ولا يزال البحث جارياً عن محمد صلاح في بيروت

شوهد متنكراً في مراكز تجارية بوسط العاصمة اللبنانية وضواحيها

محمد صلاح مع نجلي الوزير إلياس بو صعب
محمد صلاح مع نجلي الوزير إلياس بو صعب
TT

ولا يزال البحث جارياً عن محمد صلاح في بيروت

محمد صلاح مع نجلي الوزير إلياس بو صعب
محمد صلاح مع نجلي الوزير إلياس بو صعب

يرفض نجم كرة القدم العالمي المصري محمد صلاح التواصل مع وسائل الإعلام في لبنان على الرغم من وصوله بلاد الأرز نهاية الأسبوع الماضي. صحيح أنّه يقيم في أحد فنادق بيروت المعروفة «لو غراي»، وقد تجمهر الآلاف من المصريين واللبنانيين أمام الفندق منذ الأحد الفائت، لرؤيته ولو بصورة خاطفة، إلّا أنّ صلاح لم يظهر على الشّاشة وآثر التنقل في بيروت متخفيا بعيداً عن عدسات التّصوير وحشرية «الباباراتزي» اللبنانيين.
تأتي زيارة محمد صلاح إلى بيروت بهدف تمضية إجازة قصيرة بين ربوعه كونه الأقرب مسافة إلى بلده الأم، كما أنّه يستطيع خلالها التّمتع بقليل من الحرية الشّخصية المحروم منها في بلدان أخرى مشهور فيها ولاسيما في مصر.
نجم كرة القدم العالمي كان سبق له أن توجه إلى القاهرة فور انتهائه من مشاركته في «مونديال 2018» في روسيا، إلّا أنّ احتشاد المصريين بأعداد هائلة قرب دارته هناك، لإلقاء التّحية عليه والتقاط صور تذكارية معه، دفعه لتغيير مكان إقامته والتوجه إلى لبنان مباشرة في زيارة لم يُعلن عنها من قبل.
ولاقى نجم فريق ليفربول ومنتخب مصر حفاوة كبيرة فور وصوله إلى أرض مطار بيروت، حيث حرص المسؤولون فيه على استقباله في صالون الشرف المخصص للشخصيات الرسمية. واغتنم عدد من رجال قوى الأمن وبعض اللبنانيين الذين صودف وجودهم هناك، لحظة وصوله، على التقاط صور تذكارية معه بعد أن سلّموا عليه، إمّا وهم على متن الطائرة التي أقلته إلى بيروت، وإما وهم في قاعة الشرف التي احتضنته لدقائق قصيرة.
وظهر محمد صلاح في تلك الصور وهو يرتدي زيا رياضيا يتألف من قميص قطني مقلم بالأسود والأبيض وبنطال فضفاض أسود قطني أيضاً. وعمد إلى إجراء بعض الفرق بين صورة وأخرى فوضع في إحداها «كاسكيت» حمراء على رأسه فيما عمد إلى خلعها في صورة ثانية. وأكّد من شاهدوه في العاصمة اللبنانية بأنّه غالباً ما كان يخرج من الفندق متنكراً ومعتمراً قبعة وفوقها قبعة قطنية خاصة بجاكيت قطنية يرتديها. وشوهد محمد صلاح في أحد المتاجر الرياضية المعروفة في لبنان وبرفقته نجلا الوزير اللبناني السابق إلياس بو صعب والفنانة جوليا بطرس، وقد نشرا صورة «سيلفي» معه. كما التقط بعض المعجبين صوراً تذكارية معه في فندق «لو غراي»، وكذلك في مجمع «آيشتي» التجاري الواقع في منطقة انطلياس على الطريق البحرية.
وفيما تردّد بأن محمد صلاح سيلتقي الرئيس سعد الحريري في زيارة خاطفة، فإنّ أخباراً أخرى تم تناقلها في وسائل الإعلام اللبنانية أكّدت أنّ الهدف الرئيس لزيارته هذه تعود لتصويره فيلما وثائقيا يتناول حياته. إلّا أنّ أحد الخبراء الرياضيين أشار إلى أنّه يستبعد زيارة محمد صلاح إلى لبنان بهذا الهدف، كون القيام بفيلم مماثل يلزمه مواعيد مسبقة ومحددة مع فريق التصوير وعلى الأرض، وهو أمر غير وارد كونه كان يشارك في «مونديال 2018»، مع المنتخب المصري، وفرضية خروجه أو بقائه (في المنتخب المصري) في هذه المباراة العالمية لا يمكن التكهن بها قبل وقوعها. ويؤكد المطّلعون على زيارة صلاح إلى لبنان عن قرب، بأنّها تأخذ طابع الاستجمام والراحة فقط، لاسيما وأنّ أفراد عائلته يرافقونه فيها. وعلى الرّغم من وجود زوجة محمد صلاح بمعيته في لبنان، فإنهما لم يُشاهدا معا ولا مرة.
ولد محمد صلاح في 15 يونيو (حزيران) من عام 1992، في قرية نجريج التابعة لمدينة بسيون المصرية. نشأ في أسرة بسيطة مكونة من أب يعمل في القسم الإداري لأحد المستشفيات المحلية وأم ربة منزل وأخ وأخت. كانت ظروف الأسرة المالية الصعبة عائقاً بينه وبين إكمال دراسته، ففضل الانضمام إلى نادي «المقاولون العرب» لكرة القدم في القاهرة. صعد نجمه وهو في الـ17 من عمره، وبين عامي 2010 و2011 حاول كل من الناديين المصريين الأهلي والزمالك، ضمه إلى فريقهما إلّا أنّهما لم يفلحا. وفي الـ20 من عمره، تحديداً في 10 أبريل (نيسان) 2012، وقّع اتفاقا مع نادي بازل السويسري لـ4 سنوات مقابل 2.500.000 مليون يورو.
وفي 18 ديسمبر (كانون الأول) من عام 2013، تزوج من (ماغي محمد) زميلته في المدرسة وأنجب منها فتاة سماها مكة، ويأتي السبب وراء سرعة زواجه أنّه أراد الاستقرار مبكراً، وخوفه من تردّد شائعات عن علاقة بينه وبين أي فتاة أوروبية مع احترافه في «بازل «السويسري». وأصرّ صلاح على اصطحاب أسرته معه في سويسرا أثناء احترافه في بازل وإنجلترا في فترة انضمامه لفريق تشيلسي، ولم تتمكن أسرته من السفر إلى إيطاليا في بداية احترافه في فيورنتينا، بسبب عدم إصدار جواز سفر لنجلته مكة ولكنّها انضمت إليه لاحقا.
يتردد أنّ نجم المنتخب المصري وجناح فريق ليفربول الإنجليزي لكرة القدم المعروف بتأثّره باللاعبين العالميين البرازيلي رونالدو والفرنسي الجزائري الأصل زين الدين زيدان قد تلقى دعوة لزيارة بيروت والمشاركة في «مونديال لبنان» وهو حفل ترفيهي ينظمه «نادي اليخوت في الكسليك» (ATCL) برئاسة لويس باز بحيث سيكون ضيف الشرف للحفل.
وتجدر الإشارة إلى أنّه من المتوقع أن يغادر محمد صلاح لبنان نهاية الأسبوع الحالي للالتحاق بتدريبات فريق ليفربول بعد ثلاثة أسابيع. وكان قد أعلن منذ يومين، أنّه جدّد عقده مع نادي ليفربول الإنجليزي حتى عام 2023، مقابل أجر يبلغ 200 ألف جنيه إسترليني اسبوعيا، ليتوج صاحب أغلى صفقة في تاريخ النادي المذكور تصل إلى 40 مليون يورو، وذلك بعد أندي كارول الذي تعاقد معه النادي سابقا (بين عامي 2011 و2013) مقابل 35 مليون يورو.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».