تتعدد الفعاليات الفكرية والثقافية والفنية التي تقدمها الدورة الـ40 لـ«موسم أصيلة الثقافي الدولي»، فبموازاة الندوات الفكرية والسياسية المتميزة، يحظى جمهور الموسم بفقرات متنوعة من الحفلات الموسيقية والفنية.
في غضون ذلك، بهرت الفنانة المغربية نبيلة معان جمهور «أصيلة» في أولى السهرات الفنية للدورة الحالية. وقدمت نمطاً جديداً للموسيقى التقليدية بشكل تمتزج فيه الموسيقى الأندلسية بالملحون والجاز. كما غنت أغاني من ألبوماتها السبعة، وآخرها «دلال الأندلس» الذي حصل على جائزتين في «مغرب ميوزيك أوريس».
حفل ساهر للوزير الفنان ماريو لوسيو
في قصر الثقافة بأصيلة، قدم الفنان ماريو لوسيو سوسا، وزير الثقافة الأسبق في جمهورية الرأس الأخضر، معزوفات على قيثارته، وأدى أغاني من شعره ومن شعر السنغالي أمادو لامين صال، الحائز على جائزة «تشيكايا أوتامسي» للشعر الأفريقي للسنة الحالية، وذلك بحضوره. كما أنشد سوسا، الذي كان مرفوقاً بعازفين على الإيقاع، للحب والحنين وللأم وللنهضة الأفريقية مرتجلاً كلمات عن ظروف ولادة كل قصيدة وكل لحن، وهو ما حاز الإعجاب وانتزع تصفيقات الجمهور الذي شاركه في ترديد كل أغانيه.
يضفي سوسا، وهو أيضا كاتب وشاعر ومسرحي، على أعماله الفنية المحلية التقليدية بصمة حداثية وأصيلة، كما يتبدى في ألبوماته التسعة التي صدرت على التوالي منذ عام 1995.
وقال سوسا إن «كل ما هو حديث هو كلاسيكي، وإلا فلن نوجد بعد أيام، وبعض أعمالي أو جلها لن توجد بعد 20 سنة، والتقليد يصبح كلاسيكياً بمجرد أن يصمد للسوق ولضغط الزمن». وأضاف أنه شارك في إحدى دورات «موسم أصيلة الثقافي الدولي»، بصفته مفكراً، قبل نحو 10 سنوات حين كانت البرتغال ضيف شرف، مشيراً إلى أنه من الصعب الحفاظ على حدث ثقافي من هذا الحجم لأربعين سنة، خصوصاً في أفريقيا بسبب التغيرات المتلاحقة. كما أبرز أن الصدق مع الذات هو الميزة الأساسية لأعماله الفنية؛ إذ إنه يصعد إلى المنصة من دون أن يكون على علم بما سيقدمه للجمهور، وهو بالتالي يتقبل كل رد فعل منه سواء كان إيجابياً أو سلبياً بالابتهاج أو بإصلاح العيوب، مضيفاً أنه لا يشعر بارتباك أو خوف، وأن هذا ليس أمرا فطريا بل يُكتسب بالتجربة والعمل.
وعن العمل الفني الذي قدمه في «أصيلة»، أوضح أنه بدأ بغناء الناي بالصوت، من ثم قدم أغنية صغيرة مرتجلة ذات نفس روحاني، ثم أغنية عبارة عن رحلة إلى السنغال (كازامانس) ومالي وساحل العاج وغينيا الاستوائية وغامبيا والرأس الأخضر، أو «مار أزول» (البحر الأزرق)، وأغنية «تابانكامور» التي تروق لأطفال بلاده بالخصوص، وأغنيتين للقارة إحداهما بعنوان «ماما أفريقا»، وأغنية مهداة إلى أمه تحمل اسمها «زيت».
وخلُص سوسا إلى أن كل الناس الذين التقاهم في أصيلة انبهروا، خصوصاً الأطفال منهم ولا تتجاوز أعمارهم 14 سنة، وحاوروه خلال هذا الموسم، الذي بلغ الأربعين، وقد تعودوا على رؤية الآخرين واحترامهم، مؤكداً أن «الناس في أصيلة مضيافون ومنخرطون».
يذكر أن سوسا كان عضواً في البرلمان في ما بين 1996 و2001، وشغل في وقت سابق منصب وزير الثقافة والفنون في بلاده في ما بين 2011 و2016. ويعد، وقد كان مفوضا للمستشار الثقافي لـ«المعرض 92»، ومؤلفا لمشروع «كابي فردي ميوزيك» لـ«المعارض 92» (إشبيلية) و98 (لشبونة)، سفير الرأس الأخضر الثقافي.
الأوركسترا العربي الأندلسي يتحف جمهور «موسم أصيلة»
بدورها، أتحف الأوركسترا العربي الأندلسي في مدينة فاس، بقيادة الفنان محمد بريول، الاثنين الماضي في مقر «مكتبة الأمير بندر بن سلطان» بأصيلة، جمهور الدورة بمعزوفات وموشحات رائعة.
واستطاع 11 فنانا بقيادة بريول شد الجمهور من مختلف الأعمار، واستقطابه للاستماع إلى مدائح نبوية ونوبات أندلسية من التراث التقليدي الأصيل.
نوبة «الحجاز الكبير» على حركات الميزان البسيط
أدى الأوركسترا نوبة «الحجاز الكبير» على حركات ميزان البسيط وميزان القايم ونصف ميزان القدام ومواويل وأناشيد صوفية؛ من بينها «الفياشية» و«وقفت ببابك» و«لا إله إلا الله» التي ألهبت الأكف بالتصفيق، ورددتها حناجر مئات الوافدين على مقر الحفل الساهر.
وأعرب بريول عن سعادته للمثول للمرة الثانية أمام جمهور «موسم أصيلة الثقافي الدولي»، المعروف ببرمجته الفنية الراقية، لتقديم شذرات من التراث الفني الوطني الأصيل، مشيراً إلى أن «الريبرتوار الذي قُدم قد اختير بعناية لتواصل أفضل مع الجمهور».
وتستمر فعاليات الدورة الـ40 لـ«موسم أصيلة الثقافي الدولي» حتى 20 يوليو (تموز) الحالي، بتنظيم ندوات وسهرات ومعارض فنية لأشهر فناني العالم.