عندما أطلق الشاب التركي محمد أيدين، تطبيق سيفتليك بنك الإلكتروني في عام 2016، كان لدى هذه التجربة الناشئة جميع السمات التي تؤدي إلى قصة نجاح تركية. وقد جذب التطبيق، الذي يعني باللغة العربية «بنك الزراعة»، المستخدمين من خلال فرضية بسيطة، وهي: الاستثمار في الحيوانات الحقيقية بالمزرعة مقابل الربح.
ومن الممكن بالنسبة للمشاركين في هذه التجربة فتح حساب إلكتروني خاص بالمزرعة، مجانا. كما أنه من الممكن أن يدفعوا المال لشراء الحيوانات الافتراضية والغذاء لإطعامها. ثم تنتج الحيوانات منتجات مثل الحليب والعسل والبيض، التي يتم بيعها تحت أسماء تجارية في أنحاء البلاد، ويتم توزيع الأرباح بين المشاركين.
ووفر البرنامج للعملاء حلما ريفيا في دولة تحظى الزراعة فيها بميول عاطفية، حيث انتقل الكثير من سكان المناطق الريفية من قراهم على مضض خلال السنوات الأخيرة، إلى مدن كبرى، بحثا عن حياة أفضل.
وفي البداية، بدا الأمر وكأنه وضع يربح فيه الجميع. وعلى غرار أسلوب «بونزي» الشهير للاستيلاء على الأموال، حرص تطبيق «سيفتليك بنك» الإلكتروني على مكافأة مستثمريه الأوائل بعوائد، وهو الأمر الذي شجع على توسيع دائرة المشاركين فيه.
ولكن لم يكن أي من هذه العوائد حقيقيا. ولم يشتر «سيفتليك بنك» سوى قطع أراضي صغيرة، مع بعض الدجاج وحيوانات أخرى، كانت جميعا بغرض الإعلان وإسكات المستثمرين الذين أصروا على رؤية شيء ملموس.
وفي مرحلة ما، بدا الأمر وكأن مؤسس التطبيق قد بدأ في جني جميع الأرباح لنفسه. وبحلول شهر مارس (آذار)، عندما فر أيدين من البلاد، تمكن «سيفتليك بنك» في جمع 1.14مليار ليرة (248 مليون دولار)، من إجمالي 132 ألف و222 مستثمراً، بحسب ما ذكرته وكالة أنباء الأناضول الرسمية.
ومنذ ذلك الحين، لا يزال أيدين هارباً، حيث كان في البداية هاربا في أميركا الجنوبية، ثم ربما في دبي فيما بعد. أما موقعه الحالي، فهو غير معروف.
ومن جانبها، تقول قدرية يلديز، وهي سيدة متقاعدة من إسطنبول، إنها كانت قررت استثمار أموالها من خلال التطبيق، بعد أن قامت بزيارة منتديات إلكترونية أنشأها «سيفتليك بنك» بذكاء، للخروج بانطباع عن هذه التجربة.
وقالت: «كنا نعتقد بأنه لا يمكن أن يكون كل هؤلاء حمقى». وقد اشترت خروفا مقابل 4 آلاف ليرة (870 دولارا). وذكر التطبيق أن استثمارها سوف ينمو بعد بضعة أسابيع.
وأضافت يلديز: «بعد تحقيق أرباح قليلة في البداية، أخذ ابني قروضاً مصرفية واستثمر 10 آلاف ليرة أخرى في «سيفتليك بنك».
وقد شجع نجاح التطبيق الإلكتروني أنظمة شبيهة، من بينها تطبيق يحمل اسم أناضولو فارم «(أي مزرعة الأناضول)، الذي من ناحية أخرى خدع أيضا نحو 30 ألف شخص واستولى منهم على عشرات الملايين من الدولارات، بحسب وكالة أنباء الأناضول.
وأوضحت وكالة أنباء الأناضول أن عيسى كارمادير ( 28 عاما)، مؤسس تطبيق «أناضولو فارم»، كان ينفق أموال زبائنه على السيارات الفارهة، إلى جانب صور أخرى من صور البذخ.
ويقول حسين دوري، الذي يدير متجراً صغيراً للهواتف المحمولة في مدينة قيصري بوسط تركيا: «كان الجميع من حولي يستثمرون في أناضولو فارم - حتى المعلمين والقضاة وأفراد الشرطة... لدرجة أن البعض باعوا سياراتهم وشققهم من أجل الاستثمار من خلال التطبيق».
وقد شارك دوري بنفسه بنحو 10 آلاف ليرة (2500 دولار) من أجل شراء بقرتين. وقد أخبره التطبيق الإلكتروني الموجود على هاتفه المحمول، بأن البقرتين بحالة جيدة وأن استثماراته قد زادت بنسبة 70 في المائة.
وقد خسر البعض أكثر، فمن ناحية أخرى، استثمر فاتح جي. 150 ألف ليرة (28 ألف و500 دولار) لفتح حساب في «سيفتليك بنك» في إسطنبول. ويقول فاتح، وهو مهندس سابق: «الأموال التي وضعتها في سيفتليك بنك هي مدخرات حياتي... أنا الآن علي أن أعمل ربما سنوات، لتعويض ذلك».
ويعتقد البعض أن الوضع السياسي في تركيا قد خلق بيئة خصبة بشكل خاص، ساعدت على انتشار أعمال النصب. فإلى جانب عدم وجود رقابة تنظيمية، إنهم يشيرون إلى وجود رغبة بين الطبقة العاملة في الحضر بتركيا، للاستفادة من الطفرة الاقتصادية التي شهدت ارتفاعا كبيرا في أسواق الأسهم خلال السنوات الأخيرة.
وفي الوقت نفسه، خسر المستثمرون في مجال التطبيقات الإلكترونية المحتالة في قطاع الزراعة أموالهم، فقد أنفق بعضهم كل مدخراتهم، بينما تكبد آخرون ديوناً هائلة. وتقول المتقاعدة يلديز: «لست متأكدةً كيف سأسدد القرض البنكي».
تطبيقات إلكترونية تبيع «الوهم» للفلاحين الأتراك
اختفى مؤسسوها بعد جمع الملايين للاستثمار الزراعي
تطبيقات إلكترونية تبيع «الوهم» للفلاحين الأتراك
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة