في البرازيل.. اللاعبون العظماء تصنعهم الملاعب الصغيرة

كرة الصالات أوصلت {السامبا» إلى تسيد عالم كرة القدم

شبان يلعبون الكرة في ملعب صغير بأحد الأحياء الفقيرة في البرازيل (أ.ف.ب)
شبان يلعبون الكرة في ملعب صغير بأحد الأحياء الفقيرة في البرازيل (أ.ف.ب)
TT

في البرازيل.. اللاعبون العظماء تصنعهم الملاعب الصغيرة

شبان يلعبون الكرة في ملعب صغير بأحد الأحياء الفقيرة في البرازيل (أ.ف.ب)
شبان يلعبون الكرة في ملعب صغير بأحد الأحياء الفقيرة في البرازيل (أ.ف.ب)

انتظرت البرازيل 72 عاما كي تحرز كأس العالم لكرة القدم خمس مرات، لكنها حققت هذا الإنجاز في لعبة كرة الصالات أو {فوتسال} في غضون 23 عاما فقط.
يقولون في البرازيل إنه في كل يوم يولد أحد النجوم، ويكفي إلقاء نظرة على أحد شواطئ ريو دي جانيرو للتأكد من ذلك.
إلى جانب حمامات الشمس، استعراض السيدات والشبان، يراوغ شبان وفتيات الكرة على الرمال الساحرة لساعات لا تنتهي. لكن من لا يحصل على فرصة لعب الكرة، يمارس رديفتها على ملعب أصغر حجما وبخمسة لاعبين بدلا من 11، بما يعرف بلعبة كرة الصالات {فوتسال} التي تشبه كثيرا بقوانينها وتكتيكها لعبة كرة السلة لكن بروحية كرة القدم. مباراة كرة الصالات تتضمن شوطين من 20 دقيقة، وزن الكرة 420 غراما أي أثقل من كرة القدم بثمانين غراما، أما قياس الملعب فطوله بين 38 و42 مترا وعرضه بين 20 و25 مترا. نجاح البرازيل في هذه الرياضة ليس نابعا من ممارسة اللعبة من قبل صبية لا هموم لديهم، بل يجب البحث في مكان آخر، إذ هناك من يعتقد أن كرة الصالات هي من أوصلت البرازيل إلى عظمة كرة القدم. بيليه، زيكو، سقراطيس، روماريو، رونالدو هي بعض الأسماء التي أمضت طفولتها باللعب في كرة أخف وزنا لا تطير غالبا، لكن تتطلب حذاقة، وسرعة ذهنية، ورشاقة بالتعامل مع الكرة. يقول الأسطورة بيليه: {كرة الصالات تدفعك إلى التفكير واللعب بسرعة. تجرب بعض الحركات، تقوم بالمراوغة وتطور طريقة لعبك}. في فورتاليزا، شمال شرقي البرازيل، يتدرب بعض الشبان تحت الشمس الحارقة في ملعب صغير محاط بمكعبات إسمنتية، والمتفرجون يتابعون تنقلات الكرة بين الأقدام الساحرة بحثا عن اختراق شباك المرمى الصغير (ارتفاع 2 م وعرض 3 م). تقول الرواية التاريخية للعبة، إن الكرة صممت بوزن ثقيل كي لا تطير وتحطم النوافذ المحيطة بالملعب، لكن بغض النظر عن جذورها، طرح البرازيليون أنفسهم روادا للعبة مطلع السبعينات من القرن الماضي.
تبقى جذور اللعبة مثار جدل بين الجمعيات المسيحية في مونتيفيدو (الأوروغواي) الراغبة برفع القيم الأخلاقية والانضباط من خلال الرياضة، وبين من يعتقد أن اجتياح الاسمنت لساو باولو وريو دي جانيرو قلص إتاحة الملاعب الكبيرة لعامة الشعب فلجأوا إلى ملاعب أصغر. لكن ما هو مؤكد أن قوانين اللعبة أصبحت رسمية في الأوروغواي كمزيج بين كرة السلة، كرة الماء، كرة اليد وبالطبع كرة القدم.
مجرد مراقبة تحركات المهاجم الحالي نيمار أثناء سعيه لتخطي الخصم يبين تقنيات تعلمها من الفوتسال. لطالما حاول نيمار تخطي المدافعين بأخمص قدمه بدلا من المشط وهي مهارات تمارس كل يوم في كرة الصالات. يقول مانويل توبياس أحد عظماء كرة الصالات وأفضل لاعب في العالم ثلاث مرات: {تدين كرة القدم لكرة الصالات. إذا نظرنا إلى المنتخب الحالي في كأس العالم، هناك عشرة لاعبين تسجلوا في أندية الصالات مثل نيمار، ويليان، دافيد لويز، داني الفيش، لويز غوستافو، مارسيلو}.
وتابع: {هم لاعبون مختلفون، يفكرون أسرع، مهاريون وبإمكانهم الخروج من أوضاع صعبة}.
أوسكار هو لاعب آخر صقل مهارات في الفوتسال. هدفه في مرمى كرواتيا عده كثيرون بأنه سجله بسن حذائه، لكن لاعب وسط تشيلسي الإنجليزي له رأي آخر: {يمكن القيام بهذه الحركة في الفوتسال، عندما تحصل على الفرصة تسدد مباشرة، ولا تنتظر}. مع صغر المساحة على ملعب الصالات لا يملك البرازيليون الوقت للتروي قبل التسديد. روماريو، بطل العالم 1994، كان مثالا لذلك. قال الأسطورة الهولندية يوهان كرويف: {أفضل لاعب دربته في حياتي؟ روماريو. كانت تقنيته رائعة، معظم أهدافه كانت بسن حذائه}.ى ساهمت كرة الصالات بتطوير تقنية إنهاء الهجمات لديه، وغالبا عندما كان يشعر المدافعون بأنهم نجحوا باحتوائه.
معظم المراوغين في الكرة البرازيلية جاءوا أيضا من كرة الصالات، وقد يكون أعظمهم على الإطلاق غارينشا. قال الظهير الأيسر الويلزي ميل هوبكنز لشبكة {بي بي سي} البريطانية: {جسمه كان يذهب في اتجاه وساقاه في اتجاه آخر}. طور ريفيلينو، ورونالدينهو، ونيمار رقصات مطاطة تحمل الهوية البرازيلية، وهذا نتيجة ضرورة إيجاد ثغرة لتخطي الخصم في مساحة صغيرة.
يقول الدولي السابق جونينهو: {لأنك تلعب في مساحة صغيرة، يجب أن تعرف ماذا ستفعل قبل أن تصلك الكرة. كنت في السادسة من عمري عندما بدأت بممارستها، وقد ساعدت البرازيل كثيرا}.
إسبانيا هي الوحيدة مع البرازيل التي أحرزت كأس العالم في مناسبتين (بعدما اعترف الفيفا بالمسابقة رسميا) وتعد ثاني قوة عالمية، وعلى الساحة الدولية تبرز إيطاليا، والأرجنتين، والبرتغال، إلى جانب إيران التي هيمنت لسنوات على الكرة الآسيوية.
أقيمت كأس العالم أول مرة في البرازيل فأحرزت المضيفة اللقب في ساو باولو، وأربعة من أول خمسة ألقاب. انتبه الاتحاد الدولي إلى اللعبة فتحكم بها في 1989. مع ازدياد شعبيتها حصلت تغييرات، وفي ظل اهتمام القنوات الناقلة، رفع فيفا حجم الكرة وأصبح بقياس أربعة بدلا من اثنين، فكانت أخف وزنا. اهتمت إسبانيا باللعبة، وجلبت لاعبين من أصول برازيلية لتقوية منتخبها فأحرزت اللقب مرتين، لتصبح جزءا منتظما لأكاديمياتها في برشلونة، وريال مدريد وغيرهما من أندية الليغا.
يقول قائد المنتخب الإسباني تشافي: {في كرة الصالات ترى إذا كان اللاعب موهوبا أم لا. في كرة القدم، لا تحدد الموهبة بالضرورة، لأنها أكثر بدنية، لكن في الفوتسال تلاحظ التفاصيل الصغيرة لنوعية اللاعب، أناقته وقدرته على الفهم التكتيكي}. يرى بيليه أن {كرة الصالات كانت مهمة في تطوير سيطرتي على الكرة، تفكيري السريع، والتمرير، وأيضا المراوغة، التوازن والتركيز}.
أفضل لاعب في العالم بين 2009 و2012 الأرجنتيني ليونيل ميسي أيضا تذوق طعم اللعبة: {في الأرجنتين عندما كنت طفلا، لعبت كرة الصالات كثيرا في الشوارع ومع نيويلز أولد بويز. كانت لعبة ممتعة ساعدتني كثيرا}. غريمه البرتغالي كريستيانو رونالدو يقر بأن {الملعب الصغير ساعدني كثيرا لتنمية مهاراتي الكروية، طبيعة اللعبة جعلتني حرا عندما كنت ألعب. من دون كرة الصالات، لما كنت أبدا اللاعب الذي ترونه اليوم}.
في البرازيل اللعبة لا تتراجع، وبحسب لويز بيدي نائبة رئيس اتحاد الصالات فقد أصبحت شعبية أكثر من أي وقت مضى: {أرقام الحكومة تؤكد لنا أن الفوتسال هي الرياضة الأكثر شعبية في البلاد حتى أكثر من كرة القدم العادية. اللاعبون الذين استهلوا مسيرتهم بكرة القدم أصبحوا أعمدة منتخب القدم الآن}.
كرة الصالات تثبت في البرازيل أن اللاعبين العظماء تتم صناعتهم في الملاعب الصغيرة قبل التحول إلى الساحة الكبرى.



غوتيريش: ارتفاع مستوى البحار يهدد باختفاء بلدان

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (د.ب.أ)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (د.ب.أ)
TT

غوتيريش: ارتفاع مستوى البحار يهدد باختفاء بلدان

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (د.ب.أ)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (د.ب.أ)

حذّر الأمين العام للأمم المتحدة، الثلاثاء، من خطر حدوث نزوح جماعي ينجم عن ارتفاع منسوب مياه المحيطات بسبب ارتفاع درجة حرارة الأرض، داعياً إلى «سد ثغرات» القانون الدولي، وخصوصاً بالنسبة للاجئين.
وقال أنطونيو غوتيريش أمام مجلس الأمن إن «الخطر حاد بالنسبة لنحو 900 مليون شخص يعيشون في مناطق ساحلية منخفضة - واحد من كل عشرة أشخاص على الأرض». وأضاف أن «مجتمعات تعيش في مناطق منخفضة وبلدان بأكملها يمكن أن تختفي إلى الأبد». ولفت إلى أننا «سنشهد هجرة جماعية لمجموعات سكانية بأكملها، على نحو غير مسبوق».
وفي حين أنّ بعض الدول الجزرية الصغيرة التي يسكنها عدد قليل من الناس معرّضة لخطر الاختفاء التام، يمتد تأثير ارتفاع مستويات سطح البحر وتوسّع المحيطات الناجم عن ذوبان الجليد بسبب ارتفاع درجات الحرارة، على نطاق أوسع.
وشدّد غوتيريش على أنه «مهما كان السيناريو، فإن دولًا مثل بنغلادش والصين والهند وهولندا كلها في خطر». وقال «ستعاني المدن الكبيرة في جميع القارات من تأثيرات حادة، مثل القاهرة ولاغوس ومابوتو وبانكوك ودكا وجاكرتا وبومباي وشنغهاي وكوبنهاغن ولندن ولوس أنجليس ونيويورك وبوينس آيريس وسانتياغو».
وأفاد خبراء المناخ في الأمم المتحدة بأن مستوى سطح البحر ارتفع بمقدار 15 إلى 25 سنتيمتراً بين عامي 1900 و2018، ومن المتوقع أن يرتفع 43 سنتمتراً أخرى بحلول العام 2100 إذا حال بلغ الاحترار العالمي درجتين مئويتين مقارنةً بعصر ما قبل الثورة الصناعية و84 سنتيمتراً إذا ارتفعت الحرارة في العالم 3 أو 4 درجات مئوية.
ويترافق ارتفاع منسوب المياه إلى جانب غمر مناطق معينة مع زيادة كبيرة في العواصف وأمواج تغرق أراضي، فتتلوث المياه والأرض بالملح، مما يجعل مناطق غير صالحة للسكن حتى قبل أن تغمرها المياه.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة إلى «سد الثغرات في الأطر» القانونية القائمة على المستوى العالمي. وشدد على أنّ «ذلك يجب أن يشمل حق اللاجئين»، وأيضاً تقديم حلول لمستقبل الدول التي ستفقد أراضيها تمامًا.
كذلك اعتبر أنّ لمجلس الأمن «دورا أساسيا يؤديه» في «مواجهة التحديات الأمنية المدمرة التي يشكلها ارتفاع منسوب المياه»، مما يشكل موضوعاً خلافياً داخل المجلس.
وكانت روسيا قد استخدمت حق النقض (الفيتو) عام 2021 ضد قرار يقضي بإنشاء صلة بين الاحترار المناخي والأمن في العالم، وهو قرار أيدته غالبية أعضاء المجلس.