عيد «حزين» يمر على سكان القطاع 10 في مدينة الصدر

انفجار مدينة الصدر قطاع 10
انفجار مدينة الصدر قطاع 10
TT

عيد «حزين» يمر على سكان القطاع 10 في مدينة الصدر

انفجار مدينة الصدر قطاع 10
انفجار مدينة الصدر قطاع 10

من بين 79 قطاعاً تتوزع عليها مدينة الصدر، يمر عيد الفطر هذا العام حزيناً كئيباً على سكان القطاع 10، بعد أن تسبب انفجار مخزن عتاد تابع لفصيل شيعي مسلح الأسبوع الماضي في أضرار فادحة بالحي، تمثلت في سقوط 3 قتلى وأكثر من 120 جريحاً، إضافة إلى تدمير نحو 15 منزلاً وتعرض العديد من المنازل ومدرستين إلى أضرار شديدة.
ويعود تاريخ تأسيس المدينة، بقطاعاتها الـ79، إلى عهد الرئيس الراحل عبد الكريم قاسم (1958 - 1963) الذي أنشأها في ستينات القرن الماضي لتوطين سكان مناطق العشوائيات الفقراء في بغداد القادمين من ريف المحافظات الجنوبية ذات الغالبية الشيعية. وسميت في بداية تأسيسها بمدينة «الثورة»، ثم تحوّل اسمهما إلى «مدينة صدام»، وأطلق عليها بعد عام 2003 «مدينة الصدر» نسبة إلى المرجع الديني محمد صادق الصدر الذي اغتاله نظام صدام حسين عام 1999، وهي اليوم المعقل التقليدي لأتباع هذا المرجع ولنجله مقتدى الصدر.
وتعرضت مدينة الصدر لسلسلة هجمات إرهابية على امتداد السنوات الأخيرة تسببت في خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات، لكن التفجير الأخير كان «أكثر ألماً كونه صدر عن نيران صديقة»، كما قال أحد سكان القطاع الرقم 10، علماً بأن هذا الأمر كان قد لمح إليه مقتدى الصدر نفسه في إحدى تغريداته.
وبدل «الانشغال بممارسة طقوس العيد المحلية المعتادة في العراق في مثل هذه الأيام، مثل عملية التزاور بين العوائل وعمل معجنات (الكليجة) المحلية وتقديمها للضيوف، انشغل الناس بعيادة الجرحى وترميم ما أمكن من المنازل المهدمة»، كما قال أحمد زاير وهو أحد سكان الحي المنكوب. وزاير شاب متزوج وله 5 أبناء، ولد وعاش في القطاع 10، وحين عاد من إجازته الاعتيادية باعتباره منتسباً في الجيش العراقي، ويخدم في منطقة النباعي غرب بغداد، شاهد بأم عينيه الدمار الذي حل بمنزله ومنازل الحي القريبة. يقول زاير لـ«الشرق الأوسط»: «كان المشهد رهيباً، دخلت إلى المنزل ووجدت آثار دماء عائلتي تملأ المكان، كان البيت مدمراً بدرجة كبيرة، تحطم زجاج الشبابيك، وخلعت الأبواب، وسقطت أجزاء من السقف».
لكن، لحسن الحظ، «لم أفقد أي فرد من عائلتي، باستثناء إصابات وجروح شديدة أصابت والدي ووالدتي وبعض إخوتي، أما أبنائي وأمهم فكانوا في وقت الحادث يزورون منزل جدهم لأمهم»، بحسب ما أضاف أحمد زاير، الذي قال أيضاً إن أغلب سكان الحي كانوا يؤدون زيارة دينية في ليلة القدر ما أسهم في تقليل حجم الضحايا.
ويسكن أحمد مع عائلته وأمه وأبيه وثلاثة من أشقائه المتزوجين منزلاً مساحته 140 متراً مربعاً بطابقين، ويرى أن «الحياة قبل انفجار مخزن السلاح لم تكن نموذجية، وفيها ما فيها من ضنك العيش وصعوبته، لكن كان على الدوام ثمة مكان نؤوي إليه. أما اليوم فالمنزل شبه مهدم». ويتابع: «في الأعياد السابقة كانت الأمور طبيعية، وبإمكاننا أن نجد فيها مساحة للفرح، أما في هذه العيد فالأمر محزن تماماً ولا مجال للاحتفال في ظل هذا الخراب المحيط بنا».
وعلى الرغم من لجنة التحقيق التي أمر بها مقتدى الصدر، وطالب أن تعلن نتائجها خلال 72 ساعة واللجنة الأخرى التي أعلنتها وزارة الداخلية، إلا أن أحمد زاير يقول: «لم نحصل على شيء حتى الآن، وليس أمامنا سوى التحرك عشائرياً لمحاسبة المتسببين في حادث الانفجار، إضافة إلى رفع شكوى رسمية ضد الجهات المتسببة بالكارثة».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.