تحالف العبادي ـ الصدر يطيح آمال العامري لرئاسة الحكومة العراقية

مصادر اعتبرته ثمرة تحرك لتعطيل مشروع رتبت له إيران

جندي عراقي يحتسي القهوة في البصرة (رويترز)
جندي عراقي يحتسي القهوة في البصرة (رويترز)
TT

تحالف العبادي ـ الصدر يطيح آمال العامري لرئاسة الحكومة العراقية

جندي عراقي يحتسي القهوة في البصرة (رويترز)
جندي عراقي يحتسي القهوة في البصرة (رويترز)

أطاح التحالف الذي أعلنه مساء أول من أمس رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته حيدر العبادي زعيم تحالف «النصر» ومقتدى الصدر، راعي تحالف «سائرون» آمال هادي العامري، زعيم تحالف «الفتح» المشكل من فصائل في الحشد الشعبي بتولي رئاسة الحكومة المقبلة.
وكان الصدر والعامري أعلنا بعيد انتخابات 12 مايو (آيار) الماضي عن تحالف بينهما أنعش آمال الأخير في أن يكون مرشحا لرئاسة الحكومة المقبلة وكان تحالف «الفتح - سائرون»، طبقا لما تم تداوله في مختلف الأوساط السياسية والإعلامية في العراق، قد تم بترتيب إيراني من خلال زيارة قام بها لهذا الغرض قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني الأمر الذي أزعج أطرافا شيعية أخرى، في المقدمة منها العبادي الذي دعا إثر ذلك إلى عقد لقاء وطني شامل بعد عطلة العيد وهو ما فسره الكثير من المراقبين والمتابعين على أنه مسعى من العبادي لسحب البساط من تحت هذا التحالف ومحاولة خلط أوراق التفاهمات التي كانت قد حصلت قبل إعلان تحالف العامري - الصدر بين كل من «سائرون» و«الحكمة» بزعامة عمار الحكيم و«الوطنية» بزعامة إياد علاوي.
وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال سياسي عراقي طلب عدم الإشارة إلى اسمه إن «التحالفات التي يجري الإعلان عنها إنما هي نوع من التعبير عن الارتباك في المشهد السياسي العراقي أولا بسبب عدم وضوح الخريطة السياسية التي عادت للاصطفافات الطائفية ثانية بعد أن كان الحديث عن الكتلة العابرة للطائفية والعرقية هو الطاغي خلال مرحلة ما قبل الانتخابات، وثانيا بسبب كثرة الطامعين لرئاسة الحكومة المقبلة». ويضيف السياسي العراقي أنه «بالإضافة إلى العبادي الذي تبدو حظوظه راجحة بالقياس إلى سواه فهناك العامري الذي تم طرحه رسميا من قبل (الفتح) كمرشح، كما أن هناك مرشحي تسوية بعضهم مقربون من زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي مثل وزير الصناعة محمد شياع السوداني أو محافظ البصرة السابق خلف عبد الصمد، يضاف إلى ذلك مرشح تسوية آخر من خارج هذه الدائرة هو علي عبد الأمير علاوي الذي تقف مسألة من يدفع ثمن نقاطه لكي يرشح لرئاسة الحكومة عائقا كبيرا حيث إنه يتعين على من يحصل على منصب رئيس الوزراء أن يحصل على نحو 35 نقطة وهي تعادل ما يوازيها من مقاعد البرلمان بينما علي علاوي ليس نائبا وليست لديه كتلة وبالتالي فإن الكتلة التي تتولى ترشيحه هي التي يتعين عليها دفع هذا الثمن من مقاعدها وهو ما يعني عدم حصولها على وزارات ومواقع باستثناء رئاسة الوزراء وهي مجازفة ليست سهلة». ويتابع السياسي العراقي قائلا: «هناك مرشح آخر جرى التلويح له هذه المرة عبر غصن زيتون إيراني وهو إياد علاوي ولكن بما أن هذا المنصب من حصة الشيعة فإن الكتلة التي يتزعمها علاوي هي في الغالب كتلة سنية مما يربك عملية توزيع المناصب على المكونات»، كاشفا عن «مساع يقوم بها الآن عدد من الكتل السنية لتكوين تحالف سني كبير يؤدي في النتيجة إلى سحب النواب السنة وهم الغالبية من (الوطنية) مما سيؤدي إلى عزل علاوي إذ لن يبقى معه سوى اثنين أو ثلاثة من النواب الشيعة».
في السياق نفسه، يقول الدكتور إحسان الشمري رئيس مركز التفكير السياسي والمقرب من العبادي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «التحالف بين (النصر) و(سائرون) هو التحالف الوحيد ضمن الفضاء الوطني نظرا لأن (النصر) ليست كتلة شيعية خالصة إنما تضم مكونات أخرى، وكذلك (سائرون) هي الأخرى ليست شيعية فقط وإنما تضم شيوعيين وعلمانيين وليبراليين مما يجعل تحرك هذا التحالف الجديد على باقي الكتل والمكونات ضمن الفضاء الوطني أسهل بكثير من أي تحالف آخر». ويضيف الشمري أن «هذا التحالف سيكون النواة الحقيقية لتكوين الكتلة الأكبر باعتبار أن هذا التحالف هو رسالة طمأنة للآخرين بوصفه نموذجا للمشروع الوطني العابر وهو ما سيسهل عليه استقطاب الآخرين». وبشأن ما إذا كان هذا التحالف قد عزز حظوظ العبادي لولاية ثانية، يقول الشمري إن «العبادي الآن بات هو الأوفر حظا لرئاسة الحكومة المقبلة لأنه يحظى بكل المقبوليات الداخلية والإقليمية والدولية»، مبينا أن «اللقاء الوطني الذي دعا إليه العبادي خلال رمضان الماضي ويجري الإعداد له من قبل لجنة خاصة سيضع النقاط الرئيسية للبرنامج الحكومي المقبل».
من جهته، أكد قحطان الجبوري، الناطق الرسمي باسم تحالف «سائرون»، لـ«الشرق الأوسط» إن «المناقشات التي سبقت إعلان هذا التحالف ومهدت له أكدت على الثوابت الأساسية في عملية بناء الدولة والتي تمثلت بالنقاط التي أعلن عنها بوصفها الأساس الذي سوف تتم من خلاله التفاهمات المستقبلية مع الأطراف الأخرى الراغبة في الانضمام إلى هذا التحالف الذي بدأ يقترب من تشكيل الكتلة الأكبر التي ستمهد لتأليف الحكومة المقبلة». وأضاف الجبوري أن «الأهداف الأساسية هي محاربة الفساد واعتماد الكفاءات في تشكيل الحكومة وصيانة وحدة واستقلالية العراق وعدم التدخل في شؤونه الداخلية».
إلى ذلك، نفت سهام الموسوي عضو البرلمان العراقي عن كتلة بدر التي يتزعمها العامري صحة تقارير أفادت بأن الأخير التقى في عاصمة عربية جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب ومبعوثه إلى الشرق الأوسط لترتيب أمر رئاسة الوزراء... وقالت لـ«الشرق الأوسط» بأن «ما يثار حول لقاء جمع العامري زعيم تحالف الفتح ورئيس منظمة بدر مع مبعوث ترمب في عاصمة عربية عار عن الصحة»، مشيرة أن «العامري يلتقي علنا بالسفير الأميركي الذي زاره أكثر من مرة بوصفه زعيما عراقيا ولا يحتاج إلى واسطة من أحد لكي يرتب لقاء سريا مع مبعوث أميركي». وأضافت الموسوي أن «مصدر هذه الأخبار خصوم العامري من بعض الجهات السياسية بهدف خلط الأوراق وإعطاء انطباع بأن العامري بدأ يقدم تنازلات للولايات المتحدة من أجل نيل منصب رئيس الوزراء».



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.