زيادة أسعار الوقود تربك تنقلات المصريين

ركاب يصطفون في موقف عبد المنعم رياض بالقاهرة
ركاب يصطفون في موقف عبد المنعم رياض بالقاهرة
TT

زيادة أسعار الوقود تربك تنقلات المصريين

ركاب يصطفون في موقف عبد المنعم رياض بالقاهرة
ركاب يصطفون في موقف عبد المنعم رياض بالقاهرة

أربكت زيادة أسعار الوقود حسابات تنقلات المصريين، لإقرارها في إجازة عيد الفطر، بشكل غير متوقع، رغم الإعلان عنها مسبقاً في اجتماعات حكومية قبيل شهر رمضان المنصرم. وتسببت الزيادة في حدوث حالة ارتباك وفوضى داخل مواقف سيارات الأجرة بمعظم المحافظات المصرية، لا سيما مع موسم عودة المواطنين المقيمين بالقاهرة من الأقاليم الأخرى بعد انتهاء فترة الإجازة.
ورصدت «الشرق الأوسط» شكاوى مواطنين في الجيزة والقاهرة من عدم التزام السائقين بالتعريفة الحكومية، ورفعها من تلقاء أنفسهم رغماً عن الركاب، بجانب حدوث مشادات كلامية، ومشاجرات بين الجانبين لعدم الاتفاق على التعريفة. وتراوحت نسبة زيادة أسعار الوقود، التي تم إقرارها صباح ثاني أيام عيد الفطر، ما بين 17.4 في المائة و66.6 في المائة.
وقال عماد عبد الفتاح، 24 سنة، مقيم في حي بولاق الدكرور، لـ«الشرق الأوسط»: «في منطقتنا، لا يوجد رجال المرور بشكل دائم في كل المناطق، فأغلب المركبات تسير من دون لوحات معدنية، وغير مرخصة، ويقودها سائقون غير مؤهلين، ومع كل زيادة في أسعار البنزين والسولار يقومون برفع القيمة من تلقاء أنفسهم».
وتابع: «أجرة الانتقال من منطقة (العشرين) إلى (الدقي) أو (المهندسين) كانت جنيهين، لكن بعد الزيادة الأخيرة أصبحت جنيهين ونصف، وأجرة (التوك توك) زادت أيضاً بمقدار 50 في المائة».
وأضاف: «يستغل السائقون زيادة أسعار الوقود لتحريك أسعار التنقلات ومضاعفتها، ويربحون من ذلك، لأن زيادة تعريفة الركوب تكون أكثر من زيادة الوقود، إذا تم حسابها على المدى الطويل».
وتقول الحكومة، في المقابل، إنها ترصد الشكاوى من زيادات الأسعار، وأعلنت هيئة الرقابة الإدارية تخصيص رقم هاتف مختصر لتلقي شكاوى المواطنين للإبلاغ عن مخالفات أسعار المحروقات وتعريفة الركوب.
وتحدث أحمد فتحي، من محافظة الغربية (دلتا مصر)، ويعمل موظفاً بالقطاع الخاص بمحافظة الغربية، إلى «الشرق الأوسط»، قائلاً إن سائقي خط (طنطا - القاهرة) يريدون زيادة الأجرة من 16 جنيهاً مصرياً (الدولار الأميركي يعادل 17.8 جنيهاً) إلى 24 جنيهاً، وهو ما أدى إلى حدوث مشادات كلامية تطورت إلى مشاجرات بين الركاب والسائقين، و«مع ذلك، لم يتراجع السائقون رغم تقديم ركاب شكاوى إلى ضباط المرور».
وبحسب الأرقام الرسمية، فإن مصر يوجد بها نحو 3 ملايين مركبة من دون ترخيص، ويعمل عدد هائل منها في نقل الركاب، خصوصاً في المناطق النائية أو الشعبية والعشوائية في القاهرة الكبرى.
ويقول عرفة سعيد، وهو موظف بالقطاع الحكومي، إنه يخشى من تأثيرات رفع أسعار الوقود على «قائمة طويلة جداً من السلع الغذائية والاستهلاكية والأجهزة المنزلية التي تضاعفت أسعارها بعد تعويم الجنيه المصري أمام الدولار قبل عامين».
ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أن «زيادة أسعار الوقود طالت أيضاً الحافلات العامة، وتم رفع سعر التذكرة في بعض الخطوط نحو 50 في المائة و100 في المائة، حيث تم رفع سعر تذكرة أتوبيسات النقل العام (الحكومي) في القاهرة من جنيه ونصف إلى ثلاث جنيهات دفعة واحدة، ما يمثل عبئاً إضافياً على ميزانية رب الأسرة صاحب الدخل المحدود».
وأوضح عرفة أن «سكان العاصمة المصرية لم يفيقوا بعد من رفع أسعار تذاكر مترو الأنفاق، ليواجهوا الزيادة الأخيرة، بعدما باتوا مطالبين بدفع مئات الجنيهات شهرياً للتنقل إلى أعمالهم ووظائفهم، وهو ما يمثل عبئاً كبيراً على دخلهم، ويعرضهم لأزمات مالية خانقة».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.