مصر: الحكومة تطلب اليوم ثقة «شبه مضمونة» من البرلمان

TT

مصر: الحكومة تطلب اليوم ثقة «شبه مضمونة» من البرلمان

تتقدم الحكومة المصرية الجديدة التي شكلها رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، اليوم، ببرنامج عملها إلى مجلس النواب، للحصول على ثقة «شبه مضمونة» من أكثرية أعضائه.
ويعرض مدبولي بيان الحكومة أمام البرلمان الذي يحوز «ائتلاف دعم مصر» أغلبيته، وهو ائتلاف داعم ومؤيد للرئيس عبد الفتاح السيسي وإجراءاته السياسية والاقتصادية، الأمر الذي يسهل مهمة حصول الحكومة التي كلفها السيسي على ثقة النواب.
وأدى مدبولي ووزراء حكومته اليمين الدستورية منتصف الشهر الماضي. وتنص المادة 146 من الدستور الساري في البلاد، على أن «يكلف رئيس الجمهورية رئيساً لمجلس الوزراء بتشكيل الحكومة، وعرض برنامجه على مجلس النواب، فإذا لم تحصل حكومته على ثقة أغلبية أعضاء المجلس خلال ثلاثين يوماً على الأكثر، يكلف رئيس الجمهورية رئيساً لمجلس الوزراء بترشيح من الحزب أو الائتلاف الحائز على أكثرية مقاعد مجلس النواب، فإذا لم تحصل حكومته على ثقة أغلبية أعضاء مجلس النواب خلال ثلاثين يوماً، عُدّ المجلس منحلاً».
ولم يسبق أن رفض مجلس النواب القائم منذ 2016 منح الثقة للحكومات المتعاقبة والتعديلات التي أجريت على بعض الوزارات، إذ وافق على برنامج حكومة رئيس الوزراء شريف إسماعيل، و3 تعديلات مختلفة على تشكيلها خلال عامين.
وتتركز أولويات برنامج عمل الحكومة، بحسب تكليفات الرئيس لمدبولي، على «حماية الأمن القومي المصري، واستكمال الخطط التنموية على مختلف الأصعدة، إلى جانب دعم الخطط والاستراتيجيات الخاصة بالقضاء على الإرهاب»، وكذلك ستتعهد الحكومة «استكمال جهود الإصلاح على كل الأصعدة، ومتابعة الخطط والبرامج التنموية، والانتهاء من المشروعات القومية الكبرى في توقيتاتها المقررة».
وتنفذ مصر منذ سنوات إجراءات تتبناها الحكومات المختلفة، في إطار «خطة الإصلاح الاقتصادي». وأقرّت على مراحل متتابعة رفع الدعم بشكل تدريجي عن عدد من خدمات النقل والكهرباء والمياه، كما أعلنت، منتصف الشهر الماضي، زيادة أسعار الوقود التي تضمنت رفع أسعار ثلاثة أنواع من البنزين، وكذلك أسطوانات الغاز المنزلية بنسبة 60 في المائة في المتوسط.
وعلى صعيد الأسعار، فإن مدبولي سيتعهد أمام النواب «تحسين مستوى معيشة الشعب المصري، ومراعاة حقوق الفئات الأكثر فقراً والمهمشة، من خلال تفعيل دور الحكومة بشكل حاسم في مجال ضبط الأسواق والأسعار، وتكثيف الحملات الرقابية والأمنية، والعمل على بلورة إجراءات رادعة ضد المتلاعبين بالأسعار وعمليات الاحتكار».
وبحسب بيانات رسمية، فإن نحو 30 مليون مصري (يمثلون 28 في المائة من إجمالي السكان) كانوا يعيشون بمعدل دخل تحت خط الفقر حتى عام 2015. ويعتقد على نطاق واسع زيادة هذه النسبة بسبب قرارات تعويم العملة المحلية التي أقدمت عليها مصر قبل عامين، وتسببت في زيادة غير مسبوقة في معدلات التضخم تجاوزت 30 في المائة.
وبحسب وعود قطعها السيسي وكلف بها الحكومة الجديدة، فإن برنامج عمل الوزراء يستهدف «تحقيق معدل نمو اقتصادي بمقدار نحو 7 في المائة سنوياً، وخفض عجز الموازنة، مع الأخذ في الاعتبار أولوية خفض معدلات التضخم والبطالة وزيادة فرص العمل، والعمل على دمج الاقتصاد غير الرسمي في المنظومة الرسمية».
وأصدر السيسي قبل أيام «تكليفات» للحكومة باتخاذ «إجراءات سريعة وملموسة يشعر من خلالها المواطنون بتحسن في الأوضاع المعيشية في عدد من الملفات، ومنها النظافة، والمرور، والوجود الشرطي المستمر، وتحسين الخدمات المقدمة في المستشفيات، وتوفر السلع المختلفة، وبأسعار مناسبة».
وتتضمن ملامح برنامج حكومة مدبولي «رفع كفاءة الأداء الحكومي، وإعطاء الأولوية لتبنى كل المبادرات الكفيلة بتحقيق أكبر قدر من التكامل بين الوزارات المختلفة، وترشيد الاستهلاك والنفقات الحكومية ومواصلة برنامج العدالة الناجزة، وتكثيف جهود رعاية الشباب والمرأة، وإطلاق طاقاتهم بما يتناسب مع الثروة البشرية التي تمتلكها مصر، ويلبي طموحات الأجيال المقبلة».
وفي وقت سابق، قال الأمين العام لـ«ائتلاف دعم مصر» (صاحب الأغلبية البرلمانية) مجدي مرشد لـ«الشرق الأوسط»، إن «مجلس النواب لديه فرصة مدتها شهر واحد لدراسة برنامج الحكومة، وإعداد تقرير بشأنه، وبدء التصويت على منح الثقة لأعضاء الحكومة أو حجبها عنهم». وأوضح مرشد أن «التصويت سيكون على برنامج الحكومة، وليس أسماء الوزراء».



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».