وحوش «جوراسيك وورلد» تتهيأ لتسود العالم

العلماء ورجال الأعمال شركاء في الجريمة

كريس برات يوقف هجوم بايبي ديناصور
كريس برات يوقف هجوم بايبي ديناصور
TT

وحوش «جوراسيك وورلد» تتهيأ لتسود العالم

كريس برات يوقف هجوم بايبي ديناصور
كريس برات يوقف هجوم بايبي ديناصور

اعتلى «جوراسيك وورلد: فولِن كينغدوم» المركز الأول في إيرادات أفلام نهاية الأسبوع منجزاً نحو 74 مليون دولار يومي الخميس والجمعة، وحثّ هوليوود على أن تتوقع أن يتجاوز الفيلم الـ140 مليوناً بعدما افتتح في عدد ضخم من صالات أميركا وكندا بلغ 4475 صالة.
هذا الرقم أعلى ممّا سُجلّ في أي مكان آخر حتى الآن، لكنّه ليس بعيداً جداً عن إيراداته في الصين، إذ جمع 110 ملايين دولار في أربعة أيام و34 مليون دولار في بريطانيا خلال 12 يوماً.

من فيلم لآخر
بعيداً عن لغة الأرقام ومدلولاتها المهمّة (من بينها قدرة السلسلة في خامس فيلم لها على الحفاظ على جماهير مخلصة)، فإنّ هذا هو الجزء الخامس من مسلسل غُيّر عنوانه من «جوراسيك بارك» إلى «جوراسيك وورلد» قبل ثلاث سنوات عندما خرج الجزء الرابع. والمرء له الحق في طرح السؤال فيما يمكن أن يكون الفرق بين الكلمتين. والمنتج ستيفن سبيلبرغ (الذي أخرج الفيلمين الأول والثاني من «جوراسيك بارك») ذكر، رداً على ذلك، أنّ الأحداث كبرت بحيث لم تعد الجزيرة المجهولة - حيث اكتُشفت الديناصورات - المكان الوحيد لما تتناوله الأفلام من أحداث.
في الواقع، تغيّر العنوان أكثر من مرّة منذ أن انطلق الجزء الأول سنة 1993، فالجزء الثاني (1997) انتقى اسم «العالم المفقود: جيروسيك بارك» ما قرّبه إلى عنوان شيخ أفلام الديناصورات وهو «العالم المفقود» (The Lost World) الذي حقّقه هاري أو هيت سنة 1925، اقتباساً عن رواية آرثر كونان دويل.
الجزء الثالث الذي أخرجه جو جونستون سنة 2001، عاد إلى عنوانه الأول مع إضافة رقم 3 إليه. لكن الرابع (كولِن تريفورو، 2015) انتقل إلى «جيروسيك وورلد» بينما أضاف الفيلم الجديد كلمتي Fallen Kingdom إلى Fallen World وانطلق يسبر حكاية جديدة مختلفة عن تلك الحكايات السابقة في بعض النواحي المهمّة.
إلى حين تحقيق سبيلبرغ الجزء الثاني، كانت السلسلة تستند إلى رواية الكاتب (وأحيانا المخرج) مايكل كريتون التي حملت عنوان «جيروسيك بارك». نجاح الرواية اضطره، من حيث لم يرغب كما قال، لوضع رواية ثانية وهذه أيضاً التقطها سبيلبرغ وحوّلها إلى فيلم آخر.
في هذا الجزء بدا أنّ الحكاية تحتاج إلى نقل الأحداث من تلك الجزيرة التي تقع على ساحل أميركا اللاتينية إلى العالم الخارجي. وأنّ الرّعب الذي أوقعته في صفوف الشخصيات البشرية يمكن له أن يتضاعف إذا ما حطّت تلك الزواحف الضخمة أو طيور بتيرانودونز العملاقة على الساحل الأميركي الغربي.
مايكل كرايتون (1942 - 2008) دائماً ما كان يربط بين العلم والجشع المادي وينتقدهما في أعماله. نجد في «سلالة إندروميدا» (روبرت وايز، 1971) و«علاج كاري» (بليك إدواردز، 1972). لاحقاً أخرج بنفسه «وستوورلد» (1973) ثم «كوما» (1978) وفيهما ذلك الهجوم على جشع العلماء وخروجهم عمّا يفيد البشرية. «وستوورلد» بحدّ ذاته هو أكثر أفلامه تجسيداً لهذا المعنى فقد بنى العلماء مدينة ينتقل إليها المواطنون ليعشوا خيالاتهم المفرطة. البعض يود العيش في التاريخ الروماني، والبعض في الغرب الأميركي والبعض الآخر في سنوات أخرى. للغاية، ابتكر علماء هذا المتنزه روبوتس، تمثل شخصيات وهمية في تلك العوالم مما يجعل الآدميين يشعرون بالتفوق عندما يقتلون تلك الآلات المسيرة التي تبدو حقيقية وذلك في طي الفانتازيا التي يعيشونها. لكن ما الذي سيحدث لو أنّ الروبوتس بدأت ترفض الموت والانصياع للأوامر وتنطلق لتقتل المدنيين؟

القالب والخطوات
ناصية كرايتون هذه، مارسها في جزأي «جيروسيك بارك» بطلاقة: العلم والاقتصاد يعملان سوية. مرّة أخرى يبتدع العلم المحنة التي ستعرض الآخرين للموت. فقد لُقّحت جينات حافظت على قدراتها ووجدت في بعُوض اكتُشفت مجمّدة وبذلك خُلق جيل جديد من الديناصورات المختلفة وتركها تعيش فوق جزيرة لا تبعد كثيراً عن كوستاريكا على أن تتحوّل الجزيرة إلى مرتع طبيعي للديناصورات ومتنزه يجذب إليه الأثرياء القادرين على دفع المبلغ الكبير لزيارة آخر معاقل الحياة الأولى.
سبيلبرغ بدوره كان وصم المصالح التجارية في أول فيلم له عن وحوش تنبري للإنسان وذلك في فيلمه Jaws سنة 1975، عندما صوّر كيف يقود جشع محافظ مدينة ساحلية يقصدها المتنزهون صيفاً، إلى التساهل بشأن خطر سمكة قرش كبيرة قاتلة تقتات من السابحين في البحر. لكنّ حجم الخسائر هنا والخيط المدروس من الأحداث في الجزأين الأول والثاني من «جوراسيك بارك» لا مثيل له في أي فيلم آخر لسبيلبرغ.
مع توقف كرايتون عن الكتابة بقي الوضع قائماً مع تنويعات. لا يمكن تحقيق فيلم من بشر كلهم نموذجيون وذوو مبادئ لا تحيد، وحيوانات كلّها فاتكة لا تعرف الرّحمة. لا بد من عناصر بشرية تعمل ضد المصلحة العامة ووفق مقتضياتها ومصالحها الخاصة والنموذج الأقرب إلى هذه العناصر هم العلماء الذين يتوارون وراء مراكزهم لصالح علاقاتهم مع رؤوس أموال تريد تحقيق الثّراء حتى مع خطر انفلات الديناصورات من معاقلها والهجوم على السّياح الذين جاءوا معتقدين أنّ الاحتياطات الكافية قد قامت لمنع حدوث أي احتكاك بينهم وبين تلك الأنياب الضخمة.
هذا ما ورد في «جيروسيك وورلد» قبل ثلاث سنوات. لكن بما أنّه لا يمكن السير على الخطوات ذاتها طوال الوقت فإن الفيلم الجديد يعمد إلى قدر لا يستهان به من التغييرات في القالب ذاته.
في هذا الفيلم الجديد «جيروسيك وورلد: فولِن كينغدوم» يعود أووَن غرادي (كريس برات) وكلير ديرينغ (برايس دالاس هوارد) بعدما نجيا من الموت المحقق في الفيلم السابق. ها هما يلتقيان من جديد بعد ثلاث سنوات، ويبدأ كل منهما لوم الآخر على من الذي بادر لإنهاء العلاقة العاطفية التي مهّد لها الفيلم السابق.
هذا لا يأخذ أكثر من نصف دقيقة في الفيلم، والمياه تعود إلى مجاريها وكلاهما منصرفان الآن لدراسة وضع جديد. المؤسسة العلمية - الاقتصادية التي تشرف على تلك الجزيرة تريد نقل بعض الديناصورات إلى مكان آمن بسبب انفجار بركاني سيقضي على تلك الديناصورات لا محالة. وهي مهمّة إنسانية بالنسبة إليهما تنطلق من الرغبة في المحافظة على أي حيوان مهدد بالانقراض حتى ولو كان وحشاً فتاكاً اسمه تي - ركس أو إندورباتور ومعاملتها كمعاملة الغزلان أو القطط الأليفة. وهما غير مدركان أنّ ويتلي ورجاله ينفّذون رغبة المؤسسة في نقل ما يمكن نقله من تلك الوحوش للمتاجرة بها في مزادات علنية بحيث يصبح لكل ملياردير راغب «ديناصوره» الخاص.

مفردات ناجحة ولكن...
لا يخلو الفيلم من مشاهد مشوّقة من بينها، على سبيل المثال، هروب البشر والحيوانات في اتجاه واحد بعيداً عن البركان. والفصل النهائي مع مختلف ألوان القتل والفتك وسقوط الأبرياء. لكنّ السائد من المفارقات يبقى ذاته، خصوصاً في كل وضع يجد فيه بطلا الفيلم غرادي وكلي، نفسيهما على بعد شبر واحد من فم الوحش لكنّهما ينجحان في الإفلات من تلك الأنياب الكبيرة. كل هذا في سبيل الحفاظ على هذه الثروة الوحشية وفي واحد من الحوارات المسلوقة من جينات الأفلام السابقة تقول كلير بأسى: «الديناصورات تموت ولا أحد يكترث». نعم هناك مكترثون من المشاهدين، لكن ليس للغاية الإنسانية ذاتها.
كذلك هناك تلك المؤسسة التي تكترث والتي تمرّ بمخاض عسير للحفاظ على مكتسباتها.
يوفر هذا الفيلم شخصية جديدة تدخل على الخط من دون مقدّمات هي شخصية لوكوود (الرائع جيمس كروموَل): إنّه عجوز طريح الفراش معظم الوقت كان شريكاً لهاموند (رتشارد أتنبوره في الفيلمين الأولين) ثم انفصلا. هاموند كان استثمارياً بطبعه، لكنّ نيات لوكوود نظيفة، وهو يخشى من أن زوج ابنته سيعصف بكل المنجزات العلمية بقيامه باستنساخ وبيع الديناصورات للراغبين في الاقتناء.
وجود لوكوود، ثم مقتله على يد شريكه الحالي الذي يود المضي في استنساخ الديناصورات وبيعها، يحوّل دفة الفيلم - بنجاح - إلى وضع مختلف عمّا كانت عليه الأجزاء الأربعة السابقة. هنا يدخل الفيلم (والسلسلة معه) في مسار جديد حيث ما عادت الديناصورات مجرد وحوش فتاكة، بل صارت رمزا لعالم مضطرب مليء بالنيات الشريرة. صحيح أنّ الرغبة في المتاجرة بتلك الوحوش موجودة منذ الفيلم الأول، لكنّ هذه الوحوش في الفيلم الجديد تنتقل إلى عالمنا الحالي وتعد أنّها ستدمره في الجزء الخامس بلا ريب.
وفي حين تشكّل الاستعانة بالمخرج الإسباني ج. أ. بايونا (الذي من بين أفلامه «المستحيل» مع ناوومي ووتس وإيوان مكريغور قبل ست سنوات) ميزة أنّه جيد في عمله وعين خارجية على سلسلة عايشها من الداخل كل من عمل فيها سابقاً من الأميركيين، إلا أن القليل في السيناريو يرتفع إلى مستوى اختيارات المخرج من مفرداته الفنية. وكما الحال في المشاهد التي يتبنّى فيها الفيلم الجديد مواقف وحلولا سبق للأفلام السابقة أن أمّتها أكثر من مرّة، نجد أنّ الشّخصيات كرتونية وعبارات تلطيف الأجواء بمزاح كوميدي لا تزال تستخدم حتى لا يفوت الفيلم أي فرصة يعتقدها مثمرة.
هذه اللمحات كذلك المؤثرات البارعة المستخدمة لا تنفع كثيراً عندما يدرك المشاهد أنّ أخطاء الشّخصيات كلها هي السبب الوحيد في استمرار الحكايات الواردة. لوكوود الذي وافق على استنساخ البشر، لكنّه غير موافق على استنساخ الديناصورات. بطل الفيلم الذي يقترب من أحد الديناصورات ماداً يده صوبه بينما الأخرى مقبوضة قريباً من صدره كما لو أنّه يستطيع أن يلكم الديناصور إذا ما أساء هذا التّصرف. الشرير ويتلي الذي يتولّى نقل الديناصورات في باخرة (كما نُقل «كينغ كونغ» أكثر من مرّة) وهو يعتقد أنّه أذكى من الديناصور فيحاول قلع واحدا من أنيابه بعد تخديره. من ثمّ يكفي أنّ بطلي الفيلم في سعيهما ليبرهنا على إنسانيّتهما لم يفكرا في المخاطر التي سيتسببان بها عبر الإبقاء على الديناصورات حيّة، ناهيك برغبة نقلها إلى المدن، هذا على الرغم من أنّ تجربتهما في هذا المجال انقلبت وبالاً على عشرات أو ربما مئات الضّحايا في الفيلم السابق.
في كل مثال هنا، وفي سواها، يجد المشاهد نفسه أمام شخصيات افترضت أنّها تستطيع، لكنّها لم تفكر للحظة ما إذا كان ما تقوم به هو الفعل الصحيح أم لا.


مقالات ذات صلة

كلينت إيستوود ناقد السُلطات والباحث عن عدالة غائبة

سينما المخرج إيستوود مع نيكولاس هاولت (وورنر)

كلينت إيستوود ناقد السُلطات والباحث عن عدالة غائبة

ماذا تفعل لو أنك اكتشفت أن الشخص المتهم بجريمة قتل بريء، لكنك لا تستطيع إنقاذه لأنك أنت من ارتكبها؟ لو اعترفت لبرّأت المتهم لكنك ستحلّ مكانه في السجن

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)
سينما من «الفستان الأبيض» (أفلام محمد حفظي)

شاشة الناقد: دراما نسوية

في فن صنع الأفلام ليس ضرورياً أن يتقن المخرج الواقع إذا ما كان يتعامل مع قصّة مؤلّفة وخيالية.

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)
يوميات الشرق مشهد من فيلم «هُوبَال» الذي يُعرض حالياً في صالات السينما السعودية (الشرق الأوسط)

بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

يندر أن يتعلق الجمهور السعودي بفيلم محلي إلى الحد الذي يجعله يحاكي شخصياته وتفاصيله، إلا أن هذا ما حدث مع «هوبال» الذي بدأ عرضه في صالات السينما قبل أسبوع واحد.

إيمان الخطاف (الدمام)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سينما صُناع فيلم «إيميليا بيريز» في حفل «غولدن غلوب» (رويترز)

«ذا بروتاليست» و«إيميليا بيريز» يهيمنان... القائمة الكاملة للفائزين بجوائز «غولدن غلوب»

فاز فيلم «ذا بروتاليست» للمخرج برادي كوربيت الذي يمتد لـ215 دقيقة بجائزة أفضل فيلم درامي في حفل توزيع جوائز «غولدن غلوب».

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».