أغنية حب للجزائر

«أردت أن أعبِّر لهم عن حبي» للروائي الفرنسي جان نويل بانكرازي

جان نويل بانكرازي
جان نويل بانكرازي
TT

أغنية حب للجزائر

جان نويل بانكرازي
جان نويل بانكرازي

سنوات طفولته الثلاث عشرة التي عاشها في الجزائر، ظلت تعيش في وجدان وذاكرة الروائي الفرنسي جان نويل بانكرازي، الذي وُلد عام 1949 في مدينة سطيف الجزائرية الصغيرة، وهي المدينة التي شهدت قبل 4 سنوات من ولادته مجازر مروّعة راح ضحيتها بين 20 ألفاً و30 ألف شهيد جزائري.
هذا الروائي صدرت له وهو في التاسعة والستين من العمر، وبعد مغادرته الجزائر بـ56 سنة، رواية جديدة عن دار «غاليمار» في باريس خلال شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، حملت عنوان «أردت أن أعبر لهم عن حبي»، عاد فيها إلى الكتابة عن ذكريات طفولته في الجزائر، وهي عودة لم تكن متوقعة بالنسبة إلى كثيرين، لا سيما وأنه كان قد أصدر من قبل روايتين عن هذه الذكريات، هما «السيدة أرنول» و«الجبل»، وقد شاءت الصدف أن تصدر خلال هذا العام أيضاً ترجمة لهاتين الروايتين، أنجزها الكاتب والمترجم المغربي سعيد كرامي، وقام بمراجعتها الدكتور منتجب صقر الأستاذ في قسم اللغة الفرنسية بكلية الآداب في جامعة دمشق، وذلك في كتاب مشترك ضمن سلسلة «إبداعات عالمية» من منشورات المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في الكويت.
يؤكد بانكرازي الذي غادر الجزائر بعد استقلالها عام 1962، أن روايته الأخيرة «أردت أن أعبر لهم عن حبي»، هي صدى لشهادة دفينة في أعماقه عن حبه للشعب الجزائري، وأنها ربما ستكون روايته الأخيرة عن الجزائر. ويقول: «أنا تعبت من الذاكرة، والحنين، وأشباح الماضي. أنا تعبت من التذكر، والعودة إلى الدوافع نفسها، والمشاعر ذاتها، والوجوه عينها، والمناظر الطبيعية كلها. أنا مشبع بما عشته وواجهته، وجابهته. لديّ الآن رغبة واحدة فقط وهي: النسيان».
وبالعودة إلى روايته الأولى عن الجزائر «السيدة أرنول» التي حصلت على جائزة موريس جونوفوا وجائزة ألبير كامو، نجد أنها عكست على نحو شفاف وجميل صوراً عن علاقة جميلة ونبيلة ربطت بين طفل رقيق المشاعر، وسيدة فرنسية رصينة تُدعى «السيدة أرنول»، وهي تتمتع بخيال خصب، وتنبض دواخلها بعاطفة حميمة إزاء الشعب الجزائري المحتل. وإذ يأخذ الطفل دور السارد، نجده يعد هذه المرأة القوية كأنها أم حقيقية له، مع انشغال أمه في متطلبات عملها كمدرّسة، وكون علاقتها بأبيه متأزمة ومتوترة في الغالب.
هذه السيدة كانت تعاني من إهمال زوجها، وتعيش منعزلة، لكونها لم تعمل على التخفيف من لكنتها المميزة التي تعكس بوضوح انتماءها إلى منطقة الألزاس، ولم يكن لديها صديق غير هذا الطفل، الذي كانت تلتقيه مساءً في فناء الدار التي تضم شققاً تسكنها عوائل فرنسية، ليمضيا وقتاً ممتعاً في الحديث بصفاء، وكان هذا الطفل هو الوحيد الذي لم يُدِنْها عندما اتخذت موقفاً شجاعاً من العنف المتبادل بين الجيش الفرنسي والجزائريين، معبِّرةً عن تضامنها مع المسلمين.
وكان الطفل في المقابل، يحسّ بفقدانه الدائم للانسجام مع ما حوله، ويكنّ تقديراً خاصاً للسيدة أرنول، التي كثيراً ما كان يتحدث عنها في سياق الرواية بروح الود والاعتزاز، ومن ذلك كيف أنها مدت يدها بعد وقوع أحد الانفجارات لتقف إلى جواره مخففة عنه هول الأمر، وكيف أنها أنقذت حياته مرة أخرى معرضةً نفسها للإصابة بطلق ناري طائش، وكيف كانت في أثناء لقاءاتهما تشد يده كما لو كان ابناً حقيقياً لها وهما يسيران تحت سعف النخيل.
أما روايته الثانية عن الجزائر التي حملت عنوان «الجبل» وحصلت على جائزة فرنسوا مورياك من الأكاديمية الفرنسية وجائزة مارسيل بانيول، وجائزة البحر الأبيض المتوسط، فإنه قد سفح فيها ذاكرته الجريحة التي ظلت تعيش داخله لمدة طويلة، وكان أبطالها 6 أطفال أصدقاء قُتلوا في الجبل خلال الحرب الجزائرية، وكان صديق سابع لهم قد تخلف عن مرافقتهم، فبقي هذا الأمر معذِّباً ومؤرِّقاً له بحدة.
تستهل هذه الرواية سردها من لحظة ما، بعد ظهيرة يوم حزيراني هادئ، توقفت فيه الهجمات قليلاً. كان الأطفال يلعبون بعضهم مع بعض في ساحة مطحنة القرية، وشاءت الصدف أن يعرض عليهم سائق الشاحنة أن يصطحبهم إلى الجبل، فصعدوا إلى خلفيتها، مسرورين مبتهجين بعرضه، حيث كان الجبل وجهة محظورة عليهم، وكانوا يعتقدون أنه «مليء بوديان من الجعران والكنوز المدفونة والمحاربين». اكتفى الطفل السابع الذي رفض اقتراح السائق، بمشاهدة رفاقه الستة يرحلون وهم يجلسون في خلفية الشاحنة. ظل وحيداً وسط ساحة الطاحونة. بقي ينتظر حتى المساء، وهبّت حينها رياح باردة وجليدية من جبل أوراس، الذي عثروا بين صخوره السوداء على الأطفال الستة مقتولين.
بقي هذا الطفل الذي أخذ دور السارد، تحت وطأة شعور ثقيل بالذنب والندم لأنه ترك رفاقه في ذلك اليوم يمضون إلى حتفهم وبقي هو حياً، وظل يرافقه إحساس بالحزن العميق والفشل والعار لكونه الناجي الوحيد من تلك المأساة.
وفي الختام يمكن أن نشير، إلى أن الروائي بانكرازي يحمل وسام الفارس الفرنسي للاستحقاق الوطني للفنون والآداب، وهو يعمل منذ عام 1985 ناقداً أدبياً في صحيفة «لوموند – الكتب»، كما أنه أصبح منذ عام 1999 عضواً في لجنة تحكيم جائزة «رونودو» الأدبية. وكان بين الجوائز التي حصل عليها الجائزة الكبرى للرواية التي تمنحها الأكاديمية الفرنسية عن روايته «كل شيء يمر بسرعة» عام 2003، وجائزة «ميديسيس» عن روايته «أحياء الشتاء» عام 1990.



شكوك حول أسباب وفاة الملحن المصري محمد رحيم

الملحن المصري الراحل محمد رحيم خاض تجربة الغناء (حسابه على «فيسبوك»)
الملحن المصري الراحل محمد رحيم خاض تجربة الغناء (حسابه على «فيسبوك»)
TT

شكوك حول أسباب وفاة الملحن المصري محمد رحيم

الملحن المصري الراحل محمد رحيم خاض تجربة الغناء (حسابه على «فيسبوك»)
الملحن المصري الراحل محمد رحيم خاض تجربة الغناء (حسابه على «فيسبوك»)

أثار خبر وفاة الملحن المصري محمد رحيم، السبت، بشكل مفاجئ، عن عمر يناهز 45 عاماً الجدل وسط شكوك حول أسباب الوفاة، كما تصدر اسم رحيم «ترند» موقعي «غوغل»، و«إكس»، خلال الساعات الأخيرة.

وكان الفنان المصري تامر حسني قد أعلن عن موعد مراسم الجنازة عبر خاصية «ستوري» بصفحته الرسمية بموقع «إنستغرام»، لكنه سرعان ما أعلن تأجيل المراسم، لافتاً إلى أن طاهر رحيم، شقيق الفنان الراحل، سيعلن عن موعد الجنازة مجدداً، وكان الأخير أعلن تأجيلها «حتى إشعار آخر»، وفق ما كتب عبر حسابه بـ«فيسبوك».

وحسب مواقع إخبارية محلية، فقد تم تأجيل مراسم الجنازة عقب توقيع الكشف الطبي على جثمان الملحن الراحل، ووجود شكوك في شبهة جنائية حول وفاته، إذ تضمن تقرير طبي متداول إعلامياً ومنسوب لإحدى الإدارات الصحية بمحافظة الجيزة وجود «خدوش وخربشة»، و«كدمات» في الجثمان.

يذكر أن رحيم كان قد أعلن في شهر فبراير (شباط) الماضي عبر حسابه بموقع «فيسبوك» عن اعتزاله الفن، لكنه تراجع عن قراره ونشر مقطعاً مصوراً أكد خلاله عودته مجدداً من أجل جمهوره.

الملحن محمد رحيم والفنانة نانسي عجرم (حسابه على «فيسبوك») ‫‬

كان الراحل قد تعرض لذبحة صدرية في شهر يوليو (تموز) الماضي، دخل على أثرها إلى العناية المركزة، حسبما أعلنت زوجته مدربة الأسود المصرية أنوسة كوتة.

من جانبها، أعلنت أرملة رحيم قبل ساعات عبر صفحتها الشخصية بموقع «فيسبوك»، عن موعد الجنازة مجدداً بعد صلاة عصر اليوم (السبت)، من مسجد الشرطة بمدينة الشيخ زايد، لكنها قامت بحذف المنشور.

الشاعر والناقد الموسيقي المصري فوزي إبراهيم أكد أن «وفاة رحيم شكلت صدمةً لجمهوره ومحبيه حيث كان بصحة جيدة، وخرج من محنته المرضية الأخيرة وتعافى تماماً وذهب لأداء العمرة قبل شهر».

الملحن المصري محمد رحيم (حسابه على «فيسبوك»)

وتحدث فوزي لـ«الشرق الأوسط» عن رحيم الملحن، لافتاً إلى أن «إنتاجاته لها مذاق مختلف، وهذه السمة نادرة الوجود حيث عُرف بالتفرد والإبداع والابتكار الذاتي».

وذكر فوزي أن تعاونه مع رحيم بدأ مطلع الألفية الحالية واستمر حتى رحيله، حيث كان على موعد لتسجيل أحدث أغاني «الكينج» محمد منير من كلماته وتلحين رحيم.

ووصف فوزي، رحيم، بأنه «أحد عباقرة العصر وإحدى علامات الأغنية المصرية في الربع قرن الأخير»، لكنه كان يعاني بسبب تجاهله وعدم تقديره إعلامياً.

ويستكمل فوزي حديثه قائلاً: «إحساسه بعدم التقدير جعله يوظف طاقته بالعمل، ويبتعد عن السلبيات، حتى صار مؤخراً في المرتبة الأولى في قائمة التحصيل وحق الأداء العلني بالأرقام الرسمية من جمعية (المؤلفين والملحنين المصرية - الساسيرو)، حتى أن اسمه فاق اسم الموسيقار بليغ حمدي في التحصيل، كما جرى تكريمه بالعضوية الذهبية».

الملحن محمد رحيم والفنان محمد منير (حساب الملحن الراحل على «فيسبوك»)

وتعاون رحيم مع عدد من الفنانين، من بينهم نانسي عجرم، وعمرو دياب، ومحمد منير، وأصالة، وإليسا، ونوال الزغبي، وأنغام، وآمال ماهر، وروبي، ومحمد حماقي، وتامر حسني، وساندي، وكارول سماحة، وبهاء سلطان، وتامر عاشور، وجنات، وهيفاء وهبي، وغيرهم.

ومن بين الألحان التي قدمها محمد رحيم منذ بدايته قبل 26 عاماً أغنيات «وغلاوتك» لعمرو دياب، و«أنا لو قلت» لمحمد فؤاد، و«الليالي» لنوال الزغبي، و«يصعب علي» لحميد الشاعري، و«ياللي بتغيب» لمحمد محيي، و«أحلف بالله» لهيثم شاكر، و«جت تصالحني» لمصطفى قمر، و«مشتاق» لإيهاب توفيق»، و«أنا في الغرام» لشيرين، و«بنت بلادي» لفارس، و«ليه بيداري كده» لروبي، و«في حاجات» لنانسي عجرم.