سحر مشروب المتّة العشبي الشعبي في شوارع الأرجنتين

سحر مشروب المتّة العشبي الشعبي في شوارع الأرجنتين
TT

سحر مشروب المتّة العشبي الشعبي في شوارع الأرجنتين

سحر مشروب المتّة العشبي الشعبي في شوارع الأرجنتين

لا يحتاج المرء سوى إلى التجول لمدة خمس دقائق في شوارع العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس، أو مونتيفيديو، عاصمة الأوروغواي، حتى يلاحظ العاملين المشتركين في البلدين وهما العمارة الأوروبية، وتناول الجميع لمشروب المتّة العشبي المنتشر في كل من الأرجنتين، والأوروغواي، وباراغواي، وحتى في البرازيل. يتجاوز مشروب المتة الجانب الثقافي خاصة في الأوروغواي، حيث يمثل هذا المشروب المرّ جزءًا مهماً من الحياة، وسوف يرى الزائرون سكان الأوروغواي وهم يحملون حافظات المياه الساخنة حتى في ذروة فصل الصيف. لا تخلو أيدي الناس من مشروب المتّة في أي وقت سواء كانوا يتسوقون، أو يشاركون في تجمع سياسي.
يمكن للمرء العثور على أنواع متعددة من المتّة في الأرجنتين، حيث تتباين في درجتها، ونكهتها التي تتضمن الفواكه. يتم استخدام المتّة أيضاً في الطهي خاصة في إعداد أصناف الحلوى. من الأنشطة السياحية الشهيرة زيارة المزارع التاريخية في المناطق التي يأتي منها نبات المتّة. تتم زراعة نبات يسمى «المتة» منذ مئات السنوات على المناطق الحدودية بين الأرجنتين، والبرازيل، وباراغواي، ويتم نقعه ويشربه السكان المحليون. يقول كارلوس كوبولي، نائب مدير التسويق في المعهد القومي لأعشاب المتّة: «استخدم أفراد قبائل الغواراني أوراق الشجرة كمشروب، ومعبود، وعملة يتم تداولها في المعاملات التجارية بين بعضهم البعض. تعد شجرة المتّة بالنسبة إلى قبائل الغواراني الشجرة الأفضل، وهبة من الآلهة». ويضيف كوبولي قائلا: «لقد تعلّم المستوطنون الأوائل الإسبان من الغواراني طريقة استخدام المتّة ومزاياها، ونشروها من منطقتهم وأراضي غابة بارناينس في شمال الأرجنتين، وجنوب البرازيل، وأجزاء من الأوروغواي حتى منطقة نهر لابلاتا (نهر الفضة) بالكامل. كذلك أدخل اليسوعيون لاحقاً المحصول إلى مستوطناتهم، وكانوا السبب وراء انتشار المتّة في دول العالم المتحضر».
مع ذلك لم يقتصر الاستمتاع بهذا المشروب على أميركا الجنوبية، حيث وصل إلى الشرق الأوسط خاصة سوريا، التي كانت أول دولة تستمتع بهذا المشروب يليها لبنان.
بدأ نبات المتّة يغزو الثقافة العربية مع الهجرة من تلك المنطقة إلى الأرجنتين خلال الفترة بين 1850 و1860 بحسب بيانات صادرة عن غرفة التجارة العربية الأرجنتينية التي تذكر أن «المهاجرين قد استوطنوا كافة أراضي الأرجنتين، وبمرور السنوات اعتادوا تناول مشروب المتّة. عندما عاد الكثيرون منهم إلى وطنهم، جلبوا تلك العادة معهم. وقد كانوا يتشاركون هذا المشروب مع أقاربهم وأصدقائهم، وبمرور الوقت أصبح السوريون مستهلكين رئيسيين للمتّة». يوضح كوبولي قائلا: «تاريخياً كانت سوريا ولبنان البلدين اللذين كانا يشتريان النبتة من الأرجنتين، لكن بعد هجرة السوريين مؤخراً في أعقاب الحرب، ظهرت أسواق جديدة مثل الأردن، والكويت، وقطر، وتركيا، والبحرين».
في أميركا الجنوبية حيث تتم زراعة المتّة توجد المزارع الحديثة إلى جانب المزارع القديمة التاريخية. بمجرد قطع أوراق المتة وتجفيفها، يتم تناولها كمنقوع. وهناك عدد من العناصر التي لا غنى عنها للاستمتاع بهذا المشروب، وهي يقطين يتخذ شكل وعاء صغير، وأنبوب من الفضة به مرشح لتنقية المنقوع، وكوب حافظ للحرارة حتى تتمكن من ملئه المرة تلو الأخرى.
سوف يلاحظ أي زائر لتلك المناطق أن السكان المحليين يحملون كل ما يحتاجونه من أجل إعداد مشروب المتة في أي مكان يتواجدون به. من الأنشطة الاجتماعية الشائعة لقاء الأصدقاء في متنزه، وتناول مشروب المتّة الذي يتم تشاركه بين الأصدقاء بحسب التقاليد.
يقول أليخاندرو غروبر، رئيس «متة توريست روت»: «يشرب الأرجنتينيون أكثر من مائة لتر من المتّة سنوياً مما يجعله مشروباً أكثر شعبية من الشاي والقهوة والمشروبات الغازية غير الكحولية».
كيف ينبغي إعداد وشرب المتّة؟
لا يوجد وقت مثالي محدد لشرب المتّة، ويعني هذا أن أي وقت هو الوقت المناسب. يمكن شرب المتّة أحياناً بعد تناول الوجبة أو الحلوى. لا ينبغي أن يغلي الماء الذي يتم استخدامه في إعداد المشروب، ويُنصح بأن تتراوح درجة حرارته بين 70 و80 درجة سليزية. بمجرد إعداد الماء ينبغي أن تتم إضافة أوراق المتّة في وعاء اليقطين إلى أن تصل إلى ربعه. يمكن إضافة ملعقة صغيرة أو ملعقتين من السكر في حال الرغبة حتى لا تكون الرشفات الأولى شديدة المرارة.
تتم تغطية وعاء اليقطين بيد واحدة، وتحريكها لبضع لحظات، ثم تتم إعادتها إلى وضعها الطبيعي لإزالة أي غبار أو مسحوق ناتج عن الأوراق. يتم بعد ذلك إضافة الماء الدافئ إلى الأوراق ثم تركها لبعض الوقت.
يزعم الأرجنتينيون أن عشبة المتّة الخاصة بهم تختلف عن تلك التي يتم تناولها في الأوروغواي، فأوراق المتّة في الأرجنتين أقل مرارة عنها في الأوروغواي، حيث المشروب أقوى. مع ذلك من الممكن أن يكون هناك رابط ثقافي أكثر عمقاً يربط الأرجنتين بالمتّة، منذ مرحلة الزراعة وحتى التعبئة، ويتضمن ذلك معرفة معلومات عن إنتاجها وأصلها وتناولها بحسب ما يوضح كوبولي. يعد هذا المشروب سمة مميزة لدول أميركا الجنوبية، حتى أن الأرجنتين تحتفل باليوم الوطني للمتّة في 30 نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام.


مقالات ذات صلة

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

يوميات الشرق رهاب الموز قد يسبب أعراضاً خطيرة مثل القلق والغثيان (رويترز)

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

كشفت تقارير أن رهاب وزيرة سويدية من الموز دفع المسؤولين إلى الإصرار على أن تكون الغرف خالية من الفاكهة قبل أي اجتماع أو زيارة.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
صحتك رجل يشتري الطعام في إحدى الأسواق الشعبية في بانكوك (إ.ب.أ)

دراسة: 3 خلايا عصبية فقط قد تدفعك إلى تناول الطعام

اكتشف باحثون أميركيون دائرة دماغية بسيطة بشكل مذهل تتكوّن من ثلاثة أنواع فقط من الخلايا العصبية تتحكم في حركات المضغ لدى الفئران.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق خبراء ينصحون بتجنب الوجبات المالحة والدهنية في مبنى المطار (رويترز)

حتى في الدرجة الأولى... لماذا يجب عليك الامتناع عن تناول الطعام على متن الطائرات؟

كشف مدرب لياقة بدنية مؤخراً أنه لا يتناول الطعام مطلقاً على متن الطائرات، حتى إذا جلس في قسم الدرجة الأولى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق قطع من الجبن عُثر عليها ملفوفة حول رقبة امرأة (معهد الآثار الثقافية في شينغيانغ)

الأقدم في العالم... باحثون يكتشفون جبناً يعود إلى 3600 عام في مقبرة صينية

اكتشف العلماء أخيراً أقدم قطعة جبن في العالم، وُجدت ملقاة حول رقبة مومياء.

«الشرق الأوسط» (بكين)
يوميات الشرق التفوُّق هو الأثر أيضاً (أ.ف.ب)

الشيف دانييل هوم... أرقى الأطباق قد تكون حليفة في حماية كوكبنا

دانييل هوم أكثر من مجرّد كونه واحداً من أكثر الطهاة الموهوبين في العالم، فهو أيضاً من المدافعين المتحمّسين عن التغذية المستدامة، وراهن بمسيرته على معتقداته.

«الشرق الأوسط» (باريس)

فعاليات «موسم الرياض» بقيادة ولفغانغ باك تقدم تجارب أكل استثنائية

الشيف الأميركي براين بيكير (الشرق الأوسط)
الشيف الأميركي براين بيكير (الشرق الأوسط)
TT

فعاليات «موسم الرياض» بقيادة ولفغانغ باك تقدم تجارب أكل استثنائية

الشيف الأميركي براين بيكير (الشرق الأوسط)
الشيف الأميركي براين بيكير (الشرق الأوسط)

تقدم فعاليات «موسم الرياض» التي يقودها الشيف العالمي ولفغانغ باك، لمحبي الطعام تجارب استثنائية وفريدة لتذوق الطعام في أهم المطاعم، حيث قدم مطعم «سباغو» و«كت» بالتعاون مع «روح السعودية» أطباقاً مبتكرة للشيف باك والطهاة التنفيذيين معه.

وقدم مطعم «سباغو الرياض» تجربة غير مسبوقة لتذوق أشهى أنواع «الستيك» تحت إشراف الشيف براين بيكير (Brian Becker)، الشيف التنفيذي الإقليمي لمجموعة الشيف ولفغانغ باك الحاصلة على نجوم «ميشلان»، في حين قدم مطعم «كت» تشكيلة متنوعة من الأطباق الشهية، حيث تتلاقى نكهات «كت» مع لمسة محلية أصيلة.

وفي لقاء مع «الشرق الأوسط»، قال الشيف دانيال أيرفاين (Daniel Irvine) الشيف التنفيذي في «سباغو»: «نقوم هنا في السعودية بتقديم تجربة طعام حصرية لضيوف المطعم المميزين، ضمن العمل على إعادة تعريف مشهد المطاعم الراقي في (ڤيا الرياض)، في ظل فعاليات (موسم الرياض) و(روح السعودية)، وأتوقع أن تصبح الرياض عاصمة الأكلات العصرية».

وتوقع الشيف دانيال أن تشهد السعودية عامة والرياض خاصة، نقلة نوعية في عالم الضيافة الفاخرة وأسلوب الحياة، في ظل المقومات التي تتمتع بها من حيث قدرتها على جذب الذوّاقة، بما يساهم في تطوير مشهد الطعام.

وقال الشيف الأميركي براين بيكير لـ«الشرق الأوسط» إن الرياض تسعى بقوة لتعزيز ثقافة طعام محلية وعالمية، بشكل متناغم. وأضاف: «نقدم من خلال استضافة (سباغو) لمطعم (كت)، تجربة مميزة للضيوف بأجواء راقية، مع تقديم الطعام بأسلوب فني وخدمة سريعة ودقيقة ونسيج مريح من الموسيقى الراقية، تصنع شكلاً من الإبداع الترفيهي».

وأضاف الشيف براين: «نعمل على تقديم قائمة طعام تشمل مجموعة مختارة من أشهى أنواع اللحوم والمأكولات البحرية الفاخرة بلمسات محلية مميزة، ومن أبرز الأطباق (تارتار ستيك برايم) مع خبز ريفي مشوي، وقطعة لحم (آنغوس بورترهاوس) مشوية على الفحم».

وشدد الشيف براين على أن «ڤيا الرياض» مناسبة جميلة تحمّس العاملين في «سباغو» و«كت» للإبداع والابتكار في مجال المأكولات الراقية في الرياض، ضمن مكونات موسمية طازجة، مع إعداد قائمة متنوعة من الأطباق الشهية، مثل «تارتار التونة» (بلو فِن تونة تارتار) الحارة، و«شنيتزل» لحم العجل، و«بيتزا» السلمون المدخن.

ولفت إلى أن التصميم الداخلي للمطعم يجمع بين طراز كاليفورنيا وعناصر من الثقافة السعودية، مع لمسة من الفن المحلي، مؤكداً الاستمرار في تقديم تجربة طعام استثنائية مع إطلالات مفتوحة على المطبخ الرئيس.

وتوقع أن تصبح الرياض عاصمة الطعام، بشكل يعكس مقومات جاذبية المملكة، وقدرتها على الجمع بين الروح الريادية المحلية، وأفضل المهارات العالمية الثرية، والقدرة على قيادة التحول في سوق الرفاهية والضيافة على مستوى المنطقة.