رمضان يشعل منافسة شديدة بين التمور {المغاربية}

{الدقلة} تزاحم {بوفكوس} و{المجهول} على موائد الإفطار

بائع تمر في سوق «السويقة» بالمدينة العتيقة للرباط (تصوير: مصطفى حبيس)

إذا كان السياسيون لم يكفوا عن الشكوى من جمود اتحاد المغرب العربي بعد مرور 25 عاما على تأسيسه، فإن سوق التمور في شهر رمضان يعرف منافسة شديدة بعيدة كليا عن الجمود بين ثلاث دول مغاربية هي المغرب والجزائر وتونس. ويتزايد الإقبال على التمور في شهر رمضان بسبب منافعه الصحية وهو أول غذاء يتذوقه الصائم بعد الإفطار، لذلك يتفنن الباعة في عرضه في محلاتهم بشكل مغر للزبائن، وهذا ما يفعله عبد الله صاحب متجر {خيرات الواحة} الشهير في الرباط، والمتخصص في بيع التمور في سوق {السويقة} بالمدينة العتيقة للرباط. يقول عبد الله إن المحل عمره عشرات السنين وهو أضحى معروفا داخل وخارج الرباط بسبب جودة الأنواع التي يوفرها.
سألنا عبد الله عن المنافسة المغاربية المحتدة بين التمور خلال شهر رمضان، فأجاب أنه بالفعل هناك منافسة كبيرة بين التمور المغربية والجزائرية والتونسية، بيد أن هذه المنافسة لا تظهر إلا في شهر رمضان، والسبب، برأيه هو أن أسعار التمور المقبلة من تونس والجزائر في متناول الجميع، وبما أن استهلاكها يتزايد في شهر رمضان فمن الطبيعي أن يشتري الناس الأقل ثمنا. بيد أن هذا لا يعني أن التمور المغربية لا تجد من يشتريها بل بالعكس هناك من لا يتنازل عن {تمر البلد}، يضيف عبد الله لأن جودته عالية. في حين نجد زبائن تقتني تمورا من الأصناف الثلاثة وبذلك تتجاور فوق مائدته ثلاثة بلدان مغاربية.
ويوضح لنا عبد الله أنه قبل ثلاث سنوات كانت تمور تونس مسيطرة على السوق في رمضان، إلا أنها تراجعت لفائدة تمور الجزائر التي تعرف باسم {الدقلة}، وهو الاسم نفسه في تونس. فـ«دقلة النور} أصبح اسما متداولا ومشهورا ضمن أصناف التمور المستوردة من الجارتين تونس والجزائر لذلك يتزايد الإقبال عليها. وهو يتميز بحبات التمر المعلقة في عروشها.
لكن ماذا عن التمور المغربية، وما هي أنواعها وأصنافها؟ يقول عبد الله إن هناك عدة أنواع من التمور لكن أجودها هي {بوفكوس} و{المجهول} و{تاغزاوة} و{ادمو} و{الجيهل} و{العزيزة}، كما هناك تمور أقل جودة مثل {بوسليخين}.
ويضيف أن {المجهول} يعد من أجود أنواع التمور المغربية وثمنه مرتفع نوعا ما وبسبب جودته بدا يزرع في دول أخرى مثل الأردن وجنوب أفريقيا وإسرائيل وأميركا، وبما أن إنتاج المغرب من التمور قليل فهو يعود إلينا مستوردا. ويعد {المجهول} من أشهر أنواع التمور المغربية لكن لا يعرف لماذا سمي بهذا الاسم على الرغم من أنه معروف ومعلوم وينتج في منطقة تافيلالت في الجنوب.
عبد الله متحمس للتمور المغربية ويؤكد أن منافسة التمور الجزائرية والتونسية لنظيرتها المغربية منافسة موسمية تجري في رمضان فقط، أما في الأيام العادية تحتل التمور المغربية الصدارة من حيث المبيعات، كما أنه لا غنى عنها في المناسبات والأفراح وينصح عبد الله المغاربة بشراء تمور بلادهم لأنها طبيعية، بينما التمور المستوردة قد تكون معدلة وراثيا، بحسب رأيه.
ويصل الاستهلاك السنوي من التمور في المغرب لثلاثة كيلوغرامات للفرد مقابل 15 كيلوغراما بالنسبة للأفراد القاطنين في مناطق الإنتاج. ويتوفر المغرب على نحو 16 نوعا من أجود التمور التي تتركز في ثلاث مناطق رئيسة هي: ورزازات، وتمثل نسبة الإنتاج فيها 41 في المائة، وتافيلالت 28 في المائة، وطاطا 20 في المائة، في حين أن الرقعة الجغرافية لزراعة النخيل المثمر تشمل 13 إقليما تقع بالمنطقة الجنوبية والجنوبية الشرقية للمغرب، تنتج منطقة طاطا تمر {بوطيوب} في حين نجد {الجيهل} و{أكليد} و{بوسكري} و{بوستحمي} و{إيكلان} في منطقة درعة، أما تافيلالت فيكثر فيها {بوسليخن} و{المجهول}.
ونجح المغرب العام الماضي في أن يحتل المرتبة الثامنة عالميا، في إنتاج التمور وينتج سنويا 100 ألف طن، ويتوفر على 4,8 مليون نخلة منتجة للتمور، تتوزع بين أكثر من 450 نوعا، من بينها 10 أصناف فاخرة، وصلت إلى أسواق دولية من بينهما الولايات المتحدة الأميركية. ويسعى المغرب في إطار المخطط الأخضر للنهوض بالزراعة إلى إنتاج 200 ألف طن من التمور وتحقيق الاكتفاء الذاتي.
ويقام سنويا بمنطقة الراشدية بالجنوب معرض ارفود الدولي للتمور يستقطب أزيد من 60 ألف زائر، ويشارك فيه نحو 180 عارضا يمثلون دولا عدة مثل تونس، والجزائر، ومصر، والعراق، والأردن، والسعودية، والإمارات العربية المتحدة، وسلطنة عمان، والكويت، وقطر، والولايات المتحدة الأميركية، وباكستان والهند.
وأنشأ المغرب بالراشدية مختبرا لزراعة أنسجة النخيل، في إطار برنامج وطني لتنمية قطاع النخيل، يهدف إلى غرس ما يناهز 3،1 مليون نخلة في أفق سنة 2015 و9،2 مليون نخلة بحلول سنة 2020. وتصل قدرته الإنتاجية السنوية إلى 18 ألفا من البراعم الأولية لنخيل التمور، على أن تتطور إلى 45 ألفا من البراعم الأولية. ويسعى المختبر إلى تطوير تقنيات الزراعة النسيجية قصد إكثار مختلف الأصناف والسلالات المختارة ذات القيمة التجارية العالية، وإنتاج البراعم الأساسية اللازمة لإكثار النخيل، وتوفير الدعم التقني للمختبرات التجارية في مجال استعمال الزراعة النسيجية لإنتاج شتلات النخيل.