انتصرت العدالة لصالح المرأة في لبنان لأول مرة قبل يومين بعد نحو شهرين على إقرار قانون «حماية أفراد الأسرة من العنف». وكانت تمارا حريصي هي المستفيدة الأولى من هذا القرار بعد تعرضها للعنف والضرب المبرح وصل إلى حد محاولة القتل من زوجها حسين فتوني، وذلك بالحكم عليه بالسجن تسعة أشهر وإلزامه دفع مبلغ عشرين مليون ليرة لبنانية (نحو 13 ألف دولار أميركي) إلى المدعية تعويضا عن مجمل الأضرار. هذا القرار القضائي الذي أنصف حريصي بعدما حال غياب القانون دون الدفاع عن النساء المعنفات، تصفه منظمة «كفى عنفا واستغلالا» بـ«المنصف» لا سيما بعدما أدت هذه الظاهرة في لبنان إلى مقتل أكثر من 12 امرأة سنويا، وهو ما تعتبره حريصي «فوزا للمرأة في بلد يحكم بسلطة الرجل»، في حديثها لـ«الشرق الأوسط».
وفي هذا الإطار، قالت المنسقة الإعلامية في «منظمة كفى» مايا عمار، أنه من المرات القليلة التي نرى فيها الزوج المعنف يلقى عقابه في لبنان، والقرار بحق زوج تمارا هو خطوة إيجابية في هذا الشأن بعد إقرار قانون حماية العائلة من العنف، ولفتت في حديثها لـ«الشرق الأوسط» أن الحكم اعتمد على قانون العقوبات تحت توصيف «العنف الأسري»، وأضافت: «الحكم على شكوى الضرب والإيذاء بالسجن تسعة أشهر هو عقاب منصف، لا سيما أنه في العادة يحكم المعنف نحو ثلاثة أشهر، أما إذا كانت بتهمة محاولة القتل، فبالتأكيد أن هذه العقوبة ليست منصفة. انطلاقا من هنا أكدت عمار أن «كفى» قدمت دعوى ثانية عن تمارا وهي محاولة القتل، لا سيما أن سلوك زوجها وطريقة تعنيفه لها كانت بنية قتلها.
وكانت حريصي قد ذهبت إلى مركز الشرطة في السابع من شهر يونيو (حزيران) الماضي، وهي مضرجة بالدماء جراء اعتداء من قبل زوجها، متخذة ضده صفة الادعاء الشخصي، ليتبين أنه عمد إلى ضربها ضربا مبرحا وتسبب لها برضوض وجروح في مختلف أنحاء جسمها، كما عادت وقدمت أمام المحكمة بعد ثلاثة أسابيع باستدعاء تشير فيه إلى تعرضها لمحاولة قتل لا مجرد إيذاء، طالبة إتمام المقتضى على هذا الأساس.
وفيما أعاد الحكم على حسين فتوني الطمأنينة إلى نفس تمارا وابنتها التي تبلغ من العمر ستة أشهر، فإن المرحلة المقبلة لن تكون سهلة بالنسبة إليها لا سيّما في ظل التهديدات التي تتعرض لها من قبل عائلة زوجها إضافة إلى الشائعات التي تطلق بحقها للمساس بكرامتها واتهامها بخيانة زوجها. وتقول تمارا في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تعرضت للعنف لأكثر من سنة خلال زواجي وكنت أظن أن حياتي قد انتهت لا سيما أنني لجأت إلى المحكمة الشرعية ولم أصل إلى نتيجة، أما الآن فأنا مرتاحة لسير الأمور وسأكمل في معركتي حتى الحصول على الطلاق وقد تقدمت بدعوى في هذا الإطار، حدد موعد لها في السادس من شهر أغسطس (آب) المقبل».
وتشير تمارا التي لا تزال علامات العنف واضحة على عينيها ووجهها أنها تلقت تهديدات من قريب زوجها يؤكد خلالها أنها لن تنال الطلاق، وهو ما بدا واضحا على الحساب الذي أنشئ في لبنان لدعم قضية تمارا على موقع «فيسبوك» تحت عنوان «تمارا حريصي، ضحية جديدة للعنف الأسري»، إذ عمد أحدهم إلى تهديدها بأنها لن تحصل على الطلاق مهما فعلت وستبقى معلقة إلى ما لانهاية، قائلا: «من يضحك هو الذي يضحك في النهاية».
وكانت السنوات الثلاث الأخيرة قد شهدت تفاقما لظاهرة العنف ضد المرأة في لبنان بشكل كبير، وقد شكلت هذه الأمهات اللواتي فارق عدد منهن الحياة وظهرت قضاياهن إلى الإعلام، حافزا لتحريك الرأي العام وتنفيذ تظاهرات واعتصامات أدت في النهاية إلى إقرار القانون قبل شهرين.
مع العلم أن القانون الذي أقر تحت عنوان «حماية الأسرة من العنف» كان قد لاقى اعتراض بعض الجهات، مطالبين بتخصيص النساء بالقانون منعا لنسف الفلسفة الحمائية لهن، والتي تنطلق من أن الأطفال محميون بقانون الأحداث، والرجل يستند إلى المنظومة الاجتماعية والذكورية والتشريعية والدينية والسياسية أيضا، وفق ما قالت رئيسة منظمة «كفى» زويا روحانا لـ«الشرق الأوسط».
8:56 دقيقه
قانون حماية أفراد الأسرة من العنف في لبنان ينصف النساء المعنفات للمرة الأولى
https://aawsat.com/home/article/131141
قانون حماية أفراد الأسرة من العنف في لبنان ينصف النساء المعنفات للمرة الأولى
بعد شهرين على إقراره إثر تفاقم هذه الظاهرة في السنوات الأخيرة
- بيروت: كارولين عاكوم
- بيروت: كارولين عاكوم
قانون حماية أفراد الأسرة من العنف في لبنان ينصف النساء المعنفات للمرة الأولى
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة

