ميليشيات الحوثي تخطف أساتذة جامعيين وتمارس النهب في المدن اليمنية

على وقع هزائم وانكسارات منيت بها في الساحل الغربي

عربة لميليشيات الحوثي.
عربة لميليشيات الحوثي.
TT

ميليشيات الحوثي تخطف أساتذة جامعيين وتمارس النهب في المدن اليمنية

عربة لميليشيات الحوثي.
عربة لميليشيات الحوثي.

على وقع الهزائم والانكسارات التي منيت بها في الساحل الغربي وجبهات البيضاء وصعدة، صعدت الجماعة الحوثية أعمال القمع والانتهاكات بحق السكان في صنعاء والحديدة وذمار وبقية مناطق سيطرتها، بما في ذلك حملات الاختطاف ودهم الأحياء والقرى ونهب الممتلكات الخاصة وفرض الانضمام إلى صفوفها بالقوة.
وفي هذا السياق، اعتقلت الميليشيات عدداً من أساتذة جامعة صنعاء، وزجت بهم في أحد سجونها الخاصة، إثر توقيفهم والتحقيق معهم في إحدى نقاطها الأمنية على مدخل العاصمة صنعاء، في أثناء توجههم إلى العاصمة المؤقتة عدن لاستلام رواتبهم من طرف الحكومة الشرعية. كانت الميليشيات الحوثية قد امتنعت عن دفع رواتب الموظفين في مناطق سيطرتها منذ نحو 20 شهراً، على الرغم من الموارد المالية الضخمة التي تجنيها من عائدات الضرائب والجمارك وتجارة الوقود والرسوم والإتاوات المتنوعة، وقصر كل ذلك على عناصرها وتمويل مجهودها الحربي. وأفادت الأستاذة في كلية اللغات بجامعة صنعاء، آمنة يوسف، في بلاغ على صفحتها في «فيسبوك»، بأن عناصر الميليشيات استوقفوا حافلة كانت تقل عدداً من أساتذة الجامعة عند نقطة التفتيش الواقعة في نقيل يسلح، بين صنعاء وذمار، عندما كانوا متوجهين إلى عدن لتسلم رواتبهم.
وذكرت يوسف أن عناصر الجماعة أخضعوهم للتحقيق والتفتيش، قبل أن يقوموا بإعادتهم إلى صنعاء، والزج بهم في أحد المعتقلات التابعة لمحافظة صنعاء، في منطقة دار سلم، بمن فيهم زوجها الذي كان بمعيتها في رحلة السفر إلى عدن، والذي يحتاج إلى حقن الإنسولين بانتظام.
وأكدت الأستاذة الجامعية أن عناصر الجماعة أعادوها هي، مع طفلتها، إلى منزلها في صنعاء، وأنها لا تعرف ما هو مصير زوجها ورفاقها من أساتذة الجامعة الذين مسهم الجوع والفاقة، فقرروا أخيراً المغادرة إلى عدن، أملاً في تسلم رواتبهم من طرف الحكومة الشرعية.
ومن جهتها، أدانت نقابة أعضاء هيئة التدريس في جامعة صنعاء اعتقال الأساتذة، وطالبت بإطلاقهم فوراً، وذكرت من أسماء المعتقلين كلاً من: خالد محمد عبد الستار الشميري نائب عميد كلية التربية لشؤون الطلاب، وعبد الباقي محمد عبده النهاري رئيس قسم الدراسات الاجتماعية بكلية التربية، وفازع خالد العزي المسلمي رئيس قسم اللغة الإنجليزية بكلية التربية، وعدنان يوسف أحمد الشعيبي رئيس قسم اللغة العربية بكلية اللغات، وعبد السلام عبده قاسم المخلافي عضو هيئة التدريس بكلية التربية، وزوج الدكتورة آمنة يوسف، فاروق عبد الملك سعيد الحضرمي.
وسبق أن اعتقلت الجماعة، في نقاطها الأمنية المنتشرة على الطرق بين مناطق سيطرتها والعاصمة المؤقتة عدن، المئات من الموظفين الحكوميين الذين حاولوا السفر للحصول على رواتبهم من قبل الحكومة الشرعية، في أسلوب قمعي غرضه الاستمرار في تجويع الموظفين. وفي سياق قمعي آخر، أفاد لـ«الشرق الأوسط» موظفون في ميناء الحديدة بأن الجماعة الحوثية قامت بالاستيلاء على حاويات في الميناء، ونهبت منها المئات من السيارات التي تعود لتجار محليين قاموا باستيرادها، قبل أن تقدم على توزيعها على عناصرها وعلى القيادات المحلية الموالية لها، في سياق استقطابهم وتسخير السيارات المدنية من أجل نقل المسلحين وتخفي قيادات الجماعة.
وذكر شهود عيان في المدينة التي تقترب القوات الحكومية من تحريرها أن عناصر الجماعة وزعوا منشورات على السكان تحذر كل من يساند الشرعية، أو يتعاون مع قوات الجيش والمقاومة الشعبية، وتتوعد بالتنكيل به دون رحمة، كما ورد في المنشورات.
واستمرت الميليشيات في الأثناء في حملات الاعتقال للناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي والصحافيين، إلى جانب تهديد السكان النازحين بأنها ستقتحم منازلهم في حال تركوها إلى مناطق آمنة، كما ذكرت مصادر حقوقية أن عناصر الجماعة اقتحموا أحياء المهمشين في منطقة السلخانة وشارع التسعين، واقتادوا العشرات منهم من أجل تجنيدهم للقتال بالقوة. وكانت مصادر محلية في مديرية عتمة، الواقعة غرب محافظة ذمار، قد أفادت بأن الجماعة شنت عمليات دهم للقرى والمنازل، في سياق سعيها لإجبار السكان على الالتحاق بجبهات القتال في الساحل الغربي. وفي محافظة ذمار نفسها، اقتحمت الميليشيات في مدينة معبر، الواقعة شمال ذمار، مركزاً سلفياً يديره الشيخ السلفي محمد الإمام، وأصابت أحد طلبة المركز بإطلاق نار، في سياق سعيها لإجبار طلاب المركز على القتال في صفوفها.
وكانت الميليشيات قد وقعت اتفاقاً مع الشيخ محمد الإمام، قبل ثلاث سنوات، يضمن عدم مناهضتها أو التحريض على وجودها الطائفي والانقلابي، وفي الوقت ذاته عدم الاعتراض من قبلها على استمرار عمل المركز، والسماح بمواصلة نشاطه.
واستمراراً لمسلسل القمع والاختطافات، اعترفت الميليشيات في محافظة ذمار بأنها اعتقلت في غضون يومين أكثر من 50 مواطناً، خلال عمليات دهم متفرقة، بعد أن اتهمتهم بأنهم يعملون ضمن قوات الجيش اليمني والمقاومة الشعبية.
وذكرت النسخة الحوثية من وكالة «سبأ» أن عناصر الميليشيات أعلنوا بدء تنفيذ حملة واسعة لملاحقة كل من تتهمهم الجماعة بمساندة الحكومة الشرعية والتحالف الداعم لها.
ومنذ أن أعلنت قوات الجيش والمقاومة الشعبية إطلاق معركة تحرير الحديدة، اعترفت الميليشيات باعتقال المئات من المواطنين في صنعاء والمحويت وذمار والبيضاء وإب، من ضمنهم قيادات في حزب «المؤتمر الشعبي».
وعلى صعيد متصل، شرعت الميليشيات في العاصمة صنعاء بتنفيذ عمليات دهم للمقاهي والاستراحات الترفيهية في الأحياء الجنوبية من المدينة، بذريعة أنها أماكن تسمح بالاختلاط بين الجنسين، وهو الأمر الذي تزعم أنه تسبب في تأخير انتصار الجماعة وتمكينها.


مقالات ذات صلة

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 في وقفة تحدٍ لتحالف الازدهار (غيتي)

تحالف حقوقي يكشف عن وسائل الحوثيين لاستقطاب القاصرين

يكشف تحالف حقوقي يمني من خلال قصة طفل تم تجنيده وقتل في المعارك، عن وسائل الجماعة الحوثية لاستدراج الأطفال للتجنيد، بالتزامن مع إنشائها معسكراً جديداً بالحديدة.

وضاح الجليل (عدن)
شؤون إقليمية أرشيفية لبقايا صاروخ بالستي قال الجيش الإسرائيلي إنه أطلق من اليمن وسقط بالقرب من مستوطنة تسور هداسا (إعلام إسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن

قال الجيش الإسرائيلي في ساعة مبكرة من صباح اليوم (السبت)، إن الدفاعات الجوية الإسرائيلية اعترضت صاروخاً أطلق من اليمن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الخليج جانب من مؤتمر صحافي عقده «فريق تقييم الحوادث المشترك» في الرياض الأربعاء (الشرق الأوسط)

«تقييم الحوادث» في اليمن يفنّد عدداً من الادعاءات ضد التحالف

استعرض الفريق المشترك لتقييم الحوادث في اليمن عدداً من الادعاءات الموجهة ضد التحالف، وفنّد الحالات، كلٌّ على حدة، مع مرفقات إحداثية وصور.

غازي الحارثي (الرياض)

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
TT

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)

استهلت الجماعة الحوثية السنة الميلادية الجديدة بإطلاق حملات جباية استهدفت التجار وأصحاب ورؤوس الأموال في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، بغية إجبارهم على دفع الأموال لتمويل احتفالات الجماعة بما تسميه «جمعة رجب».

وتزعم الجماعة الحوثية أن دخول اليمنيين في الإسلام يصادف أول جمعة من شهر رجب الهجري، ويستغلون المناسبة لربطها بضرورة الولاء لزعيمهم عبد الملك الحوثي تحت ادعاء أن نسبه يمتد إلى علي بن أبي طالب الذي أدخل اليمنيين في الإسلام قبل أكثر من 14 قرناً هجرياً. وفق زعمهم.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مشرفين حوثيين برفقة عربات ومسلحين يتبعون عدة مكاتب تنفيذية تابعة للجماعة، نفذوا حملات واسعة ضد متاجر ومؤسسات تجارية في عدة مديريات في المدينة، وأجبروا ملاكها على دفع جبايات، بينما أغلقوا عدداً من المتاجر التي رفض ملاكها التبرع.

وأكدت المصادر أن الانقلابيين شرعوا في توسيع أنشطتهم الاستهدافية في تحصيل الإتاوات أكثر مما كان عليه قبل أشهر ماضية، حيث لم تستثنِ الجماعة حتى صغار التجار والباعة المتجولين والسكان الأشد فقراً.

الانقلابيون سيطروا بالقوة على مبنى الغرفة التجارية في صنعاء (إعلام محلي)

وفي ظل تجاهل الجماعة المستمر لفقر السكان في مناطق سيطرتها، أقرت ما تسمى اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات في اجتماع لها بصنعاء، إطلاق برنامج الفعاليات المصاحب لما يُسمى ذكرى «جمعة رجب»، بالتوازي مع بدء شنّ حملات جباية على التجار والسكان الذين يعانون من ظروف معيشية حرجة.

وهاجم بعض السكان في صنعاء كبار قادة الجماعة لجهة انشغالهم بابتكار مزيد من الفعاليات ذات المنحى الطائفي وتخصيص ميزانية ضخمة لأعمال الدعاية والإعلان، ومكافآت ونفقات لإقامة الندوات وتحركات مشرفيها أثناء حشد الجماهير إليها.

وكانت تقارير محلية اتهمت في وقت سابق قيادات حوثية بارزة في الجماعة يتصدرهم حمود عباد وخالد المداني بجباية مليارات الريالات اليمنية من موارد المؤسسات الحكومية الخاضعة لسلطات الجماعة في صنعاء، لافتة إلى أن معظم المبالغ لم يتم توريدها إلى حسابات بنكية.

تعميم صوري

في حين زعمت وسائل إعلام حوثية أن تعميماً أصدره القيادي في الجماعة حمود عباد المعين أميناً للعاصمة المختطفة، يقضي بمنع إغلاق أي محل أو منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ ما سماها «الإجراءات القانونية»، نفى تجار وأصحاب مؤسسات تجارية بصنعاء توقّف عناصر الجماعة عن مداهمة متاجرهم وإغلاقها بعد رفضهم دفع جبايات.

تجمع للمارة في صنعاء أثناء محاولة اعتقال مالك أحد المطاعم (الشرق الأوسط)

وفي مسعى لتلميع صورتها عقب حملات التعسف كانت الجماعة أصدرت تعميماً يُلزِم قادتها في عموم المديريات والمكاتب التنفيذية في صنعاء بعدم إغلاق أي منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ «الإجراءات اللازمة».

وحض التعميم الانقلابي كل الجهات على «عمل برامج شهرية» لتنفيذ حملات نزول ميداني لاستهداف المتاجر، مرة واحدة كل شهر عوضاً عن تنفيذ حملات نزول يومية أو أسبوعية.

واعترفت الجماعة الحوثية بوجود شكاوى لتجار وملاك منشآت تجارية من قيام مكاتب تنفيذية في صنعاء بتحصيل مبالغ مالية غير قانونية منهم بالقوة، وبإغلاق مصادر عيشهم دون أي مسوغ قانوني.

توسيع الاستهداف

اشتكى تُجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من تصاعد كبير في حملات الاستهداف وفرض الإتاوات ضدهم عقب صدور تلك التعليمات التي يصفونها بـ«غير الإلزامية».

ويتهم عدد من التجار القياديَين حمود عباد وخالد المداني، والأخير هو مشرف الجماعة على المدينة، بتكثيف الأنشطة القمعية بحقهم وصغار الباعة وإرغامهم في كل حملة استهداف على دفع جبايات مالية مقابل السماح لهم بمزاولة أنشطتهم التجارية.

الحوثيون يستهدفون المتاجر والشركات لإجبارها على دفع الأموال (إعلام حوثي)

ويتحدث (أحمد.و)، مالك محل تجاري بصنعاء، عن استهداف متجره بسوق شعبي في حي السنينة بمديرية معين بصنعاء من قِبَل حملة حوثية فرضت عليه دفع مبلغ مالي بالقوة بحجة تمويل مناسبة «جمعة رجب».

وذكر أن عناصر الجماعة توعدته بالإغلاق والاعتقال في حال عدم تفاعله مع مطالبها غير القانونية.

وتحدث أحمد لـ«الشرق الأوسط»، عن إغلاق عدد من المتاجر في الحي الذي يعمل فيه من قِبَل مسلحي الجماعة الذين قال إنهم اعتقلوا بعض ملاك المحلات قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد أن رضخوا لدفع الجبايات.