الجفاف يهدد أرز «العنبر»... كنز العراق الزراعي

فلاح عراقي يبذر أرز الياسمين بأرضه... وفي الاطار فلاح آخر يقوم بفلاحة حقله بمنطقة مشكاب وسط العراق (أ.ف.ب)
فلاح عراقي يبذر أرز الياسمين بأرضه... وفي الاطار فلاح آخر يقوم بفلاحة حقله بمنطقة مشكاب وسط العراق (أ.ف.ب)
TT

الجفاف يهدد أرز «العنبر»... كنز العراق الزراعي

فلاح عراقي يبذر أرز الياسمين بأرضه... وفي الاطار فلاح آخر يقوم بفلاحة حقله بمنطقة مشكاب وسط العراق (أ.ف.ب)
فلاح عراقي يبذر أرز الياسمين بأرضه... وفي الاطار فلاح آخر يقوم بفلاحة حقله بمنطقة مشكاب وسط العراق (أ.ف.ب)

ما أكثر الكنوز العراقية التي تعرضت للتلف والدمار بفعل الإنسان ولكن الأمر فيما يبدو تجاوز ذلك لتلعب الطبيعة دورا في تهديد كنز آخر ليس أثريا، ولكن له مكان في قلوب العراقيين وهو أرز العنبر الذي يهدد الجفاف زراعته.
ففي الديوانية جنوب العراق رصدت وكالة الصحافة الفرنسية حالة المزارع أمجد الخزعلي الذي رأى أرضه الشاسعة التي ورثها عن أجداده قد تتحول لأرض بور نتيجة حظر الدولة لزراعة الأرز بسبب الجفاف الشديد.
هي المرة الأولى التي لن يتمكن فيها الخزعلي هذا الموسم من زراعة أرز «العنبر» الأكثر شهرة في المنطقة الجنوبية من العراق منذ قرون، وسمي بهذا الاسم لرائحته المشابهة للعنبر.
ويقول الخزعلي بجلابيته وكوفيته البيضاء والسوداء: «لا أطيق النظر إلى أرضي وتربتها لا تعانق العنبر (...) هكذا اعتدنا منذ مئات السنين حين كان الأجداد يزرعونها».
ويملك الخزعلي مع أبناء عمومته قرابة 800 دونم زراعي (ما يقارب مليوني متر مربع وفق مقاييس العراق)، في قرية أبو تبن بناحية غماس غرب الديوانية، وتسمى شلبية أي مخصصة لزراعة الأرز، ويعود تاريخ ملكيتها إلى زمن الاحتلال العثماني.
وكانت وزراة الزراعة العراقية قد أعلنت في يونيو (حزيران) الماضي حظر زراعة الأرز والذرة وبعض المحاصيل الأخرى التي تحتاج إلى كثير من المياه.
ويشير مدير عام الزراعة في الديوانية صفاء الجنابي إلى أن الخسارة المالية لمزارعي الأرز هؤلاء الذين يجنون ربحا يتراوح بين 300 و400 ألف دينار (240 إلى 400 دولار) للدونم الواحد (2500 متر مربع)، كبيرة جدا.
ويؤكد أن خسارة محافظة الديوانية لهذا الموسم بسبب عدم زراعة الأرز، تقدر بـ50 مليار دينار عراقي (40 مليون دولار).
وينتج العراق مائة ألف طن من الأرز سنويا، 35 في المائة منها أرز العنبر الذي يزرع أكثر من 70 في المائة منه في محافظتي الديوانية والنجف الجنوبيتين.
ويسمّي العراقيون أرز العنبر «التمّن الملكي». وتمّن هو اسم الأرز في العراق.
ويوضح الخزعلي أن العنبر صديق النهر، فهو «يسقى من ماء نهر الفرات العذب التي تعطيه رائحة زكية يمكن أن تشمّها على بعد كيلومترات عدة».
تبدأ زراعة الأرز من 15 مايو (أيار) حتى الأول من يوليو (تموز)، ويستمر الموسم قرابة الستة أشهر حتى أواخر أكتوبر (تشرين الأول).
ومن بين آلاف مزارعي الأرز في الديوانية، 267 منهم فقط يزرعون العنبر.
وتقع تلك الأراضي الزراعية على طريق مدينتي كربلاء والنجف المقدستين، وبالتالي يقصد زوار الشيعة المتاجر خلال المناسبات الدينية لشراء هذا النوع من الأرز.
ويقول المتحدث باسم وزارة الزراعة العراقية حميد النايف لوكالة الصحافة الفرنسية: «وضعت الوزارة خطة لموسم الصيف بواقع مليون و400 ألف دونم لجميع المحاصيل الزراعية الصيفية ضمنها المحاصيل الاستراتيجية كالأرز والذرة».
لكنه يلفت إلى أن «وزارة الموارد المائية أبلغتنا بعدم توفر الكميات الكافية من المياه لهذه المحاصيل المهمة بسبب شح المياه».
ويعيش العراق الذي يسمى «بلاد ما بين النهرين» لمرور نهري دجلة والفرات فيه، انخفاضا في مستوى المياه منذ سنوات.
ولهذا، أوعزت الوزارة للمزارعين بعدم زراعة الأرز والذرة الصفراء والبيضاء والقطن والسمسم والدخن وزهرة الشمس. وتقدر الخطة الصيفية حاليا بمساحة 600 ألف دونم وتمثل أقل من 50 في المائة من الخطة السابقة، وخصصت لزراعة الخضراوات ومحاصيل أخرى وتخصيص حصة مائية لبساتين النخيل، بحسب النايف.
ويوضح المتحدث أن رئيس الوزراء حيدر العبادي وعد بتعويض المزارعين، وخصوصا مزارعي الأرز، لكونهم يعتمدون على هذه الزراعة بشكل رئيسي، كي لا تطالهم خسائر مالية.
لكن الخزعلي متشائم حيال ذلك. ويقول لوكالة الصحافة الفرنسية: «زراعة الأرز تُعد الدخل الرئيسي لمزارعي هذه المناطق، لكن بعد المنع الأخير الذي سيسبب لنا ولعوائلنا خسائر كبيرة وربما نضطر إلى هجرة الزراعة بل حتى المدينة لكون أراضينا لا يمكن أن يزرع فيها إلا الأرز».
ويضيف: «لا نجيد زراعة محاصيل أخرى. حاول بعض المزارعين زراعة الأرز، لكن وزارة الري قامت برفع مضخات الماء الخاصة بهم وصادرتها وأتلفت المحصول».


مقالات ذات صلة

مهرجان الصقور: «لورد» غادة الحرقان يكسب شوط الصقارات

رياضة سعودية إقامة شوط للسيدات يأتي في إطار توسيع المشاركة بهذا الموروث العريق (واس)

مهرجان الصقور: «لورد» غادة الحرقان يكسب شوط الصقارات

شهد مهرجان الملك عبد العزيز للصقور 2024؛ الذي ينظمه نادي الصقور السعودي، الجمعة، بمقر النادي بمَلهم (شمال مدينة الرياض)، جوائز تتجاوز قيمتها 36 مليون ريال.

«الشرق الأوسط» (ملهم (الرياض))
يوميات الشرق ولي العهد مستقبلاً ستارمر في الرياض مساء الاثنين (واس)

شراكة سعودية بريطانية بمجال التراث الثقافي ودعم العلا مَعْلماً سياحياً عالمياً

هيئة التراث التاريخية في إنجلترا تضع اللمسات الأخيرة على شراكة جديدة مع هيئة التراث السعودي

فتح الرحمن يوسف (الرياض)
يوميات الشرق تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه خلال الحفل (واس)

تركي آل الشيخ: مبادرة الزواج الجماعي ستكون حافزاً لمراحل مقبلة في مناطق السعودية

أكد المستشار تركي آل الشيخ، رئيس الهيئة العامة للترفيه، أن «مبادرة الزواج الجماعي» التي تم الإعلان عنها تمثل حافزاً لمراحل إضافية خلال الفترة المقبلة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
خاص ‎⁨فيلم «زيرو» للمخرج جان لوك إيربول يُعرض في الدورة الجديدة (إدارة المهرجان)⁩

خاص عسيري لـ«الشرق الأوسط»: «البحر الأحمر» هو السفير الأول للسينما المحلية والإقليمية

يترقب عشاق الفن السابع انطلاق الدورة الربعة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، الخميس، التي تستضيفها مدينة جدة.

إيمان الخطاف (الدمام)
يوميات الشرق جانب من الفعاليات التي شهدتها «أيام مصر» في حديقة السويدي بالعاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

حديقة السويدي تختتم فعاليات «أيام مصر» ضمن «انسجام عالمي»

اختتمت «حديقة السويدي» فعالياتها ضمن مبادرة «تعزيز التواصل مع المقيمين» التي أطلقتها وزارة الإعلام السعودية تحت شعار «انسجام عالمي» بفعاليات «أيام مصر»

«الشرق الأوسط» (الرياض)

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.