تحذيرات للأئمة المعتمدين في مصر من إثارة خلاف حول «حق الإفتاء»

TT

تحذيرات للأئمة المعتمدين في مصر من إثارة خلاف حول «حق الإفتاء»

دخلت جماعة «الإخوان» (المحظورة من قبل السلطات المصرية) على خط الأزمة بين الأئمة الرسميين في وزارة الأوقاف وهيئة «كبار العلماء» في الأزهر بسبب «قانون الفتوى الجديد»، وذلك في محاولة من أنصار الجماعة لتأجيج الموقف.
أتى ذلك وسط تحذيرات من «الأوقاف»، وهي المسؤولة عن المساجد، للأئمة من إثارة الخلاف حول مشروع قانون «تنظيم الفتوى العامة» الذي يناقشه حالياً مجلس النواب (البرلمان)، عقب استبعاد هيئة «كبار العلماء» للأئمة من الفئات المصرح لهم بالفتوى.
وقال مصدر في «الأوقاف» لـ«الشرق الأوسط»، إن تحذير الأئمة أعقب قيام بعضهم بنشر عبارات رافضة لاستبعادهم من الفئات المصرح لها بالفتوى عبر صفحاتهم الشخصية في موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك». مضيفاً أن «الوزارة رصدت قيام صفحات تابعة لجماعة الإخوان بترويج مزاعم بأن هناك غضباً بين الأئمة الرسميين جراء هذا الاستبعاد، وأن هناك خلافاً مع الأزهر، وهذا ليس له أساس من الصحة في الواقع».
وأهابت «الأوقاف» أمس، بالأئمة وجميع منتسبيها والعاملين بالوزارة عدم الخوض في أي أمور جدلية، وعدم الانسياق خلف أصحاب صفحات، اعتبرتها مشبوهة، لا تعنيها مصلحة الدين أو الوطن. وطالبت الأئمة بعدم الخوض في أمر الفتوى أو أحقيتها على صفحات التواصل أو غيرها، قطعاً للجدل وإيثاراً للمصلحة الوطنية، وتفويتاً للفرصة على «الدخلاء والمغرضين»، وحذف أي تعليقات تتصل بهذا الأمر على صفحاتهم، لافتة إلى أن من يخالف هذه التعليمات يعرض نفسه للمساءلة القانونية.
وحظرت «كبار العلماء» قبل يومين التصدي للفتوى في الأمور العامة، إلا من خلال الهيئة أو دار الإفتاء المصرية أو مجمع البحوث الإسلامية. واعتبرت أن «الإدارة العامة للفتوى بوزارة الأوقاف هي جهة تنفيذية تختص بشؤون وتنظيم الفتوى، وليست جهة علمية لإصدار الفتاوى أو التصدي لها، وذلك إعمالاً للقانون الذي قصر دور الوزارة على شؤون الأوقاف، وإدارة الأعيان والمساجد، ورأت أنه لا يجوز مخالفة ذلك في أي تنظيم داخلي للوزارة، ولم يرد بقانون تنظيم وزارة الأوقاف أي اختصاص بالإفتاء».
وما زالت لجنة «الشؤون الدينية» في البرلمان تناقش مشروع قانون الفتوى الجديد، وتطالب «الأوقاف» بأحقية الأئمة في الفتوى، على اعتبار أن هناك إدارة بها للفتوى.
وأثار منع أئمة المساجد من الفتوى، موجة غضب كبيرة بينهم، وكتب أحد الأئمة على صفحته: «لو سألني سائل عن كيفية الصلاة، هل أقول له اذهب للأزهر أو الإفتاء، أم أجيب؟ ولو أجبت ماذا سيكون الموقف؟» وكتب آخر أن «الواقع يؤكد أن إقصاء الأئمة من الفتوى، سيجعل الفكر المتطرف يستحوذ على المساجد، فيتم تضليل أي سائل ونشر أي فتوى متشددة، قد يجيب عنها أي شخص «متشدد» موجود في المسجد حينها».
وأشارت وزارة الأوقاف في بيان أمس، إلى أنه في الوقت الذي تحرص فيه على قيام أئمتها وعلمائها بمهامهم الدينية والوطنية والمهنية كاملة غير منقوصة بما فيها حق الإفتاء الشرعي خدمة للدين والوطن، فإنها تؤكد شرف انتسابها للأزهر واحترامها الكامل للدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، ولجميع مؤسسات الأزهر وهيئاته العلمية وعلى رأسها «كبار العلماء». وأضافت: «الوزارة لا تقبل النيل من أي مؤسسة وطنية تصريحاً أو تلميحاً أو تعريضاً».
وزادت: «إننا قبل كل شيء أبناء مؤسسة واحدة هي مؤسستنا العريقة الأزهر، ويجمعنا هدف واحد، وإن تعددت وسائله وهو خدمة ديننا ووطننا وأمتنا ونشر سماحة ديننا ووحدة صفنا، وهو خطنا الثابت الذي لا ولن نحيد عنه قيد أنملة».
ويقول مراقبون إنه «رغم الإجراءات التي وضعتها «الأوقاف» لبسط سيطرتها على المساجد، بتوحيد خطبة الجمعة، وعدم السماح إلا للأزهريين بالخطابة، ووقف جمع أي تبرعات فإنه ما زال هناك من يعتلي بعض منابر المساجد والزوايا لنشر الفكر المتشدد، وهو مصدر الخوف من عدم إدراج أئمة المساجد ضمن الفئات المصرح لها بالفتوى».
وفي تحدٍ لرفض الأزهر التصريح لأئمة الوزارة بالفتوى، أعلنت «الأوقاف» أنها في ضوء رسالتها لخدمة بيوت الله والمجتمع وتبصير الناس بأمور دينهم، وتيسيراً على السائلين والمستفتين في ربوع الوطن، قررت التوسع في لجان الفتوى بالمساجد الكبرى على مستوى ربوع البلاد، تيسيراً على السائلين القاصدين أئمة بيوت الله. وأكدت الوزارة أمس، أنه في سبيل ذلك عقدت عدداً من الدورات التدريبية في فقه المقاصد وفقه الأسرة وفقه المعاملات وفقه المواريث وفقه الحج، وغير ذلك من سائر الموضوعات الفقهية وبخاصة ما يتصل بالقضايا والمستجدات العصرية، وجعلت التمكن في علم الفقه شرطاً رئيسياً لتعيين الأئمة الجدد، وجانبا أساسيا في جميع اختباراتها في الترقية والإيفاد والعمل بالمساجد الكبرى ولجان الفتوى، التي ستتوسع فيها الوزارة توسعاً كبيراً في المرحلة الراهنة، تحت إشراف إدارة الفتوى، حتى نغلق الباب تماماً أمام «الدخلاء وغير المتخصصين» على حد وصفها.


مقالات ذات صلة

أمين رابطة العالم الإسلامي يزور تنزانيا

المشرق العربي الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى‬ في خطبة الجمعة بأكبر جوامع مدينة دار السلام التنزانية

أمين رابطة العالم الإسلامي يزور تنزانيا

ألقى معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، رئيس هيئة علماء المسلمين، فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى‬، خطبةَ الجمعة ضمن زيارة لتنزانيا.

«الشرق الأوسط» (دار السلام)
شمال افريقيا شيخ الأزهر خلال كلمته في الاحتفالية التي نظمتها «جامعة العلوم الإسلامية الماليزية» (مشيخة الأزهر)

شيخ الأزهر: مأساة فلسطين «جريمة إبادة جماعية» تجاوزت بشاعتها كل الحدود

لفت شيخ الأزهر إلى أن «ظاهرة جرأة البعض على التكفير والتفسيق وما تسوغه من استباحة للنفوس والأعراض والأموال، هي ظاهرة كفيلة بهدم المجتمع الإسلامي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الخليج يوضح المعرض أهمية الفنون في مصاحبة كتابة المصاحف ونَسْخها عبر العصور (مكتبة الملك عبد العزيز)

معرض في الرياض لنوادر المصاحف المذهّبة

افتُتح، في الرياض، أول من أمس، معرض المصاحف الشريفة المذهَّبة والمزخرفة، الذي تقيمه مكتبةُ الملك عبد العزيز العامة بفرعها في «مركز المؤسس التاريخي» بالرياض.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
آسيا في هذه الصورة التي التُقطت في 6 فبراير 2024 رجل يدلّ على ضريح الصوفي الحاج روزبيه المهدم في نيودلهي (أ.ف.ب)

هدم ضريح ولي صوفي في إطار برنامج «للتنمية» في دلهي

في أوائل فبراير (شباط)، صار ضريح صوفي أحدث ضحايا «برنامج الهدم» الذي تنفذه هيئة تنمية دلهي لإزالة «المباني الدينية غير القانونية» في الهند.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
يوميات الشرق مصلون يشاركون في جلسة للياقة البدنية بعد الصلاة في مسجد منطقة باغجلار في إسطنبول في 8 فبراير 2024 (أ.ف.ب)

حصص رياضة داخل مساجد تركية تساعد المصلين على تحسين لياقتهم

يشارك مصلّون في حصة تدريبات رياضية في مساجد بمدينة إسطنبول التركية بعد انتهاء صلاة العصر، ويوجد معهم مدرّب لياقة بدنية.

«الشرق الأوسط» (إسطنبول)

ضربات أميركية ضد الحوثيين خلال 3 أيام متتابعة

حرائق على سطح ناقلة النفط اليونانية «سونيون» بعد هجمات حوثية (رويترز)
حرائق على سطح ناقلة النفط اليونانية «سونيون» بعد هجمات حوثية (رويترز)
TT

ضربات أميركية ضد الحوثيين خلال 3 أيام متتابعة

حرائق على سطح ناقلة النفط اليونانية «سونيون» بعد هجمات حوثية (رويترز)
حرائق على سطح ناقلة النفط اليونانية «سونيون» بعد هجمات حوثية (رويترز)

نفذ الجيش الأميركي عدداً من الضربات الاستباقية الدفاعية ضد الجماعة الحوثية المدعومة من إيران خلال الأيام الثلاثة الأخيرة من شهر أغسطس (آب) في سياق السعي للحد من قدرتها على مهاجمة السفن، فيما تبنت الجماعة مهاجمة إحدى السفن في خليج عدن دون أية أضرار.

وتشن الجماعة الحوثية منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، إذ تدعي الجماعة أنها تحاول منع ملاحة السفن ذات الصلة بإسرائيل بغض النظر عن جنسيتها.

وأفادت القيادة المركزية الأميركية بأنها دمرت في 31 أغسطس طائرة دون طيار تابعة للحوثيين المدعومين من إيران، وزورقاً مسيّراً في المناطق التي يسيطرون عليها من اليمن.

وفي اليومين السابقين، أفادت القيادة المركزية بأنها دمرت 3 طائرات من دون طيار ونظاماً صاروخياً في منطقة تسيطر عليها الجماعة الحوثية، وقالت إن هذه الأنظمة تبين أنها تشكل تهديداً واضحاً وشيكاً للقوات الأميركية وقوات التحالف والسفن التجارية في المنطقة، وأنه قد جرى اتخاذ الإجراءات لحماية حرية الملاحة، وجعل المياه الدولية أكثر أماناً.

وكانت واشطن قد أطلقت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي ما سمته «تحالف حارس الازدهار» لمواجهة التهديد الحوثي للملاحة، قبل أن تبدأ ضرباتها الجوية على الأرض في 12 يناير (كانون الثاني) بمشاركة من بريطانيا.

وتلقت الجماعة الحوثية أكثر من 600 غارة منذ ذلك الوقت في مناطق عدة خاضعة لها بما فيها صنعاء، لكن أكثر الضربات تركزت على المناطق الساحلية في محافظة الحديدة التي تتخذ منها الجماعة منطلقاً لشن الهجمات ضد السفن.

هجوم دون أضرار

في أحدث الهجمات الحوثية تبنت الجماعة الحوثية مساء السبت مهاجمة السفينة «جروتون» في خليج عدن، وقالت إنه الاستهداف الثاني للسفينة بعد هجوم في الثالث من أغسطس الماضي.

وفي حين زعم المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع إصابة السفينة إصابة مباشرة، ذكرت تقارير غربية أن قبطان السفينة أبلغ عن سقوط صاروخين بالقرب من مقدمتها ومؤخرتها دون أضرار.

الجماعة الحوثية سمحت بقطر الناقلة «سونيون» بعد ضوء أخضر إيراني (إ.ب.أ)

من جهته، ذكر «مركز المعلومات البحرية المشتركة» التابع لقوات بحرية متعددة الجنسيات تضمّ الولايات المتحدة ودولاً أوروبية ومقره البحرين، أن السفينة «جروتون» استُهدفت بصاروخين باليستيين على مسافة 130 ميلاً بحرياً شرق عدن.

وأضاف أن الصاروخ الأول سقط على مسافة 50 متراً من مقدّم السفينة، والثاني سقط على مسافة 50 متراً من مؤخرتها، وأن السفينة واصلت مسارها، ولم تلحق بها أضرار.

وكان أحدث هجوم مؤثر ضد السفن قد نفذته الجماعة في البحر الأحمر في 21 أغسطس الماضي ضد ناقلة النفط اليونانية «سونيون» عبر سلسلة هجمات؛ ما أدى إلى توقُّف محركها وجنوحها قبل أن يجري إخلاء طاقمها بواسطة سفينة فرنسية تابعة للمهمة الأوروبية «أسبيدس».

وبعد إخلاء الطاقم، اقتحم المسلحون الحوثيون الناقلة، وقاموا بتفخيخ سطحها وتفجيرها ما أدى إلى اشتعال الحرائق على متنها، وسط مخاوف من انفجارها، أو تسرب حمولتها من النفط البالغة مليون برميل.

مقاتلة من طراز «إف 22 في منطقة القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

ومع سماح الجماعة بقطر السفينة إثر تلقيها ضوءاً أخضر من إيران، قال وزير خارجية حكومتها الانقلابية غير المعترف بها جمال عامر في تغريدة على منصة «إكس» إنه من المنتظر وصول قاطرات، الأحد، للبدء في سحب الناقلة «سونيون».

يشار إلى أن الجماعة تبنت مهاجمة نحو 182 سفينة منذ بدء التصعيد في 19 نوفمبر الماضي، وأدّت الهجمات إلى إصابة نحو 32 سفينة، غرقت منها اثنتان، البريطانية، «روبيمار» واليونانية «توتور»، كما قرصنت السفينة «غالاكسي ليدر»، وحوّلتها إلى مزار لأتباعها.