برامج وزارة الإسكان السعودية تضغط على أسعار العقار وتحفز زيادة التملك

ينتظر أن يشهد النصف الثاني من العام الحالي 2018 المزيد من النشاط العقاري السكني، الذي تقوده وزارة الإسكان بالتعاون مع شركات القطاع الخاص، والتي تتولى تنفيذ برامج الوزارة في تأمين منتجات الدعم السكني للأفراد، في الوقت الذي اعتبرت إجازة عيد الفطر التي انقضت قبل أيام، بمثابة فترة راحة وهدوء، ستتبعها فترة مليئة بالنشاط العقاري في جميع مناطق البلاد، وبخاصة تلك المليئة بالكثافة السكانية مثل الرياض والمنطقة الشرقية وجدة.
ووفقاً للمختصين الذين أكدوا أن نشاط الوزارة يضغط بشكل مباشر على أسعار العقارات بمختلف منتجاتها، في الوقت الذي شهدت تضخماً خلال سنوات ماضية؛ كونها واحداً من القوالب الاستثمارية المهمة عند الأفراد؛ مما تسبب في فجوة كبيرة بين القدرة الشرائية وبين أسعار العقار في البلاد، في حين تشهد تداولات العام الحالي استقراراً نسبياً مع تباطؤ الطلب خلال الفترة الحالية.
وقال العقاري عماد محمد، إن «إجازتي عيدَي الفطر والأضحى في كل عام، غالباً ما تشهدان هدوءاً في نشاط القطاع العقاري، الذي يستثمر العاملون فيه هذه الفترة للتخطيط والتجهيز والإعداد لتكثيف النشاط بعد الإجازة مباشرة».
وأضاف عمار: «إجازة عيد الفطر لهذا الموسم امتدت نحو أسبوعين في القطاع العام، ولمدة أسبوع في القطاع الخاص، وخلال هذه الفترة، اتسم الأداء في مشروعات وزارة الإسكان بالهدوء، وهذا الأمر اعتدنا عليه كل عام في شركات التطوير العقاري، التي تتأهب للبدء في مشروعات الإسكان الجديدة؛ لذا أتوقع أن تعلن الشركات العقارية المتحالفة مع وزارة الإسكان عن حزمة من المشروعات الجديدة، ستبدأ تنفيذها عقب الإجازة، وهو ما يصب في صالح موضوع السكن، التي تتبنى الوزارة حله بأسلوب عملي، يعتمد على زيادة المعروض من المنتجات السكنية من جانب، ومساعدة المواطنين على امتلاك سكن، عبر برامج التمويل العقاري، وتأمين الوحدات والفلل السكنية الجاهزة، فضلاً عن الأراضي البيضاء للراغبين في بناء مساكنهم بأنفسهم».
من جانبه، أوضح المحلل الاقتصادي علي الجعفري، أن «وزارة الإسكان وعدت بتأمين نحو 300 ألف منتج عقاري خلال العام الحالي 2018»، وقال: «الوزارة كانت وعدت بتأمين 280 ألف منتج عقاري في المرحلة الأولى خلال عام 2017، لكنها نجحت في توفير أكثر مما وعدت به»، على حد وصفه.
وأضاف الجعفري: «في هذا العام الوزارة وعدت بـ300 ألف منتج، ويبدو أنها حريصة على تجاوز ما وعدت به، وتأمين ما يفوق هذا العدد؛ الأمر الذي يجعلني أتوقع أن تشهد الشهور المتبقية من العام الحالي 2018، المزيد من الجهود التي تبذلها الوزارة، بالشراكة مع شركات القطاع الخاص لتأمين أكبر عدد من منتجات الدعم السكني، وعرضها على المواطنين عبر بوابة «سكني».
وتابع الجعفري: «يجب ألا ننسى أن البرامج التي أعلنت عنها الوزارة في الفترة الأخيرة، رفعت من نسبة الإقبال على منتجاتها، ولعل من أبرز هذه البرامج القرض المدعوم، وتحمّل الدولة نسبة أرباح القرض، نيابة عن الفرد الذي يقل راتبه عن 14 ألف ريال (3733 دولار)، فضلاً عن مبادرة البناء الذاتي، التي كانت مطلباً جماهيرياً، وحظيت بالقبول الكبير من الأفراد».
وعبر المحلل الاقتصادي عيسى الدوسري عن رضاه التام على أداء وزارة الإسكان في الفترة الماضية، وقال: «إنتاج الوزارة ظاهر، وتكشف عنه لغة الأرقام، وهذا الأمر يبث في الأفراد السعوديين كافة الأمل في امتلاك مساكن خاصة بهم في وقت قريب جداً»، وأضاف: «الوزارة عمدت في استراتيجية عملها، إلى منح الفرد حرية اختيار المنتج السكني المناسب لظروفه وإمكاناته، فضلاً عن قدرتها في تقليص الأسعار بنسب كبيرة، تلامس الـ50 في المائة في بعض المنتجات؛ وهو ما يشجع الجميع على التقدم للحصول على منتج سكني يتناسب مع إمكاناتهم المادية».
واستشعر عبد العزيز الكاتب، وهو أحد العاملين في القطاع العام الكثير من الطمأنينة عند الأفراد فيما يخص موضوع السكن بالسعودية، وقال: «نشعر بهدوء في أسعار المنتجات العقارية، سواء التي تنتجها وزارة الإسكان أو شركات القطاع الخاص، وعلى رأس هذه المنتجات الأراضي البيضاء، كما أن أسعار الإيجارات بدأت تتراجع بنسبة تصل إلى 20 في المائة في مناطق عدة بالبلاد، ويرجع هذا الأمر إلى سياسية وزارة الإسكان واستراتيجية تعاملها مع القطاع، وبخاصة فئة محتكري الأراضي البيضاء، إلى جانب سياستها في إيجاد منتجات عقارية متفاوتة الأسعار؛ الأمر الذي ضغط على القطاع الخاص لتخفيض أسعار منتجاته هو الآخر، إن أراد أن يربح ويستمر في هذا المجال».
يذكر أن وزارة الإسكان وصندوق التنمية العقارية قد أعلنا عن الدفعة السادسة من برنامج «سكني» - أحد برامجها - بعدد 23.7 ألف خيار سكني وتمويلي، تشمل الوحدات السكنية تحت الإنشاء بالشراكة مع المطوّرين العقاريين المؤهلين، والأراضي المجانية، والقروض العقارية المدعومة بالشراكة بين صندوق التنمية العقارية والبنوك والمؤسسات التمويلية، ليصل بذلك إجمالي ما تم إعلانه ضمن برنامج «سكني» لهذا العام حتى شهر يونيو (حزيران) الحالي نحو 128.9 ألف خيار سكني وتمويلي.
وتضمّنت الدفعة السادسة نحو 8.150 وحدة سكنية متنوعة تشمل الفلل والشقق والتاون هاوس ذات التصاميم والنماذج المتنوعة وبأسعار تتراوح بين 250 ألف ريال (66.6 ألف دولار) و750 ألف ريال (200 ألف دولار)، وذلك بالشراكة مع القطاع الخاص ممثلاً بالمطوّرين العقاريين، إضافة إلى 7319 أرضاً مجانية في عدد من المحافظات والمراكز، و8300 قرض عقاري مدعوم.
وأوضح سيف السويلم، المتحدث الرسمي لوزارة الإسكان، أن هذه الدفعة تأتي تزامناً مع استمرار تسليم عدد من الوحدات السكنية الجاهزة في مختلف المدن والمحافظات بالبلاد، إضافة إلى ما تم تسليمه مؤخراً من وحدات بالشراكة مع مدينة الملك عبد الله الاقتصادية (غرب السعودية)، مشيراً إلى استمرار التسليم للوحدات السكنية الجاهزة بعد استكمال الإجراءات المتمثّلة في الحجز وتوقيع العقود النهائية، منوهاً إلى أنه جرى خلال الفترة الماضية تسليم آلاف الأراضي المجانية في عدد من المحافظات لمستفيديها.
وكشف عن أن معارض الوحدات السكنية تحت الإنشاء التي تتوزع في مدن عدة على مستوى البلاد، ستستأنف العمل بعد إجازة عيد الفطر المبارك مباشرة، لافتاً إلى أنه تم حجز أكثر 60 في المائة من إجمالي المشروعات التي تم إطلاقها مؤخراً، في حين بدأت إجراءات البناء والتنفيذ في 19 مشروعاً منها.
بدوره، أبان حمود العصيمي، المتحدث الرسمي لصندوق التنمية العقارية، أن الصندوق العقاري وبالشراكة مع البنوك والمؤسسات التمويلية يواصل تقديم الخدمات للمستفيدين، الذين تم الإعلان عنهم خلال الدفعات الشهرية الماضية من برنامج «سكني»، مؤكداً أن هناك آلاف الأفراد استكملوا طلباتهم وحصلوا على قروضهم؛ تمهيداً للاستفادة من الخيارات المتاحة التي تشمل البناء الذاتي أو شراء وحدة سكنية جاهزة أو تحت الإنشاء، إضافة إلى خيار تمويل القرض القائم.
وتأتي هذه الخيارات السكنية والتمويلية، في إطار رفع نسبة التملّك السكني إلى 60 في المائة بحلول عام 2020، وإلى 70 في المائة بحلول عام 2030، وذلك ضمن مستهدفات «برنامج الإسكان» أحد برامج تحقيق «رؤية 2030»، الذي انطلق في فبراير (شباط) الماضي بمشاركة 16 جهة حكومية بين وزارات وهيئات ومؤسسات.