مصر ولبنان وفلسطين والإمارات تحصد جوائز مهرجان «دبي السينمائي» في عامه العاشر

الشيخ منصور بن محمد بن راشد آل مكتوم يسلم جائزة المهر للأفلام التسجيلية لكريم عمرو عن فيلم الميدان (أ.ف.ب)
الشيخ منصور بن محمد بن راشد آل مكتوم يسلم جائزة المهر للأفلام التسجيلية لكريم عمرو عن فيلم الميدان (أ.ف.ب)
TT

مصر ولبنان وفلسطين والإمارات تحصد جوائز مهرجان «دبي السينمائي» في عامه العاشر

الشيخ منصور بن محمد بن راشد آل مكتوم يسلم جائزة المهر للأفلام التسجيلية لكريم عمرو عن فيلم الميدان (أ.ف.ب)
الشيخ منصور بن محمد بن راشد آل مكتوم يسلم جائزة المهر للأفلام التسجيلية لكريم عمرو عن فيلم الميدان (أ.ف.ب)

حصدت مصر ولبنان وفلسطين والإمارات النصيب الأكبر من جوائز مهرجان دبي السينمائي في دورته العاشرة، التي تزيد قيمها عن 575 ألف دولار.
وكرم المهرجان مساء الجمعة الفنانين والمخرجين والسينمائيين الفائزين بجوائز هذه الدورة، في حفل كبير حضره حشد من نجوم وصناع السينما من مختلف أنحاء العالم.
وذهبت جائزة أفضل فيلم عربي إلى الفيلم الفلسطيني - الإماراتي «عمر» الذي يتناول قضية «الاحتلال الإسرائيلي والحصار الذي يفرضه جدار الفصل العنصري»، ونال مخرج الفيلم هاني أبو أسعد جائزة أفضل مخرج.
ونالت الممثلة ياسمين رئيس جائزة أفضل ممثلة عن دورها في الفيلم المصري «فتاة المصنع»، وحصل حسن باديدة على جائزة أفضل ممثل عن الفيلم المغربي «هم الكلاب».
وتوزعت جوائز الأفلام العربية القصيرة بين الفيلم العراقي «الصوت المفقود» الذي نال جائزة أفضل فيلم، ونال مخرج الفيلم اللبناني «الارتباك» جائزة أفضل مخرج، بينما ذهبت جائزة لجنة التحكيم الخاصة إلى حيدر رشيد عن الفيلم العراقي «القاع».
وفي فئة الأفلام العربية والوثائقية ذهبت جائزة «المهر» فئة «أفضل مخرج» إلى سلمى الطرزي عن الفيلم المصري «اللي بيحب ربنا يرفع إيده لفوق»، أما جائزة أفضل فيلم وثائقي فنالها الفيلم المصري «الميدان» الذي يتناول ثورة 25 يناير (كانون الثاني) التي أطاحت بالرئيس المصري الأسبق حسني مبارك.
وإلى جانب تكريم أفضل المخرجين العرب، جرى خلال الحفل تكريم مخرجين من آسيا وأفريقيا، بمنحهم جوائز «المهر الإماراتي»، وجوائز «المهر الآسيوي - الأفريقي»، في دورة المهرجان التي تعد الأكثر تنافسية وتنوعا منذ إطلاق جوائز «المهر العربي» في عام 2006، و«المهر الآسيوي - الأفريقي» في عام 2007.
وذهبت جائزة الاتحاد الدولي لنقاد السينما للأفلام الروائية إلى المخرج محمد خان عن الفيلم المصري «فتاة المصنع».
وقال خان لوكالة الأنباء الألمانية إن الفوز بهذه الجائزة يكلل مسيرة طويلة من الجد والاجتهاد في عالم السينما.
ونال جائزة الاتحاد الدولي لنقاد السينما للأفلام القصيرة المخرج أحمد ياسين عن الفيلم العراقي «أطفال الله»، أما جائزة الاتحاد الدولي لنقاد السينما للأفلام الوثائقية فنالتها زينة دكاش عن الفيلم اللبناني «يوميات شهرزاد».
وتوج الفيلم السنغافوري «إيلو إيلو» بجائزة أفضل فيلم فئة الأفلام الآسيوية والأفريقية الروائية، ونال جائزة «المهر» للأفلام الإماراتية فيلم «لا تخليني» للمخرجين عبد الله حسن أحمد وخالد المحمود.
وقال رئيس المهرجان عبد الحميد جمعة للصحافيين: «شارك في دورة المهرجان هذا العام حشد كبير من صانعي وعشاق السينما من داخل المنطقة العربية وخارجها»، مضيفا أنه «خلال 10 سنوات، هي عمر المهرجان، نجح (دبي السينمائي) في دعم أعمال سينمائية حظيت بإعجاب الجمهور وخبراء السينما، وهذا النجاح نتيجة جهود فريق عمل المهرجان عبر مختلف المبادرات والبرامج التي هدفت إلى دعم وتعزيز المواهب السينمائية في الوطن العربي».
وأضاف: «السينما العربية بدأت تضع أقدامها بقوة على الساحة الدولية، عبر الاهتمام المتزايد الذي تبديه مختلف المهرجانات الدولية بعرض أعمال السينما العربية، وصعود عدد منها إلى منصات التكريم. وقد كان لـ(دبي السينمائي الدولي) دور كبير في إبراز كثير من تلك الأعمال ودعمها».
وقال مسعود أمر الله آل علي المدير الفني للمهرجان: «قدم صانعو السينما العرب والعالميون الذين استضفناهم في هذه الدورة أعمالا قوية، وهؤلاء المخرجون يعملون بشكل مستقل، بعيدا عن أنظمة بوليوود وهوليوود، لذلك نجد أعمالهم تتمتع بالاستقلالية والجرأة في الطرح الإبداعي، ونحن في المهرجان فخورون بدعم هؤلاء المبدعين ماديا ومعنويا، حتى يتمكنوا من إظهار قدراتهم الإبداعية للعالم».
وعرض المهرجان على مدار ثمانية أيام 174 فيلما، من 57 دولة، ناطقة بـ43 لغة، من بينها 100 فيلم من العالم العربي. وتضمنت هذه الدورة جلسات حوارية وندوات، وفرت منصة تعارف وورشة عملية لعقد الاتفاقيات والشراكات التجارية بين صناع السينما من مختلف أنحاء العالم.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».