الجيش الليبي يسيطر على ميناءي السدرة وراس لانوف

واشنطن تدعو إلى {وقف الأعمال العدائية والانسحاب الفوري من المنشآت النفطية}

عربات وشاحنات الجيش في طريقها لاستعادة ميناءي السدرة وراس لانوف بعد دحر الإرهابيين (المكتب الإعلامي للجيش الليبي)
عربات وشاحنات الجيش في طريقها لاستعادة ميناءي السدرة وراس لانوف بعد دحر الإرهابيين (المكتب الإعلامي للجيش الليبي)
TT

الجيش الليبي يسيطر على ميناءي السدرة وراس لانوف

عربات وشاحنات الجيش في طريقها لاستعادة ميناءي السدرة وراس لانوف بعد دحر الإرهابيين (المكتب الإعلامي للجيش الليبي)
عربات وشاحنات الجيش في طريقها لاستعادة ميناءي السدرة وراس لانوف بعد دحر الإرهابيين (المكتب الإعلامي للجيش الليبي)

أعلنت قوات الجيش الوطني الليبي أنها سيطرت على ميناءي راس لانوف والسدرة بالكامل، وبدأت في مطاردة ميلشيات إبراهيم الجضران، وذلك بعيد إطلاق المشير خليفة حفتر ساعة الصفر لعملية عسكرية تحمل اسم «الاجتياح المقدس» لتحرير منطقة الهلال النفطي من قبضة الجماعات الإرهابية وتطهيره منها. وفي غضون ذلك صعدت أمس إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب مستوى تدخلها على خط أزمة منطقة الهلال النفطي ببيان لوزارة خارجيتها.
وفى هجوم مكثف تم الإعداد له على مدى الأيام القليلة الماضية، استعادت أمس قوات الجيش السيطرة الكاملة على ميناءي راس لانوف والسدرة المجاور، اللذين تعرضا لهجوم الأسبوع الماضي من قبل مجموعات مسلحة يقودها الجضران.
وقالت مصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط»، إن معارك عنيفة دارت في المنطقة السكانية المجاورة لراس لانوف، مبرزة أن سلاح الجو قام بقصف عدد من مواقع الميلشيات المسلحة.
وبعد مرور ساعات قليلة على إعلان حفتر عن بدء الهجوم الموسع، أكد العميد أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم القيادة العامة للجيش، أن قواته سيطرت على ميناء السدرة، وشرعت في مطاردة العدو باتجاه الغرب.
وقال المسماري إن قوات الجيش سيطرت أيضاً على منطقة راس لانوف بالكامل، وتقدمت نحو السدرة، مشيراً إلى أنها «كبدت العدو خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد، وغنمت آليات وأسلحة وذخائر بكميات كبيرة».
وسيطرت قوات الجيش على البوابة الشرقية منقار النسر ومطار راس لانوف العسكري، ومصنع راس لانوف، فيما قال مصدر عسكري إن هجوماً كبيراً لقوات الجيش بدأ بمشاركة مختلف الوحدات، بما فيها سلاح الجوي، قبل أن يلفت الانتباه إلى أن هذه العملية ستكون دقيقة للغاية لتجنيب المنشآت النفطية خطر الدمار والمزيد من الخراب، على حد تعبيره.
وقالت شعبة الإعلام الحربي التابعة للجيش، إن قوات الجيش تمكنت في كمين محكم من أسر عدد كبير من المقاتلين المنتسبين لميليشيات الجضران وحلفائه، وبقايا تنظيم القاعدة في الهلال النفطي، وذلك بعد اشتباكات وحصار لأحد قيادات المجموعات الإرهابية مع مجموعة من المرتزقة في راس لانوف.
وقال مصدر عسكري إن 7 من جنود الجيش الوطني الليبي قُتلوا خلال الاشتباكات، التي دارت رحاها حول راس لانوف، بينما دعت المستشفيات المحلية المواطنين للتبرع بالدم لإنقاذ الجرحى غير المعلوم عددهم حتى الآن.
وكان المشير حفتر قد أصدر فجر أمس عبر أجهزة اللاسلكي، أثناء وجوده في غرفة العمليات الرئيسية، أوامره لوحدات الجيش بتنفيذ عملية تحمل اسم «الاجتياح المقدس» لمنطقة الهلال النفطي.
ومن جهته، أعلن عبد الله الثني، رئيس الحكومة المؤقتة الموالية للجيش، أنه قطع جولته الخارجية وعاد إلى البلاد ليقف على مجريات الأحداث في درنة والهلال النفطي.
وقال ناطق باسم الثني إن عودته تستهدف تأكيد وضع كافة إمكانات الحكومة، وتذليل كافة الصعاب، لصالح قوات الجيش التي تقاتل في درنة والهلال النفطي فلول «الإرهابيين»، الذين يعملون على تدمير المصدر الوحيد لقوت الليبيين.
بدوره، أكد رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح لدى اجتماعه مع عدد من أعضاء المجلس لبحث الأوضاع في منطقة الهلال النفطي ومدينة درنة، العمل على مساندة ودعم الجيش الوطني لحماية المنشآت النفطية من حقول وموانئ، وطرد الميليشيات الإرهابية المعتدية عليه، وتمكين المؤسسة الوطنية للنفط من مباشرة عملها. كما تم التطرق إلى دخول الجيش الوطني لمدينة درنة، وتحرير معظم أحيائها من الجماعات الإرهابية.
في غضون ذلك، كسرت الإدارة الأميركية حاجز الصمت، الذي التزمته منذ بدء الهجمات التي تعرضت لها المنطقة الخميس الماضي، إذ قال بيان صحافي لهيذر ناويرت، المتحدث الرسمي باسم الخارجية الأميركية، إن الولايات المتحدة تدين بشدة الهجمات الأخيرة التي شنتها الميلشيات التي يقودها إبراهيم الجضران على منافذ النفط من راس لانوف والسدرة، والعنف المستمر الذي أضر البنية التحتية النفطية الحيوية في ليبيا وعطلت صادرات النفط. ودعا البيان، الذي نشرته الخارجية الأميركية على موقعها الإلكتروني، «جميع الجهات المسلحة إلى وقف الأعمال العدائية، والانسحاب الفوري من المنشآت النفطية قبل حدوث المزيد من الأضرار»، معتبراً أن المنشآت النفطية والإنتاج والعائدات تخص الشعب الليبي، ويجب أن تبقى تحت السيطرة الحصرية لمؤسسة النفط الوطنية والرقابة الوحيدة لحكومة الوفاق الوطني، على النحو المبين في قرارات مجلس الأمن الدولي.
وهاجم الجضران، المتحالف مع ميليشيات «سرايا الدفاع عن بنغازي»، منطقة الهلال النفطي، أغنى مناطق ليبيا بالنفط، ما أدى إلى وقف نحو أكثر من نصف إنتاج النفط في ليبيا. وقد قدرت المؤسسة الوطنية الليبية للنفط حجم خسائر الإنتاج بـ240 ألف برميل يومياً، وهو ما يعني خسارة ربع إنتاج ليبيا من الخام البالغ مليون برميل يومياً.
من جهة ثانية، اعتبر فرانك بيكر، سفير بريطانيا لدى ليبيا، أن ضحايا هجمات الجيش الآيرلندي تم تعويضهم إبان حكم نظام العقيد الراحل معمر القذافي، بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأميركية.
وقال بيكر عقب اجتماعه مساء أول من أمس مع خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة في طرابلس، إن الحديث عن رفع التعويضات مجدداً تم عن طريق بعض أعضاء مجلس العموم البريطاني الذين يمثلون شمال آيرلندا، دون التطرق نهائياً لاستغلال الأموال الليبية المجمدة في لندن، مؤكداً صعوبة تمرير مثل هذا القانون، على اعتبار أنه تم تعويض المتضررين من دعم القذافي للجيش الآيرلندي في عهده، بالتنسيق مع أميركا.
وبعدما أكد، وفقاً لبيان أصدره مكتب المشري، أن حكومة بلاده لم تتخذ قراراً بالخصوص، وأن ما يُشاع عند عامة الناس حول كون هذا الأمر هو موقف حكومته ليس صحيحاً، لافتاً إلى أهمية حل الأمر مع فائز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني، ووزير خارجيته محمد سيالة، دون تشويش إعلامي.
في المقابل، أكد المشري رفضه لمشروع القانون المقترح على مجلس العموم البريطاني، الذي يقضي بالتصرف في الأرصدة الليبية المجمدة، لافتاً إلى أن هذا الملف تمت تسويته في السابق بين سلطات البلدين، كما رأى أن الأموال الليبية مجمدة بقرارات دولية، ولا علاقة لها بتعويضات عن أعمال عنف.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.