عاصفة «إليكسا» تضرب شمال السعودية

الثلوج تكسو شمال المملكة
الثلوج تكسو شمال المملكة
TT

عاصفة «إليكسا» تضرب شمال السعودية

الثلوج تكسو شمال المملكة
الثلوج تكسو شمال المملكة

حذرت المديرية العامة للدفاع المدني، سكان مناطق شمال السعودية من تأثرها بكتلة هوائية شديدة البرودة، تصل معها درجات الحرارة إلى ما دون الصفر المئوي، والمصحوبة بتساقط الثلج، وقامت المديرية بتوزيع وحدات على المواقع المتوقع تساقط الثلوج عليها، لمساعدة المارة والأهالي في حال الحاجة.
وذكرت أنه حسب التقارير الصادرة عن الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة سيستمر تأثير هذه الموجة لتشمل مناطق المدينة المنورة ومكة المكرمة، ومن ثم على منطقتي الرياض والشرقية، وصولا إلى مناطق جنوب المملكة، حيث يتوقع هطول أمطار على مناطق الباحة وعسير وجازان. وأوضح العقيد ممدوح العنزي الناطق الإعلامي في الدفاع المدني للحدود الشمالية عن وجود خطط أمنية تتمثل في توزيع وحدات تمركز في المواقع الخطرة، وهي منطقة الظهر وجبل اللوز وعلقان، أثناء تساقط الثلوج، لمنع المواطنين من العبور إلى هذه المناطق التي تكثر فيها المنخفضات والأودية، نظرا إلى ما تشكله من خطورة بالغة خاصة أثناء ذوبان الثلوج.
وطالب المواطنين القاطنين في شمال المملكة بتوخي الحذر وأخذ الحيطة في الفترة التي تشهدها هذه المنطقة من انخفاض في درجات الحرارة من مواد التدفئة، ومتابعة الأطفال، والانتباه عند إشعال الحطب والفحم، وفتح النوافذ والأبواب لمرور تيار الهواء النقي لتفادي الاختناق أو التسمم بغاز أول أكسيد الكربون، وأن يجري التأكد من إطفائهما عند النوم.
وشدد على ضرورة أن يجري إشعال الفحم أو الحطب في الخارج بعيدا عن المواد سريعة الاشتعال، مثل الفرش أو الملابس أو رواق المخيمات، وعدم إشعالهما في الأماكن المغلقة، خاصة عند اشتداد الهواء أو الرياح؛ تجنبا لخطورة تبدد الشرار وارتفاع ألسنة اللهب وحدوث حريق.
وأوضح محمد بابيضان، نائب مدير الإدارة العامة للتحاليل والتوقعات في الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، أن العاصفة الثلجية التي تشهدها شمال المملكة هي أول عاصفة في شتاء هذا العام، والتي تتميز بأنها واسعة التأثير ليس فقط على السعودية ولكن امتدت آثارها إلى شرق البحر المتوسط. وبيّن أن الكتلة الهوائية الباردة التي وصلت إلى السعودية، مساء السبت، والتي وصلت فيها درجات الحرارة إلى ما دون الصفر المئوي، والمصحوبة برياح نشطة السرعة تحد من مدى الرؤية الأفقية، ستستمر حتى الثلاثاء المقبل، ومن ثم ستبدأ هذه الكتلة الهوائية في التحسن التدريجي واعتدال في درجة البرودة.
ولفت إلى أن تأثير هذه الموجة سيستمر ليشمل مناطق المدينة المنورة ومكة المكرمة، بانخفاض درجات الحرارة ونشاط في الرياح السطحية، مع هطول أمطار متفرقة، وأن منطقة الرياض والشرقية ستشهد انخفاضا في درجة الحرارة، ابتداء من اليوم وحتى يوم الثلاثاء المقبل، وصولا حتى مناطق جنوب المملكة.
من جهته، كشف الدكتور عبد الله المسند، عضو هيئة التدريس بقسم الجغرافيا بجامعة القصيم، عن أن دول الشرق الأوسط تواجه حالة من عدم الاستقرار الجوي العنيف، النادر، وحاليا تؤثر العاصفة الثلجية المسماة «إليكسا» على تركيا، إيران، وسوريا، والعراق، ولبنان، وفلسطين، وفي طريقها لتضرب شمال السعودية، ابتداء من مساء الخميس، ويتوقع أن تستمر حالة عدم الاستقرار العنيف حتى قبيل منتصف الأسبوع المقبل.
وأوضح الدكتور المسند أن العاصفة الثلجية «إليكسا» عبارة عن منخفض قطبي علوي عميق، تتدنى مستويات التجمد فيه إلى ارتفاعات قريبة من سطح الأرض.
وأضاف المسند: «إن سماكة الغلاف الجوي تكون في هذه الحالة الجوية (منضغطة) فوق منطقة الشرق الأوسط، أي إن كثافة الغلاف الجوي عالية؛ الأمر الذي يجعل الطبقات العلوية شديدة البرودة (خط السماكة 5400) تكون قريبة من سطح الأرض، ومع توافر الرطوبة الجوية العلوية في تلك الطبقات (على ارتفاع خمسة كيلومترات بالمتوسط)، وانخفاض درجة الحرارة على تلك الارتفاعات إلى نحو 30 تحت الصفر».
ولفت المسند إلى أنه الثلوج في تلك المستويات المتجمدة، والرطبة، ستتهيأ ثم تهوي إلى الأرض، شريطة أن تكون درجة الحرارة في الطبقات الجوية السفلية دون الصفر، حتى لا يتحول الثلج الساقط إلى قطرة ماء فيصبح مطرا، وبعبارة أخرى الأجواء العلوية التي تعيشها بلاد الشام حاليا شبيهة بالأجواء التي تكون «عادة» فوق روسيا شتاء، وستكون جاثمة فوق بلاد الشام وشمال المملكة لبضعة أيام. يشار إلى أن خط «السماكة» 5400 (5400 Thickness)، وهو الخط الذي عنده يتحول المطر إلى ثلج، يقبع حاليا فوق بلاد الشام، ومن المتوقع أن يكون فوق «شمال» السعودية من يوم الخميس حتى يوم السبت المقبل، الأمر الذي يتوقع من خلاله هطولات ثلجية متفرقة خاصة على المرتفعات الشمالية الغربية من السعودية، وعلى وجه التحديد فوق جبال مدين، وأجزاء من منطقة الحدود الشمالية، وربما الجوف، ومرتفعات حائل، وهذا يتزامن مع انخفاض حاد بدرجة الحرارة على معظم مناطق المملكة، خاصة المناطق الشمالية وشمال الوسطى، ويتوقع أن يتشكل الصقيع في ساعات الصباح الباكر.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».