أسسته الأم تيريزا، إلى الرحيل من نيكاراغوا، وطُردن كأنّهن «منبوذات»، حسبما قال مركز نيكاراغوا للدفاع عن حقوق الإنسان.
- «كنيسة صامتة»
وتُظهر الكنيسة الكاثوليكية نفسها على أنها آخر معقل يحمي من الإجراءات التعسّفية. لكن الموالين للحكومة يعتبرون الكهنة والأساقفة الذين ينتقدون النظام «أنبياء مزيّفين».
ومنعت الشرطة أسقف ماتاغالبا (شمال شرق) المونسنيور رولاندو ألفاريز من التنقّل، منذ 4 أغسطس (آب)، مما يعكس ذروة الأزمة مع نظام يسعى إلى إسكات رجال الدين في الكنيسة الكاثوليكية المحلية لقمع أصوات المعارضة.
وقال ألفاريز في إحدى عظاته: «لطالما أرادت الحكومة كنيسة صامتة، لا تريدنا أن نتكلّم وأن نندّد بالظلم».


رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.