في بيتنا مصمم: منال عجاج... مصممة تطبعها روائح الياسمين الدمشقي والحنين إلى الوطن الأم

المصممة منال عجاج
المصممة منال عجاج
TT

في بيتنا مصمم: منال عجاج... مصممة تطبعها روائح الياسمين الدمشقي والحنين إلى الوطن الأم

المصممة منال عجاج
المصممة منال عجاج

هي باحثة في تاريخ الخياطة والأزياء، وتحاول في تصاميمها محاكاة أساطير من الماضي. في عام 2015 نالت منال عجاج لقب «عشتار سوريا»، إثر تقديمها عرض أزياء في مدينة بيفرلي هيلز الأميركية. وتذكر أنها صممت أول فستان زفاف وهي في الـ14 من عمرها. واليوم لا تنفك تقدم عروض أزياء خارجة عن المألوف إن في أسلوب حبكتها وإن في قصّات فساتينها.
إيصال فكرتها إلى الغرب يبقى هاجسها، وفي أحد عروضها «أبجدية الياسمين» في برلين (قدمته أيضا في لبنان)، تحدّت نفسها وعرّفت بتصاميمها من خلال قصة تعاقب الحضارات على بلدها سوريا. تقول منال عجاج في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «حملت في تصاميمي أشكالا وألوانا من تاريخنا فكانت بمثابة كنوز شرقية تتنفس هواء الغرب». أمّا في «آلهة الياسمين» وهو أحدث عرض أقامته في لبنان فاستلهمته من نساء خلفن بصمة في التاريخ السوري عبر حقبات زمنية مختلفة. لتجسيد رؤيتها استعملت الألوان كإشارة إلى تدرج الموضة وتطورها في سوريا، وهي ألوان تدرجت ما بين الرمادي والأزرق الدّاكن والأحمر والذهبي.
حجاج مغرمة أيضا بالدانتيل والتطريز اليدوي وبقطع «شواروفسكي» الكريستالية تحديدا. «أحيانا استخدم التول وخيوط الحرير والقصب التي تتطلب الدقة المتفانية في تفاصيلها». لهذا ليس مستغربا أن يدور حلمها اليوم حول إمكانية فتح مصنع خياطة في بلدها تعيد من خلاله موضة التطريز باليد.
فهناك فارق كبير ما بين التطريز اليدوي والصناعي لهذا أطمح إلى أن أُعيد «شيخ الكار» (كما يسمونه في سوريا) إلى سابق عهده من خلال جمعيات وأكاديميات متخصصة في هذا المجال
أما المرأة التي تضعها نصب أعينها عندما تصمم أي تشكيلة، فتقول إنها «المرأة العصرية، ابنة اليوم على أن تكون عملية وأنيقة في الوقت ذاته، لكنّني أيضا أحرص أن أغوص بداخلها لاستكشف ما تتحلى به من قيم وجماليات».
تعشق منال التاريخ، فقد قرأت أكثر من 300 كتاب تاريخي وتعمقت في عصور مختلفة، ولا تأسف على شيء سوى اقتحام البعض المهنة من باب الاستسهال وعدم أخذها على محمل الجد. تُعلق «يزعجني هؤلاء الذين عندما تضيق بهم الدنيا ولا يجدون لهم عملا، يقررون دخول عالم تصميم الأزياء». وهذا ما يؤثر على صورة المصمم الجاد حسب قولها. وتتابع: «لا بدّ أن يكون مصمم الأزياء على دراية بالرسم والخياطة، حتى يتمكن من الدخول في تفاصيل الزّي وعرضه بالشكل الذي يلائم جهده».
وحتى تؤكد على جديتها، استعانت بفنانين من بلدها أمثال عبد المنعم العمايري ليخرج لها أعمالها على منصة العرض فتتحول إلى مسرحية مثيرة للحواس من كل الحواس، وتعبق بعطر الياسمين الدمشقي الذي تقول إنها متمسكة به «كوني أعيش اليوم في غربة عن بلدي الأم سوريا». وهذا ما يفسر ما تحمله تصاميمه من قوة ورغبة في التأقلم لكن دائما برائحة حنين.


مقالات ذات صلة

2024... عام التحديات

لمسات الموضة لقطة أبدعت فيها «ديور» والمغنية لايدي غاغا في أولمبياد باريس (غيتي)

2024... عام التحديات

إلى جانب الاضطرابات السياسية والاقتصادية، فإن عودة دونالد ترمب للبيت الأبيض لا تُطمئن صناع الموضة بقدر ما تزيد من قلقهم وتسابقهم لاتخاذ قرارات استباقية.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة ماثيو بلايزي مصمم «بوتيغا فينيتا» سابقاً (غيتي)

2024...عام الإقالات والتعيينات

تغييرات كثيرة شهدتها ساحة الموضة هذا العام، كانت من بينها إقالات واستقالات، وبالنتيجة تعيينات جديدة نذكر منها:

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)

الجينز الياباني... طرق تصنيعه تقليدية وأنواله هشة لكن تكلفته غالية

على الرغم من تعقيد الآلات المستعملة لصنعه، فإن نسيجه يستحق العناء، ويتحول إلى قماش ناعم جداً بمجرّد تحويله إلى سروال جينز.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الممثلة الأميركية أوبري بلازا في جاكيت توكسيدو وقبعة من المخمل تتدلى منها ستارة من التول (دولتشي أند غابانا)

التول والمخمل... رفيقا الأفراح والجمال

بين المرأة والتول والمخمل قصة حب تزيد دفئاً وقوة في الاحتفالات الخاصة والمناسبات المهمة

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة بين ميغان ماركل وكايلي جينر قواسم مشتركة وفوارق عديدة في الوقت ذاته (أ.ف.ب)

ميغان ماركل وكايلي جينر والصراع على المرتبة الأولى

هناك فعلاً مجموعة من القواسم المُشتركة بين ماركل وجينر، إلى جانب الجدل الذي تثيرانه بسبب الثقافة التي تُمثلانها ويرفضها البعض ويدعمها البعض الآخر.

جميلة حلفيشي (لندن)

الجينز الياباني... طرق تصنيعه تقليدية وأنواله هشة لكن تكلفته غالية

في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)
في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)
TT

الجينز الياباني... طرق تصنيعه تقليدية وأنواله هشة لكن تكلفته غالية

في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)
في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)

تحظى سراويل الجينز اليابانية المصبوغة يدوياً بلون نيلي طبيعي، والمنسوجة على أنوال قديمة، باهتمام عدد متزايد من عشاق الموضة، الذين لا يترددون في الاستثمار في قطع راقية بغض النظر عن سعرها ما دامت مصنوعةً باليد. وعلى هذا الأساس يتعامل كثير من صُنَّاع الموضة العالمية مع ورشات يابانية متخصصة في هذا المجال؛ فهم لا يزالون يحافظون على كثير من التقاليد اليدوية في صبغ قطنه وتصنيعه من الألف إلى الياء.

يوضع القطن في وعاء يحتوي على سائل أزرق داكن لا يلوّنها وحدها بل أيضاً أيدي العاملين (أ.ف.ب)

داخل مصنع «موموتارو جينز» الصغير في جنوب غربي اليابان، يغمس يوشيهارو أوكاموتو خيوط قطن في وعاء يحتوي على سائل أزرق داكن يلوّن يديه وأظافره في كل مرّة يكرر فيها العملية. يتم استيراد هذا القطن من زيمبابوي، لكنّ الصبغة النيلية الطبيعية المستخدَمة مُستخرجةٌ في اليابان، ويؤكد أوكاموتو أنّ لونها غني أكثر من الصبغات الاصطناعية. وكانت هذه الطريقة التي يشير إلى أنها «مكلفة» و«تستغرق وقتاً طويلاً»، شائعةً لصبغ الكيمونو في حقبة إيدو، من القرن السابع عشر إلى القرن التاسع عشر.

العمل في هذه المصانع صارم فيما يتعلق بمختلف جوانب التصنيع من صبغة إلى خياطة (أ.ف.ب)

وتشكِّل «موموتارو جينز» التي أسستها عام 2006 «جابان بلو»، إحدى عشرات الشركات المنتِجة لسراويل الجينز، ويقع مقرها في كوجيما، وهي منطقة ساحلية تشتهر بجودة سلعها الحرفية، بعيداً عن سراويل الجينز الأميركية المُنتَجة على نطاق صناعي واسع. ويقول رئيس «جابان بلو»، ماساتاكا سوزوكي، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نحن صارمون جداً فيما يتعلق بمختلف جوانب التصنيع». ويشمل ذلك «جودة الخياطة والصبغة»، ما يجعل الاعتماد على مهارات التصنيع التقليدية للحرفيين المحليين، مسألة ضرورية.

بيد أن كل ما هو منسوج يدويا ومصنوع بهذا الكم من الحرفية له تكلفته، إذ يبلغ سعر النموذج الرئيسي من الجينز الذي تنتجه «موموتارو» نحو 193 دولاراً. أما النموذج الأغلى والمنسوج يدوياً على آلة خشبية محوّلة من آلة نسج كيمونو فاخرة، فيتخطى سعره 1250 دولاراً.

يعمل أحد الحرفيين على تنفيذ بنطلون جينز باليد بصبر رغم ما يستغرقه من وقت (أ.ف.ب)

ومع ذلك، ازداد الاهتمام بما تنتجه «جابان بلو» على أساس أنها إحدى ماركات الجينز الراقية على غرار «إيفيسو»، و«شوغر كين». وتمثل الصادرات حالياً 40 في المائة من مبيعات التجزئة، كما افتتحت الشركة أخيراً متجرها السادس في كيوتو، ويستهدف السياح الأثرياء بشكل خاص. يشار إلى أن صناعة الجينز ازدهرت في كوجيما بدءاً من ستينات القرن العشرين لما تتمتع به المنطقة من باع طويل في زراعة القطن وصناعة المنسوجات. وخلال حقبة إيدو، أنتجت المدينة حبالاً منسوجة للساموراي لربط مقابض السيوف. ثم تحوّلت بعد ذلك إلى صناعة «تابي»، وهي جوارب يابانية تعزل إصبع القدم الكبير عن الأصابع الأخرى، وانتقلت فيما بعد إلى إنتاج الأزياء المدرسية.

تعدّ سراويل الجينز الياباني من بين أغلى الماركات كونها مصنوعة ومصبوغة باليد (أ.ف.ب)

ويقول مايكل بندلبيري، وهو خيّاط يدير مشغل «ذي دينيم دكتور» لتصليح الملابس في بريطانيا، إنّ سوق سراويل الجينز اليابانية «نمت خلال السنوات الـ10 إلى الـ15 الماضية». ومع أنّ محبي الجينز في الدول الغربية يبدون اهتماماً كبيراً بهذه السراويل، «لا يمكن للكثيرين تحمل تكاليفها»، بحسب بندلبيري. ويتابع قائلاً: «إن ماركات الجينز ذات الإنتاج الضخم مثل (ليفايس) و(ديزل) و(رانغلر) لا تزال الأكثر شعبية، لكن في رأيي تبقى الجودة الأفضل يابانية». ويرى في ضعف الين وازدهار السياحة فرصةً إضافيةً لانتعاش سوق هذه السراويل.

رغم هشاشتها والضجيج الذي ينبعث منها فإن الأنوال القديمة لا تزال هي المستعملة احتراماً للتقاليد (أ.ف.ب)

يعزز استخدام آلات النسيج القديمة رغم هشاشتها والضجيج الذي ينبعث منها، وبالتالي لا تملك سوى رُبع قدرة أنوال المصانع الحديثة، من سمعة «موموتارو جينز» التي تعود تسميتها إلى اسم بطل شعبي محلي. وغالباً ما تتعطَّل هذه الأنوال المصنوعة في الثمانينات، في حين أنّ الأشخاص الوحيدين الذين يعرفون كيفية تصليحها تزيد أعمارهم على 70 عاماً، بحسب شيغيرو أوشيدا، وهو حائك حرفي في موموتارو.

يقول أوشيدا (78 عاماً)، وهو يمشي بين الآلات لرصد أي صوت يشير إلى خلل ما: «لم يبقَ منها سوى قليل في اليابان» لأنها لم تعد تُصنَّع. وعلى الرغم من تعقيد هذه الآلات، فإنه يؤكد أنّ نسيجها يستحق العناء، فـ«ملمس القماش ناعم جداً... وبمجرّد تحويله إلى سروال جينز، يدوم طويلاً».