شاب مصري فقد حلمه في دراسة اللغات فحوّل القمامة إلى مهنة

حوّل إطارات وبراميل وخامات مهملة لأثاث منزلي

شاب مصري فقد حلمه في دراسة اللغات فحوّل القمامة إلى مهنة
TT

شاب مصري فقد حلمه في دراسة اللغات فحوّل القمامة إلى مهنة

شاب مصري فقد حلمه في دراسة اللغات فحوّل القمامة إلى مهنة

لا يخلو منزل من مخلفات تمثل عبئا على الأسرة، قد تكون إطارات سيارات قديمة، أو براميل بلاستيكية، وإذا كان أغلبنا قد يدفع أموالا لجامع القمامة كي يخلصه منها، فإن الشاب المصري مصطفى حسين، استمد منها مشروعه لتصنيع الأثاث المنزلي من الخامات المهملة، ليصبح ذلك هو مصدر دخله.
وأسس مصطفى مؤخرا شركة ناشئة تحمل اسم «ريدي ميد» (readymade)، وهو الاسم نفسه الذي تحمله صفحته على موقع «فيسبوك» التي كان قد دشنها لتسويق منتجاته الجديدة.
ويحكي مصطفى لـ«الشرق الأوسط» قصة دخوله هذا المجال، التي بدأت مع فقدانه حلم دراسة اللغات والترجمة بسبب المجموع الذي ألحقه بكلية التربية، فكان ذلك فرصة ملائمة له ليمنح أغلب وقته للهوايات الفنية المفضلة لديه.
يقول: «كنت دائم التردد في المراحل الدراسية المختلفة على قاعة التربية الفنية بالمدرسة، فالهواية المفضلة لدي هي الاستفادة من أي شيء موجود في البيئة لاستخدامه في إعداد عمل فني، ولكن الأمر تطور معي خلال سنوات الدراسة الجامعية إلى تصميم الأثاث المنزلي من الخامات المهملة».
خاض مصطفى خلال سنوات الدراسة الجامعية برامج تدريبية مهنية نظمتها مؤسسة الأغاخان للخدمات الثقافية، تدرب خلالها على بعض الأساسيات التي دعمت هوايته، ليبدأ بعد التخرج في الكلية عام 2008 في تصنيع منتجات منزلية، قام بتسويقها من خلال معارفه وأقاربه.
لم يكن الدخل الذي يتحصل عليه الشاب المصري خلال تلك المرحلة من حياته كافيا لكي يتخذ قرارا بأن يكون هذا النشاط هو مهنته، فعمل خلال الفترة من عام 2008 حتى 2015 في بعض الشركات الخاصة للحصول على دخل مادي، يعينه في الإنفاق على هذا النشاط الذي يخطط أن يكون هو مصدر رزقه الأساسي.
ويقول مصطفى عن تلك المرحلة من حياته: «كان تفكيري خلالها هو الانتقال من نطاق الهواية إلى الاحتراف، لذلك كان ينبغي البحث عن مصادر لتوفير المادة الخام التي استخدمها مثل البراميل البلاستيكية وإطارات السيارات، فعقدت اتفاقا مع إحدى الشركات التي تستورد منتجات يتم تخزينها في البراميل، كما أخذت أبحث عن أفضل الورشات التي يمكن أن أعطيها تصميماتي، لتمنحني النتيجة المطلوبة بالجودة والكفاءة المطلوبة».
ويصل مصطفى في نهاية عام 2015 إلى قناعة بأنه وصل إلى الشكل المثالي الذي يريده، ليقرر تدشين صفحة على «فيسبوك» تحمل اسم «readymade»، لتسويق منتجاته، ليتطور معه الأمر لاحقا إلى إنشاء شركة تحمل الاسم نفسه، الذي استمده من أحد المقررات الدراسية في كلية الفنون التطبيقية، وتعني توظيف خامات تستخدم في وظيفة معينة لأداء وظائف أخرى، وهي الفكرة نفسها التي يقوم عليها نشاطه.
وتكشف صفحة «مصطفى» على «فيسبوك» عن بعض منتجات الأثاث المنزلي التي صنعها من الخامات غير التقليدية، حيث استخدم البراميل في إنتاج الكرسي الهزاز والكرسي الثابت، وأدخلها أيضا في تصنيع وحدات للمطبخ ومكتبة منزلية، كما استخدم الإطارات في تصنيع صالون منزلي كامل.
وتفاعل العشرات مع صور منتجاته التي تم وضعها على صفحة «فيسبوك»، وطلبوا شراءها، لا سيما أنها تملك ميزة تسويقية مهمة، وهي سعر المنتج.
وتباع منتجات مصطفى بمبالغ أقل بنسبة 30 في المائة من نظيرتها، بما يمنحها ميزة تسويقية مهمة، لا سيما إذا اقترن ذلك بجودة في المنتج.
ويضرب مثالا بمنتج «الكرسي الهزاز» قائلا: «أنا أبيعه بمبلغ 700 جنيه، بينما يباع مثيله بمبلغ لا يقل عن ألف جنيه في المتوسط».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».