دراسة أميركية تربط بين الجمال والنجاح في الحياة الدراسية

الطالبات الجميلات والطلاب الوسيمون على درجات
الطالبات الجميلات والطلاب الوسيمون على درجات
TT

دراسة أميركية تربط بين الجمال والنجاح في الحياة الدراسية

الطالبات الجميلات والطلاب الوسيمون على درجات
الطالبات الجميلات والطلاب الوسيمون على درجات

قال تقرير من كلية الدراسات الاجتماعية في جامعة شيكاغو إن طالبات المدارس الثانوية الجميلات يحصلن عن نتائج أحسن من غيرهن. وقارنت الدراسة بين «الجاذبية» و«الذكاء» في بحث استمر عشرين عاما، وشمل عشرة آلاف طالب وطالبة، وتابع حياة كل واحد منهم ومنهن حتى ثلاثينات العمر. لكن، قبل صدور التقرير النهائي، ثارت ضجة حول تعريف الكلمات الرئيسة في البحث، واستعملت الدراسة كلمة «بيوتي» (الجمال) لوصف الطالبات، وكلمة «هاندسم» (وسيم) لوصف الطلبة. وقالت الدراسة إن سبب ذلك هو أن الأولاد، عامة، يرفضون استعمال كلمة «بيوتيفول» (جميل) في وصفهم، ويرونها فقط مناسبة للبنات. وإذا وصف بها ولد تشير إلى أنه «غيرلي» (بناتي) أو «فيمينين» (أنثوي).
وثارت ضجة حول الطريقة التي قاس بها الباحثون، بقيادة د.راشيل غوردن، كلا من «الجمال» و«الوسامة». وأوضحت د.راشيل «لم نستعمل المقياس التقليدي (الغربي): شعر أشقر، عيون زرقاء، خدود وردية، أنف مستقيم. استعملنا مقياسا اسمه (ستاندنغ أوت) أو (إثارة الانتباه). وجدنا أن هذا هو المقياس العام في المدارس الثانوية التي شملها بحثنا».
وقالت د. غوردن إن الأولاد يستعملون كلمات مثل «بيوتيفول» (جميلة) و«هوت» (مثيرة) في وصف بنات، وتستعمل البنات كلمات مثل «هاندسوم» (وسيم)، وأيضا «هوت». وهناك كلمة «أتراكتيف» (جذاب) التي يستعملها الجانبان.
اعتمادا على هذه التفسيرات، وضعت د.غوردن، وزميلاتها (وزملاؤها) أسئلة البحث. واعتمدت د.غوردن على تعريفات وإجراءات ووسائل أكاديمية يستعملها «ناشيونال ستادي أوف أدوليسانت هيلث» (المركز الوطني لدراسة صحة المراهقة). وطبعا، كان أسهل جزء في البحث هو الحصول على نتائج الامتحانات خلال هذه السنوات بالنسبة لكل من الطلبة والطالبات. وأيضا، النجاح والفشل في الحصول على الوظيفة التي يريدها كل واحد وواحدة. وحسب النتائج الأولية للبحث، نعم، حصلت الطالبات الجميلات والطلاب الوسيمون على درجات أعلى من غيرهن وغيرهم. ونعم، كان الأوائل أكثر حظا في الحصول على الوظائف المفضلة، بعد نهاية الدراسة.
لكن، وجد البحث بعض الجوانب السلبية لهؤلاء:
أولا: بالنسبة للبنات الجميلات، خاصة الجميلات جدا، يوجد إحساس عام بأنهن «ستيوبيد» (غبيات)، ربما حسدا، غير أن البحث أوضح عكس ذلك. لكن، ربما، كما اعترفت د. غوردن، يميل أساتذة (وأستاذات) لإعطاء درجات أعلى للبنات الجميلات، خاصة الجميلات جدا.
ثانيا: بالنسبة للأولاد الوسيمين، خاصة البارزين في الرياضة، وأصحاب الأجسام الكبيرة، فإنهم «يتعرضون لضغوط أكثر للصداقة من البنات، ويعانون من حسد الأولاد. ويعتقد الجانبان أن هؤلاء الأحسن في النشاطات الجنسية، والأكثر في تعاطي الكحول»، رغم أن دراسات أخرى كانت أوضحت أن هؤلاء ليسوا أكثر من بقية الأولاد في المجالين.
وسئلت د.غوردن إذا وضعت اعتبارات لحقيقة أن بعض المدرسين والمدرسات، على الأقل، يميلون نحو البنات الجميلات والأولاد الوسيمين، ليس فقط أثناء الحصص، ولكن، أيضا، في منح درجات الامتحانات. فأجابت «لم نقدر على أن نحسم هذه النقطة». لكنها نفت أن هذه النقطة مهمة جدا في نتائج البحث. وقالت إن هذا أول بحث من نوعه عن هذا الموضوع (الجاذبية والمستوى الأكاديمي في المدارس الثانوية)، ويمكن أن يكون إضافة لأبحاث عن الجاذبية والنجاح في العمل، ورضاء الرؤساء، وزيادة الرواتب، وسهولة الترقية. وقالت د.غوردن «أثبتت أبحاث سابقة أن الموظفين الجذابين، رجالا ونساء، يجلبون المزيد من الأموال للشركات التي يعملون فيها. ولهذا، ينظر إليهم رؤساؤهم على أنهم أكثر قيمة من زملائهم». وعلقت على ذلك د.كارولين هيلمان، أستاذة في العلوم السياسية في كلية أوكسيدنتال (ولاية كاليفورنيا)، قائلة «ماذا عن الأقل جمالا، والأقل وسامة؟ هل بيل غيتس (مؤسس وصاحب شركة مايكروسوفت، وثاني أغنى شخص في أميركا) وسيم؟ هل مارك زوكربيرغ (مؤسس وصاحب موقع فيس بوك) وسيم؟ هل ووبي غولدبيرغ (ممثلة سوداء) جميلة؟». وأضاف «تنجح كثير من النساء الجميلات في الحصول على وظائف بعد منافسات مع غيرهن من الأقل جمالا أو وسامة. لكنهن لا ينجحن في الوصول إلى مراكز قيادية. هناك نظرة خاصة للبنات الجميلات، خاصة الجميلات جدا». لم تقل ما هي هذه النظرة الخاصة، وربما تقصد أن كثيرا من الناس يرفضون (مباشرة، أو في عقولهم الباطنية) أن تكون البنت جميلة جدا وذكية جدا، حتى إذا كانت هذه حقيقة ماثلة أمام أعينهم.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».