المغرب: «التعذيب» يفجّر مواجهة بين «العدالة والتنمية» ومندوبية السجون

المغرب: «التعذيب» يفجّر مواجهة بين «العدالة والتنمية» ومندوبية السجون
TT

المغرب: «التعذيب» يفجّر مواجهة بين «العدالة والتنمية» ومندوبية السجون

المغرب: «التعذيب» يفجّر مواجهة بين «العدالة والتنمية» ومندوبية السجون

دخل حزب العدالة والتنمية المغربي، متزعم الائتلاف الحكومي، في مواجهة مفتوحة مع المندوبية العامة لإدارة السجون والإدماج، بعدما أثار أحد أعضاء فريقه بمجلس النواب استمرار ظاهرة «التعذيب في السجون»، وهو ما ظلت تؤكد الحكومة والمندوبية خلال السنوات الأخيرة على أنه أصبح جزءا من الماضي.
واعتبرت المندوبية ما جاء على لسان النائب محمد بنجلول، المنتمي للفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية في مجلس النواب، حول «أنسنة ظروف اعتقال النزلاء» في حصة الأسئلة الشفوية الاثنين الماضي، مجرد «ادعاءات لا أساس لها من الصحة، وفاقدة للمصداقية».
وسجلت المندوبية في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، أن تصريحات بنجلول «غير مسؤولة؛ لأنها توجه اتهامات بالغة الخطورة إلى قطاع إدارة السجون وإعادة الإدماج، بهدف المس بسمعته، والتشويش على العمل الجبار الذي يقوم به من أجل أنسنة ظروف اعتقال النزلاء وتأهيلهم لإعادة الإدماج».
وذهبت المندوبية في بيانها الرافض لكلام النائب بنجلول، إلى أن تجاهل حزب العدالة والتنمية لعمل كل الآليات الرقابية المؤسساتية «يبخس عملها كمؤسسات تضطلع بمهامها، من أجل حماية الحقوق المضمونة قانونا لنزلاء المؤسسات السجنية؛ بل أظهرت أنها مدفوعة فقط بانشغالات سياسوية ضيقة، جعلتها تركز على حالتين فريدتين، غير عابئة بباقي النزلاء»، وذلك في إشارة إلى توفيق بوعشرين ناشر صحيفة «أخبار اليوم»، وناصر الزفزافي، متزعم حراك الريف، اللذين تحدث عنهما النائب المنتمي لحزب العدالة والتنمية في الجلسة البرلمانية.
وأكدت المندوبية العامة للسجون التزامها بـ«مواصلة العمل من أجل تنفيذ استراتيجيتها في تأهيل المؤسسات السجنية وأنسنة ظروف الاعتقال بها، والحفاظ على أمنها وسلامة نزلائها»، مشددة على أن «الجهة التي تروج لمثل هذه الادعاءات على علم بأن المؤسسات السجنية تخضع قانونا لمراقبة مجموعة من الآليات المؤسساتية الداخلية والخارجية»، كما تعهدت بالترخيص لما سمتها «الجمعيات الحقوقية الجادة بزيارة النزلاء بالمؤسسات السجنية، ووضع مذكرات تفاهم تخص منحهم المساعدة القانونية، وتنظيم ورشات تكوينية لفائدة موظفي القطاع، من أجل الوقاية من التعذيب وسوء المعاملة بالمؤسسات السجنية».
ولم يتأخر رد الفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية على المندوبية، حيث أصدر بدوره بيانا عبر فيه عن رفضه لموقف المندوبية العامة لإدارة السجون والإدماج، معتبرا أن ذلك «تطاول على اختصاصات مؤسسة دستورية».
وعبر الفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية عن استغرابه من «ضيق صدر المندوبية العامة لإدارة السجون والإدماج، أمام قيام المؤسسة البرلمانية بدورها في المراقبة»، وأكد أن البرلمان «هو صاحب الاختصاص الأصلي في مراقبة عمل الحكومة والإدارات التابعة لها، وهو الذي يشرع لباقي المؤسسات والآليات المعنية بمراقبة المؤسسات السجنية».
وأفاد المصدر ذاته بأن ما قام به النائب بنجلول «يدخل في صلب مهامه الدستورية كنائب عن الأمة يمارس دوره الرقابي، ويتمتع بالحصانة الدستورية، وهو يبدي رأيه خلال مزاولته لمهامه، بمسؤولية وموضوعية»؛ موضحا أن ما أثاره «لم يكن محض ادعاء، وإنما مبني على معطيات وردت في تقارير لمؤسسة وطنية رسمية ولمؤسسات حقوقية»، وذلك في تشبث واضح من الحزب بما جاء على لسان النائب المنتمي للحزب.
ولم يقف رد فريق حزب العدالة والتنمية بمجلس النواب على المندوبية عند هذا الحد، بل خرج عبد الله بوانو، النائب الأول لرئيس فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، في تصريح للموقع الرسمي للحزب، دعا فيه مندوبية إدارة السجون والإدماج إلى الإجابة «على المضمون عوضا عن الاستغلال السياسي للموضوع».
وهاجم بوانو المندوبية، واعتبر أن بيانها «لم يحترم الدستور ولا المؤسسات، ولا حتى مؤسسة الحكومة التي يخضع لسلطة وصايتها»، وزاد موضحا أن خرجتها تنم على «عقلية سلطوية قديمة لا تقبل الآخر».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.