سباق بين الأهالي وأنصار النظام إلى جنوب دمشق... وأثاث المنازل المدمرة

معارضون يتهمون ميليشيات بعرقلة وصول أصحاب البيوت

TT

سباق بين الأهالي وأنصار النظام إلى جنوب دمشق... وأثاث المنازل المدمرة

دخل الأهالي من جهة، وعناصر موالية للنظام السوري من جهة ثانية، في سباق بعد سيطرة دمشق على الجزء الجنوبي من حي التضامن، حيث إن الأهالي يريدون الظفر بأي قطعة أثاث من منازلهم، في وقت يريد «العفيشية» سرقة ما تبقى من حاجات، وسط أنباء عن عرقلتهم وصول الأهالي إلى منازلهم.
ومنذ اليوم الأول لاستعادة النظام السيطرة بشكل كامل على مناطق انتشار تنظيم داعش في جنوب دمشق (مدينة الحجر الأسود، ومخيم اليرموك، والجزء الجنوبي من حي التضامن، والجزء الشرقي من حي القدم) قبل نحو 20 يوماً، تدفق الأهالي إلى الجزء الجنوبي من حي التضامن لتفقد منازلهم وحاجاتهم.
ولم تكن رحلة الأهالي للوصول إلى جادتهم ومنازلهم سهلة بسبب الدمار الكبير الذي لحق بالمنطقة وأكوام الركام الكبيرة الموجودة في الطرقات، وتطلب الأمر منهم تكبد عناء السير فوق الركام في طرق ضيقة جداً جرى تمهيدها نوعاً ما لتتسع لشخصين أو ثلاثة على الأكثر، وكذلك في سراديب تم فتحها في داخل منازل ملاصقة لبعضها بعضاً، ويمكن منها الوصول إلى منازلهم.
ويتبع حي التضامن محافظة دمشق، ويعتبر ذا أهمية استراتيجية كونه بوابة دمشق الجنوبية الفاصلة بين المدينة وريفها، ويلاصقه مخيم اليرموك من الغرب، وبلدة يلدا من الشرق والجنوب على التوالي، أما من الشمال فتحده منطقتي الزاهرة ودف الشوك. وكان أعداد قاطنيه قبل بداية الحراك السلمي تقدر بـ200 ألف يشكلون نسيجاً اجتماعياً متفاوتاً في العادات والتقاليد، فجل سكانه من نازحي هضبة الجولان العرب والتركمان، ومن محافظات السويداء وإدلب ودير الزور ودرعا واللاذقية وطرطوس، إضافة إلى قسم لا بأس به من اللاجئين الفلسطينيين.
وشكل المنحدرون من محافظات درعا ودير الزور وإدلب، الذين يتجمعون في الجزء الجنوبي من الحي، وتقدر مساحته بنصف مساحة الحي، نواة الحراك السلمي في عامه الأولى، في وقت يوجد في الجزء الشمالي المقابل شوارع الجلاء ونسرين والغفاري على التوالي، التي يوجد فيها أيضاً تنوع في النسيج الاجتماعي للسكان، لكن تسليح النظام للموالين جعل لهم سطوة كبيرة على باقي السكان من الطوائف الأخرى، ليبقى هذا الجزء من الحي تحت سيطرتهم.
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2012، وبعد عسكرة الحراك، اجتاحت فصائل من «الجيش الحر»، أبرزها «أبابيل حوران» الجزء الجنوبي من الحي وسيطرت عليه، مما أدى إلى نزوح غالبية سكانه، على حين شكل الجزء الشمالي من الحي منطلقاً لعمليات جيش النظام وميليشياته ضد الفصائل المعارضة في الجزء الجنوبي، ومركزاً كبيراً لاعتقال وتعذيب سكان المناطق المجاورة المناوئين للنظام.
وبعد سيطرة «داعش» على القسم الأكبر من مخيم اليرموك في أبريل (نيسان) عام 2016، قام أيضاً بالسيطرة على الجزء الجنوبي من حي التضامن، بينما تراجعت الفصائل التي كانت توجد فيه إلى بلدات يلدا وببيلا وبيت سحم، حيث كانت تسيطر حينها فصائل إسلامية وأخرى من الجيش الحر.
وعمد النظام إلى تدمير منازل الأهالي بشكل شبه كامل في حي زليخة، التابع إدارياً لبلدة يلدا، ويحاذي القسم الجنوبي من حي التضامن من الجهة الشرقية، وذلك عبر تفخيخها، ومن ثم تفجيرها، في أثناء عمليات الكر والفر خلال المعارك التي كانت تحصل في الحي في بدايات الأحداث، بحسب قول نشطاء معارضين.
ويقسم القسم الجنوبي من حي التضامن إلى قسمين: غربي، يمتد من دوار فلسطين جنوباً حتى سينما النجوم شمالاً، بمسافة تصل إلى نحو 400 متر، ومن شارع فلسطين التابع إدارياً لمخيم اليرموك غرباً حتى منطقة الطبب شرقاً، بمسافة تصل إلى أكثر من 250 متراً؛ بينما القسم الشرقي يمتد من منطقة الطبب غرباً حتى شارع دعبول المحاذي لحي زليخة التابع ليلدا شرقاً، بمسافة تصل إلى نحو 200 متر، ومن قوس يلدا جنوباً حتى جامع سيدنا علي شمالاً، بمسافة تصل إلى نحو 400 متر.
وبعد وصول كثير من الأهالي إلى مشارف هذا القسم من الحي، بدت الصدمة كبيرة على وجوههم بسبب حجم الدمار الكبير شبه الكامل الذي لحق بجاداتهم ومنازلهم، خصوصاً في القسم الجنوبي الشرقي.
وفضل كثير من الأهالي بعد العناء الكبير الذي تكبدوه للوصول إلى مشارف الحي العودة إلى مناطق نزوحهم، وعدم الذهاب إلى منازلهم. ويقول رجل في العقد الرابع من العمر في دردشة مع آخر يقف إلى جانبه وقد تملكهما اليأس: «المشهد أكثر من واضح! ماذا سنتفقد؟ جبال من الركام؟»، بينما يوضح آخرون أن «عدم الوصول إلى منازلهم أفضل» لأن الدمار «طمس معالم الشوارع والأزقة»، وبالتالي لن يتمكنوا من التعرف على منازلهم.
وبتدمير القسم الجنوبي الشرقي من الحي، تتسع رقعة المنطقة المدمرة، كون هذا القسم يتصل بحي زليخة التابع إدارياً لبلدة يلدا، ويحاذي القسم الجنوبي من حي التضامن من الجهة الشرقية، الذي كان النظام وشبيحته قد دمروا منازله في بداية الأحداث عبر تفخيخها، ومن ثم تفجيرها، في أثناء عمليات الكر والفر خلال المعارك التي كانت تحصل في الحي.
وبدا حجم الدمار في القسم الجنوبي الغربي من الحي، الذي كان أغلب سكانه من اللاجئين الفلسطينيين وأهالي محافظات السويداء واللاذقية وطرطوس والقنيطرة، أقل منه في القسم الجنوبي الشرقي، وذلك أن هناك عدداً من منازل ما زال قائماً، وإن تعرضت غالبيتها إلى القذائف والتصدع جراء عمليات القصف.
وظهرت ملامح شيء من الفرح على وجوه الأهالي الذين وصلوا إلى بيوتهم في هذا القسم من الحي، على اعتبار أن منازلهم ما زالت قائمة، وكثير من أثاثها وحاجاتهم ما زال موجوداً فيها، لكن التحدي الأكبر بات أمامهم هو كيفية نقل هذه الحاجات منها إلى أماكن نزوحهم، مع حجم الركام الكبير وإغلاق غالبية الطرق بالسواتر الترابية.
وإن سمح عناصر جيش النظام وشبيحته للأهالي بنقل أثاثهم وحاجاتهم، بعد حصولهم على وثيقة ممهورة من الضابط المسؤول عن أمن المنطقة ومختار الحي، فإن عملية النقل بدت شاقة مكلفة للغاية مادياً.
ويتطلب إخراج تلك الحاجات وقطع الأثاث (من غسالات، وأفران، وبرادات، وتلفزيونات، وصوفيات، وطاولات، وأدوات كهربائية، وغرف نوم وسفرة،...) نقلها بشكل فردي على عربة صغيرة في طرق وعرة للغاية لمسافة 200 إلى 300 متر، حيث يجري تجميعها في ساحة عند أول حاجز لقوات النظام والشبيحة، ومن ثم يجري نقلها من هناك بسيارات.
وفي حين يصل إيجار نقل القطعة الواحدة على العربة من المنزل إلى ساحة التجميع ما بين 10 و15 ألف ليرة سورية، ويقوم بها شبان أغلبيتهم من سكان الحي والأحياء المجاورة، يبلغ إيجار نقل الحمل الواحد في سيارة شاحنة صغيرة إلى أكثر من 25 ألف ليرة (الدولار الأميركي يساوي نحو 435 ليرة)، بينما يتطلب الأمر دفع مبلغ من 10 إلى 15 ألف عن كل حمل لحواجز النظام والشبيحة المنتشرة على الطرق.
ونتيجة الغلاء غير المسبوق الذي طرأ على الأدوات المنزلية والكهربائية وعموم الحاجات منذ اندلاع الحرب في البلاد منذ أكثر من 7 سنوات، بدا أن هناك إصراراً من الأهالي على إخراج حاجاتهم من الحي.
سيدة في العقد الخامس من العمر، وفي أثناء وجودها مع أولادها الثلاثة أمام منزلهم ونقلهم لحاجاتهم، تقول لأولادها والعرق يتصبب منها ومنهم: «لا تتركوا شيئاً، اخرجوا كل شيء... هي أغراضنا، ومهما دفعنا أفضل من شراء الجديد».
ويصل سعر الغسالة الجديدة حالياً إلى نحو 200 ألف ليرة سورية، بعد أن كان قبل الحرب لا يتجاوز 30 ألفاً، والبراد إلى 250 ألف ليرة، والفرن 150 ألف ليرة، بينما يصل سعر طقم الكنبات إلى 400 ألف ليرة، وغرفة النوم إلى نصف مليون ليرة.
ووصل الأمر ببعض الأهالي إلى تفكيك أبواب وواجهات الألمنيوم الموجودة، وكذلك مفاتيح الكهرباء ولمبات الإنارة، وخلاطات المياه، ويقول أحدهم: «إن تُركت إلى الغد، فلن نجدها، وبالتالي يفترض أخذها، فهي من حقنا... من تعبنا».
وفي مقابل إصرار الأهالي على إخراج حاجاتهم وأثاث منازلهم، عمد عناصر النظام وشبيحته إلى المماطلة بمنح الأهالي الوثائق اللازمة لذلك، وعدم إزالة الركام والدمار من الطرقات، ومنع أصحاب العربات من العمل، من أجل إفساح المجال لأنفسهم لـ«تعفيش» (سرقة) ما يستطيعون.
وصادف كثير من الأهالي وجود عناصر من جيش النظام و«شبيحة» و«حرامية» في منازلهم، يقومون بعمليات «التعفيش» للحاجات وقطع الأثاث الموجودة في منازلهم، إلا أن كثيراً منهم لم يستطع منع هؤلاء، كونهم مسلحين وذوي سطوة. ويقول أحد الأهالي: «أي جدال مع هؤلاء سيدفعهم إلى إحراق المنزل وتدميره».
ولوحظ منذ سيطرة النظام وشبيحته على مناطق جنوب دمشق انتعاش أسواق «التعفيش» في المناطق المجاورة لها، مثل حي دف الشوك وجرمانا، وتراجع الأسعار فيها، ذلك أن سعر أي غسالة أو فرن أو براد لا يتجاوز 50 ألف ليرة.



منصة يمنية تحذر من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي

للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
TT

منصة يمنية تحذر من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي

للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)

حذّرت منصّة يمنية متخصصة في تعقّب الجريمة المنظّمة وغسل الأموال (P.T.O.C) من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي، وكشفت عن بيانات تنشر لأوّل مرة عن مشروع توسع الجماعة، الذي يديره بشكل مباشر «الحرس الثوري» الإيراني، بتنسيق مع ميليشيا «حزب الله» اللبناني.

وتضمن تقرير المنصة، الذي اطلعت عليه «الشرق الأوسط»، معلومات عن خريطة التوسّع الخارجي للجماعة الحوثية بتكليف من إيران، وخريطة تهريب وتسليح الجماعة، ومفاتيح مشروع التوسّع الحوثي في القرن الأفريقي والمشرفين عليه والمنفّذين.

ابن عم زعيم الجماعة الحوثية خلال تجمع في صنعاء (أ.ف.ب)

ويتناول التقرير نشاط جماعة الحوثيين خارجياً في القرن الأفريقي، ابتداءً من تهريب الأسلحة وتجنيد الأفارقة ومعسكرات تدريبهم، واستخدامهم في الأنشطة الاستخبارية والإرهابية التوسّعية.

ووفق التقرير، أكدت محاضر سرية لاجتماعات ما يسمى «جهاز الأمن والمخابرات» التابع للحوثيين أنه جرى إسناد مسؤولية مشروع التوسّع الخارجي في القرن الأفريقي إلى القيادي عبد الواحد أبو راس، ورئيس الجهاز عبد الحكيم الخيواني، ووكيل الجهاز لقطاع العمليات الخارجية حسن الكحلاني (أبو شهيد)، والقيادي الحسن المرّاني، والقيادي أبو حيدر القحوم، بهدف تحقيق مساعي إيران في التوسّع في القارة الأفريقية والسيطرة على ممرّات الملاحة الدولية.

وأشار التقرير إلى الدور الذي يلعبه نائب وزير الخارجية في حكومة الحوثيين الانقلابية، حسين العزّي، من خلال المصادر الدبلوماسية والشخصيات التي تعمل معه في كل من إثيوبيا، وإريتريا، وجيبوتي، والسودان، وكينيا، إذ تُجرى إقامة علاقات استخباراتية وأمنية وسياسية ولوجستية مع الشخصيات والعناصر الموجودة والمقرّبة من جماعة الحوثيين في تلك الدول، والعمل على استقطاب أكبر قدر ممكن من الدبلوماسيين في السفارات اليمنية في تلك الدول.

تجهيز وتدريب

وكشفت المنصة اليمنية في تقريرها عن سعي الحوثيين لإنشاء محطات استخباراتية حسّاسة ودقيقة في كل دول القرن الأفريقي والدول المحيطة باليمن، والعمل على تجهيز وتدريب وتأهيل كوادرها في أسرع وقت ممكن؛ بهدف تفعيلها بشكل مناسب، وفي وقت مناسب، لما يحقّق أهداف ما تُسمّى «المسيرة القرآنية والمصالح المشتركة مع دول المقاومة، خصوصاً إيران، وغزة، ولبنان».

عشرات الآلاف من الأفارقة المهاجرين يصلون سنوياً إلى اليمن (الأمم المتحدة)

وأظهرت الوثائق التي أشار إليها التقرير إلى هدف الحوثيين المتمثّل في التحضير والتجهيز مع العناصر والشخصيات التي جرى إنشاء علاقة معها في أفريقيا لـ«إنجاز أعمال وتحرّكات ونشاط في البحر الأحمر ودول القرن الأفريقي لمساندة الحوثيين في حال ما تعرّضوا لأي ضغوط سياسية أو دبلوماسية دولية خارجية».

واحتوى التقرير على أسماء القيادات المسؤولة عن هذا الملف، ابتداءً من المشرف في «الحرس الثوري» الإيراني المدعو أبو مهدي، وانتهاءً بمالك أصغر قارب تهريب للأسلحة في البحر الأحمر، إضافة إلى علاقة تنظيم «الشباب المجاهدين» الصومالي بجماعة الحوثيين والأفارقة ومافيا تجنيد الأفارقة وتهريبهم من وإلى اليمن، في واحدة من أخطر جرائم الاتجار بالبشر والجريمة المنظّمة.

ويؤكد تقرير منصّة تعقّب الجريمة المنظّمة وغسل الأموال (P.T.O.C) أن جماعة الحوثيين قامت باستقطاب وتجنيد كثير من العناصر الأفريقية من جنسيات مختلفة، خصوصاً عقب اجتياح صنعاء ومحافظات عدّة في سبتمبر (أيلول) 2014، إذ جرى إخضاعهم لدورات ثقافية وعسكرية، وتوزيعهم على جبهات القتال (تعز - الساحل الغربي - مأرب - الحدود)، وأرجع البعض إلى دولهم لغرض التوسّع في أفريقيا.

تعنت الحوثيين أدى إلى تعطيل مسار السلام في اليمن (أ.ب)

كما استقطبت الجماعة - وفق المنصة - كثيراً من الشخصيات والرموز الأفارقة المؤثّرين (قبيلة العفر - الأورومو - أوجادين) بين أوساط الجاليات الأفريقية في صنعاء (الصومالية - الإثيوبية - الإريترية) والاعتماد عليهم في الحشد والاستقطاب من اللاجئين الأفارقة الموجودين في صنعاء، وكذلك من يجري استقطابهم من مناطقهم بالقرن الأفريقي، والتنسيق لهم للوصول إلى صنعاء.

أبو راس والكحلاني

وذكرت المنصة اليمنية في تقريرها أن مسؤول ملف التوسّع الخارجي والقرن الأفريقي في الجماعة الحوثية هو عبد الواحد ناجي محمد أبو راس، واسمه الحركي «أبو حسين»، وهو من مواليد محافظة الجوف اليمنية، إذ تولّى هذا الملف بتوصية مباشرة من قبل قيادات إيرانية سياسية عليا وقيادات في «الحرس الثوري» الإيراني.

ومن أبرز الملفات التي يعمل عليها أبو راس، وفق التقرير، التنسيق مع عناصر «الحرس الثوري» الإيراني، وقيادة الحركة الحوثية للعمل الميداني، كما أنه المسؤول المباشر عن تأمين وإدخال وتهريب عناصر «الحرس الثوري» الإيراني و«حزب الله» من وإلى اليمن.

وتوارى أبو راس - وفق التقرير - عن الأنظار منذ عدة أعوام، ولكنه كان المكلّف السري بأخطر الملفات السياسية والاستخباراتية لدى جماعة الحوثي، إذ كُلّف بمهام وكيل الشؤون الخارجية في جهاز الأمن والمخابرات الحوثي، حتى تعيين المدعو حسن الكحلاني بالمنصب نفسه، وترقية أبو راس لتولي ملف التوسّع الخارجي والقرن الأفريقي، بتوصية واتفاق مباشر بين عبد الملك الحوثي وقيادة «الحرس الثوري» الإيراني.

الحوثيون يطمحون إلى التحول إلى لاعب دولي ضمن المحور الذي تقوده إيران في المنطقة (أ.ب)

وإلى جانب أبو راس يأتي القيادي حسن أحمد الكحلاني، المُعين في منصب وكيل قطاع العمليات الخارجية في جهاز الأمن والمخابرات التابع للحوثيين، والمعروف بكنيته «أبو شهيد»، وهو من مواليد 1984 في محافظة حجة، ويُعد من القيادات الحوثية الأمنية البارزة؛ إذ نشأ في بيئة حوثية بين صعدة وصنعاء، والتحق بالجماعة في سن مبكّرة.

ويشير التقرير إلى أن الكحلاني كان من خلية صنعاء الإرهابية التي نفّذت عدّة تفجيرات واغتيالات عقب مقتل مؤسّس الجماعة حسين الحوثي في 2004، كما كان من القيادات التي تولت دخول صنعاء في سبتمبر (أيلول) 2014، وتولّى قيادة المجموعة التي أصدرت توجيهاً بمنع طائرة أمريكية من الإقلاع من مطار صنعاء، بحجة تفتيشها قبل المغادرة. وعقب هذا الحادث، جرى اغتيال والده في أكتوبر (تشرين الأول) 2014 على أيدي مسلّحين مجهولين يستقلون دراجة نارية في صنعاء.

ويعمل حسن الكحلاني حالياً - وفق المنصة - تحت إشراف عبد الواحد أبو راس، ويعرف ارتباطه الوثيق بـ«الحرس الثوري» الإيراني، ويحاول عبر هذه العلاقة فرض نفسه باعتباره الرجل الأول في جهاز الأمن والمخابرات الحوثي، الأمر الذي يعكس حالة من الصراع بينه وبين عبد الحكيم الخيواني رئيس الجهاز.

قيادات في ملف التوسع

يشير تقرير المنصة اليمنية إلى القيادي الحوثي أدهم حميد عبد الله العفاري (أبو خليل) ويذكر أنه المختص في ملف الجاليات الأفريقية الموجودة في اليمن، خصوصاً في صنعاء، إذ كُلّف بمهام التواصل المستمر والتنسيق برؤساء الجاليات (إثيوبية- صومالية - إريترية - سودانية - جيبوتية).

عناصر حوثيون في صنعاء خلال تجمع حاشد دعا له زعيمهم (أ.ف.ب)

كما يعمل العفاري على حشد العناصر الأفريقية وإلحاقهم بالدورات العسكرية والثقافية، وبعدها يجري توزيعهم على جبهات (الساحل الغربي - مأرب - الحدود - تعز)، وفي مهام استخباراتية داخل بلدانهم.

وإلى ذلك يعد العفاري، المسؤول عن التنسيق مع النقاط الأمنية التابعة للحوثيين لإدخال العناصر الأفريقية إلى مناطق الحوثيين، ويتولى أيضاً مهام أخرى، أبرزها صرف المخصّصات المالية للعناصر الأفريقية.

أما الشخص الرابع المسؤول عن ملف التوسّع الخارجي الحوثي إلى القرن الأفريقي فهو أسامة حسن أحمد المأخذي، واسمه الحركي (أبو شهيد)، وهو - وفق التقرير - أحد العناصر الحوثية العاملة في جهاز الأمن والمخابرات، وملف المسار الأفريقي، وتتلخّص مهمته في التنسيق مع الشخصيات الأفريقية المؤثّرة في كل من (الصومال - إثيوبيا - إريتريا - جيبوتي - السودان) من أجل حشدهم لتدريبهم وتأهيلهم، وإلحاقهم بصفوف ميليشيا الحوثي، بصفتهم مقاتلين وعاملين في الدول القادمين منها، وبصفتهم عناصر استخباراتية، تقوم بمهام مختلفة، منها نشر الفكر الحوثي، والقيام بالعمليات الاستخباراتية، وتهريب الأسلحة، والاتجار بالبشر، ونقل المخدرات عبر البحر من وإلى القرن الأفريقي واليمن.

الجماعة الحوثية متهمة بتجنيد اللاجئين الأفارقة بالترغيب والترهيب (الأمم المتحدة)

إلى ذلك أورد التقرير أسماء 16 شخصية أفريقية، هم أبرز المتعاونين مع الجماعة الحوثية للتوسع في القرن الأفريقي، يتصدرهم، تاجو شريف، وهو مسؤول عن الجالية الإثيوبية في صنعاء، والتحق بدورات ثقافية حوثية، ويعمل على استقطاب وتجنيد عناصر أفريقية لصالح العمل العسكري والاستخباراتي الحوثي.

ويرى التقرير في توصياته أن التوسع الحوثي في القرن الأفريقي يمثل تهديداً كبيراً يستدعي تحركاً دولياً وإقليمياً عاجلاً، من خلال خطة رادعة متكاملة توقف التوسع والنشاط الخارجي بشكل كامل، وبما يعزز الاستقرار والأمن في المنطقة.