Fahrenheit 451
• إخراج: رامين بحراني
• خيال علمي | الولايات المتحدة - 2018
• تقييم: (*** من خمسة)
ليس صحيحاً أن المخرج رامين بحراني التزم برواية راي برادبوري «فهرنهايت 451». هو التزم بموضوعها والحيز العريص من أحداثها. كذلك فإن الفيلم الحالي (الذي عرضته محطة HBO المشفرة) لا يشبه نسخة الفرنسي الراحل فرنسوا تروفو (1966) التي نالت شهرتها الكبيرة كتحذير عما سيؤول إليه العالم في يوم ما. هناك تباين فني وأسلوبي كبير بين الاثنين وفيلم تروفو يبدو اليوم باهتاً بالمقارنة أو حتى من دونها.
الحال أن هناك كتابين شديدي التأثير حين الحديث عن مستقبل المجتمعات الغربية هما رواية «1984» التي ألفها جورج أوردويل سنة 1948 ونٌشرت في العام التالي، ورواية برادبوري التي تم نشرها أول مرّة سنة 1953. كلاهما تحدث عن عالم مقبل تحت سيطرة قوى سلطوية ستحجر على الناس التمتع بخصوصياتهم وهوياتهم الذاتية. رواية برودويل تمهد سريعاً لحالة فرد واحد أدرك ما يدور في حين تأخرت رواية برادبوري تقديم هذا الاكتشاف الذي أصاب بطلها، رجل الإطفاء (الأبيض في الرواية، الأسود في هذا الفيلم) الذي عوض إطفاء الحرائق يقوم بإشعالها لحرق أي كتاب يجده لأن الكتب باتت ممنوعة وقراءتها حكم بالسجن أو الموت على من يقوم بها.
هذا الفيلم يحاول أن يأتي مواكباً للفترة الراهنة سياسيا، لكنه يخفق في ذلك لأن عدم قراءة الكتب بات وضعاً منتشراً (إلى حد) لأسباب مختلفة تماماً. ما ينجح به، عوض ذلك، الحديث عن المستقبل غير البعيد وعن حرب أهلية أميركية جديدة ذهب ضحيتها 8 ملايين شخص «بينهم والدي»، كما يقول كابتن فريق الإطفاء بايتي (مايكل شانون) في أحد المشاهد. تحت أمرته مباشرة مونتاغ (مايكل ب. جوردان) الذي يؤمن بما تقوم به سرية الإطفاء حين تهرع، تبعاً لوشاية فتاة تأمل أن تحصل على حريتها عبر التعاون مع بايتي (تؤديها الجزائرية صوفيا بوتيلا على نحو مقبول)، لحرق الكتب المكتشفة لأنها ممنوعة.
مدخل الفيلم هو حول تأسيس جيل من الصغار الذين سيقبلون فكرة أن الكتاب عدو حقيقي. يخطب بايتي بهم ويعدهم: «حين تكبرون لن تجدوا كتاباً واحداً باقٍ». التغيير يقع عندما يشهد مونتاغ تضحية امرأة بنفسها عبر حرق نفسها مع الذخيرة الكبيرة من الكتب التي كانت تخفيها بدارها. لكن السيناريو (بحراني وأمير نادري وكلاهما من الإيرانيين المبعدين العاملين في الغرب) يفتقر لدلالات ومبررات جذرية وفعلية لمثل هذا التغيير.
بينما يؤسس المدخل لفكرة نشر الجهل بالتراثات المختلفة بين الصغار، فإن ما يدور الفيلم حوله، لجانب الحكاية، هو بحث في العلاقة بين القائد والتابع وكيف سيتمكن الثاني من الخروج من وصية الأول. هذا ما دار حوله فيلم بحراني السابق (والأفضل) «99 منزلاً» (ومع مايكل شانون في دور مشابه). هذا الفيلم الجديد لا يخلو من حسنات (تصوير رائع لكرامر مورغنثاو) وقراءة لرسالة خارقة للأزمنة (ولو أن برادبوري كتبها في غمار الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي). لكن سياق الفيلم ينشغل بالسرد ويفتقر إلى تعزيزها بتحوّلات مقنعة.
(1*) لا يستحق
(2*) وسط
(3*) جيد
(4*) ممتاز
(5*) تحفة